الخط العربي من وسيلة للمعرفة إلى فنّ إبداعيّ
الخميس / 3 / شوال / 1443 هـ - 21:04 - الخميس 5 مايو 2022 21:04
القاهرة «د.ب.ا»: أجمع القُدامي والمحدثين على أن الخط العربي هو فنّ إبداعيّ لم ينل عند أمة من الأمم أو حضارة من الحضارات، ما ناله عند العرب والمسلمين من العناية به والتفنن فيه، حتى تحوّل من وسيلة للمعرفة إلى فنٍ يُزين الكتب والدواوين وجدران وسقوف المساجد والعمائر الضخمة.
وكما يقول الدكتور عفيف البهنسي، في كتابه «معجم مصطلحات الخط العربي والخطاطين»، فإن الخط العربي هو الفن الإبداعي الذي توّج الحضارة العربية والحضارات الإسلامية الأخرى، وهو مختلف عن الخطوط الأخرى ويمتاز عنها في تجاوزه لمهمته الأولى وهي نقل المعنى، إلى مهمة جمالية أصبحت غاية بذاتها، وهكذا أصبح الخط العربي فنا مستقلا، وهو مدين بذلك لارتباطه بمضمون رائع آمن العرب والمسلمون بإعجازه البلاغي والبياني وهو القرآن الكريم.
وقد تنوعت براعة الخطاطين في العالمين العربي والإسلامي، وعندما كان الخطاط يصل إلى الكمال في خطه ويجاز، كان ما يبدر منه من تحوير وتطوير وإضافة يعد قاعدة لطلابه ومدرسة لأعقابه، حتى تجاوز عدد مدارس الخط وأقلامه المائة.
وبحسب ما أوردته المصادر التراثية العربية، فإن الخط صورة روحها البيان، وأما الجمال الشكلي في الخط فلم يكن نتيجة براعة في التصميم الموزون على قاعدة أو بآلة، بل كان نتيجة الارتباط بالنسبة الأفضل.
وفي هذا يقول إخوان الصفا: «إن أجود الخطوط وأصح الكتابات وأحسن المؤلفات ما كان مقادير حروفها لبعضها من بعض على النسبة الأفضل».
ويدلنا الدكتور عفيف البهنسي، في كتابه «معجم مصطلحات الخط العربي والخطاطين»، على أن الخطوط المبدعة التي لا تعتمد على النقل والمحاكاة، وعلى النمطية والتكرار، بل على أصل قانون يطلق عليها اسم المثال، وتسمى الخطوط المنسوبة وقمتها خط الثلث وفروعه والنسخ وفروعه.
وكما يقول «البهنسي»، فإن أشكال الخط العربي تنوعت بحسب اجتهادات وابتكارات من قبل كبار فناني الخط العربي، من أمثال ابن مقلة، وابن النواب، والمستعصي، وغيرهم، حيث رسخ هؤلاء الفنانون فنون الخط العربي بمختلف أنواعه وأشكاله، وجعلوا له جمالية مستقلة تعمقوا بأسرارها وفلسفتها.
ولمّا كان للخط العربي قواعد منشورة، فقد كان له رسائل، كرسائل ابن مُقْلة، وابن البوّاب، بجانب رسائل التوحيديّ، ورسائل إخوان الصفا، وقد حملت تلك الرسائل الكثير من الآراء والمفردات الخاصة بفن الخط، جديرة بأن تدخل في معجم مفردات الفن التشكيلي العربي الإسلامي.
وقد جمع كتاب «معجم مصطلحات الخط العربي والخطاطين» هذه المفردات وقدمها كنموذج ودليل على غنى جماليّة الخط العربي بالمصطلحات والأسماء التي لم يختلف المُفكرون والكتاب في تعريفها.
وكما جاء في المصادر العربية، فقد استعمل الخطاطون الأوائل ومن سار على نهجهم من الأجيال اللاحقة، الوسائل والأدوات التقليدية في فنون الخط، وهي القصبة والحبر والورق، والقصبة هي نبات معروف يستعمل لأغراض كثيرة، ويستغل لفراغ لبه ومتانته في صناعة آلة الناي الموسيقية التي تحمل اسم القضية، وفي صناعة القلم.
وقصبة الخطاط تحتاج بزيا دقيقا ثم قطا لتصبح قلما، ومن أجل ذلك يستعمل الخطاط سكينا حادة خاصة للبري وأخرى للقطع والقط وثالثة للشق.
وجاء في لسان العرب، أن القلم سمي قلما لأنه يُقلّم، أي يُبرى، وكلما قطعت منه شيئا بعد شيء فقد قلّمته، ومن ذلك القلم الذي يكتب به «وإنما سمي القلم قلما لأنه قُلم مرة بعد مرة».
وقال ابن مقلة: «خير الأقلام ما كان طوله ستة عشر إصبعا إلى اثني عشر، وامتلاؤه ما بين غِلظ السبابة إلى الخنصر»، وهذا وصف جامع لسائر أنواع الأقلام على اختلافها.
وقد كُتب كثير عن الخط والخطاطين، وأصبحت المصادر كافية للحديث في فلسفة الخط وطرائقه وشروطه وأدواته.
ووفقا للمصادر والمؤلفات التي تناولت فن الخط العربي، فقد ازدهرت الكتابة مع انتشار الثقافة وزيادة الطلب على المعرفة، وكان الوراقون يسرعون في نقل المخطوطات لتلبية حاجة القراء.
وعندما كان الطلب خاصا بسلطان أو عظيم، فإن النقل يتولاه خطاط ينصرف إلى إتقان نسخه وإلى تجويده، وهكذا كانت حرفة الخط مطلوبة وكان عدد الخطاطين البارعين بازدياد مضطرد، وقد دونت المصادر العربية أسماء هؤلاء الخطاطين وأعمالهم، مثلما دونت أسماء الأدباء ومؤلفاتهم، وقد ذكر ابن النديم في مؤلفه: «الفهرست» أسماء الخطاطين المجودين الأوائل، كما ذكرهم القلقشندي في صبح الأعشى.
وكتابة الخط ليست مجرد حرفة كالوراقة، بل هي فن يتطلب موهبة وفطنة ودربة طويلة، وقليل جدا من الوراقين من وصل إلى مرتبة الخطاط، وما انتشر من أسماء الخطاطين هو عدد ضئيل جدا ممن مارس الخط، وعندما نتحدث عن الخطاطين، فإنما تتحدث عن فئة من الفنانين المبدعين الذين وصلوا الكمال في آدائهم، وكان لهم دور في تطوير الخط.
والخط العربي يقوم على فلسفة جمالية متميزة عن الجمالية الغربية، شأنه في ذلك شأن الفنون التشكيلية الأخرى التي أبدعها العرب والمسلمون، ومن أهم مميزات تلك الفلسفة الجمالية، تلاحم الشكل مع الموضوع، وهو موضوع روحي غالبا، بل وكما يقول ابوحيان: «هو هندسة روحية ظهرت بآلة جسدية»، وفي هذا يقول على بن أبي طالب رضي الله عنه: إن «الخط الحسن يزيد الحق وضوحا».
وقد حاز فن الخط العربي على اهتمام الفنانين الغربيين، وقيمه الجمالية، وقد استطاع فنانو الخط العربي، أن يواكبوا صور الحداثة الفنية، وقد ساعد على ذلك ظهور جيل من الخطاطين المبدعين الذين حافظوا على أصول الخط العربي، عملوا على نشره حتى صار بين قوائم الخطاطين اليوم، فنانون ينتمون لثقافات ولغات مختلفة مثل الصينيين والإيطاليين وحتى البولنديين وغيرهم الكثير ممن أجادوا فنون الخط العربي، وبرعوا في تقديم أعمال فنية مبهرة، متحدين كل ما يثار عن المخاطر التي تواجه فن الخط العربي في ظل انتشار الرقمنة واستخدام أجهزة الحاسب في إنجاز الأعمال المتعلقة بالخطوط العربية، ويمكننا القول بأن فن الخط العربي قد نجح في تجاوز الكثير من التحديات، وصار أحد الفنون التشكيلية التي تجذب عشاق الفنون من مختلف الأجناس والثقافات.
وكما يقول الدكتور عفيف البهنسي، في كتابه «معجم مصطلحات الخط العربي والخطاطين»، فإن الخط العربي هو الفن الإبداعي الذي توّج الحضارة العربية والحضارات الإسلامية الأخرى، وهو مختلف عن الخطوط الأخرى ويمتاز عنها في تجاوزه لمهمته الأولى وهي نقل المعنى، إلى مهمة جمالية أصبحت غاية بذاتها، وهكذا أصبح الخط العربي فنا مستقلا، وهو مدين بذلك لارتباطه بمضمون رائع آمن العرب والمسلمون بإعجازه البلاغي والبياني وهو القرآن الكريم.
وقد تنوعت براعة الخطاطين في العالمين العربي والإسلامي، وعندما كان الخطاط يصل إلى الكمال في خطه ويجاز، كان ما يبدر منه من تحوير وتطوير وإضافة يعد قاعدة لطلابه ومدرسة لأعقابه، حتى تجاوز عدد مدارس الخط وأقلامه المائة.
وبحسب ما أوردته المصادر التراثية العربية، فإن الخط صورة روحها البيان، وأما الجمال الشكلي في الخط فلم يكن نتيجة براعة في التصميم الموزون على قاعدة أو بآلة، بل كان نتيجة الارتباط بالنسبة الأفضل.
وفي هذا يقول إخوان الصفا: «إن أجود الخطوط وأصح الكتابات وأحسن المؤلفات ما كان مقادير حروفها لبعضها من بعض على النسبة الأفضل».
ويدلنا الدكتور عفيف البهنسي، في كتابه «معجم مصطلحات الخط العربي والخطاطين»، على أن الخطوط المبدعة التي لا تعتمد على النقل والمحاكاة، وعلى النمطية والتكرار، بل على أصل قانون يطلق عليها اسم المثال، وتسمى الخطوط المنسوبة وقمتها خط الثلث وفروعه والنسخ وفروعه.
وكما يقول «البهنسي»، فإن أشكال الخط العربي تنوعت بحسب اجتهادات وابتكارات من قبل كبار فناني الخط العربي، من أمثال ابن مقلة، وابن النواب، والمستعصي، وغيرهم، حيث رسخ هؤلاء الفنانون فنون الخط العربي بمختلف أنواعه وأشكاله، وجعلوا له جمالية مستقلة تعمقوا بأسرارها وفلسفتها.
ولمّا كان للخط العربي قواعد منشورة، فقد كان له رسائل، كرسائل ابن مُقْلة، وابن البوّاب، بجانب رسائل التوحيديّ، ورسائل إخوان الصفا، وقد حملت تلك الرسائل الكثير من الآراء والمفردات الخاصة بفن الخط، جديرة بأن تدخل في معجم مفردات الفن التشكيلي العربي الإسلامي.
وقد جمع كتاب «معجم مصطلحات الخط العربي والخطاطين» هذه المفردات وقدمها كنموذج ودليل على غنى جماليّة الخط العربي بالمصطلحات والأسماء التي لم يختلف المُفكرون والكتاب في تعريفها.
وكما جاء في المصادر العربية، فقد استعمل الخطاطون الأوائل ومن سار على نهجهم من الأجيال اللاحقة، الوسائل والأدوات التقليدية في فنون الخط، وهي القصبة والحبر والورق، والقصبة هي نبات معروف يستعمل لأغراض كثيرة، ويستغل لفراغ لبه ومتانته في صناعة آلة الناي الموسيقية التي تحمل اسم القضية، وفي صناعة القلم.
وقصبة الخطاط تحتاج بزيا دقيقا ثم قطا لتصبح قلما، ومن أجل ذلك يستعمل الخطاط سكينا حادة خاصة للبري وأخرى للقطع والقط وثالثة للشق.
وجاء في لسان العرب، أن القلم سمي قلما لأنه يُقلّم، أي يُبرى، وكلما قطعت منه شيئا بعد شيء فقد قلّمته، ومن ذلك القلم الذي يكتب به «وإنما سمي القلم قلما لأنه قُلم مرة بعد مرة».
وقال ابن مقلة: «خير الأقلام ما كان طوله ستة عشر إصبعا إلى اثني عشر، وامتلاؤه ما بين غِلظ السبابة إلى الخنصر»، وهذا وصف جامع لسائر أنواع الأقلام على اختلافها.
وقد كُتب كثير عن الخط والخطاطين، وأصبحت المصادر كافية للحديث في فلسفة الخط وطرائقه وشروطه وأدواته.
ووفقا للمصادر والمؤلفات التي تناولت فن الخط العربي، فقد ازدهرت الكتابة مع انتشار الثقافة وزيادة الطلب على المعرفة، وكان الوراقون يسرعون في نقل المخطوطات لتلبية حاجة القراء.
وعندما كان الطلب خاصا بسلطان أو عظيم، فإن النقل يتولاه خطاط ينصرف إلى إتقان نسخه وإلى تجويده، وهكذا كانت حرفة الخط مطلوبة وكان عدد الخطاطين البارعين بازدياد مضطرد، وقد دونت المصادر العربية أسماء هؤلاء الخطاطين وأعمالهم، مثلما دونت أسماء الأدباء ومؤلفاتهم، وقد ذكر ابن النديم في مؤلفه: «الفهرست» أسماء الخطاطين المجودين الأوائل، كما ذكرهم القلقشندي في صبح الأعشى.
وكتابة الخط ليست مجرد حرفة كالوراقة، بل هي فن يتطلب موهبة وفطنة ودربة طويلة، وقليل جدا من الوراقين من وصل إلى مرتبة الخطاط، وما انتشر من أسماء الخطاطين هو عدد ضئيل جدا ممن مارس الخط، وعندما نتحدث عن الخطاطين، فإنما تتحدث عن فئة من الفنانين المبدعين الذين وصلوا الكمال في آدائهم، وكان لهم دور في تطوير الخط.
والخط العربي يقوم على فلسفة جمالية متميزة عن الجمالية الغربية، شأنه في ذلك شأن الفنون التشكيلية الأخرى التي أبدعها العرب والمسلمون، ومن أهم مميزات تلك الفلسفة الجمالية، تلاحم الشكل مع الموضوع، وهو موضوع روحي غالبا، بل وكما يقول ابوحيان: «هو هندسة روحية ظهرت بآلة جسدية»، وفي هذا يقول على بن أبي طالب رضي الله عنه: إن «الخط الحسن يزيد الحق وضوحا».
وقد حاز فن الخط العربي على اهتمام الفنانين الغربيين، وقيمه الجمالية، وقد استطاع فنانو الخط العربي، أن يواكبوا صور الحداثة الفنية، وقد ساعد على ذلك ظهور جيل من الخطاطين المبدعين الذين حافظوا على أصول الخط العربي، عملوا على نشره حتى صار بين قوائم الخطاطين اليوم، فنانون ينتمون لثقافات ولغات مختلفة مثل الصينيين والإيطاليين وحتى البولنديين وغيرهم الكثير ممن أجادوا فنون الخط العربي، وبرعوا في تقديم أعمال فنية مبهرة، متحدين كل ما يثار عن المخاطر التي تواجه فن الخط العربي في ظل انتشار الرقمنة واستخدام أجهزة الحاسب في إنجاز الأعمال المتعلقة بالخطوط العربية، ويمكننا القول بأن فن الخط العربي قد نجح في تجاوز الكثير من التحديات، وصار أحد الفنون التشكيلية التي تجذب عشاق الفنون من مختلف الأجناس والثقافات.