عمان الثقافي

بناء الحديقة.. نثر الياسمين

شهادة

 
مذاق المغامرة:

«وأطعمت نفسي مذاق المغامرة».

كانت آخر جملة في المغامرة الأولى، مجموعتي القصصية «نافذتان لذلك البحر» (1993)، تلتها أربع أخرى على مدار 23 عامًا، كنت أخوض غمار كل واحدة منها بعد تردد وتأنٍّ وتأمل.

وها أنا الآن بصدد مغامرة سادسة، وهي إصدار هذا الكتاب الجامع لأعمالي القصصية. فكرت وترددت كثيرا، فقررت أن أحميها من النسيان، ولتُوجد في كتاب واحد يمثل تجربتي المتواضعة في الكتابة، وليكون مرجعا للمهتمين يعينهم على الاقتراب أكثر من عوالمها، وقراءتها كبنيان واحد متصل ومنفصل، وربما سيكتشفون حيوات وأماكن مختلفة، وسيقرأون حركة اتجاه عناصر التجريب والخيال واللغة بين كل إصدار وإصدار، وربما يحللون مدى نضج الكتابة والتجديد لدي. وربما سيكرهون بعض الشخصيات، ويحبون بعضها، سيتذكرون حبات البرتقال المنتقاة بدقة، وثقل الكائنات الليلية، والأمكنة البعيدة، وربما سيتعاطفون مع سلمان الذي رسم لوحات كثيرة وأحرقها ليرتاح من الجميع عدا لوحة أمه، وسيتحاورون مع السندباد الذي امتطى غيمة بجانب بيت وحيد في الصحراء، وسيتناقشون حول زارعي غابة الإسمنت، وسيتابعون الطائرة التي بددت لون السماء وخلفت طيورا زجاجية، وسيقرأون قصص حليب التفاح من نهاياتها، وربما سيتمكنون من الإجابة على الأسئلة المتناثرة هنا وهناك.

في كل الأحوال هذا المشروع ليس نهاية لقصة كتابتي للقصة بل لعله يمثل دافعا لكتابات أخرى، طالما أن في العمر بقية. وتمهيدا لإنجازه كتبت هذه الشهادة، ساردا ملخصا عن التجربة.

كان لا بد من طباعة قصص مجموعتي الأولى على الحاسوب، حيث كنت كتبتها بخط يدي أثناء دراستي الجامعية في فترة التسعينيات، ومعظمها نشر في الملحق الثقافي بجريدة عُمان الذي كان يصدر كل خميس، وكنت قبل ذلك جمعت قصص مجموعة «رماد اللوحة» التي صدرت عام 1999 من أرشيف مجلة نزوى، والبعض الآخر من دهاليز وجدران الإنترنت حيث نُشرت في بعض الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية.

ولعل هذا الكتاب/المشروع يمنحني سعادة كالتي تنتابني عند الانتهاء من كتابة قصة قصيرة أو عند استلامي للنسخة الأولى من كل إصدار، أو حين أتفاجأ بكتابات وقراءات نقدية لقصصي أو إصداراتي في السنوات الماضية، مهما كان نوعها وتوجهها، محتفية كانت أو ناقدة.

وتبقى القصة القصيرة أحب الأجناس الأدبية إلى قلبي، التي بدأت أكتبها وأنا في عمر مبكر، قارئا لأعمال كتاب كثيرين، ناسجا في مخيلتي أحلام الكتابة وكيف ستكون.

زجاجة من نار:

في أواخر الثمانينيات من القرن العشرين، لن أنسى ذلك الخميس العجيب والمفرح، حينما اشتريت جريدة عُمان مترقبا نشر قصة أرسلتها إلى بريد القراء. لأكتشف هذه المرة أن القصة نشرت في الملحق الثقافي ولأول مرة. كان ذلك قبل دخولي الجامعة. كان عنوان القصة «زجاجة من نار». كان يوما سعيدا، لم أعرف كيف أحتفل وماذا أفعل، ظللت أقرأ القصة عشرات المرات. وكان حينها الصديق محمد اليحيائي هو المسؤول عن الملحق الثقافي، ولم تكن لدي حتى تلك اللحظة أية معرفة شخصية به. لكنه التقط القصة، وقرر أن مكانها ليس بريد القراء، وإنما الملحق الثقافي الذي ينشر في ذلك الوقت لمجموعة من الكتاب العمانيين والعرب في ظل عدم وجود مجلة ثقافية رزينة كمجلات تصدر من خارج عمان مثل «الآداب» و«الناقد» و«مواقف» و«الكرمل» و«العربي»، والتي مع الأسف أغلق معظمها. ومن خلال هذه المجلات، التي كنا نحصل على بعض أعدادها بصعوبة كبيرة عن طريق بعض الأصدقاء الكتاب، تعرفت على الكثير من الكتاب العرب واستفدت كثيرا منها. وكم كانت فرحتنا كبيرة بعد ذلك بإنشاء مجلة نزوى التي أسسها الشاعر العُماني الصديق سيف الرحبي، والتي أضافت لنا الكثير من حيث النشر والمعرفة، وبحق تعتبر إنجازًا مهما في مجال الثقافة في عُمان. الجدير بالذكر أن كتابي الثالث «بيت وحيد في الصحراء» نشر في طبعتِه الأولى ضمن إصدارات المجلة، وكان يعتبر الإصدار الرابع لها بعد نشرها لكتب سيف الرحبي وإبراهيم المعمري وعبدالله الحراصي، ولا تزال إصدارات مجلة نزوى مستمرة حتى كتابة هذه الشهادة.

ومنذ ذلك الوقت بدأت أرسل قصصي مباشرة إلى الملحق الثقافي بجريدة عُمان، وخاصة بعد دخولي جامعة السلطان قابوس ومعرفتي المسبقة، من خلال الملحق، بكاتبين سيصبحان صديقين، وهما يونس الأخزمي ومحمد بن علي البلوشي. كانا آنذاك ينشران كثيرا في الملحق. وخارج الجامعة كنت كثيرا ما ألتقي بصديقَيْ الطفولة الكاتبَيْن العزيزَيْن محمود الرحبي وأحمد الرحبي، إضافة إلى الصديق الكاتب المصري إبراهيم فرغلي، والذي كان في ذلك الوقت مقيما في مسقط. كنا نلتقي بشكل مستمر تجمعنا بعض المقاهي لنتحدث عن الأدب وشؤونه، وعن كتاباتنا، وعن حياتنا، أحببت تلك الأيام جدا وليتها تعود.

ضوء الخميس:

وبهذا كان يوم الخميس هو اليوم المنشود. أستيقظ باكرا، متجاهلا دخول الحمام، آخذ مائة بيسة وأخرج من البيت، أمشي مسافة ليست بالقصيرة متجها إلى الدكان في أول الشارع بمنطقة وادي عدي، وأبتاع جريدة عُمان. لم أكن أنتظر حتى أصل البيت، أفتحها وأنا داخل الدكان، أتوجه مباشرة إلى الملحق الثقافي للجريدة، أبحث بقلق مستمعا إلى صوت خفقان قلبي، وحينما أجد قصتي منشورة مع صورتي بشنب أسود كثيف، وفي أسفلها كتب اسمي وتحته عبارة «جامعة السلطان قابوس»، أطير فرحا وأتأبط الجريدة وأركض إلى البيت. أدخل غرفتي، أقرأ القصة المنشورة أكثر من مرة. وكل مرة كنت أفرح. وتشتعل بداخلي نار الشوق لآراء أصدقائي حولها. حيث كنا نلتقي في ردهات الجامعة وخارجها، ونتحدث عن منشوراتنا من القصص ونطرح نقاشا مثريا وممتعا. أتذكر الآن تلك السعادة وأجدها كبيرة لحدث صغير كان يدفعني إلى طريق الكتابة والإبداع، طريق مجهول في كهف زمني ضوؤه ينكشف تدريجيا مع تقدم العمر، ومع تراكم تجارب الحياة.

جماعة الخليل بن أحمد الفراهيدي للأدب:

أول يوم لي بجامعة السلطان قابوس، وقبل أن أتجه إلى أي مكان فيها، سألت عن مكان جماعة الخليل للأدب، فقيل لي إنها في مقر عمادة شؤون الطلبة. تعرفت هناك على العديد من أعضائها، محمد علي البلوشي ويونس الأخزمي وسيف الرمضاني وعلي باعوين وهلال الحجري وعاصم السعيدي وعبدالله الحراصي وبدر الشيباني وغيرهم... وكانت أول أمسية قصصية شاركت فيها بقصة عنوانها «وداعا صابرينا»، وأذكر بعد قراءتي للقصة، كان هناك تعليقٌ نقديٌّ من الدكتور أحمد درويش الذي كان أستاذا بكلية الآداب في تلك الفترة.

وفي عام 1990 جاءني الصديق محمد البلوشي، وزف لي خبر حصولي على المركز الأول في القصة القصيرة بجائزة راشد بن حميد للثقافة والعلوم في عجمان، وكانت قصة بعنوان «زكريا»، وهي التي صارت بعد ذلك ضمن قصص المجموعة الأولى. وأضاف: أن الطلبة العمانيين اكتسحوا المراكز الأولى في مسابقتي القصة القصيرة والشعر. وبعدها تتالت الأمسيات والمشاركات داخل الجامعة وخارجها.

اتصال غير متوقع:

قبل نهاية سنة من نشري عددا لا بأس به من القصص في الملحق الثقافي بجريدة عُمان، جاءني اتصال من القسم المالي بالجريدة، وأعلمني أن هناك «شيكا» باسمي، فسألته عن ماذا؟ اندهش، وقال: إنها مجموع المكافآت للقصص التي نشرتها خلال سنة، ويجب استلام الشيك قبل نهاية السنة. وقع الخبر علي كان مفرحا، لم يخطر ببالي الكتابة من أجل المال أو الشهرة، كنت أكتب من أجل حبي للكتابة، ومن أجل رأي أنشده من قارئ. صرفت الشيك وأعطيت المبلغ لأمي وأبي على سبيل الشكر والتقدير.

كسر السائد:

«أريد أن أقفز إلى الماء لأسقط في السماء». بابلو نيرودا

في بدايتي، ومع أصدقاء الكتابة في الجامعة كانت الحماسة والشغف واضحين في كسر أسلوب الكتابة السائد في تلك الفترة في عُمان، الأسلوب الواقعي، الذي يفتقر إلى الخيال، وكانت بعض الكتابات مجرد دروس ومواعظ في قالب حكاية ليست لها علاقة بالفن. وكيف يمكن لعمل يفتقر إلى الخيال أن ينجح؟ بل كيف يكون الإنسان مبدعا في عمله وحياته بدون ملكة الخيال؟ الخيال هو البطل في قصة الفنون بكل أنواعها، فالرسام ليس كاميرا تلتقط مشهدا طبيعيا، بل هو مبدع يخلق لوحة فنية فريدة، والروائي ليس ناقلا لحكاية واقعية. كثيرا ما وصف دوستويفيسكي بعض شخصيات رواياته أنهم يفتقرون للخيال، خاصة الموظفين الحكوميين الذين يتصفون بالبرود الفكري، والذين لا يمكن أن يفعلوا شيئا مبتكرا لا لحياتهم ولا لمجتمعهم. وقاسم حداد في كتابه البديع «موسيقى الكتابة» حذر من الواقع، ووصفه بالعدو الأول للشعر، وأنه «سمي بالواقع لينسج أشواكه للإيقاع بالشعراء». فليس من الصائب إذن أن ننسخ الواقع في أعمالنا الأدبية والفنية ونكتب عليها أسماءنا، وإنما نستفيد منه، ومن أحداثه، ونخلق منه عالما جديدا بروح مغايرة ومدهشة غير مألوفة، وأسلحتنا في ذلك هي الخيال والمعرفة والتجربة.

في الثمانينيات كتبت قصصا موغلة في الغموض، بلغة ثقيلة، وخاصة تلك التي أرسلتها إلى صفحة «بريد القراء» بجريدة عُمان، كان الهذيان يسيطر على الحكاية وتفتقر إلى الحوار والتشويق والدهشة. وهذه العناصر هي ضمن مكونات فن القصة القصيرة. ولكنني انتبهت وتأملت ما كنت أكتبه، واكتشفت أنها ليست الكتابة التي أرغب فيها، وانتقدت اندفاعي ومبالغتي في التحديث، والتسرع في كسر المألوف، فراجعت حساباتي، عدلت بعدها أسلوبي في الكتابة، وأصبحت من وجهة نظري متوازنة، وكنت أشعر بسعادة بعد الانتهاء من كتابة قصة. وعشقت في التسعينيات الكتابات السردية المشحونة بلغة شعرية. كان ذلك واضحا تأثيره في قصص مجموعتي الأولى. لكنني أزعم أن الحكاية ظلت متماسكة في معظم قصص المجموعة، وكان عنصر الخيال هو بطلها.

فقصة «حبات البرتقال المنتقاة بدقة» هي نتاج مشهد من الواقع. فذات مرة شاهدت رجلا أعرج يعبر شارعا مزدحما بالسيارات المسرعة، وبصعوبة بالغة وصل إلى الضفة الأخرى. تعاطفت مع الرجل ورسخ مشهده في ذهني، وحين وصلت البيت نسجت من المشهد القصة كما نشرت بعد ذلك بتفاصيلها المتخيلة مظهرا سطوة الشمس وحنق السيارات على الرجل. تدفقت الحكاية مرة واحدة، واللغة تشكلت بناء على الأسلوب السائد في تلك الفترة. فيمكن ملاحظة عبارات متقطعة، مثل:

«بينما..

بينما الرصيف..

بينما الرصيف حارق حزين..»

كنت وأنا أكتب تلك القصة كمن يقوم بتصوير موسيقي للمشهد. سطوة السينما في هذه القصة حاضرة، كان لدى بعض الأصدقاء رغبة في تحويل القصة إلى فيلم سينمائي، وقد حدث ذلك فعلا عام 2012، حينما أنجز الصديق الكاتب والمخرج عبدالله خميس الفيلم السينمائي بنفس عنوان القصة، بعد أن طلب مني كتابة السيناريو المناسب. كما أن هذه القصة بالذات حولها بعض مخرجي البرامج الإذاعية داخل عُمان وخارجها إلى تمثيليات، ولم أكن سعيدا بذلك.

ركزت على القراءة، أحببتها جدا، صارت ملاذي، وتيقنت أنها وقود لإشعال المعرفة والوعي والكتابة. وحسبي أنها تكشف لنا معنى الحياة، وتظهر الجمال، وتزهر فينا الحب. قرأت قصص ألف ليلة وليلة وتأثرت بأساطيرها وعوالمها الموغلة في الغرابة. أسرتني أعمال كتاب كثر كنجيب محفوظ وكزانتزاكس وكافكا وتشيخوف وجوجول ودوستويفسكي وبورخيس ويوسف إدريس وغسان كنفاني وزكريا تامر، وسلبتني اللغة الشعرية لكتابات سردية لدى كتاب عرب كعبد الرحمن منيف وجبرا إبراهيم جبرا وأمين صالح. حلقت كثيرا مع أشعار محمود درويش ومحمد الماغوط وبابلو نيرودا وبريخت وناظم حكمت وأمل دنقل وطاغور وبدر شاكر السياب وأدونيس وغيرهم...

تخلصت من القصص القديمة. لم أقتنع بها. بدتْ كأنها نتاج حلقة تدريبية للكتابة أفادتني كثيرا. ويبدو بعد ذلك، أن الحلقة التجريبية تكررتْ بعد كل إصدار. بدأت أشحذ خيالي في طرح قصص قصيرة مأخوذة بلغة محمومة بالألغاز والخيال الجامح، بدأت في خوض تجارب مختلفة، كانت دعوة إلى الحداثة والخيال والفنتازيا والغموض. كانت مغامرات قصصية، وكانت تجارب في محل تقدير وترحيب لدى بعض النقاد، ومحل تساؤل لدى البعض الآخر. وأزعم أن التطوير فيها كان تصاعديا، وكان الاهتمام بالأفكار الجديدة حاضرا، كانت محاولات في البحث عن التفرد. وكنت أطرح أسئلة كثيرة، تجلت في مجموعتي القصصية الأخيرة «حليب التفاح». فبعد انتهائي من كتابة المجموعة حصرت علامات الاستفهام التي تناثرت في الكتاب، وجاء عددها (264). وهوسي بالأسئلة قادني إلى مغامرة لكتابة قصة قصيرة بعنوان «هل في حقيبة الطفل فراشات؟»، كان السرد فيها عبارة عن أسئلة قصصية قصيرة، وكان هدفي أن يسعى القارئ لمعرفة الحكاية من خلال ربطه بالأفكار التي تطرحها الأسئلة.

طبعا ليس من الضروري أن تكون هناك أجوبة، وليس من أهدافي انتظارها. ولا أسعى إلى الكمال، فلا أحد سيدركه، حسب تعبير سلفادور دالي.

كان اهتمامي بكتابة القصة القصيرة أثناء دراستي الجامعية كبيرا، حتى كاد أن يؤثر على دراستي. كنت كثير الكتابة والنشر في الصحف. وبعد تخرجي من الجامعة، اختلف الحال فأصبحت أكثر تأنيا، ولكن إلى الدرجة التي أدت إلى قلة الإنتاج كتابةً ونشرا. كان هاجسي تطوير كتابتي، وعدم الوقوع في فخي التكرار والاستسهال، كنت تواقا إلى طرح الجديد، وما زلت. وعلي أن أعترف أن ذلك ليس السبب الوحيد في قلة إنتاجي، وهو بالمناسبة ليس عيبا، فقد كانت هناك أسبابٌ أخرى مرتبطة بالعمل والدراسة والعائلة، والمناخ الثقافي الرتيب السائد في البلد من حيث النقد والنشر والفعاليات وغيرها. وربما ساهمت هذه الأسباب في التقليل من قوة إخلاصي لمشروع كتابة القصة القصيرة.

المغامرة الأولى:

كان قرارا صعبا إصدار مجموعتي القصصية الأولى وأنا ما زلت على مقاعد الدراسة الجامعية، لكن تشجيع الأصدقاء وبعض النقاد، الذين كانوا أساتذة في جامعة السلطان قابوس في تلك الفترة، أمثال الدكتور شاكر عبدالحميد والدكتور أحمد درويش والدكتور سعيد علوش، هو الذي دفعني عام 1993 إلى اتخاذ قرار تجميع بعض القصص القصيرة في كتاب واحد، ليكون عنوانه «نافذتان لذلك البحر» والذي كان من وجهة نظري مغامرة كتابية قادتني إلى مغامرات عدة.

اخترت بعناية شديدة القصص المناسبة للكتاب، اخترتها من بين مجموعة كتبتها على مدار أربع سنوات. وكان للإصدار صدى أبهجني، فتناولها بالنقد والقراءة عدد لا بأس به من النقاد والكتاب والباحثين. وكنت سعيدا بأنني أهديت نسخا ممهورة بإهداء وتوقيع إلى أصدقائي الكتاب، وسعيت لإيصالها بنفسي إلى العديد من المهتمين، ففي تلك الفترة لم تكن حفلات توقيع الإصدارات الجديدة موجودة، ولا توجد جهات تنظم مثل هذه الفعاليات. ويجب الاعتراف أن اقتناعي ببعض قصص هذه المجموعة خفت بعض الشيء، لكنه الكتاب الأول الذي أسعدني في حينها فأصبح قريبا من القلب، ومن الصعب إنكاره والتخلي عنه.

يحيى بن سلام المنذري قاص عماني وهذه الشهادة كانت مقدمة لكتابه «الحديقة بيضاء بالياسمين» الصادر مؤخرا عن الجمعية العمانية للكتاب والأدباء.