حرب أوكرانيا تنتقل إلى مرحلة جديدة وعلى بايدن والغرب الاستعداد
السبت / 15 / شعبان / 1443 هـ - 17:58 - السبت 19 مارس 2022 17:58
(قال الطبيب النفسي كينيث ديكليفا 'إن الأفضل في بعض الأحيان أن نترك الدب يهرب من القفص ويرجع إلى الغابة'. في الوقت نفسه، يجب أن يفعل بايدن كل ما في وسعه لضمان ألا يتمكن الدب من ذبح الملايين المحبوسين في القفص الذي آلت إليه أوكرانيا))
في يونيو سنة 1940، وقفت بريطانيا وحدها في مواجهة آلة حرب نازية اكتسحت أوروبا. كان ونستن تشيرشل قد قضى الشهر السابق، وهو الأول له في 10 داوننج ستريت، متنقلا بين الاستراتيجيات العسكرية المشؤومة الرامية إلى إنقاذ فرنسا. ثم حدث في الثامن عشر من يونيو أن انتقل رئيس الوزراء الجديد إلى مجلس العموم لإلقاء خطبة 'التوقيت الأمثل' محذرا البرلمان من أن الحرب ضد هتلر ستدخل عما قريب مرحلة جديدة خطرة. أعلن تشيرشل أن 'معركة فرنسا انتهت، وأتوقع أن معركة بريطانيا على وشك أن تبدأ'.
على مدار الشهر الماضي، في رد على غزو روسيا لأوكرانيا، جمع الرئيس بايدن أكثر التحالفات إثارة للإعجاب منذ جهود الرئيس جورج إتش دبليو بوش الدبلوماسية البارعة السابقة على حرب الخليج. وحَّد بايدن حلف الناتو المفكك، واستجاب الأوربيون بقوة ما كان لفلاديمير بوتين أن يتخيل مثلها. تحطم الاقتصاد الروسي بعقوبات اقتصادية غير مسبوقة، وتباطأ جيش بوتين أمام مقاتلين أوكرانيين يستغلون أمثل استغلال الأسلحة التي أمدهم بها الناتو وتعبر الحدود البولندية الأوكرانية بوتيرة مبهرة.
لكن حرب بوتين على أوكرانيا تدخل الآن مرحلة جديدة خطيرة. فالأحداث تتحرك بسرعة، وحان الوقت لأن يتكيف بايدن وحلفاؤه الغربيون وفقا لذلك.
تعاود أهوال جروزني وحلب شعب أوكرانيا ويشهدها العالم الحر كله. فضربات روسيا الجوية تقتل المدنيين وتحيل المدن إلى ركام إذ يستهدف بوتين مستشفيات أطفال ومحطات طاقة نووية ومعالم ثقافية ومبان سكنية. وهذه الهجمات ليست عشوائية، إنما هي محاولات عمدية للذبح والإرهاب.
والنذير الأكبر هو أن روسيا بدأت حملة تضليل حول المعامل البيولوجية الأوكرانية -وببغاوات الغرب الحمقاء تردد هذه المعلومات المضللة- مع إشارات إلى أن القوات الروسية قد تضطر إلى التهيؤ لاستعمال أسلحة كيميائية. ومن ثم فإن علينا أن نهيئ أنفسنا لصور مرعبة لعائلات تموت اختناقا بسبب نشر بوتين لأسلحة الدمار الشامل هذه. وفي حال تجاوز بوتين للخط الأحمر الأخلاقي، سيكون الضغط السياسي هائلا من أجل الرد. لذلك على بايدن وحلفائه أن يستعدوا لذلك الآن عبر ثلاثة نواح:
1 ـ التوقف عن لعبة الدفاع. قبل ثلاثة أسابيع، كان واحد فقط من كل أربعة أمريكيين يدعم اشتراك الولايات المتحدة بصورة كبيرة في الحرب. وكان الأوربيون يتحسبون لمواجهة بوتين بسبب نطاق من المواضيع. وذلك ما جعل من الضرورة سياسيا ومن الحكمة دبلوماسيا أن يؤكد بايدن على اجتناب حرب ساخنة ضد روسيا.
لكن ثلاثة من كل أربعة أمريكيين الآن يدعمون فرض منطقة حظر للطيران فوق أوكرانيا. والأوربيون استعرضوا عضلات قوتهم العسكرية والاقتصادية على نحو غير مشهود منذ الحرب العالمية الثانية. وهذه التغيرات الكبيرة تسمح للرئيس الأمريكي بأن يستجيب بمزيد من القوة لجرائم الحرب التي ترتكب في حق الأوكرانيين.
يجب أن يتوقف بايدن عن قول ما لن يفعله، ويتوقف عن تحذيره من الأسلحة التي لن يبعثها، ويتوقف عن كلامه عن الاستراتيجيات التي لن يتبعها، ويتوقف عن إعلانه عن الأماكن التي لن ينشر فيها قوات أمريكية. حان الوقت أيضا لأن يكف الناتو عن أن يكون رد الفعل لما يحدده بوتين بوصفه عملا حربيا.
لقد زعم بوتين، أولا، أن الدافع إلى الحرب هو قبول انضمام أوكرانيا إلى الناتو. ثم أضاف إدخال قوات حفظ سلام في غرب أوكرانيا. ثم انتقال الطائرات البولندية عبر الحدود، ثم شحن الأسلحة الدفاعية. ثم حرَّك الخط مرة أخرى، معلنا لمضيفات الطيران الشابات حاملات الزهور أن العقوبات الاقتصادية نفسها ضد روسيا ترقى إلى حرب.
وكأن بوتين يتوقع أن ينسى الأمريكيون أكياس الجثث العائدة جوا إلى قاعدة دوفر الجوية بسبب عقود من حروب الوكالة الروسية ضد الجنود الأمريكيين. ببساطة، سوف يضطر التحالف الذي يرضخ لابتزاز بوتين اليوم إلى أن يتعامل غدا مع هجمات بالأسلحة الكيميائية. فكفى.
2 ـ أعيقوه. في ذروة الحرب الباردة لاحظ مستشار الأمن الوطني آنذاك زبيجنيو بريزينسكي أن الاتحاد السوفييتي يقتصر على لعب دور المعيق في العالم 'نظرا لطبيعة قوته ذات البعد الواحد ونظرا لطابع أسلحته النووية' ولاحظ أن روسيا أتت على الأعراف الدولية لأنها خشيت من أن 'تنحصر في دور الشريك الأصغر الملتزم عمليا بالحفاظ على الوضع القائم في العالم'. بعد قرابة أربعين سنة لم يتغير الكثير. فبوتين يهدد بحرب نووية، وسحق مدن، ويرتكب جرائم حرب، ويلوح بشبح أسلحة كيميائية لأن الغرب يتحرك عقلانيا وفي حذر للحفاظ على النظام الدولي.
يجب أن يغير بايدن الديناميكية بتوظيف ما لديه هو من تكتيكات للإعاقة. يجب أن تتحرك الولايات المتحدة بسرعة لحمل الجمعية العامة للأمم المتحدة على إعلان مناطق إنسانية آمنة في أوكرانيا تسمح للمدنيين بالفرار من الذبح. وسوف تتم طمأنة بوتين إلى أن هذه المناطق لن تستعمل لأغراض عسكرية، ويجب لكل قوات عسكرية تستهدف المدنيين في هذه المناطق أن تصبح فورا هدفا لقوات حفظ سلام أممية أو حتى لقوات تابعة للناتو. وفي حين أن خطة كهذه من شأنها أن تثير انزعاجا عميقا داخل البيت الأبيض، فإن صناع السياسة في الغرب قد لا يستطيعون طويلا اجتناب اتخاذ هذا القرار. ويبقى السؤال الوحيد في هذا الصدد هو الذي يتعلق بتوقيت اتخاذ هذه الخطوة في الأمم المتحدة: أيكون قبل نشر بوتين أسلحة كيميائية أم بعده؟
3 ـ الانتباه للكلمات. كما أنه ما من مغنم من تصريحات بايدن بما لن تفعله الولايات المتحدة، فإن هذا يصدق على مسؤولي الولايات المتحدة الذين يصرحون بأنه لا خيار أمام بوتين إلا أن يقاتل حتى النهاية. وفي حين أن لمذيعي القنوات وكتَّاب الرأي الحرية في أن يعلنوا 'الطاغية الروسي مجرم حرب'، يجب أن يكون سفراء الولايات المتحدة في الأمم المتحدة أكثر حصافة. فلو أن بوتين يعتقد أن مستقبله ليس سوى قفص في محكمة العدل الدولية، فلن يكون لديه دافع إلى إنهاء هذه الحرب. وهذا يصدق على كبار النواب الأمريكيين الذين يدعون إلى تغيير النظام [الروسي الحاكم]. لأن توفير مخرج للرئيس الروسي المسلح نوويا من هذه الكارثة العسكرية التي تسبب فيها هو أفضل أمل للشعب الأوكراني والعالم.
لقد قال الطبيب النفسي كينيث ديكليفا قريبا للقائم السابق بأعمال مير وكالة المخابرات المركزية مايل موريل 'إن الأفضل في بعض الأحيان أن نترك الدب يهرب من القفص ويرجع إلى الغابة'. في الوقت نفسه، يجب أن يفعل بايدن كل ما في وسعه لضمان ألا يتمكن الدب من ذبح الملايين المحبوسين في القفص الذي آلت إليه أوكرانيا.
• جو سكاربورو محامي وصحفي أمريكي وعضو جمهوري سابق في الكونغرس عن فلوريدا، والمقال مترجم عن واشنطن بوست
في يونيو سنة 1940، وقفت بريطانيا وحدها في مواجهة آلة حرب نازية اكتسحت أوروبا. كان ونستن تشيرشل قد قضى الشهر السابق، وهو الأول له في 10 داوننج ستريت، متنقلا بين الاستراتيجيات العسكرية المشؤومة الرامية إلى إنقاذ فرنسا. ثم حدث في الثامن عشر من يونيو أن انتقل رئيس الوزراء الجديد إلى مجلس العموم لإلقاء خطبة 'التوقيت الأمثل' محذرا البرلمان من أن الحرب ضد هتلر ستدخل عما قريب مرحلة جديدة خطرة. أعلن تشيرشل أن 'معركة فرنسا انتهت، وأتوقع أن معركة بريطانيا على وشك أن تبدأ'.
على مدار الشهر الماضي، في رد على غزو روسيا لأوكرانيا، جمع الرئيس بايدن أكثر التحالفات إثارة للإعجاب منذ جهود الرئيس جورج إتش دبليو بوش الدبلوماسية البارعة السابقة على حرب الخليج. وحَّد بايدن حلف الناتو المفكك، واستجاب الأوربيون بقوة ما كان لفلاديمير بوتين أن يتخيل مثلها. تحطم الاقتصاد الروسي بعقوبات اقتصادية غير مسبوقة، وتباطأ جيش بوتين أمام مقاتلين أوكرانيين يستغلون أمثل استغلال الأسلحة التي أمدهم بها الناتو وتعبر الحدود البولندية الأوكرانية بوتيرة مبهرة.
لكن حرب بوتين على أوكرانيا تدخل الآن مرحلة جديدة خطيرة. فالأحداث تتحرك بسرعة، وحان الوقت لأن يتكيف بايدن وحلفاؤه الغربيون وفقا لذلك.
تعاود أهوال جروزني وحلب شعب أوكرانيا ويشهدها العالم الحر كله. فضربات روسيا الجوية تقتل المدنيين وتحيل المدن إلى ركام إذ يستهدف بوتين مستشفيات أطفال ومحطات طاقة نووية ومعالم ثقافية ومبان سكنية. وهذه الهجمات ليست عشوائية، إنما هي محاولات عمدية للذبح والإرهاب.
والنذير الأكبر هو أن روسيا بدأت حملة تضليل حول المعامل البيولوجية الأوكرانية -وببغاوات الغرب الحمقاء تردد هذه المعلومات المضللة- مع إشارات إلى أن القوات الروسية قد تضطر إلى التهيؤ لاستعمال أسلحة كيميائية. ومن ثم فإن علينا أن نهيئ أنفسنا لصور مرعبة لعائلات تموت اختناقا بسبب نشر بوتين لأسلحة الدمار الشامل هذه. وفي حال تجاوز بوتين للخط الأحمر الأخلاقي، سيكون الضغط السياسي هائلا من أجل الرد. لذلك على بايدن وحلفائه أن يستعدوا لذلك الآن عبر ثلاثة نواح:
1 ـ التوقف عن لعبة الدفاع. قبل ثلاثة أسابيع، كان واحد فقط من كل أربعة أمريكيين يدعم اشتراك الولايات المتحدة بصورة كبيرة في الحرب. وكان الأوربيون يتحسبون لمواجهة بوتين بسبب نطاق من المواضيع. وذلك ما جعل من الضرورة سياسيا ومن الحكمة دبلوماسيا أن يؤكد بايدن على اجتناب حرب ساخنة ضد روسيا.
لكن ثلاثة من كل أربعة أمريكيين الآن يدعمون فرض منطقة حظر للطيران فوق أوكرانيا. والأوربيون استعرضوا عضلات قوتهم العسكرية والاقتصادية على نحو غير مشهود منذ الحرب العالمية الثانية. وهذه التغيرات الكبيرة تسمح للرئيس الأمريكي بأن يستجيب بمزيد من القوة لجرائم الحرب التي ترتكب في حق الأوكرانيين.
يجب أن يتوقف بايدن عن قول ما لن يفعله، ويتوقف عن تحذيره من الأسلحة التي لن يبعثها، ويتوقف عن كلامه عن الاستراتيجيات التي لن يتبعها، ويتوقف عن إعلانه عن الأماكن التي لن ينشر فيها قوات أمريكية. حان الوقت أيضا لأن يكف الناتو عن أن يكون رد الفعل لما يحدده بوتين بوصفه عملا حربيا.
لقد زعم بوتين، أولا، أن الدافع إلى الحرب هو قبول انضمام أوكرانيا إلى الناتو. ثم أضاف إدخال قوات حفظ سلام في غرب أوكرانيا. ثم انتقال الطائرات البولندية عبر الحدود، ثم شحن الأسلحة الدفاعية. ثم حرَّك الخط مرة أخرى، معلنا لمضيفات الطيران الشابات حاملات الزهور أن العقوبات الاقتصادية نفسها ضد روسيا ترقى إلى حرب.
وكأن بوتين يتوقع أن ينسى الأمريكيون أكياس الجثث العائدة جوا إلى قاعدة دوفر الجوية بسبب عقود من حروب الوكالة الروسية ضد الجنود الأمريكيين. ببساطة، سوف يضطر التحالف الذي يرضخ لابتزاز بوتين اليوم إلى أن يتعامل غدا مع هجمات بالأسلحة الكيميائية. فكفى.
2 ـ أعيقوه. في ذروة الحرب الباردة لاحظ مستشار الأمن الوطني آنذاك زبيجنيو بريزينسكي أن الاتحاد السوفييتي يقتصر على لعب دور المعيق في العالم 'نظرا لطبيعة قوته ذات البعد الواحد ونظرا لطابع أسلحته النووية' ولاحظ أن روسيا أتت على الأعراف الدولية لأنها خشيت من أن 'تنحصر في دور الشريك الأصغر الملتزم عمليا بالحفاظ على الوضع القائم في العالم'. بعد قرابة أربعين سنة لم يتغير الكثير. فبوتين يهدد بحرب نووية، وسحق مدن، ويرتكب جرائم حرب، ويلوح بشبح أسلحة كيميائية لأن الغرب يتحرك عقلانيا وفي حذر للحفاظ على النظام الدولي.
يجب أن يغير بايدن الديناميكية بتوظيف ما لديه هو من تكتيكات للإعاقة. يجب أن تتحرك الولايات المتحدة بسرعة لحمل الجمعية العامة للأمم المتحدة على إعلان مناطق إنسانية آمنة في أوكرانيا تسمح للمدنيين بالفرار من الذبح. وسوف تتم طمأنة بوتين إلى أن هذه المناطق لن تستعمل لأغراض عسكرية، ويجب لكل قوات عسكرية تستهدف المدنيين في هذه المناطق أن تصبح فورا هدفا لقوات حفظ سلام أممية أو حتى لقوات تابعة للناتو. وفي حين أن خطة كهذه من شأنها أن تثير انزعاجا عميقا داخل البيت الأبيض، فإن صناع السياسة في الغرب قد لا يستطيعون طويلا اجتناب اتخاذ هذا القرار. ويبقى السؤال الوحيد في هذا الصدد هو الذي يتعلق بتوقيت اتخاذ هذه الخطوة في الأمم المتحدة: أيكون قبل نشر بوتين أسلحة كيميائية أم بعده؟
3 ـ الانتباه للكلمات. كما أنه ما من مغنم من تصريحات بايدن بما لن تفعله الولايات المتحدة، فإن هذا يصدق على مسؤولي الولايات المتحدة الذين يصرحون بأنه لا خيار أمام بوتين إلا أن يقاتل حتى النهاية. وفي حين أن لمذيعي القنوات وكتَّاب الرأي الحرية في أن يعلنوا 'الطاغية الروسي مجرم حرب'، يجب أن يكون سفراء الولايات المتحدة في الأمم المتحدة أكثر حصافة. فلو أن بوتين يعتقد أن مستقبله ليس سوى قفص في محكمة العدل الدولية، فلن يكون لديه دافع إلى إنهاء هذه الحرب. وهذا يصدق على كبار النواب الأمريكيين الذين يدعون إلى تغيير النظام [الروسي الحاكم]. لأن توفير مخرج للرئيس الروسي المسلح نوويا من هذه الكارثة العسكرية التي تسبب فيها هو أفضل أمل للشعب الأوكراني والعالم.
لقد قال الطبيب النفسي كينيث ديكليفا قريبا للقائم السابق بأعمال مير وكالة المخابرات المركزية مايل موريل 'إن الأفضل في بعض الأحيان أن نترك الدب يهرب من القفص ويرجع إلى الغابة'. في الوقت نفسه، يجب أن يفعل بايدن كل ما في وسعه لضمان ألا يتمكن الدب من ذبح الملايين المحبوسين في القفص الذي آلت إليه أوكرانيا.
• جو سكاربورو محامي وصحفي أمريكي وعضو جمهوري سابق في الكونغرس عن فلوريدا، والمقال مترجم عن واشنطن بوست