عمان الثقافي

افتتاحية

 
ندرك جيدًا ونحن نخطو خطوة العدد الثاني من مشروع «ملحق جريدة عمان الثقافي» أن الفعل الثقافي، رغم أهميته وضرورته، إلا أنه يحتاج إلى جهد كبير جدًا وعمل مضن لا يتوقف، مثله مثل المشاريع الكبرى في مسيرة الأمم والشعوب ولذلك يحتاج الأمر حتى لحظة التبلور إلى مساحة من الوقت مع استمرار الإصرار والعزيمة. وعندما قلنا إن عودة مشروع «الملحق الثقافي» تنطلق من تاريخ الجريدة في العمل الثقافي والتزامها به باعتباره مشروع نهضة يسير نحو المستقبل كنا نعي تمامًا أهمية المشروع في بناء الحراك الثقافي في المجتمع وبالتالي في إثراء المشهد الذي يتشكل لاحقًا ليكون جزءًا من حضارة الأمم وتاريخها.

نجدد الدعوة هنا للكاتب العماني والعربي ليكون جزءًا من هذا المشروع الطموح بفكره وإبداعه ورأيه في الكثير من القضايا التي تحيط به، فالمشروع ينطلق منه وإليه.

***

يجد القارئ في هذا العدد مجموعة من المقالات والدراسات والنصوص التي تحتفي بالإبداع وتعكس الثراء الكبير في المنتج الثقافي العماني والعربي.

تكتب أمل السعيدي في مطلع مواد الملحق استطلاعًا حول «حمى أفلام نهاية العالم.. وكورونا» ويتوقع المتحدثان في الاستطلاع إلى أن موجة من أفلام «الأخروية» التي تتحدث عن نهاية العالم سوف تجتاح السينما بُعيد انتهاء الجائحة وريثما يفوق صناع السينما من صدمة الوباء وتأثيراته الكبيرة.

وفي استطلاع آخر، يحاول الصحفي حسن عبد الموجود أن يقف على أراء مجموعة من الكتاب العرب حول المحاكمات التي تجري للكتاب على موقع Goodreads «جود ريدز» ومدى تأثيرها على الكتاب والأدباء.

ولأن الكتاب أحد أهم مصادر المعرفة ومحور من محاور النقاش حولها فإن العدد يقدم مجموعة من المراجعات لبعض الكتب، حيث يراجع محمد الشحري رواية «صوفيا.. أو بداية كل الحكايات» للكتاب السوري الألماني رفيق شامي، محاولا البحث في داخل الحكايات عن ثيمات تتماس مع المجتمع العربي وتنطلق منه. فيما تبحث منى بنت حبراس السليمية عن صوت الأغاني في المجموعات القصصية للكاتب حمود سعود لتتفاجأ بكثافة حضور الغناء والمغنين في مجموعاته القصصية الثلاث.

وليس بعيدًا عن السرد يكتب إبراهيم سعيد مراجعة لرواية زهران القاسمي «القافر» والصادرة حديثًا، رابطًا عوالمها بأفلاج جاستون باشلار في مقاربة ذكية لا تخفى.

ويكتب خالد المعمري قراءة في تحولات الخطاب الشعري العماني المعاصر من خلال استقراء مجموعة من النصوص الشعري لشعراء عمانيين من تجارب مختلفة.

وليس بعيدًا عن التجارب الشعرية يقدم الشاعر طاهر العميري قراءة في مجموعة الشاعر عبدالعزيز العميري «من مفرق العرجون» مراجعًا المجموعة بدءًا من عنونها وليس انتهاء بمآلات الخطاب الشعري الذي تقدمه.

فيما يراجع الكاتب إبراهيم فرغلي كتاب مارك فيشر الفكري «رغبة ما بعد الرأسمالية» طارحًا سؤالًا كبيرًا يتمثل في: هل يمكن إيجاد أفق ينقذ العالم من توحش الرأسمالية. والكتاب التي يتضمن مجموعة من المحاضرات التي قدمها مارك فيشر لطلابه جدير بالقراءة لما يطرحه من أسئلة وآفاق حول الرأسمالية وتوحشها في ظل نظام عالمي متغير.

ويكتب حمود سعود مراجعة لمجموعة سلطان العزري «قبل أن نسقط في البحر» محاولا رصد ثنائية القرية والمدينة في المجموعة القصصية واستقراء الفروقات القيمية فيها.

وفي زاوية النعي يكتب الأديب أحمد بن عبدالله الفلاحي نعيًا في صديقه الراحل الشاعر هلال بن محمد العامري مستذكرًا الكثير من محطات حياته المليئة بالأحداث والفعل الثقافي.

ويكتب المسرحي بدر النبهاني قراءة في مسرحية «الكراسي» ليوجين يونسكو محاولا استنطاق تفاصيل دقيقة في المسرحية المأساوية بكل ما تحمله من عبثية. وفي المجال نفسه تكتب آمنة الربيع عن «ذاكرة الكراسي أو النور الذي يشع من الكلمات»، مقتربة من الثيمة نفسها والمسرح نفسه.. مسرح العبث.

وفي مجال النصوص تشارك الروائية هدى حمد بفصل من رواية قيد النشر بعنوان «معلم السحر الذي لا يبتلى» كما يكتب القاص خالد عثمان قصة قصيرة بعنوان «الوطواط العماني» تدور أحداثها حول ذهاب رجل لأخذ جرعة من اللقاح المضاد لفيروس كورونا. فيما يكتب القاص سمير العريمي قصة بعنوان «عم صبري الزبال»، أما في الشعر فإن العدد حافل بمجموعة من النصوص الشعري المحلقة في آفاق الإبداع، حيث نقرأ نصوصًا شعريةً للشاعر وليد خازندار ونصًا عموديًا للشاعر إبراهيم السالمي وآخر للشاعر إسحاق الخنجري.

وفي الترجمة يترجم أحمد شافعي مقالا بمناسبة مرور «مائة عام على عوليس والأرض الخراب» فيما يترجم أحمد الزناتي «حول العالم في ثمانين كتابا».

وفي كل ذلك سيجد القارئ من يضيف له وما يثير تساؤلاته وهذا أحد أهداف هذا العمل.