لو كان الفقر رجلاً ...
السبت / 17 / رجب / 1443 هـ - 18:40 - السبت 19 فبراير 2022 18:40
حمّلني الجيران رسالة إلى الرجل الذي يجزمون أنه لن يُمانع من المساهمة في المشروع بسبب استقامته وصلاحه الذي عُرف عنه ولاعتقادهم أن معرفتي به جيدة وربما بسبب اقتداره المالي الذي لا شك أنه يوازي 'بحسب تصورهم' وضعه الوظيفي .
استلمت الظرف منهم لكنني لم أكن على اطلاع بتفاصيل الرسالة التي كانت بداخله ولا على طبيعة المستندات والخرائط المرفقة التي تدلل على توفر كل المخاطبات المطلوبة .
لقد قام الجيران بكل ما يلزم بدءًا بكبيرهم وحتى الصغير منهم لتحقيق حلم الجميع فبذلوا قصارى جهدهم ليرى المشروع النور رغم إدراك البعض منهم أن التكلفة المتوقعة ستكون عالية وأن التبرعات الخارجية لن تغطي تلك التكلفة وأن رحلة انتظار رؤيته على الواقع ستكون طويلة .
كتبت للصديق رسالة نصية مفضلاً عدم الاتصال به هاتفياً لأنه دائم الانشغال بسبب مهامه الرسمية أوجزت له فيها وشرحت عن طبيعة الرسالة التي رغبت في تسليمه إياها فلم أستلم منه رداً لمدة تجاوزت الأسبوعين بعدها أرسلت له رسالة أخرى تتضمن عتابًا لم يخلُ من الاستياء والمحبة فجاء رده كالتالي ' أخي الحبيب معذرة لتأخر ردي لظروف ستعرفها لاحقاً لكن ألا ترى أن بيننا من المحتاجين من هم أولى بالمبالغ التي ينوي الأخوة صرفها على المشروع ؟ أُنظر حولك في المكان الذي تسكن فيه بل أُنظر في أي مكان آخر ستجد مساجد كثيرة متقاربة لا تعلم سببًا موضوعيًا لبنائها متقاربة إلى هذا الحد ' . ومضى يسرد رأيه الذي سرني معرفته .
وللأمانة وبسبب هذا الرد المُقنع تأكد لي أن للرجل أسبابه الحقيقية التي يجب أن تُحترم فهو ليس بخيلًا أو لا يحب الخير لنفسه أو أن الدنيا غيرته وغرته بسبب وظيفته كما ذهبت في تفسيري الخاطئ لتأخر رده إنما كانت لديه رؤيته الخاصة التي كانت محجوبة عني لأسباب لا تعدو أن تكون عاطفية .
من خلال رده تذكرت مباشرة الحديث الشريف الذي رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه : “ أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس وأحب الأعمال إلى الله تعالى سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه ديناً أو تطرد عنه جوعاً ”.
وكذلك ما جاء في إنجيل متّى 19 - 21 عن أن نبي الله عيسى عليه السلام قال : «إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَكُونَ كَامِلًا فَٱذْهَبْ وَبِعْ أَمْلَاكَكَ وَأَعْطِ ٱلْفُقَرَاءَ،فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي ٱلسَّمَاءِ، وَتَعَالَ ٱتْبَعْنِي».
وبطبيعة الحال لا يمكن بأي صورة من الصور إنكار فضل بناء المساجد ودور ذلك في خدمة الدين وعباد الله حيث جاء في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ، بَنَى اللَّهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ مِثْلَهُ» كما لا يمكن لأي مؤمن حصيف يسعى إلى نيل رضا ربه وعالي جناته أن يمتنع عن التصدق لبناء بيت من بيوت الله وهو يعلم أجر ذلك إلا لمن كان قلبه أعمى لكن ما يجبُ أن يُقال هُنا أن بناء هذه المساجد يجب أن تفرضه الحاجة وليس أي هدف آخر قد يأتي على صورة تنافس بين أفراد أو مجموعات على السيطرة أو رغبة في التفرد بالقرار أو لتحقيق أغراض أُخرى غير مباشرة فالهدف من وجود بيوت الله هو إقامة الشعائر واجتماع المسلمين وتوحيد صفوفهم وقلوبهم .
لعله ليس من المستغرب أن تمر عليك كل بضعة أيام رسالة في هاتفك تدعو للتبرع لمسجد قيد الإنشاء أو آخر توقف بناؤه بسبب عدم القدرة على التمويل وهذه الدعوات إنما هي نتيجة لإدراك الناس أهمية بناء بيوت الله غير أن ما لا يدركه البعض أن المبالغة في زيادة عدد المساجد أولاً وفي مواصفات هذه المساجد ثانيًا لا ضرورة له في ظل وجود أُسر محتاجة لهذه الأموال .
الجميع يدرك أن في مجتمعنا من يواجه صعوبة في إعالة أُسرته وسط تغيرات اقتصادية متوالية وهناك من يجد مشقة في بناء منزل متواضع يقي أطفاله برد الشتاء ولهيب الصيف فهؤلاء هم أولى بأي مبالغ قد تخرج من أيدي أصحاب الخير والمتبرعين لأنه قد تُسفر عن ظروفهم تلك نتائج غير محمودة كان يمكن تفاديها لو أن الجميع أخذ بمبدأ الأولويات .
لا شك عندي في أن السعي وراء بناء وتشييد بيوت الله خير وفضل عميم يجلب البركة والرزق ورضا الله سبحانه وتعالى لكن الإشفاق والرحمة على عباده من المحتاجين والمعوزين يجب أن تُقدمان في ظِل وجود مساجد كثيرة تنتشر في كل مربع من المربعات السكنية ولأن الفقر و الحاجة هما سببا كل فساد ذلك ما دعا سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه لقول عبارته الشهيرة ' لو كان الفقر رجلاً لقتلته ' .
استلمت الظرف منهم لكنني لم أكن على اطلاع بتفاصيل الرسالة التي كانت بداخله ولا على طبيعة المستندات والخرائط المرفقة التي تدلل على توفر كل المخاطبات المطلوبة .
لقد قام الجيران بكل ما يلزم بدءًا بكبيرهم وحتى الصغير منهم لتحقيق حلم الجميع فبذلوا قصارى جهدهم ليرى المشروع النور رغم إدراك البعض منهم أن التكلفة المتوقعة ستكون عالية وأن التبرعات الخارجية لن تغطي تلك التكلفة وأن رحلة انتظار رؤيته على الواقع ستكون طويلة .
كتبت للصديق رسالة نصية مفضلاً عدم الاتصال به هاتفياً لأنه دائم الانشغال بسبب مهامه الرسمية أوجزت له فيها وشرحت عن طبيعة الرسالة التي رغبت في تسليمه إياها فلم أستلم منه رداً لمدة تجاوزت الأسبوعين بعدها أرسلت له رسالة أخرى تتضمن عتابًا لم يخلُ من الاستياء والمحبة فجاء رده كالتالي ' أخي الحبيب معذرة لتأخر ردي لظروف ستعرفها لاحقاً لكن ألا ترى أن بيننا من المحتاجين من هم أولى بالمبالغ التي ينوي الأخوة صرفها على المشروع ؟ أُنظر حولك في المكان الذي تسكن فيه بل أُنظر في أي مكان آخر ستجد مساجد كثيرة متقاربة لا تعلم سببًا موضوعيًا لبنائها متقاربة إلى هذا الحد ' . ومضى يسرد رأيه الذي سرني معرفته .
وللأمانة وبسبب هذا الرد المُقنع تأكد لي أن للرجل أسبابه الحقيقية التي يجب أن تُحترم فهو ليس بخيلًا أو لا يحب الخير لنفسه أو أن الدنيا غيرته وغرته بسبب وظيفته كما ذهبت في تفسيري الخاطئ لتأخر رده إنما كانت لديه رؤيته الخاصة التي كانت محجوبة عني لأسباب لا تعدو أن تكون عاطفية .
من خلال رده تذكرت مباشرة الحديث الشريف الذي رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه : “ أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس وأحب الأعمال إلى الله تعالى سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه ديناً أو تطرد عنه جوعاً ”.
وكذلك ما جاء في إنجيل متّى 19 - 21 عن أن نبي الله عيسى عليه السلام قال : «إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَكُونَ كَامِلًا فَٱذْهَبْ وَبِعْ أَمْلَاكَكَ وَأَعْطِ ٱلْفُقَرَاءَ،فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي ٱلسَّمَاءِ، وَتَعَالَ ٱتْبَعْنِي».
وبطبيعة الحال لا يمكن بأي صورة من الصور إنكار فضل بناء المساجد ودور ذلك في خدمة الدين وعباد الله حيث جاء في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ، بَنَى اللَّهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ مِثْلَهُ» كما لا يمكن لأي مؤمن حصيف يسعى إلى نيل رضا ربه وعالي جناته أن يمتنع عن التصدق لبناء بيت من بيوت الله وهو يعلم أجر ذلك إلا لمن كان قلبه أعمى لكن ما يجبُ أن يُقال هُنا أن بناء هذه المساجد يجب أن تفرضه الحاجة وليس أي هدف آخر قد يأتي على صورة تنافس بين أفراد أو مجموعات على السيطرة أو رغبة في التفرد بالقرار أو لتحقيق أغراض أُخرى غير مباشرة فالهدف من وجود بيوت الله هو إقامة الشعائر واجتماع المسلمين وتوحيد صفوفهم وقلوبهم .
لعله ليس من المستغرب أن تمر عليك كل بضعة أيام رسالة في هاتفك تدعو للتبرع لمسجد قيد الإنشاء أو آخر توقف بناؤه بسبب عدم القدرة على التمويل وهذه الدعوات إنما هي نتيجة لإدراك الناس أهمية بناء بيوت الله غير أن ما لا يدركه البعض أن المبالغة في زيادة عدد المساجد أولاً وفي مواصفات هذه المساجد ثانيًا لا ضرورة له في ظل وجود أُسر محتاجة لهذه الأموال .
الجميع يدرك أن في مجتمعنا من يواجه صعوبة في إعالة أُسرته وسط تغيرات اقتصادية متوالية وهناك من يجد مشقة في بناء منزل متواضع يقي أطفاله برد الشتاء ولهيب الصيف فهؤلاء هم أولى بأي مبالغ قد تخرج من أيدي أصحاب الخير والمتبرعين لأنه قد تُسفر عن ظروفهم تلك نتائج غير محمودة كان يمكن تفاديها لو أن الجميع أخذ بمبدأ الأولويات .
لا شك عندي في أن السعي وراء بناء وتشييد بيوت الله خير وفضل عميم يجلب البركة والرزق ورضا الله سبحانه وتعالى لكن الإشفاق والرحمة على عباده من المحتاجين والمعوزين يجب أن تُقدمان في ظِل وجود مساجد كثيرة تنتشر في كل مربع من المربعات السكنية ولأن الفقر و الحاجة هما سببا كل فساد ذلك ما دعا سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه لقول عبارته الشهيرة ' لو كان الفقر رجلاً لقتلته ' .