أعمدة

يوميات سورية 25

 
ـ 1 ـ

الأستاذ إلياس مرقص، أحد أهم مفكري سوريا، وأجرأ نقاد الماركسية في أصولها وفروعها.. جاء إلى تونس بدعوة من جمعية الفلسفة. تأخر خروجه، لتعثر الشرطة. وحين خرج عبّر مستقبلوه التوانسة عن اعتذارهم واستيائهم. فقال بلهجة قريبة من لهجة 'ضيعة ضايعة': 'أنا ما مستاء... نحن في مطار عربي نحبّو متل ما هو'.

المهم دعوته إلى العشاء، مع بضعة أصدقاء، وقلت متبجحاً: 'سأطعمك سمك أنا اصطدته'. وفي اليوم التالي ذهبنا باكراً أنا وصديق صياد خبير. ولم نصطد سمكة واحدة. فذهبنا إلى سوق السمك واشترينا 5 كيلوجرامات. وعندما تكشّف الصحن البطل عن سمك موحد القياسات والنوع. ضحك إلياس: أنا بشهد لك أنك أعظم صياد... لأنك تختار نوع واحد وقياس واحد... إي شو هدول... طلائع؟'.

ـ 2 ـ

قم للمعلم وّفه التبجيلا

كاد المعلم أن يكون رسولا

منذ زمن بعيد لم يعد أحد يقيم وزناً لهذه الشخصية. واليوم معظم المدارس بلا معلمين، لسبب بسيط: ليس هناك مازوت لسيارات النقل، كي يأتي المعلم إلى المدرسة. وإذا وجدت فالأجور تذهب شهرياً بنصف الراتب.. كان المعلم يصبر على الطلاب، والآن يصبر على نفسه.

ـ 3 ـ

على الرصيف ـ سوق جمعةـ المشهد ـ نهاري خارجي:

ـ رجل مسن يعرض مذياعه القديم، ماركة توشيبا، وبضعة أسطوانات غرامافون لأنه لم يعد يسمع.

ـ رجل متوسط العمر، مشعث ونحيل... يبيع وابور كاز موديل سنة 1464.

ـ رجل وسيم، مقطوع القدمين (بانفجار لغم) ... يبيع أحذيته.

ـ رجل قريب من الشيخوخة، مسترسل اللحية والشعر... يبيع نظاراته الطبية وخيطان تعليقها فيها.

ـ شاب صغير حزين بأسنان مكسورة.. يبيع خواتم من معادن رخيصة.

ـ امرأة عجوز تعرض للبيع أواني مطبخ (كانت قد اشترتها منذ سنوات طويلة للمساهمة في تأثيث بيت ابنها العسكري، ولكنه لم يعد).

ـ صبية حلوة، بثياب ملونة ومرقعة.. تبيع سريراً خشبياً، وفيه لعبة طفل ضاحك.

ـ رجل تبدو ملامحه كأنه بلا مكان يعود إليه. يجلس على حجر ويدخن، وليس لديه ما يبيعه.

جاءت شرطة البلدية.. وصادرت كل شيء.

الرجل بقي جالساً وحيداً.. ويدخن.

ـ 4 ـ

الكورونا. مرة أخرى... جولة أخرى. ويبدو الهلع لا يصيب إلا رجال العلم، والأطباء، وبعض الصحفيين الذين يتابعون التفاصيل المؤرقة. بينما معظم الأرياف لدينا لا يوجد فيها كمامة واحدة، ولا إصابة واحدة.

أتذكر بيل غيتس... نجم نظرية المؤامرة، والتي لخصها بهذه الفكرة: الكورونا رغبة أوروبا في التخلص من أعباء كبار السن.

والبروفسور الياباني تاسو كوهونجو يقول: الفيروس تم تصنيعه في الصين. اسحبوا مني جائزة نوبل إذا لم يثبت ذلك.

ـ 5 ـ

من دفتر قديم:

' إحدى المهن المحترمة... الجهر بالحقيقة'.