العرب والعالم

أزمة معيشية خانقة مع بدء العام الدراسي في اليمن

مدرسة صعدة
 
مدرسة صعدة
صنعاء-'عمان'- جمال مجاهد -

انطلق العام الدراسي الجديد في العاصمة اليمنية صنعاء والمحافظات الخاضعة لسيطرة جماعة'أنصار الله' في 14 أغسطس، وفي العاصمة المؤقّتة عدن (جنوب البلاد) في15 أغسطس، وسط أزمة اقتصادية خانقة وأوضاع معيشية صعبة.

ولم يحصل موظّفوالدولة ومنهم المعلّمون في المحافظات الشمالية على رواتبهم منذ أربع سنوات، بينما يشكو الموظّفون في المحافظات الجنوبية من عدم انتظام رواتبهم ومن موجة غلاء بسبب التدهور غير المسبوق للعملة اليمنية بسبب تسجيل الريال اليمني تراجعاً قياسياً وتجاوزه لأوّل مرّة أكثر من ألف ريال مقابل الدولار الواحد من 215 ريالاً قبل الحرب التي اندلعت أواخر مارس عام 2015، وهو الأمر الذي من شأنه مفاقمة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لليمنيين.

وفي صنعاء والمناطق الشمالية يحافظ سعر صرف الريال مقابل الدولار على استقراره ويدور حول سعر 600 ريال.

وأدّى تدهور العملة إلى ارتفاع كبير في أسعار السلع والخدمات والخبز وأجور النقل بين المحافظات وداخلها، بالتزامن مع أزمات مستمرّة في الكهرباء والمشتقّات النفطية والغاز المنزلي،علاوة على تفشّي فيروس كورونا المستجدّ (كوفيد19).

وأصدرت الحكومة اليمنية (المعترف بها دولياً) قراراً مفاجئاً برفع سعر الدولار الجمركي100% في عدن (من 250 إلى 500 ريال) بهدف زيادة عائداتها المالية قوبل برفض شعبي واسع ومخاوف من ارتفاع جنوني في أسعار المواد الغذائية.

وفي خضمّ الحرب التي اندلعت منذ ست سنوات والنزوح الجماعي والبطالة الشاملة ومجاعة واسعة النطاق، تسبّبت جائحة فيروس كوفيد19 في القضاء على حياة أكثر من ربع اليمنيين الذين أصيبوا بالفيروس، أي ما يعادل خمسة أضعاف المتوسّط العالمي.

وثمّة ما يدعو إلى اعتقاد أن نسبة كبيرة من الحالات لم يتم تشخيصها وتتفشّى في المجتمع فيصمت.

ونظراً لعدم القدرة على إجراء الفحوصات وعدم الإبلاغ عن الحالات المصابة، يتم فحص الحالات الحرجة فقط في المحافظات الجنوبية فيما لا يزال الوضع في المحافظات الشمالية غير واضح بسبب نقص المعلومات.

وأعلنت'النقابة العامة للمعلّمين والتربويين الجنوبيين' إضراباً شاملاً فيالجنوب يبدأ من 15 أغسطس، مشترطة أن 'تبادر الحكومة وتسارع بإيجاد الحلول المرضية للمعلّمين'.

وطالبت النقابة في بيان بـ 'هيكلة الأجور برفع الرواتب بما يتناسب مع حياه معيشية كريمة مقارنةً بارتفاع سعر الصرف وغلاء الأسعار، وصرف طبيعة العمل من عام 2008 إلى2012 أسوة بالمعلّمين وحل قضية معلّمي 2011'.

وتقدّرمنظّمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) أن 8.1 مليون طفل بحاجة إلى مساعدات تعليمية طارئة في جميع أنحاء اليمن.

ويمثّل هذا الرقم زيادة كبيرة مقارنةً بـ 1.1 مليون طفل تم الإبلاغ عن احتياجاتهم في ديسمبر 2014 أي قبل تصعيد النزاع.

وهناك أيضاً قلق متزايد من أن الأطفال غير الملتحقين بالمدارس أو الذين تسرّبوا من مدارسهم في الآونة الأخيرة قد لا يعودون للدراسة إطلاقاً إذا لم يتم دعمهم بشكل صحيح.

وتؤكد'اليونيسف' في تقرير حديث لها أن هناك ما يربو على مليوني طفل (فتياتوفتيان) في سن الدراسة خارج المدارس بسبب الفقر والنزاع وانعدام فرص التعليم في اليمن.

ويعتبرهذا الرقم أكثر من ضعف عدد الأطفال الذين لم يلتحقوا بالمدارس في العام 2015 حيثبلغ عددهم حينها 890 ألف طفل.

ومن بين الأطفال الذين لا يذهبون إلى المدرسة دفعت الحرب أكثر من 400 ألف طفل للخروج من المدارس بشكل مباشر وتسبّبت بتضرّر 2507 مدارس أو استخدمها النازحون للحصول على مأوى أو سيطرت عليها جماعات مسلّحة.

وبالتزامن مع تدشين العام الدراسي أعلن المسؤول عن شؤون التربية والتعليم لدى 'أنصارالله' يحيى بدر الدين الحوثي صرف حافز شهري بمبلغ 30 ألف ريال (يعادل 50دولاراً) للمعلّمين والمعلّمات والعاملين في المدارس ابتداءً من سبتمبر المقبل.

وقال في بيان 'سنعمل على مواصلة صرف هذا الحافز الشهري وحينما تتحسّن حالة صندوق دعم المعلّم والتعليم المالية سيتم زيادة المبلغ ولن نبخل عليهم'، مشيراً إلى أن هذا المبلغ خاص بالمعلّمين والعاملين في المدارس فقط وهو 'مجرّد حافز وليس بديلاً عن الراتب'.

وتسبّب انقسام السلطة المصرفية والنقدية في تدهور الأوضاع المعيشية لليمنيين، إذ يوجد في العاصمة صنعاء بنك مركزي تديره جماعة 'أنصار الله' ويوجد في العاصمة المؤقّتة عدن بنك مركزي ثان تديره الحكومة، وكلاهما لا يعترف بالآخر ولا يتعامل معه ويعتبر نفسه الشرعي والقانوني.

ولم تفلح الجهود التي بذلتها الأمم المتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي في جمع طرفي الصراع وإيجاد آلية للتنسيق والتعاون بين البنكين المتنافسين من أجل وقف تدهور العملة اليمنية ودفع رواتب موظّفي الدولة، وبات 'مركزي صنعاء' مجمّداً و'مركزي عدن' متعثّراً، ما ألقى بتداعياته وآثاره السلبية على القطاع المصرفي والمواطنين الذي تحمّلوا أعباء إضافية جرّاء تراجع العملة والفارق بين سعر الصرف في الشمال والجنوب،إذ تجاوزت رسوم التحويل الداخلية الـ 50% من قيمة الحوالة.