ثقافة

حديث شعري نظمه النادي الثقافي.. حكاية "موشحات الشيخ عبدالله الخليلي" يرويها الدكتور علي الشرجي

جانب من المحاضرة
 
جانب من المحاضرة
أقيمت مساء أمس محاضرة ثقافية عن بعد، حول 'الموشحات في شعر الشيخ عبدالله الخليلي'، قدمها الدكتور علي بن شافي الشرجي، بتنظيم من النادي الثقافي، قصد فيها أبرز وأهم النقاط المتعلقة بموشحات الشيخ الخليلي مستعرضا تاريخ الموشحات الخليلية.

بدأ الدكتور علي الشرجي المحاضرة بالتطرق إلى نشأة فن الموشحات بشكل عام، حيث وضح أن بدايتها كانت في نهاية القرن الثالث الهجري -التاسع الميلادي، وهو فن يعكس الواقع في حياة الناس، وقد نشأ وازدهر في سماء الأندلس حيث ازدهار الموسيقى والغناء في تلك الفترة، وتزامن ذلك بظهور الموشحين أمثال ابن زمرك، أبو البقاء الرندي، أبو بكر الإشبيلي، ومحمد أبو عبدالله بن عبادة بن القزاز، وغيرهم.

و أوضح الشرجي في محاضرته أن نشأة فن الموشحات ارتبطت بانتشار مجالس السمر والطرب والغناء، واشتهر بتنوع الأوزان والقوافي، وتعتبر الموسيقى أساسا من أسسه، وكانت الموشحات تنظم بالعربية الفصحى إلا الفقرة الأخيرة والتي تسمى بالخرجة فكانت تنظم بالعامية.

وتطرق الدكتور إلى أبرز من قام بتحليل وتصنيف والتعمق في فن الموشحات وهو الأديب والشاعر ابن سناء الملك، حيث قال عنها: 'الموشح كلام منظوم على وزن مخصوص'، وعرج الشرجي في حديثه إلى ظهور نوع من الموشحات التي تعنى بالزهد والتصوف وموشحات المدائح النبوية، وقد برز ثلاثة من الوشاحين في هذا الجانب وهم ابن الصباغ الجذامي في الزهد والمدائح النبوية والتصوف، وابن عربي، والششتري في موشحات الصوفية.

وانتقل الشرجي إلى الموشحات لدى الشيخ الشاعر عبدالله الخليلي، الذي يعد قامة شعرية بارزة، وهو شيخ القصيدة العمانية، ونظم الشعر والموشحات في حياته منذ الصغر، وله ديوان 'وحي العبقرية'، وقال الشرجي: 'يظهر عمق ثقافة الشيخ الخليلي الأدبية والشعرية والتاريخية والدينية من خلال موشحاته، وتفنن في استخدام الألفاظ والمعاني اللغوية والأدبية'.

ونشرت أبرز قصائد الشاعر الراحل في ديوان الموسوعة الشعرية التي تضمنت جميع دواوينه الشعرية المكتوبة والمطبوعة والمخطوطة بتحقيق الكاتب والشاعر سعيد النعماني، وقال الدكتور الشرجي عبر حديثه في محاضرته: 'من بواعث ظهور الموشحات في شعر الخليلي الرغبة في تجديد الشكل، والرغبة في التنوع في استخدام الأوزان، ولم تخرج جميع الموشحات عن إطار الأوزان الخليلية، بخلاف ما يشاع من استخدام الأوزان أو البحور المهملة'.

ومن الملاحظ كما قال الشرجي في محاضرته أن الخرجة في موشحات الشيخ عبدالله الخليلي جاءت فصيحة، وليست عامية كباقي الموشحات، كما في موشحة زاكي العيص. وتطرق الشرجي بعدها بالحديث حول أغراض الموشحات لدى الخليلي والتي يأتي الغزل في مقدمتها، وهو الغرض الشعري الأبرز في الموشحات الأندلسية، فالمعاني والتشبيهات والصور هي المعاني نفسها التي يرددها الوشاح، وأضاف الشرجي عن غرض الغزل لموشحات الخليلي بقوله: 'قد يكون غرضا خالصا في الموشحات الخليلية كما في موشحة الملاح، وهي موشحة احتفت بالجمال، كما قد يكون الغزل عذريا كما في طائر الجمال'. وقال الدكتور علي عن الغزل في الموشحات: 'يرى النقاد أن الجانب الأعظم في موشحات الغزل لا يوجد فيها صدق، وقد ينطبق هذا على بعض الموشحات، ولكنه حكم ذاتي لا ينطبق على موشحات الشيخ الخليلي الذي تظهر فيها كل معاني الصدق الخالص'.

وتحدث الشرجي حول أغراض الموشحات الأخرى كالمديح، وذكر مثالا على ذلك موشحة النجم الحائر وهي موشحة وصفية جاء فيها مدح لشاعر الشرق الشيخ أحمد الحارثي، فيما يأتي الوصف في موشحة النجم الحائر حسيا ومعنويا، حيث قال الشرجي: إن الشاعر كان بارعا في الغوص بمكنونات القلوب. مؤكدا أن الشيخ الخليلي كان كثير الاشتغال على اللفظ واللغة في معظم أعماله.

وفي ختام المحاضرة تحدث الدكتور علي الشرجي عن غياب الموشحات لدى الشعراء في الآونة الأخيرة وعلل ذلك إلى عدم رغبة الشعراء في الوقت الحالي في الالتزام بالقيود، والموشحات بطبيعة الحال ليست بالسهلة، لهذا يتجنبها أغلب الشعراء كي لا يقعوا في تجنيس الأدب أو أن تبتعد القصيدة عن الشكل الفني للموشحة.