روضة الصائم

زاوية لغوية : تنكير العلم بتثنيته أو جمعه

38
 
38
يقدمها : إسماعيل العوفي -

محمد علم على شخص معين، فإذا ثني، أو جمع فقيل: محمدان، ومحمدون صار نكرة، فمحمدان دال على شخصين ليسا معيّنين من جماعة اسم كل واحد منها محمد، ومحمدون دال على أشخاص ليسوا معيّنين من جماعة اسم كل واحد منها محمد، فالعرب وضعت محمدا علما دالا على معين حال إفراده، لا تثنيته، وجمعه، فإذا ثني، أو جمع سلب التعريف، والتعيين؛ لأن محمدَين لم تضعه العرب علما لاثنين بأعيانهما، ومحمدِين لم تجعله العرب علما لجماعة بأعيانهم؛ ومن هنا حكم عليهما بالتنكير.

والذي يظهر لي من كلام سيبويه أن المسألة ليست مقصورة على التثنية والجمع، بل تشمل المفرد إذا قصد به شخص ليس معينا من أمة كل واحد منها يسمى بذلك الاسم كقولنا خالد أي: شخص من أمة كل واحد منها يسمى خالدا، قال سيبويه في الكتاب: «وعلى هذا الحد تقول هذا زيد منطلق ألا ترى أنك تقول هذا زيد من الزيدين أي: هذا واحد من الزيدين فصار كقولك هذا رجل من الرجال»، وقال في موضع آخر: «وعلى هذا الحد تقول هذا زيد منطلق كأنك قلت: هذا رجل منطلق فإنما دخلت النكرة على هذا العلم الذي إنما وضع للمعرفة».

فإذا أردنا التعريف أدخلنا (أل)، فنقول المحمدان، نقصد به رجلين معيَّنَيْن من مجموعة كل واحد منها اسمه محمد، ونقول المحمدون، ونقصد به رجالا معينين من مجموعة اسم كل واحد منها محمد؛ فقولنا: محمدان بمنزلة قولنا: رجلان، وقولنا: المحمدون بمنزلة قولنا: الرجال، ويخرج على هذا جواز دخول أل على محمد إن قصدنا به رجلا غير معين من مجموعة اسم كل واحد منها محمد؛ فنقول: المحمد بمنزلة قولنا الرجل أي شخص معين من أمة اسم كل واحد منها محمد، فالمسألة ليست مقصورة على التثنية والجمع على هذا التخريج الذي يدل عليه كلام سيبويه، ومثاله: وقد مر نقله، ثم وجدت بعد هذا الاستنباط كلاما في معناه لابن جني (ت:392هـ) ينقل قلة قولهم: (الزيد) في مثل: جاءني زيد وزيد وزيد، فيقال: فما بين الزيد الأول والزيد الآخر، وهذا الزيد أشرف من ذلك الزيد، وللسيوطي في همع الهوامع كلام في معنى كلام ابن جني، أحسب أنه قاله تخريجا.

خلاصة المسألة:

ينكر العلم إذا ثني، أو جمع، فإذا أردنا تعريفه أدخلنا عليه (أل)، ويجوز معنى التنكير في العلم المفرد إن قصدنا بمحمد مثلا رجلا غير معين من جماعة اسم كل واحد منها محمد، فإن أردنا تعريفه أدخلنا عليه (أل).