ندوة تاريخية تضيء جوانب الاشتغال التجاري والصناعي في محافظة الداخلية
كتب ـ فيصل بن سعيد العلوي :
أقام الفريق المكلف بمشروع جمع الشخصيات المشتغلة بالتجارة والصناعة قبل عام 1970م (المنبثق من البرنامج الاستراتيجي للتراث الثقافي العماني) مساء أمس الأول بالتعاون مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، والنادي الثقافي، ندوة بعنوان «إضاءات تاريخية للأوضاع الاقتصادية في محافظة الداخلية» وبثت على قناة النادي الثقافي عبر منصاته الاجتماعية المختلفة، وشارك في الندوة كل من: الدكتورة بدرية بنت محمد النبهانية، والدكتور ناصر بن سيف السعدي، والباحث جمال بن محمد الكندي، والباحث إسحاق بن هلال الشرياني، حيث ألقت الندوة (في أربعة محاور) الضوء على جوانب الاشتغال التجاري والصناعي لسكان محافظة الداخلية.
الثروة الزراعية
الندوة التي أدارتها الدكتورة رابعة بنت محمد الصقرية رئيسة الفريق المكلف بمشروع جمع الشخصيات المشتغلة بالتجارة والصناعة قبل عام 1970م بدأت بالورقة الأولى حول «البعد الاقتصادي للثروة الزراعية في محافظة الداخلية: قراءة تاريخية» قدمتها الدكتورة بدرية بنت محمد النبهانية هدفت إلى تحديد موقع المحافظة وأهميته عبر التاريخ وقالت: تعد محافظة الداخلية بتاريخها وإسهامها الحضاري وبموقعها واحدة من أهم محافظات السلطنة، فهي بمثابة العمق الاستراتيجي للسلطنة، بالإضافة إن موقعها جعل منها مركز اتصال بالمحافظات الأخرى، ولها دور بارز في ربط الساحل بداخل عمان، فهي الشريان الرئيسي للتجارة وملتقى القوافل لعدة قرون خلت، في ولاياتها الثماني: نزوى، وبدبد، وسمائل، وإزكي، ومنح، وبهلا، والحمراء، وأدم، وهذا ما يلاحظ من تطورها عبر التاريخ وتطور الأنشطة التجارية والصناعية فيها حتى اليوم. كما عرّفت الورقة بمصدر المياه الرئيس في المحافظة أي الأفلاج وأهميتها في القطاع الزراعي وقالت: أدرجت ثلاثة أفلاج من المحافظة لتميزها في قائمة التراث العالمي، وأهم المحصولات الزراعية في المحافظة والأبعاد الاقتصادية والاجتماعية المرتبطة بمواسم حصادها، والتي تتميز بجودتها واهتمام السكان الكبير بتطويرها بالتعاون مع الجهات الحكومية المعنية بالأمر، ولعل التمور والرمان وقصب السكر والثوم تعتبر اليوم من أبرز منتجاتها التي تدخل في العديد من الصناعات كذلك. سعت الورقة الثانية للدكتور ناصر بن سيف السعدي بعنوان «لمحات في أحوال التجارة والصناعة بمحافظة الداخلية، من خلال المدونة التراثية العمانية» لاستقصاء حضور مسائل التجارة، وموضوعات الصناعة في المدونة العمانية وقال فيها: يحرص عادة الفقهاء على تخصيص أبواب في المدونات الفقهية، حيث يتم التطرق من خلالها إلى قضايا البيع والشراء، وتبدأ من مفهوم التجارة وأحكامها، وما قيل فيها من أحاديث نبوية، وأقوال مؤثرة، ومصطلح الصنائع يأتي في المدونات الفقهية بمعنى كل حرفة أو مهنة يقوم بها المرء مقابل الأجر، وعمدت المدونات الفقهية للتأكيد على العديد من القيم والمبادئ التي تحكم عملية البيع، والشراء، والصناعة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر النهي عن الاحتكار، والبيع قبل قيام الأسواق، كما تناولت «الورقة» الأسواق وأحوالها، وبعض الشخصيات التجارية التي وثقتها هذه المدونة.
المكاييل والعملات
وحول «المكاييل، والموازين، والعملات في الداخلية قبل عام 1970م: مقاربة تاريخية في الاستخدام والتداول عرضت الورقة الثالثة للباحث جمال بن محمد الكندي المكاييل ودورها في البيع والشراء وأيضا إخراج الزكاة ومعرفة النصاب وغيره من المعاملات في الحياة اليومية، ولماذا نقدم المكيال على الميزان؟ وقال فيها بإن الكيل أو المكيال ليس كالميزان أو الوزن والمكيال هو المقدار ما يكال به من الأوعية التي تصنع من الخشب أو المعادن كالنحاس أو الحديد ومنه الصاع والمد والسدس والقفيز (القفير) والدرهم والرطل والجراب والمكوك. والثمار والتمور والأرز الحبوب بأنواعها من البقوليات كالمواد التي تكال بالمكيال، وعدد أنواع المكاييل المستخدمة في المحافظة قبل السبعين، والموازين بمختلف مقاييسها.
استدامة الأفكار التجارية
وفي الورقة الرابعة حول «الفكرة التجارية المستدامة: تجارب ما قبل السبعين من محافظة الداخلية» قارب الباحث إسحاق بن هلال الشرياني تجارب شخصيتين عمانيتين هما سيف بن شامس السيفي، وعلي بن حمد الإسماعيلي مستعرضا رحلتهما عبر الاشتغال بالتجارة ومسير حياتهما المليء بالترحل، والسعي إلى تطوير النشاط التجاري، هادفا بذلك إلى المهم وتوجيه الأجيال الحالية واللاحقة، والوقوف على أبرز الممارسات التي جعلت من الفكرة التجارية مستدامة، والتوثيق لتكون مراجع يمكن الاعتماد عليها مستقبلا.