جهود المؤرخ البروفيسور إبراهيم زين الصغيرون في دراسة التاريخ العُماني في شرق إفريقيا
تحقيق كتاب "تاريخ ولاية المزارعة في إفريقية الشرقية أنموذجًا".
******
*- أعمال الدكتور إبراهيم زين الصغيرون العلمية قراءات أكاديمية معمّقة في التاريخ العُماني بشرق إفريقيا
*- الدورُ الحضاريُّ للدكتور صغيرون لم يقتصر على البحث بل امتدَّ إلى آفاق التدريس والتأطير وإخراج الباحثين المتميزين
*- تاريخ ولاية المزارعة يمثل ريادة علمية في تاريخ مجهول فمادته غزيرة وأسلوبه منساب سهل وقد وفق الدكتور صغيرون في اختياره وإبرازه
*****
يا مُرْسِلاً أبدى العَجيبَ وأفهَما خبراً بغيرِ تكَلّمٍ يروي الظمَا
سِرْ عاجلاً حتى إلى ممباسةٍ فيها البدورُ مضيئةٌ تلك السَّما
فيها المشائخُ من كهالنةٍ وهُمْ ساداتُ كهلانٍ وطيبُ المُنتما
أُسْدٌ كرامٌ ولد أحمد في الوَرَى كالبحرِ جُوداً أو كغيثٍ قَدْ هَمَا
القاضي محيي الدين القحطاني الوائلي
يعرفُ طلابُ التاريخِ المؤرخ الكبير البروفيسور إبراهيم الزين صغيرون كثيرًا فقد عَمِلَ بقسم التاريخ بجامعة السلطان قابوس سنين طويلة، فهو من الأكاديميين العرب القلائل الذين تركوا بصمتهم في تراثنا الفكري العُماني وحَسْبهُ أنه أعطى بجدارة وأسهم بحق في تأطير كوادر المؤرخين العمانيين الذين يحملون اليوم لواء البحث العلمي والدرس الأكاديمي، ويظهر إنتاجهم الأكاديمي في كلِّ محفلٍ علمي، فهؤلاء في الحقيقة جلّهم تلاميذ لهذا الأستاذ المُربي والعالم الجليل، صاحب المنهج العلمي الدقيق والمقاربة الأكاديمية المُعمقة.
ولم يقتصرْ دورُ الدكتور صغيرون على هذا الجانبِ التعليمي/ البحثي، بل قادَ زمامَ المبادرات الأولى للتعريف بالتاريخ العُماني، وتقديمه للآخر العربي والأوروبي إبان عمله المبكر في جامعة الإمام محمد بن سعود بالمملكة العربية السعودية، وقبله إبان دراسته العليا بالمملكة المتحدة التي فتح أرشيفها ومكث في مكتباتها دارسًا للتاريخ العُماني ومنقبًا عن المخطوطات والوثائق، وبالذات ما يخصُّ القسم الشرق الإفريقي منه، وقدّم في ذلك عدة ملفات ليس أقلها إشرافه على العديد من الأطروحات والرسائل الجامعية العليا ومن بينها رسالة: "التطور السياسي لسلطنة مسقط وعُمان من الانقسام حتى الحماية (1861 -1891) للباحث عبدالله بن عبدالعزيز الجوير، وقد قدّمها في قسم التاريخ والحضارة بكلية العلوم الاجتماعية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في العام الجامعي 1405/ 1406 هـ
وليس أقلها أيضا تحقيق مخطوط كتاب "تاريخ ولاية المزارعة في إفريقية الشرقية" للمؤلف العُماني الأصل صاحب مجلة المعرفة المؤرخ الأمين بن علي المزروعي الذي وجد نسخته في أكثر من مكان وتابعها في أكثر من موضع لعل أبرزها مكتبة جامعة الملك عبدالعزيز بالرياض.
وبعيدًا عن وصف الجهود الكبيرة المتواصلة التي بذلها الدكتور صغيرون، فهي كثيرة ومتعددة المشارب والاتجاهات وتتفاوت بين التأطير الأكاديمي والبحث العلمي ومهما كانت النظرة التقديرية إليه فهي لا تفيه حق قدره، فهو أكاديمي رصين وباحث دقيق لا يحب كثيرًا العبارات الطنانة والجمل الإنشائية، والإطراء المبالغ فيه؛ وقد عمل بيننا بصمت ودون ضجيج كحال العُلماء الكبار المخلصين، فاستحق منّا الالتفات إليه بهذا المقال القصير تقديرًا لدوره في الكتابة لجهوده في الإحاطة المعرفية؛ فهو من رواده الذين التفتوا إلى جزء يكاد مغيب من التاريخ العربي أو قل مدونة الأدبيات العربية أعني بذلك تاريخ وجود العمانيين في شرق إفريقيا.
ولهذا فنحن نقف عنده مثمنين كلَّ ما بذله ومتوقفين عند أهم كشف كشفه للتاريخ العُماني وهو "تحقيق كتاب تاريخ ولاية المزارعة في إفريقية الشرقية" وستكون وقفتنا مخصصة لكتابه هذا الذي شرفتُ بإهدائه لي في لفتة أبوية تملؤها عبارات المودة والتشجيع، وقد خطّها بتاريخ 15 / 12 / 1996م، ولكم سعدتُ بمعرفته والتتلمذ على كتبه ودراساته، وكم كان فرحته بصدور كتابي "الصَّحافة العمانية المهاجرة: الشيخ هاشل بن راشد المسكري فكان من أوائل المباركين لي بهذا الكتاب الصادر 1998 م.
يقعُ تحقيق الدكتور صغيرون لكتاب المزروعي في قرابة 251 صفحة من القطع الصغير، وصدرت طبعته الأولى في لندن عام 1995م، وتكمن أهميته في كونه أنقذ هذا المخطوط من الضياع، وقدم إضافة جديدة للتاريخ العُماني لم تفارق قوائم الدراسات التاريخية التي أتت بعده.
وكعادة المحققين الدقيقين يبدأ الدكتور كتابه بوصف الإطار المادي للمخطوط مشيرًا إلى كيفية وصوله إلى يديه مُسْديًا الشكر والعرفان إلى من قدّم له نُسَخَه، وما ذلك إلا وفاءٌ منه وأصالة فليس من اليسير أن يحصل للباحث على مخطوط ثمين وأن تتوفر له نسخًا عدة منه، فذلك هو العناء الأكبر ولا بدَّ من رد الجميل بالشكر والإطراء، لهذا فالدكتور إبراهيم صغيرون يشير إلى أن العلامة علي بن جعفر الوهط السقاف العلوي الحضرمي كان له الفضل بالاحتفاظ بوثيقة الكتاب النادرة، وكان صديقًا للمزروعي مؤلف الكتاب، ويشير كذلك إلى التشجيع الذي لقيه من فضيلة الشيخ هادون العطاس، وهو من علماء مكة فهو الذي حثه على دراسة وتحقيق هذا للمخطوط انطلاقًا من دراسة التراث الإسلامي.
لا يحتاج كتاب الدكتور إبراهيم الزين صغيرون إلى شهادات تزكية أو تقديمات إضافية، فشهادة الأكاديمي البارز البروفيسور عبدالله الطيب المجذوب عنه نجب ما قبلها وما بعدها، وقد اختصرت كل الشهادة وأبانت عن جودة عمله، وأنه فتح الدراسات في التاريخ العُماني في الشرق الإفريقي من خلال ولاية المزارعة وحوت إضافة علمية عن الحضور العماني. وقد أعجبني منها قوله ص 10: "ينبغي أن يُنَوّه سائر العرب والمسلمون قاطبة بما كان من انتصارات أئمة عُمان وولاتها على البرتغاليين أيام عزهم وتعاليهم في الخليج، وفي المحيط الهندي في جزائره وسواحله الآسيوية والأفريقية، وبذلك أمكن للإسلام أن تثبت دعائمه بالرغم من تربّص أوروبا الناهضة بقوة الحديد والنار وأساطيل القرصنة وتغولها.. هذا ودور العُمانيين في الحفاظ على الإسلام والدفاع عنها و تحضيد الأشواك المستعمرة بجهادهم وعلمهم وفضلهم وتسامحهم.."
وكعادة الدراسات الأكاديمية لا بدّ من علامات منهجية لهذا العمل الجليل فقد وضع له فهرسًا حوى على مقدمة وقسمي الكتاب المخطوط جاء في الأول تعريف بالكتاب المخطوط، وبكاتبه الأمين المزروعي وذكر لأهمية الكتاب وقيمته، بينما اختص القسم الثاني بنصّ الكتاب المخطوط.
يستشعر الأستاذ دكتور إبراهيم صغيرون في مقدمة كتابه هذا أهمية الكتابة عن التاريخ العُماني في الشرق الإفريقي ووجوب دراسته بوعي وبأعين محايدة دون التركيز على المصادر الغربية وحدها فهي –في رأيه- مضللة وتخدم مصالح وجودها، ويرى ص 11 أن "الوجود العربي العُماني في الشرق الإفريقي يحتاج إلى جهود مكثفة تلقي الضوء على تاريخه وتصحيحه وتنقيه من الشوائب والمفتريات التي علقت به، وذلك بحكم النظرة الاستعمارية التي غلبت على تفسير أحداثه وظواهره ،فهذه النظرة الاستعمارية لم تلتفت إلى العمانيين الذين عاشوا في هذه المنطقة وصنعوا هذا التاريخ وإنما ركزوا على ما يخدم مصلحتهم، ولهذا تجد أن الغلبة الغالبة في المصادر والوثائق هي أجنبية، وقد طغت على ما سواها، وبالتالي فإن الباحثين الذين درسوا هذا الوجود فيما بعد انبهروا بما كتبه الغرب عنها مستبعدين تاريخ عُمان الأم والأوضاع التي صحبتها العلاقات بين الموطن عُمان والمهجر شرق إفريقيا مما ولد شيئًا من الإجحاف لتاريخ عُمان الكامل المكتمل.
وفيما يتصل بالكتاب المحقق "تاريخ ولاية المزارعة في إفريقية" فكما يشير المحقق الدكتور إبراهيم صغيرون أنه: "كتاب مخطوط في أصله، ويقع تسع وتسعين صفحة من القطع الكبير، وبه ملحقان وحاشيتان، وقد وقع على عدة نسخ منه منها النسخة الأم وهي التي احتفظ بها ورثة السيد علي جعفر الوهط السقاف بمكة المكرمة، ونسخة المزروعي التي ينتمي إليها المؤلف، ونسخة دار الوثائق القومية في كينيا، ونسخة مكتبة جامعة الملك عبدالعزيز التي اعتمد عليها في التحقيق، ونسخة الأستاذ هادون أحمد العطاس، وهو من علماء مكة، وهذه كلها نُسخ مهمة يفترض أن تؤول ملكيتها وتستقطب إلى دار الوثائق والمخطوطات بسلطنة عُمان شراء أو نسخًا لارتباطها بتاريخ عُمان.
أمّا الكتاب فهو كتاب تاريخي يقع في قسمين يتناول الأول: "تاريخ المزارعة وأصولهم ومساكنهم بعُمان وهجرتهم إلى السواحل، ومن ثم قيام إمارتهم وإثبات شرعيتهم كولاة وتبرير استقلالهم عن الدولة البوسعيدية وعلاقاتهم المبكرة ببريطانيا في تلك الفترة "
ويتناول الثاني ولاتهم الذين تعاقبوا على حكم إمارتهم، وما حدث لكلِّ واحدٍ منهم من أحداث، وما توالى على فترة حكمهم من ظروف ومعطيات أبقتهم في سدة الحكم، أو قضتهم إلى زوال عروشهم واضمحلال حكمهم، وهم تسعة ينتمون في المجمل العام إلى عائلة واحدة وسلالة واحدة؛ منهم ثلاثة إخوة هم: ناصر، ومحمد وأبناؤه: عبدالله وأحمد، ومن ثم علي ومسعود أبناء عبدالله بن محمد بن عبدالله بن كهلان المزروعي، ومنهم: عبدالله بن أحمد بن محمد، وسليمان بن علي بن عثمان، وسالم بن أحمد بن محمد بن عثمان الذي سقطت الولاية في عهده إثر الهجوم المتوالي الذي قام بن السيد سعيد بن سلطان عليها
وبالنسبة للمؤلف فهو الشيخ الأمين بن علي المزروعي (1891-1947) وهو كاتبٌ ومثقفٌ إسلامي التوجه سلفي النزعة "تجري السلفية في دمه منذ الصغر بحكم البيئة الإسلامية التي ترعرع فيها" كما يقول الدكتور صغيرون (35)، وقد اطلع مبكرًا على أفكار المجددين في حركة النهضة والإصلاح التي اجتاحت العالم العربي والإسلامي من مثل المفكرين: جمال الدين الإفغاني، ومحمد عبده ومحمد رشيد رضا، وشكيب أرسلان صاحب كتاب: "حاضر العالم الإسلامي: الصادر سنة 1925" وقد لخصه في صحيفة الصحيفة ونشره فيها.
وفي الجانب الآخر هو كاتب وصحفي اشتغل بالصحافة وأصدر في البداية دورية نشرها في المجتمع السواحلي سماها "الصحيفة" أصدرها في 25 أكتوبر 1930 م ونشر فيها أفكار رواد التنوير العربي، ثم تاق إلى تطوير تجربته وأصر صحيفة الإصلاح باللغتين العربية والسواحلية وذلك في 29 فبراير 1932 (37) وجعل لها شعرًا "النجاح لحزب الإصلاح" هو وتناول فيها قضايا اجتماعية وفكرية تنطلق من شخصيته الفكرية ،وتعد تجربته الصحفية هذه رائدة ودوره دورًا طليعيًا وتاريخيًا في مجال الصحافة ومرده إلى عقله المتفتح، كما يقول الدكتور صغيرون ص 36. كما تولى القضاء في مدينة ممباسة، في ديسمبر من عام 1932، وزار الكعبة المشرفة لأداء فريضة الحج وبعد عودته أنيطت له وظيفة رئاسة القضاء في كينيا قاطبة وكان مثالا للعدل والإنصاف" كما يقول الدكتور صغيرون (40)
إن كتاب تاريخ المزارعة كتاب ذا أهمية في الحقيقة ومن أوائل التي أوردت هذه الحقبة المهمة وقيمته تؤول إلى عدة معطيات تناولها الدكتور إبراهيم بالتفصيل ص (40-76) في عدة نقاط نلخصها فيما يلي:
1 - يؤكد الكتاب الأصل القيمة الحضارية للدور العُماني في الشرق كونه وثيقة من وثائقه.
2- يوضح الكتاب الكثير من الحقائق التاريخية التي من شأنها أضعاف النظرة الأوروبية نحو الوجود العربي العماني، ويلغي مقولات الكتاب الغرب في ذا المجال.
3- أن هذه الكتاب يجسد الوعي القومي والوطني لدى المواطن العُماني، وتقديم خدمة للباحثين فيه مما يجعل النظرة العمانية التي يمثلها هذا المخطوط موضع اعتبار في وقت تعدد فيه الكتابات وتباينت آراءها وخاصة لدى الأوروبيين.
4- "يبرز المخطوط ما وصلت إليه الأحوال الصراع والفتن بين الفئات العمانية، وهي كما يقول الدكتور صغيرون ص 44 كانت سمة مميزة لتاريخ عُمان في القرنين 18، 19م.
5- أن هذا الكتاب "يلقي الضوء على الدور العُماني في مواجهة الاستعمار البرتغالي في الشرق الإفريقي" ص 47، وهو دورٌ حضاريٌّ جديرٌ بالدراسة الموسَّعة.
6- أن هذا الكتابَ يقدّم صورة عن حضور الأدب والشعر والقصص والحكايات الشعبية، ففيه قصائد لشعراء الذين مدحوا ولاة المزارعة وأطروا حكمهم ووثقوا كثيرًا من وقائعهم، وهو يمثل إضافة علمية لمدونة الشعر العُماني في القرن التاسع عشر والثامن فقد حضرت فيه قصائد محيي الدين بن شيخ القحطاني، كما حضرت فيه القصائد السواحلية كمثل أبيات الشاعر مياكا بن حاج الغساني، وبذلك مثل الشعر مصدرًا من مصادر الكتاب ودليلًا على الوقائع والأحداث التي أورده.
7- دقة المنهج والأسلوب الذي اتبعه المؤلف الشيخ الأمين المزروعي في كتابته، فهو كما يقول عنه الدكتور صغيرون: أسلوب عربي سليم العبارة لا يحتاج إلى تصويب وإصلاح وهو نتاج شخصية الكاتب ومحصلة من محصلات تكوينه الرصين "فقد ترعرع في بيت علم وعلماء وتلقى تعليمه على أيدي مختارة ممتازة من الأساتذة الأكفاء في وطنه ممباسة وزنجبار من مثل الشيخ سليمان بن علي المزروعي، والشيخ عبدالله بن محمد باكثير الكندي والسيد أحمد بن أبي بكر بن سميط العلوي" على نحو ما ترد ذلك سيرته الواردة في الكتاب ص 32 وما بعدها.
8 – يعرضُ الكتاب بإسهاب تاريخ المزارعة منذ بداية وجودهم، في عُمان كقبيلة عمانية وحتى هجراتهم الأولى ووجودهم في الحملات الأولى التي شنها الإمام سعيد بن سلطان اليعربي لطرد البرتغاليين وحتى توليهم مناصب الولاية، وكان منهم الولاة والتجار والمزارعون، وهم متفرعون من أربعة عشر أصلا ينتمي نسبهم إلى زيد بن كهلان " ص 43.
9 – يقدِّم كتاب الدكتور صغيرون قراءة للمصادر العمانية قاطبة، ويعتب على المؤرخين العمانيين الذين لم يلتفتوا كثيرًا إلى تاريخ شرق إفريقيا مبعدين النظرة العُمانية عن الحضور العلمي تاركين للدراسات الغربية الفرصة في الكتابة الأحادية غير الدقيقة مما كان له كبير الأثر في تزوير التاريخ والابتعاد عن الحقيقة التي تجسد حضور العُمانيين في شرق إفريقيا.
10 – أقام الدكتور تحقيقه لهذا الكتاب على أسلوب المقارنة بين المعلومات والحقائق التي وردت في النسخ وبينها وبين ما ورد في المصادر العربية والأجنبية المعاصرة مما جعل تحقيقه في غاية الدقة والإتقان.
ومن المعجب في هذا التحقيق الإحالات التوضيحية والإحالات التعريفية والثبت الوثائق وقوائم المصادر، فهي في الحقيقة عصارة جهد جهيد واطلاع واسع فقد حشد فيها الدكتور صغيرون عددًا كبيرًا مثلت محصلة خبراته العلمية وما اطلع عليه وهي تكفي وحدها لعقد مدونة عُمانية مفيدة للباحثين ليس في تاريخ ولاية المزارعة وإنما لكل مراحل التاريخ العُماني في الشرق الإفريقي وعُمان، ومن بين ما يظهر في ملاحق إحالاته نصوص المعاهدات وتفسير المصطلحات وترجمة الأعلام والأماكن والأسماء وغير ذلك.
وأخيرًا يمكن القول: إن الأستاذ الكبير إبراهيم الزين صغيرون يحمل اليوم هذا شارة الاستحقاق والريادة العلمية بكتبه وأبحاثه التي تركها نبراسًا للأجيال وتخليدًا لتاريخ عمان، وما هذا الكتاب إلا واحد أهم الكتب التي فتح بها الدرس التاريخي واستفاد منه طلبة كثيرون، وميزته أنه يقرأ تاريخ حقبة تاريخية مهمة في التاريخ العُماني ألا وهي ولاية المزارعة في إفريقية الشرقية، وقد أصل مكوناتها الأمين بن علي المزروعي، ولولا جهود الدكتور صغيرون ودأبه في نبش تراث هذا الرجل لضاعت، مثلما ضاع الكثير من مؤلفاته، وحق الدكتور صغيرون تنبني طباعة كتبه وخاصة هذا الكتاب المهم.