1113743
1113743
مرايا

«ألبا» أنثى قرد الأورانجوتان الأمهق تعود إلى الأدغال

30 يناير 2019
30 يناير 2019

أصبحت ألبا أنثى قرد الأورانجوتان الأمهق الفريدة من نوعها من المشاهير، وقد استردت حريتها في النهاية بعد أن عادت لبيئتها الطبيعية في أحراش بورنيو، وقد استغرقت عملية نقلها 20 ساعة، وعندما غادرت القفص برهنت بما لا يدع مجالا للشك على قدرتها الفائقة على التسلق من خلال التنقل بحركات واثقة بين فروع الأشجار، لتتقبل بيتها الجديد وسط بيئتها الطبيعية بمحمية بوكيتا باكا بوكيتا رايا في إندونيسيا، وبهذه النهاية السعيدة تنتهى فترة معاناة البا الطويلة في الأسر.

وقد اكتشفت أنثى قرد الأورانجوتان، وكانت ما تزال بلا اسم، عام 2017 في إحدى قرى الجزيرة النائية، حيث كانت محتجزة في قفص خشبي، وكانت تعاني من سوء التغذية، وقلة الحركة، ببشرتها الباهتة، وقد آذتها أشعة الشمس الحارقة، وكان وجهها به آثار دماء، إما بسبب عراك أو بسبب سوء المعاملة، ويؤكد أهالي البلدة أن القردة ظهرت فجأة وسط الحيوانات قبل خمس سنوات، ولا يعلم أحد إن كانت قد جاءت بمفردها أو بصحبة والدتها أو أي حيوان آخر، كما لم يستطع أحد من خارج البلدة تأكيد صحة ذلك، لكن الثابت أن القردة حين حلت بالبلدة لم يكن وزنها يتجاوز ثماني كيلوجرامات.

يقدر أن جزيرة بورنيو وسومطرة المجاورة يعيش عليهما ما بين 70 ألفا إلى 100 ألف قرد من فصيلة الأورانجوتان، وهي من الأنواع المهددة بالانقراض بشدة، لأسباب تتعلق في المقام الأول بإزالة الغابات، والحرائق والصيد الجائر والانتشار المتسارع لمزارع نخيل الزيت.

وقد جرى إعادة تأهيل ألبا في إحدى مراكز مؤسسة جزيرة بورنيو لإبقاء الأورانجوتان على قيد الحياة والمعروفة اختصارا (بوس)، وهناك منحوها الاسم “البا” وتعني البيضاء باللغة اللاتينية. ومن المعروف أن وجود “الأمهق” أو “الألبينو” “عدو الشمس”، وهو نوع من الخلل الجيني، لا يقتصر على البشر فحسب، بل موجود أيضا بين الحيوانات، مثل الفئران والنمور، ولكن من غير المعروف أن كانت الظاهرة تمتد إلى ثدييات أخرى، الطيور أو الأسماك.

يفتقر فراء ألبا ولون عينيها إلى الصبغة المعروفة بالميلانين التي تعطي لباقي جنسها لونه الطبيعي، ومن ثم فهي تعاني مثل باقي الكائنات الأمهق من ضعف الإبصار، ولكن باستثناء ذلك فحالتها الصحية أكثر من ممتازة، ووزنها يصل الآن إلى 28 كيلوجراما، ومن ثم لا يوجد سبب يجعلها تعمر وتصل إلى السن المعتاد لبني جنسها ويتراوح بين 35 إلى 45 عاما، وأن تحظى بمولود أو اثنين.

كانت الخطة الأساسية تركز على جعلها تبقى على قيد الحياة خارج الأسر، وكان من المفترض نقلها مع ثلاثة نماذج أخرى إلى جزيرة سلات، حيث كان يجري إعادة تأهيل قرود أورانجوتان أخرى على العودة إلى بيئتها الطبيعية؛ ونظرا للظروف الخاصة كان من المقرر أن يكون لهذه الحيوانات ملاذها الخاص: منطقة محمية منعزلة على الجزيرة على مساحة خمسة هكتارات، بتكلفة تصل إلى 70 ألف يورو. وكان قد تحدد أيضا تاريخ عملية النقل، ولكن في اللحظة الأخيرة، وتفاديا لإهدار المزيد من الوقت، قررت الحكومة الإندونيسية إطلاق سراح ألبا في البرية مباشرة.

وكانت حدائق حيوان من جميع أنحاء العالم قد أبدت اهتماما بهذا الحيوان النادر، وكاني مكن للقردة ذات الفراء الأبيض والعيون الزرقاء أن تصبح مصدر جذب كبير، ولكنها كانت ستظل في الأسر. أما في البرية فسوف تنعم بالحرية، على الرغم من التهديدات التي تواجهها من كائنات مفترسة ومن بينها أنواع من بني جنسها ومن صيادي الحيوانات النادرة، ففي بورنيو مثل جميع أنحاء العالم هناك من يعتقدون أن الحيوان الأمهق يمنح قدرات خاصة، حيث يؤكد يامارتين ساي هايتي مخاوفه على سلامتها قائلا “فراؤها الأبيض الناصع ظاهر للعيان من على البعد”.

وهذا تحديدا سبب استمرار بقاء البا تحت حماية خاصة، بعد إطلاق سراحها في البرية، ويشرف على عملية حراستها جماعة الداياكس من السكان الأصليين التي توجد المحمية الطبيعية الخاصة بالبا وسط أراضيهم. “تحظى ألبا بالحماية على مدار ساعات اليوم الـ24 حيث ينظم الداياكس الأشداء نوبات حراسة قوية لها”، حسبما يوضح يامارتين، ويشرفون أيضا على مراقبة سلوكها في البرية، حيث جرت العادة أن تتعرض القرود التي أعيد تأهيلها للسقوط من فروع الأشجار؛ نظرا لتراجع مهارات التسلق لديها.

من المبكر معرفة ما إذا كانت ألبا سوف تتعود تماما على الحياة في البرية، ويقول يامارتين “في حالة فشل خطة العودة، هناك خطة بديلة، تتمثل في نقلها إلى جزيرة اصطناعية”.

(د.ب.أ)