مرضى الفشل الكلوي ..خيارات محدودة ومعاناة لا تنتهي
معاناة شديدة يعيشها الشخص المصاب بالفشل الكلوي تجبره على غسل كليتيه ثلاث إلى أربع مرات في الأسبوع مصحوبة بألم وإرهاق، يمنعانه من ممارسة حياته بشكل طبيعي، وتفقده متعة الحياة ولذتها، فعندما تفقد الكلى وظائفها وتهدد الفرد في حياته فهنا ينبغي التدخل بالغسيل الكلوي، وشهدت وحدة غسيل الكلى بولاية السيب في العام الماضي فقط تقديم أكثر من 30 ألف جلسة غسيل.
«عمان» سلطت الضوء على معاناة مرضى الفشل الكلوي من خلال هذا الاستطلاع، ووقفت على الظروف الصحية للمرضى وتأقلمهم مع الواقع الصحي والنفسي مع تحديات الغسيل الكلوي ومضاعفاته المتعددة.
في البداية، قال خلفان بن سالم السليمي الذي يعاني من مشكلة في الكلى منذ سنتين ويقوم بغسيل الكلى ثلاث مرات في الأسبوع: لا شك أن غسيل الكلى عملية متعبة وروتين حياة يجب الاستمرار عليه لا خيار آخر لي غيره، والأيام تكاد تكون شبه محسوبة، فقط يومان في الأسبوع أنعم فيهما بالراحة، في كل مرة أذهب للغسيل يستغرق الوقت حوالي 4 ساعات، وبالنسبة لوضعي يكون الغسيل عن طريق اليد وسابقًا عن طريق الرقبة والصدر، ويتم وزني قبل وبعد الغسيل حيث يتم سحب حوالي 4 كيلو من السوائل الفاسدة، وأثناء الغسيل تحدث بعض المضاعفات كشد عضلي ودوار في بعض الأحيان، ولخطورة الوضع يرافقني أحد من أفراد عائلتي لأن المضاعفات تستمر حتى بعد الغسيل مثل نزول الضغط أو النزيف في مكان الغسيل، وعن الآثار الجانبية أشار السليمي إلى أن حالته الجسدية والنفسية تصبح منهكة بعد الغسيل، ويحتاج لأربع ساعات ليعاود نشاطه الطبيعي والصحي، ولذلك يحتاج الجسم بعد الغسيل لراحة ونوم ولكن نظرا لظروفه والتزاماته الخاصة لا يخضع لفترة الراحة الكافية التي يحتاجها الجسم، علاوة على ذلك النوم يكون صعبا لديه وآلام الأرجل باستمرار إضافة للحساسية، كما يجب المحافظة على الغذاء والتقليل من شرب السوائل، وليس ذلك فحسب حتى الصيام في شهر رمضان المبارك غير ممكن نظرًا لحالته الصحية، وأفاد بأنه يصعب عليه ماديا شراء الجهاز الخاص بالكلى بسبب غلاء سعره.
وعن الطاقم الطبي أشاد السليمي بالمتابعة المستمرة من قبل الأطباء لحالته سواء أثناء الغسيل أو بعده، وإعطاء النصائح والإرشادات التي يجب اتباعها والتأكد من توفر الأدوية اللازمة معه، كعدم قيادة السيارة بمفرده وتوفير وجبة غذائية بعد الغسيل، وأكد بأن الطاقم ذو كفاءة عالية ومراقبة ممتازة.
العيش بكلية واحدة
من جانب آخر قال عبدالرحمن بن عبدالله المسلمي: منذ الولادة وأنا أعيش على كلية واحدة وكانت تعمل بنسبة 85%، ومع مرور السنوات زادت المضاعفات بسبب كثرة السوائل والسموم في الجسم، ونقصت عمل الكلية بنسبة 20%، وعملت أول جلسة غسيل للكلية في عمر 15سنة، ويتم الغسيل عن طريق قسطرة مؤقتة في أسفل الصدر وبعدها يتم حقن الإبر عن طريق اليد بربط الوريد بالشريان، وقد أكملت 8 سنوات وأنا أعيش على الغسيل ثلاث مرات في الأسبوع، وعن المضاعفات أشار السليمي إلى حدوث نزول في الضغط أثناء الغسيل وشد عضلي وتصبح الحياة بعدها مرهقة، ثم سرعان ما يعود الوضع إلى طبيعته بعد ساعتين من الغسيل، وأصبح العيش مع الوضع أمرا لابد منه والتأقلم عليه فلا يمكن التفكير حتى بالتوقف عن الغسيل إلا في حال تمت زراعة كلية، وقد فكرت فيها سابقا لزراعة كلية وسافرت إلى الخارج بحثًا عن التخلص من المأساة التي أعيشها ولكن المفاجأة غير المحسوبة أن المستشفى الذي لجأت إليه لا يقدم تأمينا صحيا للزراعة في حال حدوث أية أخطاء طبية، وحاليا أقوم بالبحث عن مستشفى ذي سمعة طيبة في مجال زراعة الكلى من كل النواحي الطبية.
صعوبة الحياة
عائشة التويجرية تغير نمط حياتها بسبب إصابتها بالفشل الكلوي في عمر 33 سنة وذلك بسبب الارتفاع المستمر في الضغط، حيث عملت أول غسيل كلى في 2017م، وقالت: المعاناة ليست في الغسيل فقط وإنما ما بعد الغسيل فالإرهاق يستمر في بعض الأحيان لليوم الثاني، وفي بعض المرات أفقد الوعي أثناء الغسيل بسبب انخفاض الضغط والأكسجين، كل هذه العوارض تعيق ممارسة الحياة بشكل طبيعي في جميع الجوانب، وتصبح الحياة صعبة سواء من الناحية الاجتماعية ومشاركة الناس، أو ممارسة الأنشطة والواجبات المنزلية، وقد فكر أحد إخوتي بعمل زراعة ونقل كلية لي ولكن لأسباب صحية خاصة به لم تنجح العملية، وترى التويجرية أن الغسيل في المستشفى يكون آمنا ومطمئنا أكثر من شراء جهاز وعمله في المنزل، وفي المستشفى تكون تحت أيدٍ أمينة وخبرة في المجال نفسه.
مسببات الفشل الكلوي
وقال الدكتور عبدالمسيح متري عطية اختصاصي أمراض كلى بالمستشفى السلطاني بأن الفئة التي تحتاج إلى غسيل هي الفئة التي وصلت إلى المرحلة النهائية لأمراض الكلى ولا تستطيع الكليتين العمل بالشكل السليم، مما ينعكس على صحة المريض، مضيفًا أن أغلب المصابين بالفشل الكلوي في سلطنة عمان تتراوح أعمارهم ما بين 40 إلى 60 سنة مع تقارب النسب بين الإناث والذكور، ومن مسببات الفشل الكلوي عديدة أبرزها مرض السكري، وارتفاع ضغط الدم، والتهاب الكلى المناعي الحاد، والزمن والعيوب الخلقية في الكلى، وبعض الأورام بالكلى، وكذلك بعض الأمراض الأخرى بالجسم تصيب الكلى بالفشل مثل الهبوط المزمن للقلب، والفشل الكبدي الحاد والمزمن وبعض الأمراض المناعية مثل الذئبة الحمراء والأمراض المناعية التي تصيب الأوعية الدموية الصغيرة والشعيرات الدموية.
طريقة عمل الغسيل
وعن العملية التي يتم فيها الغسيل وضّح الدكتور أن هناك نوعين من الغسيل، وهما عن طريق الدم والغسيل عن طريق الغشاء البريتوني، الغسيل الدموي يتم باستخدام الكلية الصناعية حيث يضخ الدم إلى الكلى الصناعية، ويتم التخلص من المياه الزائدة والسموم وضبط مستوى الأملاح بالدم، ثم يُعاد ضخ الدم مرة أُخرى إلى جسم المريض، أما عن الغسيل البريتوني حيث يستخدم فيه الغشاء البريتوني كفلتر مرشح لينقي الدم، البريتون هو عبارة عن غشاء رقيق يغلف تجويف البطن داخل الجسم، حيث يوضع محلول فسيولوجي خاص داخل البريتون ويبقى هذا المحلول عدة ساعات تراوح 8 ساعات أو أكثر حسب حالة المريض داخل البريتون، حيث تنتقل السوائل الزائدة بالجسم والسموم والأملاح من الدم إلى المحلول من خلال هذا الغشاء، يسحب هذا المحلول إلى خارج الجسم ويوضع محلول جديد.
نصائح لتجنب الالتهاب
وعن الأضرار والمضاعفات التي تحدث أثناء الغسيل وكيفية تفاديها وعلاجها أشار الدكتور أن الغسيل الدموي قد يُصاحبه في بعض المرضى أحيانًا صداع وتقلص بالعضلات، أو غثيان أثناء الغسيل، ويتم معالجة هذه الأعراض بواسطة طبيب وحدة الغسيل، ولتفادي حدوث أي تجلط أو التهاب يحتاج المريض إلى مختص لمتابعة وريد الغسيل في كل حصة غسيل، أما عن الغسيل البريتوني فيحتاج المريض أن تكون منطقة الغسيل الخاصة في البطن نظيفة جدا، مع غسل الأيدي وارتداء القناع والقفازات في كل جلسة غسيل مع التنظيف اليومي للقسطرة والجلد حولها، ولتجنب حدوث الالتهاب البريتوني يحتاج المريض زيارة الطبيب على الأقل مرة كل شهر لمتابعة حالته وضبط نظام الغسيل له وعلاج الالتهاب إذا وجد.
حلول وبدائل
وأشار الدكتور أن زراعة الكلى من أهم البدائل الناجحة لمرضى الفشل الكلوي وتنقسم إلى نوعين، زراعة كلى من شخص آخر سليم من نفس ذوي المريض، وذلك بعد التأكد من إجراء كل فحوصات السلامة للمتبرع ومستقبل الكلى قبل نقل العضو (الكلى) إلى مريض الفشل الكلوي، وزراعة كلى من شخص متوفى دماغيًا أو حديث الوفاة بعد توقف القلب مباشرة، وقد بدأت سلطنة عمان في خطوات تدشين هذا البرنامج لمساعدة كثير من مرضى الفشل الكلوي، مضيفًا أن هناك بدائل مستقبلية باستخدام الهندسة الوراثية ولكن لم تدخل حيز التنفيذ حاليا على مستوى العالم.
