عمان اليوم

"العيود" و"الرزفة" و"الشواء" مفردات العيد بمحافظة الداخلية

24 أبريل 2023
24 أبريل 2023

تتعدد وتتنوع مظاهر العيد في محافظة الداخلية لترسم مشاعر البهجة والسرور بين الكبار والصغار تعبيرا عن الفرحة بحلول العيد، وتواصل الأجيال اهتمامها بمظاهر العيد وما يحمله من عادات وتقاليد عمانية أصيلة وإرث حضاري تم تناقله من جيل إلى جيل، وفي العيد تجتمع الأسر وتشهد الحياة الاجتماعية مزيدا من التواصل والترابط.

(عمان) نقلت مشاعر أبناء محافظة الدخلية بعد عودة ممارسة مظاهر العيد بشكل كامل ودون أي تقييد كانت تفرضه جائحة كورونا في المواسم الماضية.

وقال عبدالله بن خميس العبري: انتهت تلك الغمة التي مرّت على العالم أجمع وتنفس الناس الصعداء ورجعت كما يقال المياه إلى مجاريها، لذا فإن المجتمع العماني رجع إلى سابق عهده قبل الجائحة، في الاحتفال بعيد الفطر السعيد، حيث يخرج الناس في صبيحة اليوم الأول إلى مصلى العيد، والكثير منهم بعد الصلاة ينتظرون انتهاء خطبة العيد ثم يسلمون على الحضور، وبعد ذلك يتوافد العديد من الناس على مكان العيود، ومشاهدة فرقة الفنون الشعبية التي تقدم جوا جميلا في ذلك المكان المفتوح. عقب ذلك يرجع الناس إلى بيوتهم الكبيرة وأماكن تجمعهم، لتبدأ الفعاليات الخاصة من تبادل الزيارات الخاصة، وذبح ما تم شراؤه لأيام العيد من ذبائح. وهذه الذبيحة تدور عليها بقية الفعاليات في أيام العيد الثلاثة من "اللحم المقلي، والمشاكيك والشواء". والشواء له خصوصية جميلة في محافظة الداخلية، حيث إن كل حارة لديها تنور خاص بها، وربما شاهدت أكثر من حارة في هذه الفعالية كوني مصورا فوتوغرافيا، حيث يكون الفرح والتجمع الكبير من الأهالي في دفن الشواء واستخراجه، وربما كان استخراجه أكثر فرحا وحضورا من قبل الأهالي.

في بعض الأحيان تكون النار في التنور قوية مما يعرض بعض "الخصف" للحرق، وهناك يهب الشباب لاستخراج اللحم رغم حرارة التنور في جو من التعاون.

وأضاف العبري: هناك الكثير من الفعاليات الأهلية تتوزع في الولايات مثل"عزوة" ولاية الحمراء وفعاليات منظمة أخرى في ولاية بهلا وبالذات في مربط بُهلا، وكذلك في سوق نزوى وقلعة نزوى.

وقال ناصر بن حميد الوردي عضو المجلس البلدي: لقد أثّرت جائحة كوفيد- 19 ( كورونا ) على مفاصل الحياة اليومية والأنماط المعيشية للفرد والمجتمع بدول العالم بأسره ومن ضمنها سلطنة عمان وذلك بسبب الإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية التي اتخذتها تلك الدول للتعامل مع الجائحة. ومن ضمنها التوقف التام عن ممارسة الكثير من العادات والتقاليد المتبعة سابقا وما يتخللها من مظاهر وأهازيج تترجم قيم المجتمع العماني وأصالته. وبعد توقف تام دام لأكثر من سنتين تعود الحياة لوضعها الطبيعي ويعود أفراد المجتمع لممارسة شعائر وطقوس ومظاهر الاحتفالات بالمناسبات والأعياد الدينية والوطنية والاجتماعية ومن ضمنها مظاهر العيد السعيد. ولذلك استعد العمانيون لهذه المناسبة منذ الأسبوع الثالث لأيام الشهر الفضيل كتنظيم الهبطات والعرصات لبيع وشراء أضاحي العيد، وكذلك لشراء متطلبات ومستلزمات العيد من الملابس والعطور والهدايا والطعام والحلوى العمانية التي لا يخلو منها بيت عماني في أيام العيد وكذلك صناعة البزار وتوزيعه على كل بيوت الحارة أو المحلة وفي الصباح الباكر ليوم العيد يذهب الأهالي من الرجال والنساء لتأدية صلاة العيد بالمصليات المخصصة لهذه المناسبة بكامل أناقتهم وإطلالاتهم المعبرة عن فرحتهم بالعيد، وبعد الصلاة يذهبون للعيود لشراء بعض الهدايا والألعاب والمأكولات ثم يقومون بالزيارات العائلية لأرحامهم وبعدها يجهزون الذبيحة ويقوم الرجال بذبحها وسلخها وبعدها يتعاون جميع من في البيت في تقطيعها وتصنيفها للمشاكيك والتقلية والشواء ثم يقومون بالتبهير والتبزير وبعدها يعدون المشاكيك ويجهزونها للشوي، وفي اليوم الثاني يقومون بطبخ اللحم المخصص للتقلية والتي تقدم للضيوف مع الرخال أو الخبز والعسل العماني كما يقومون بتجهيز التنور وتبزير اللحم المخصص له ثم وضعه داخل التنور وبعد صلاة الظهر من اليوم الثاني يتوافد الأهالي لفتح التنور بأهازيج وصيحات معينة احتفالا بهذه المناسبة ويذهبون لمنازلهم لتناول لحم التنور مع وجبة الغداء وفي المساء تقام الرزفات والأهازيج الشعبية المعبرة عن الفرح والسرور بالعيد السعيد.

يوم استثنائي

وقال مؤمن بن قلم الهنائي: العيد يوم استثنائي، وعيد الفطر يهل علينا وفي الذاكرة تفاصيل لا تنسى وهو يأتي بعد أن رحلت عنا جائحة كورونا بفضل الله، ففترة كورونا أفقدت طقوس العيد بهجتها ومرت تلك الأعياد بفتور بالغ، وعندما نتحدث عن مظاهر العيد فالحديث يبدأ عن الاستعدادات التي تسبق قدومه إذ تسارع الأسر في تجهيز ما تحتاجه من لبس جديد وكماليات وتهيئة المنازل ومصليات الأعياد والمجالس ولعل رب الأسرة يكون أكثر أهل البيت حرصا من خلال سعيه الحثيث لتوفير متطلبات أهل بيته وما يحتاجونه من ذبائح ومأكولات وحلوى وغيرها وما إن تأتي الأخبار برؤية الهلال حتى تنتشر الفرحة وتبدأ التهاني والتبريكات بين أفراد الأسرة والأهالي والجيران وتقوم الأسر ليلة العيد بطبخ ما اعتادوا على تقديمه للأسرة والضيوف من أكلات كالهريس والعرسية والبعض يفضل تقديم الأرز مع اللحم مع أصناف متعددة من الحلوى العمانية والحلويات الأخرى. ويضيف: لا شك أن طقوس وعادات العيد تتشابه إلى حد بعيد في محافظة الداخلية وتختلف يسيرا من محافظة وأخرى وإن كانت صلاة العيد والاستماع للخطبة وتبادل الزيارات بين الأهل والأرحام والجيران هي القاسم المشترك وبعد العودة من صلاة العيد والتي تقام غالبا في مصليات العيد أعلى الجبل كما هو الحال في قريتنا بلادسيت حيث تقام صلاة العيد في مصلى العيد بجبل الصفرة وعلى مقربة من المصلى يتوزع باعة العيود مشكلين لوحة فرائحية بهيجة بسماع أصوات الباعة (عيود عيود) فتجد الأطفال يتسابقون لشراء ما يريدون وهم يتقافزون بأثوابهم الجميلة وعلى مقربة من العيود يكون لفرقة باب الصباح في البلدة حضورها بالأهازيج الشعبية والرزحات الوطنية وتتمازج أصوات السيوف ولمعانها ووقعها على الدروع مع دقات الطبل وصوت العازي وترانيمه الجميل، لتتواصل طقوس العيد بذبح المواشي وتكاتف الأسر في مشاهد تثلج القلب فالكل يعمل كخلايا النحل من أجل الإسراع في تجهيز موائد المقلي والمشاكيك وتجهيز خصفة الشواء ثم التوجه لرمي خصف الشواء في التنانير المعدة لهذا الغرض وهناك تقاليد لا تغفلها الذاكرة أثناء مراسم دفن الشواء فتجد الصيحات والأهازيج تملأ المكان مشكلة بعدا آخر لأفراح تجسد روعة العيد وبهجته المنتظرة، وفي المساء يتم شي المشاكيك التي يتم إعدادها جيدا ووضع البهارات أو التبزيرة المحببة لها وتناول المشاكيك ساخنة وسط أجواء عائلية مفعمة بالفرحة كما يحلو لبعض الأسر تناول وجبة المقلي مع حلوى البيض وغيرها وذلك حسب قدرة كل أسرة بعيدا عن الإسراف أو التبذير وفي اليوم الثالث للعيد يتم نبش تنور الشواء وهنا يختلف توقيت فتح التنانير فالبعض يقوم بفتحه صباحا وتناول لحم الشواء مع أكلات الصباح والبعض يفضل أكل الشواء وقت الظهيرة على الغداء وفي فترة العصر يتجه الأهالي لمتابعة رزحات الفنون الشعبية التقليدية وعروض الخيل والذهاب لأماكن العيود في القرية أو مركز الولاية والولايات الأخرى. ويبقى القول إن العيد رغم مظاهره البهيجة تراعي الأسر كل من فقد عزيزا عليه وتكون المواساة والإحساس بمشاعر الآخرين من القيم الحميدة في المجتمع.

عادات حميدة

وقال سعود بن عبدالله النبهاني: توارثت الأجيال قيما عالية من خلال عادات حميدة سنها العمانيون منذ القدم ومظاهر الاحتفال بعيد الفطر إحدى تلكم العادات الموروثة. وجاءت جانحة كورونا لتوقف مظاهر الاحتفال وأغلب مناحي الحياة المختلفة ولكن إرادة الله قضت بأن تمضي تلك الجائحة بما لها وعليها لتعود الحياة تدريجيا لطبيعتها والحمد لله استعاد المجتمع العماني مظاهر الاحتفال بعيد الفطر تدريجيا بعد الجائحة وعادت الاحتفالات ومظاهرها كما كانت بعون الله من أداء لصلاة العيد وزيارة للأقارب والجيران وتجمعات عائلية وأداء للفنون العمانية المختلفة وأيضا ما يشتهر به المجتمع العماني من مأكولات وحلويات خاصة بالعيد حيث تتوزع هذه المظاهر في أيام العيد كلها منذ اليوم الأخير بشهر رمضان المبارك وحتى ثالث أيام العيد والذي به يتم نبش الشواء العماني وتناوله مع الأهل والأقارب في أبهى صور التعاضد والألفة بالمجتمع العماني، فالحمد لله أن عادت الحياة لطبيعتها المعتادة ونسأل الله أن يحفظ الجميع من كل مكروه. ويتبقى فقط أمر واحد وهو بيد متخذ القرار فيما يتعلق بإجازة العيد والتي أثرت على مظاهر العيد المعتادة إن لم يتم تعديل قانونها لتعود قدسية الاحتفال بعيدي الفطر والأضحى لما كانت عليه بالمجتمع العماني. حيث إن الازدحام السكاني في ازدياد وكذلك التنقل للعمل من محافظة لأخرى وما نتج عنه من ازدحام واختناقات مرورية على بعض الطرق الرئيسية بشكل عام وطريق الداخلية مسقط بشكل خاص. ناهيكم عن الشارع العام بولاية بهلا منتهي الصلاحية وعالي المخاطر والذي يعد أقدم شارع عام يعمل لليوم في سلطنة عمان، وكما أنه أثر سلبا على مختلف نواحي الحياة وجوانبها الاجتماعية والاقتصادية وغيرها وحتى انه أحدث تغيرا في ديموغرافية السكان. لذا نسأل الله أن يرى مشروع ازدواجية هذا الشارع العام النور قريبا لما له من أهمية بالغة ولأنه لا بديل آخر له حاليا، وختاما نسأل الله عز وجل أن يديم نعمته على هذا الوطن المعطاء قيادة وشعبا وكل عام والجميع بخير.

حركة دؤوبة

وقال سلطان بن ناصر النبهاني رئيس فريق بهلا الخيري: عادت إلى المجتمع العماني بفضل الله حياتهم المعتادة التي كانوا يعيشون لحظاتها بكل تفاصيلها الجميلة لاسيما أيام المناسبات والأعياد، بعدما توقفت لمدة عامين بسبب جائحة كورونا والتي سببت القلق والخوف الذي اجتاح قلوب جميع الناس صغيرهم وكبيرهم، فمنّٓ الرحمن علينا أن نرى عودة الناس للاستعداد لاستقبال عيد الفطر المبارك، فنلاحظ حركة دؤوبة في الأسواق والشوارع، يستعدون ليستيقظوا في أول يوم من شوال فيجتمع كل أهالي المدينة في مصلى واسع يؤدون صلاة العيد ويستمعون للخطبة، وبعد ذلك يأخذون أطفالهم ليشهدوا العيود ويتبضعون من الألعاب والمأكولات المختلفة، بعدها يذهب الرجال للقيام بعملية ذبح الدابة التي جهزوها لهم، وتقوم النساء بعدها بطبخ الأكلة المعتادة (التقلية) التي يشتهيها الجميع مع الخبز العماني (الرخال)، والجميل في الأمر أن الجميع يشتركون في الأكل حيث يتجمع الجيران مع بعضهم، والأقارب يزور بعضهم البعض وتشمل الضيافة اللحم والخبز والعسل مع الحلوى العمانية، وفي ثاني أيام العيد يجهز الناس المشاكيك ويتشاركون في تناولها وفي نفس اليوم يجهزون الشواء ويتجمع كل أهالي الحارة بتجهيز تنور كبير واحد لهم جميعا لوضع الشواء فيه، ويفتحونه في ثالث يوم ليختم الناس أيام العيد بتناول كل أفراد العائلات الغداء في بيت واحد. ويتخلل هذه الأيام رزحات شعبية يؤديها الناس ليحيوا تراث أجدادهم ويجتمع حولهم الكثير ليستمتعوا بكل جميل في عيدهم.

كورونا عطلت كثيرا من العادات

وقال خالد بن ناصر الوردي: إن العيد في سلطنة عمان يختلف عن باقي الدول مع وجود بعض التشابه حيث يبدأ بشراء مستلزمات العيد الشخصية وكذلك ذبيحة العيد ويتم التركيز عليها في عيد الأضحى، وتتخلل أيام العيد الثلاثة عرضة الخيل، وأضاف: إن جائحة كورونا قد عطلت كثيرا من العادات والتقاليد الحسنة فقد لزم الجميع منازلهم وقامت كل عائلة على حدة بما تيسر معها في أيام العيد فانقطع التواصل والزيارات وأحدثت أضرارا جسيمة اجتماعية واقتصادية وبطبيعة الحال كانت الأضرار الافتصادية كبيرة جدا على التجار ومربي الماشية وغيرهم ممن كان يستفيد من هذه التظاهرات في أيام الأعياد حتى أن بعض الناس تأثروا نفسيا بما حدث في تلك الأيام والبعض الآخر دخل في أزمات مالية وما انجلت هذه الغمامة السوداء القاتمة حتى رجع الناس إلى عاداتهم الحسنة وزادت الألفة والمحبة فيما بينهم.