الجبل الأخضر.. "صيدلية مستحضرات طبيعية" يجلبها الأهالي من سفوح الجبال والبساتين والبراري لبيعها في الأسواق
حزمة من الورود والثمار والنباتات والأعشاب والأوراق والأشجار يجلبها أهالي الجبل الأخضر من سفوح الجبال وقممها و بطون الأودية، والسيوح والبراري، وبساتين الجبل في رحلة بحث شاقه في أعماق طبيعة الجبل الأخضر الذي يرتفع قرابه 3 آلاف متر عن سطح البحر، ليستخلصوا منها أصنافا من الأدوية والمستحضرات التي تستخدم في التداوي والتطيب والاغتسال وغيرها من الاستخدامات العديدة للنساء والرجال والأطفال.
وساهم الطقس الاستثنائي في الشتاء والصيف، والبرودة التي تعيشها أجواء الجبل طوال العام، في نمو أصناف متنوعة من النباتات والأعشاب و الأشجار البرية بسفوح وبطون الأودية والجبال، حيث تتميز بفوائد عديدة للإنسان، وقد حافظت هذه الأدوية والمستحضرات على بقائها وإقبال الناس على استخدامها واقتنائها على مدى سنوات طويلة، رغم ظهور مستحضرات حديثة في الأسواق، إذ تفضل العديد من الأسر الاحتفاظ بهذه المستحضرات ضمن (الصيدلية المنزلية)، لاستخدامها عند الضرورة، كما يستخدم بعضها يوميا أو يقدم ترحيبا بالضيوف خاصة عند النساء مثل ماء الورد.
وقد ساهم إقبال الناس على المستحضرات المستخلصة من طبيعة الجبل الأخضر و نباتاته وأشجاره، مواصلة أهالي الجبل البحث عن النباتات والأعشاب الطبيعية و تقطيرها واستخلاص المواد والمستحضرات منها التي يستخدم بعضها كأدوية ومراهم ومستحضرات للتجميل والتطيب، وبعضها يضاف ضمن الوجبات اليومية.
وبالثراء الذي يتمتع به الجبل الأخضر من هذه الأعشاب و النباتات والأشجار، استطاع العديد من الأهالي المختصين بجمع هذه المستحضرات تكوين صيدلية طبيعية من نباتات الجبل وأعشابه ونباتاته البرية التي تنمو بمناطق ولاية الجبل الأخضر بمحافظة الداخلية.
والزائر للجبل الأخضر يلحظ وجود هذه المستحضرات بين منتجات الجبل الأخرى، في الأسواق وأكشاك البيع التي تنتشر على الطرقات، كما ينزل بعض الأهالي بهذه المستحضرات إلى الأسواق بالولايات الأخرى، أو يعقدون تعاونا مع تجار آخرين ومحلات متخصصة لبيع الأعشاب والمستحضرات الطبية و الطبيعية في أسواق سلطنة عمان وخارجها، حيث تشكل هذه الأعشاب مصدر رزق للعديد من الأشخاص الذين يميزون جودة النباتات والأعشاب والأشجار التي تستخلص منها المستحضرات ويتقنون تقطيرها واستخلاص المفيد منها، عبر مهنة متوارثة عبر الأجيال.
(عمان) تواصل اكتشاف مكنونات الجبل الأخضر، وهذه المرة في صيدلية الجبل الأخضر الطبيعية، حيث تسكن رائحة المستحضرات والأعشاب الطبية المجلوبة من أعماق الأودية وقمم الجبال وسفوحها، حيث تتعدد أصناف المستحضرات المستخرجة لعشرات الأنواع، منها الزعتر و زيت السمسم و الزموتا و الياس المقطر و الياس المطحون وزيت السدر العماني والحناء وزيت الخروع وماء الورد وزيت القفص وزيت الشوع وقشرة الرمان وإكليل الجبل و خل العنب، حيث تتنوع مصادر هذه المواد والمستحضرات بين الأشجار والنباتات البرية والثمار التي تزرع في البساتين والمزارع.
ويتم جمع المستحضرات عادة في فصل الشتاء، ويعمل الأهالي على تقطيرها واستخلاص المواد منها منفردة، حسب نوع النبتة واستخدام المستحضر، بعد ذلك توضع في أوان خاصة و تعرض في الأسواق للبيع، حيث تشكل هذه المواد والمستحضرات مصدر رزق لكثير من أهالي الجبل الذين يحاولون تطوير مهنتهم في استخراج المواد والمستحضرات من الطبيعية والاستفادة منها.
وقال الحرفي سرحان بن سيف التوبي من سكان وادي بني حبيب بالجبل الأخضر الذي يمتهن مهنة جمع الأعشاب والنباتات واستخلاص المواد والمستحضرات منها: منذ 19 سنة وأنا أمتهن جمع الأعشاب والنباتات والثمار و تقطيرها واستخلاص المواد منها، مشيرا إلى أن هناك أصنافا وأعشابا وثمارا تضاف إلى الوجبات وتعطي لها طعما ورائحة زكية مثل ماء الورد الذي يضاف إلى الحلوى و القهوة و الشاي و بعض الأكلات، لتعطيها طعما لذيذا ورائحة زكية إضافة إلى فوائده الصحية.
كذلك تحدث التوبي عن الزعتر وقال إن له رائحة فواحة وزكية ويضاف إلى العديد من المشروبات والأطعمة، ويفضله العمانيون في موائدهم ويضيفونه للشاي و بعض المشروبات.
وأضاف التوبي: كل الأصناف التي يتم استخلاصها من أودية الجبل الأخضر وسفوح الجبال وقممها و المزارع والبساتين يستفاد منها بطرق عديدة، وكثير منها يستخدم في التداوي او التجميل او التطيب، والتخلص من بعض الآلام والأمراض وهي مجربة و أثبتت فاعليتها للتداوي وتحسين العديد من الجوانب الصحية.
وأكد سرحان التوبي أن لدى أهالي الجبل حاليا إقبالا للتوجه لطبيعة الجبل واستخراج النباتات والأعشاب والزهور التي يمكن أن يتم استخلاص مواد مفيده لهم التي قد تساهم في أن تكون مصدر رزق لهم.
و قال "نستغل وقت الشتاء للبحث عن النباتات البرية وجني بعض المنتجات من المزارع والبساتين، حيث تستغرق رحلة البحث عن بعض النباتات البرية والأعشاب عدة أيام حيث يقوم الشخص بالتوجه إلى مكان وجود الأعشاب والأشجار المفيدة والعودة قبل غروب الشمس، و يعاود رحلة البحث لعدة أيام، مع تجنب المبيت خارجا".
موضحا أن هناك إقبالا كبيرا من العمانيين أو الخليجيين على شراء هذه المستحضرات، مشيرا إلى أنه يشارك ببعض المنتجات في المعارض والأسواق التي تقام في المناسبات لعرض هذه المنتجات.
ويبقى الجبل الأخضر زاخرا بمنتجات وفيرة سواء في بساتينه ومزارعه أو في براريه وسيوحه وسفوح وقمم جباله، في عطاء وفير من الخيرات رغم صلابة تضاريس الجبل وقساوة طبيعته يظل مصدر رزق للأهالي وصيدلية أدوية ومستحضرات طبيعية.