No Image
عمان الثقافي

الأدب الكمبودي من أنجكور إلى السنة صفر وما بعدها

29 مايو 2024
29 مايو 2024

لقد مرّ ما يقارب خمسين عامًا منذ أنْ زحف الخمير الحمر (الذين كانوا يرتدون ملابس سوداء حينها) إلى بنوم بنه خلال رأس السنة الخميرية الجديدة في أبريل عام 1975م، وأخلوا المدينة؛ بإرسال سكانها سيرًا على الأقدام إلى العمل والمجاعة في معسكرات الريف، وبدأوا [ما أطلقوا عليه]: العام صفر! فألغي الأدب والفن والدين؛ بل غُيرت حتى لغة الخمير نفسها. وإنّ القدرة على القراءة والكتابة، ومعرفة لغة أجنبية؛ وحتى ارتداء النظارات؛ يمكن أنْ تؤدي إلى مقتل من يقوم بها. وخلال فترة حكم النظام -بين عامي 1975 و1979م- قُتل ما يقرب من مليوني شخص (من أصل سبعة ملايين نسمة فقط)؛ بسبب التجويع والإمراض والتعذيب والإعدامات. ووفقًا لأحد التقديرات فقد نجا أقل من واحد بالمائة من المثقفين.

وتشير معظم تلك التقديرات إلى أنّ حوالي عشرة بالمائة من الأدباء نجوا. والأمر نفسه ينطبق على الكتب؛ فمن بين ستمائة من أمناء المكتبات بقي ثلاثة فقط. وخلال فترة الخمير الحمر تعرضت الأديرة البوذية (وهي مستودعات تقليدية راسخة للتعليم والأدب) للنهب والتحويل إلى سجون. واُستخدمت المكتبة الوطنية لتربية الخنازير! وعلى حدّ تعبير الناشط فاناث تشياVannath Chea : «الآداب مثل النساء أولُ ما يتدهور في الفقر والحرب».

إنّ كمبوديا بلد صغير على شكل قلب (بحجم ولاية واشنطن الأمريكية تقريبًا) يقع بين تايلاند ولاوس وفيتنام وخليج تايلاند. وفي شماله الغربي تقع بحيرة تونلي ساب Tonle Sap العظيمة، التي ترتفع على أطرافها معابد أنجكور Angkor الرائعة. ولقد ازدهرت هذه الحضارة ما بين القرنين التاسع والخامس عشر الميلاديين. فكشفت الخرائط الأثرية الحديثة أنّ أنجكور كانت في الواقع أكبر مدينة في العالم بُنيت قبل العصر الصناعي الحديث. وفي عام 1863م أصبحت كمبوديا محمية فرنسية. ومع حصولها على استقلالها عام 1953م؛ لكنها عَلُقت عنْ غير قصد في الحرب الأمريكية في فيتنام. فقصفت الولايات المتحدة كمبوديا بشدة في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين، قبل أنْ يستولي الخمير الحمر على السلطة عام 1975م.

وبينما تشتهر كمبوديا بـحقول الموت التابعة للخمير الحمر ومعابد أنجكور؛ إلا أنّها لم تحقق شهرة كبيرة بكتّابها. على الرغم من أنّ كمبوديا تمتلك أدبًا غنيًا (شفهيًا ومكتوبًا)، وكان لديها مجتمع مزدهر من الكتّاب قبل الحرب. والتي نادرًا ما تُترجم إلى الإنجليزية؛ [وكذلك –بغير شكّ-إلى العربية].

إنّ أقدم الكتابات المحفوظة في كمبوديا هي نقوش حجرية باللغة السنسكريتية، ويعود تاريخها إلى القرن الخامس الميلادي. ونحن محظوظون لأنّ لدينا ترجمة لأحد هذه النقوش، الذي ألفته الملكة إندراديفي Indradevi في ذروة عصر أنجكور، التي احتُفي بها باعتبارها واحدة من أولى الشاعرات المعروفات في كمبوديا. ولقد نُحِتت قصيدتها (حوالي1190-1200م) على شاهدة فيميناكاس العظيمة Great Stele of Phimeanakas ، وأحيا كلماتها المترجم ترينت ووكر Trent Walker، الذي أنشدها بأسلوب الخمير.

وبحلول القرن الرابع عشر الميلادي حلّت لغة الخمير محل اللغة السنسكريتية كلغة رسمية، إنّ شعر الخمير الكلاسيكي يمثل الوحدة الميتافيزيقية بين البراهمية الهندية وأساطير الخلق التقليدية لدى الخمير في كمبوديا، فهو يجمع بين المفردات (متعددة المقاطع من لغة بالي Pali والسنسكريتية) بالمفردات المحلية أحادية المقطع والمتجانسة[من الجناس الشعري] للغاية والمُصوَتة onomatopoeic[من المحاكاة الصوتية] إلى حد كبير. إنّ شعر الخمير الكلاسيكي يتكون من حوالي خمسين شكلًا، ويوظف أوزانًا مركبة ومخططات قافية معقدة.

وإنّ إنشاد الملاحم (المؤلفة من آلاف المقاطع الشعرية) يمكن أنْ يستغرق أيامًا. ولقد حُفظت هذه الكلاسيكيات بين القرنين الرابع عشر والتاسع عشر الميلاديين. والقصيدة الملحمية الأكثر شهرة في كمبوديا هي: الريمكر Reamker. إنّها النسخة الكمبودية من الرامايانا الهندية. ولقد أُنشدت وتُليت وغُنيت ورُقص على أنغامها بأشكال مختلفة لعدّة قرون. وتشمل القصائد الملحمية الأخرى: قصة أنجكور وات (التي تحتفي بمعابد أنجكور)، وحكايات جاتاكا Jataka tales (وهي قصص الحياة السابقة لبوذا)، وقصة الحب المأساوية المسماة توم تيف Tum Teav المؤلفة في القرن السابع عشر (التي تُعدّ في كمبوديا كمسرحية روميو وجولييت). وستصبح حكاية العشاق المنفصلين الكلاسيكية (توم تيف) موضوعًا للعديد من روايات كمبوديا الحديثة اللاحقة.

لقد بدأ الأدب الكمبودي الحديث في الظهور في أوائل القرن التاسع عشر. فكان الشاعر والباحث الخميري أوكنا سوتانتابريجا إند Ukñā Suttantaprījā Ind (1859–1924) شخصية محورية فيه. فتصف قصيدته «رحلة إلى أنجكور وات» أسفاره لحضور وصول الملك سيسواث Sisowath إلى معابد أنجكور عام 1909م. وتمثل هذه القصيدة فترة انتقالية في الأدب الكمبودي؛ بين التقليدية والحداثة. وربما اكتشفت بعد وفاة إند وبتوجيه من الملك. ونشر المعهد البوذي الطبعة الأولى منها. وفيها يصبح سرد الشاعر لرحلة النهر تأملًا في الحياة والرغبة وعدم الثبات.

لقد أصبح المعهد البوذي (الذي أصدر كتاب جاتيلوك Gatilok [مجموعة من 112 حكاية شعبية باللغة الخميرية] الشهير وغيره من المؤلفات الأدبية لأوكنا سوتانتابريجا إند) أولَ ناشر في البلاد في أوائل القرن العشرين. وعلى الرغم من أنّ الصحف والمجلات باللغة الخميرية ظهرت لأول مرة في عشرينيات القرن العشرين؛ لكن أول صحيفة يملكها ويديرها الخمير ناجارافاتا Naggaravatta(أنجكور وات) لم تظهر حتى عام 1937م. وكما ظهرت أول رواية خميرية حديثة في ثلاثينيات القرن العشرين. واُخترع مصطلح خميري جديد للرواية: برالوملوك pralomlok؛ والذي يعني قصة مكتوبة لإغواء قلوب البشر. وظهرت العديد من هذه الأعمال المبكرة مصورة عشاقًا مشؤومين، واحتوت كذلك على نقد أخلاقي واجتماعي. وكما كان شائعًا في تلك الحقبة في جنوب شرق آسيا (وبالنسبة لكتّاب في أوروبا مثل ديكنز وتولستوي ففي وقت سابق) نُشِرت معظم الروايات لأول مرة في الصحف أو المجلات مجزأة مسلسلة. ومن بين الروايات المبكرة التي لا تزال تُقرأ حتى اليوم: مياه تونلي ساب The Waters of Tonle Sap لكيم هاك Kim Hak، وحكاية سوفات The Tale of Sophat لريم كيم Rim Kim، ووردة بايلين The Rose of Pailin لنهوك ثيم Nhok Them، والزهرة الذابلة Wilted Flower لنو هات Nou Hach . وأصبح الأدب بها مرتبطا بالهوية الوطنية؛ كما جاء في مجلة كامبوجا سوريا Kambuja Surya» إذا اختفت كتابته؛ اختفت الأمة».

وبعد استقلال كمبوديا -في منتصف القرن العشرين- توسعت معرفة القراءة والكتابة والتعليم والنشر. فأصبح تأليف الأغاني شكلاً أدبيا. لقد كان ذلك بمثابة ذروة موسيقى الروك أند رول الكمبودية (الصوت الذهبي لسين سيساموث Sinn Sisamouth) والمجتمع النابض بالحياة والمتطور من الكتّاب والمثقفين الذين يتقنون اللغتين الخميرية والفرنسية، والذين كانوا يوجدون أدبًا خميريًا جديدًا ووعيًا وطنيًا. مع كل ما سبق كانت هذه الجماعة الأدبية مهددة –أيضًا- بالرقابة والإخفاء [القسري] والاغتيالات وإغلاق المطبوعات والحرب التي امتدت إليهم من فيتنام المجاورة. وبعد انقلاب عام 1970م (الذي أطاح بالأمير سيهانوك) نشبت حرب أهلية بين جمهورية الخمير والخمير الحمر.

لقد كتب خام بون كيمني Kham Pun Kimny عن الحياة الحضرية والسياسية بأسلوب سريالي وساخر خلال هذا الوقت المضطرب. وكان من أوائل الكتاب الذين عينهم سوث بولين Soth Polin في جريدته نوكور توم .Nokor Thom إنّ نص»مجنون التجوال» Crazy for Wandering يأتي ضمن مجموعة كيمني المعنونة بـ تحكم في نفسك: لا تبكي، لا تضحك - فلسفات الغريب والسخيف Control Yourself: Don’t Cry, Don’t Laugh—Philosophies of the Strange and Absurd. ولم يمض وقت طويل على نشر الكتاب حتى اختفى مؤلفه.

وفي 17 أبريل 1975م –أي بعد أقل من أربعة عقود من نشر أول رواية في كمبوديا- انتهى ازدهار الأدب والمعرفة فيها فجأة مع سيطرة الخمير الحمر. بل إنّ الكتابة ذات الطابع الشخصي كانت محظورة تمامَا. والتجرؤ على الكتابة مخاطرة بحياة المرء. وتعدُّ مذكرات أوم سوفاني Oum Sophany واحدة من الروايات الشخصية القليلة المعروفة بأنّها كُتبت عندما كان الخمير الحمر في السلطة. وتحكي مقالة لورا جين مكاي Laura Jean McKay «الحارس» The Keeper قصة أوم سوفاني وتقتبس فقرات من مذكراتها الرائعة.

وفي 7 يناير 1979م أطاحت القوات الكمبودية المدعومة من فيتنام المجاورة بالخمير الحمر. فوجدت مجموعة قليلة من الفنانين والكتّاب (الذين نجوا) أنفسَهم في بلد محطم. فلقد دُمرت البنية التحتية للبلاد، وزرعت الألغام والذخائر غير المنفجرة في الأرض. وكان الفقر والأمية منتشران على نطاق واسع. بالإضافة إلى ذلك واجه الكتّاب الرقابة، وسنوات من فقدان التعليم، وقلّة المطابع؛ فكان من الصعب الحصول على قطع الغيار والحبر وحتى الورق.

وبالنظر إلى كل هذا فمن المدهش أنْ يجرؤ أيّ شخص على الكتابة مطلقًا. لكن هناك من فعل؛ ومنهم أوم سوفاني [السابق ذكرها]. فبمجرد انتهاء نظام الخمير الحمر، بدأ أدب جديد [في كمبوديا] بالظهور؛ فكانت الروايات تكتب بخط اليد، وغالبًا بقلم الرصاص، وعلى ورق رخيص مسطر برسوم بيانية من دفاتر ملاحظات الطلاب، ثم تُصور أو يُعاد نسخها يدويًا بالأجرة اليومية في أكشاك السوق. كما نُشر العديد من المذكرات على مر العقود، داخل كمبوديا وخارجها.

أما بالنسبة للجيل السابق من الكتّاب؛ فنحن محظوظون بأنّ لدينا أعمال ثلاثة نجوا من الحرب وما زالوا يكتبون: يو سام أور U Sam Oeur، وكونغ بانتشهون Kong Bunchheoun ، وسوث بولين.

فيو سام أور قد تغنى بقصائد كثيرة عندما كان طفلًا خلال رعيه جاموس الماء. وحصُل على درجة الماجستير في الفنون الجميلة من ورشة كتاب آيوا Iowa Writers’ Workshopفي عام 1968م. وبعد ذلك عاد إلى كمبوديا. لقد نجا من سنوات الخمير الحمر من خلال التظاهر بالأمية؛ وفي بعض الأحيان بأنّه أصمّ وأبّكم. فيقول في نصه «لم أستطع التحدث»:

على الرغم من أنّ الناس قد سألوا:

هل أنت أصمّ؟

هل أنت أبكم؟

لقد هززّت رأسي دائمًا.

لم تكن هناك كلمات.

فقط أعمل وأعمل.

ممنوع التكلم.

لا تنظر إلى أحد.

لا تنظر حتى إلى السماء؛ فليس هناك شيء.

ومن جانب آخر، قام بترجمة ديوان أوراق العشب لوالت ويتمان إلى اللغة الخميرية. وهو من أوائل الشعراء الكمبوديين الذين كتبوا الشعر الحر. فلقد كان يعتقد أنّ هذا الانفصال عنْ الهياكل الصارمة للشعر الخميري الكلاسيكي كان ضروريًا للتعبير عن أحزان الحرب. ومع ذلك لا يزال ينشد شعره بأسلوب الخمير التقليدي. ويظهر ذلك وهو يترنم مع فنان الراب براتش لي Prach Ly في تعاون فني فريد. وتستذكر مقطوعته النثرية «دودة القز» فترة شبابه عندما ساعد والدته في تربية دودة القز أثناء الاحتلال الياباني لكمبوديا من عام 1942 إلى عام 1943م.

أما كونج بانتشون المولود في مقاطعة باتامبانج (Battambang) فقد بدأ مسيرته الطويلة في الكتابة كروائي وكاتب مسرحي وشاعر ومؤلف أغان في الخمسينيات من القرن الماضي في بنوم بنه. ولقد نجا من الإعدام خلال فترة الخمير الحمر بفضل كادر منهم قرأوا رواياته وشهدوا على «إحساسه العميق بالعدالة الاجتماعية». ولا يزال أحد أكثر الكتّاب إنتاجًا في كمبوديا. إنّ «ظل شجرة جوز الهند العاشرة» The Shade of the Tenth Coconut Tree من بين العديد من الأغاني التي كتبها لشين سيساماوث في السبعينيات والمستوحاة من نهر سانجكاي Sangkae.

إنّ النصوص الشفهية التراثية الكمبودية (الشعر ورواية القصص) تُؤدى اليوم من قبل فنانين تقليديين مثل سيد موسيقى البلوز الارتجالي كونج ناي Kong Nay (المعروف باسم راي تشارلز Ray Charles كمبوديا). وكذلك من جيل أصغر من فناني الراب؛ من بينهم براتش لي[المذكور أعلاه]. ولقد أطلقت عليه نيوزويك لقب «نجم الراب الأول في كمبوديا». ولد براتش لي في مخيمات اللاجئين الكمبوديين في نهاية الحرب. وفي عدّة مقطوعات موسيقية تعاون مع المعلم كونج ناي والشاعر يو سام أور.

وأخيرًا؛ فإنّ سوث بولين قد تعلم القراءة والكتابة من جده الأكبر الشاعر نو كان Nou Kan ، وبدأ في كتابة الروايات والقصص القصيرة والحكايات الفلسفية في الستينيات. ولقد نجا من الخمير الحمر؛ بفراره إلى باريس بحثًا عن ملجأ بعد اغتيال صديق له في عام 1974م. وعاش في فرنسا لمدة عشر سنوات قبل أنْ يذهب إلى الولايات المتحدة. فقال: «عندما تفقد وطنك، فإنك تفقد كل شيء». وأضاف: «إذا كنت كاتبًا، فلن يطول الوقت حتى يصلك صدى قرائك.» وفي فرنسا اعتاش من خلال قيادة سيارة أجرة. وقد نشر رواية واحدة باللغة الفرنسية هي: الفوضوي The Anarchist .

إنّ الدمار الذي خلفته فترة الخمير الحمر لا يزال يؤثر على الكتّاب اليوم. ولا يزال يتعين على الكتّاب أنْ يتعاملوا مع ارتفاع معدلات الأمية، ونقص توافر الكتب، ونقص الموجهين، وندرة الناشرين، وغياب شبكة مركزية لتوزيع المنشورات. لذ تحول البعض إلى النشر عبر الإنترنت. فينشر العديد منهم أعمالهم بأنفسهم، من خلال النسخ المصورة أو على الفيسبوك والمدونات. ويقوم آخرون بكتابة نصوص فيديو وكلمات أغاني. وتقدم الجوائز الأدبية التي ترعاها الحكومة والمنظمات غير الحكومية بعض الدعم. فينشر مشروع نو هاش الأدبي Nou Hach Literary Project مجلة نو هاش الأدبية، ويقدم جوائز أدبية، ويعقد ورش عمل ومؤتمرات في مجال الكتابة الإبداعية. كما يدعم قلم كمبوديا PEN Cambodia الكتاّب من خلال ورش العمل والنشر.

ويلعب مركز دراسات الخمير دورًا أساسيًا في دراسات الخمير. وقام مركز التوثيق الكمبودي DC-Cam تحت إشراف يوك تشانج Youk Chhang بجمع مئات الآلاف من الوثائق والصور والأفلام والمقابلات، فضلًا عن نشر العديد من الكتب؛ بما في ذلك ترجمات الأدب العالمي إلى اللغة الخميرية، وتوم تيف الشهيرة إلى اللغة الإنجليزية.

وبالإضافة إلى ذلك فإنّ عددًا متزايدًا من صانعي الأفلام الكمبوديين [حققوا نجاحات] فتركوا بصمتهم؛ وفي مقدمتهم ريثي بانه Rithy Panh الحائز على عدّة جوائز، والذي ساعد في إنشاء مركز بوفانا في بنوم بنه، الذي يحافظ على تاريخ الأفلام والصور الفوتوغرافية والصوتية في كمبوديا. وسُمي المركز باسم فيلم ريثي بانه بوفانا (التراجيديا الكمبودية) الذي يحكي قصة رسائل الحب المحرمة لهوت بوفانا ولي سيثا Hout Bophana and Ly Sitha ، ويقوم المركز -أيضًا- بتدريب صانعي الأفلام الكمبوديين، الذين فاز الكثير منهم بجوائز؛ بفضل ذلك التدريب.

ليس مبالغة تقدير صمود الكتاب الكمبوديين (في الماضي والحاضر)؛ فإنّ فقدان الأسرة والأصدقاء والموجهين والتعليم والبلد والمنزل؛ بل وحتى الورق والمطابع والحبر لم يمنع كل ذلك الكمبوديين من اتباع النداء الداخلي للكتابة: الخادع والمغري والمتطلب. ويقول سوث بولين: «آمل أنْ يستمر أدبنا. بل أعتقد أنّه سيبقى على قيد الحياة؛ فسيكون هناك جيل آخر من الكتّاب. لكن في الوقت الحالي فما فقدناه لا يوصف: خون سرون Khun Srun ، وهاك تشاي هوك Hak Chhay Hok ، وتشو ثاني Chou Thani ، وكيم سات Kem Sat ...إلخ؛ لقد ذهبوا. إنّ ما فقدناه لا يمكن إعادة بنائه. لقد انتهى عصر. لذلك عندما يكون لدينا أدب مرة أخرى؛ سيكون أدبًا جديدًا».

شارون ماي كاتبة ومصورة، أجرت أبحاثًا حول نظام الخمير الحمر لمركز جامعة كولومبيا لدراسة حقوق الإنسان، وشاركت في تحرير كتاب في ظل أنغكور: الكتابة المعاصرة من كمبوديا (مانوا، 2004).