1214024
1214024
روضة الصائم

رسائل الرسول إلى الملوك والزعماء - «باذان.. باليمن» رسالة شفوية.. تبلغه بقتل كسرى على يد ابنه شيرويه

08 مايو 2019
08 مايو 2019

إعـــــــداد: مـــــــيرفت عزت -

يذكر الشيخ عبدالله بن محمد بن حديدة الأنصاري في كتاب» المصباح المضيء في كتاب النبي الأمي صلى الله عليه وسلم ورسله إلى ملوك الأرض»، باذان بن ساسان جرون، آخر حاكم فارسي في اليمن، عين حاكماً على عدن وصنعاء وضواحيها وقسم من جنوب شبه الجزيرة العربية، وكانت قيادة الأبناء أو أبناء الأحرار أيضا في عهدته. اعتنق باذان الإسلام بعد رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم الشفوية إليه، وقد عينه الرسول صلى الله عليه وسلم والياً على تلك المنطقة، وفيها أمضى بقية عمره، وقد قام باذان بنفسه بالسفر إلى أماكن مختلفة لنشر الدين الإسلامي، وبالقرب من الساحل الفارسي مرض وتوفي هناك ودفن، ويعده معظم المؤرخين من جملة الصحابة.

أما أبرويز بن هرمز، وهو الذي كتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم،فهو الذي رأى رؤيا في المنام، فقيل له: سلم ما في يديك إلى صاحب الهراوة، فلم يزل مذعوراً من ذلك حتى كتب إليه النعمان بظهور النبي صلى الله عليه وسلم بتهامة، فعلم أن الأمر سيصير إليه حتى كان من أمره ما كان، وهو الذي سئل عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما حجة الله على كسرى؟ فقال: إن الله تعالى أرسل إليه ملكاً، فسلك يده في جدار مجلسة ، حتى أخرجها إليه تتلألأ نوراً، فارتاع كسرى، فقال له الملك: لم ترع يا كسرى؟ إن الله عز وجل قد بعث رسوله فاسلم تسلم، فقال: سأنظر. ذكره الطبري .

يضيف، وعندما بعث الرسول صلى الله عليه وسلم برسالته إلى كسرى ملك الفرس يدعوه إلى الإسلام مع عبد الله بن خذافة، قام كسرى بتمزيق الرسالة، ثم كتب إلى باذان عامله على اليمن قال له: أبعث إلى هذا الرجل الذي بالحجاز رجلين من عندك جلدين، فليأتياني به، فاختار باذان رجلين ممن عنده أحدهما قهرمانة (بانويه) وكان كاتباً حاسبا، وآخر يقال له (خرخرة)، وبعثهما بكتاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمره أن ينصرف معهما إلى كسرى، وقال لبانوية: اختبر الرجل وعرفني بأمره، فلما قدما المدينة، وقابلا النبي صلى الله عليه وسلم قال أحدهما: إنه (شاهنشاه)- أي ملك الملوك- كسرى ، قد كتب إلى الملك باذان نائبه على اليمن ، يأمره أن يبعث إليك من يأتيه بك، وقد بعثنا إليك لتنطلق معنا، فإن فعلت كتب إلى (شاهنشاه) يمنعك ويكفه عنك، وإن أبيت فهو قد علمت فإنه مهلكك وقومك ومخرب بلادك.

لم يأبه النبي صلى الله عليه وسلم لهذا التهديد،وإنما نظر إليهما فوجدهما قد حلقا لحيتهما وأعفيا شاربيهما فقال: من أمركما بهذا؟ فقالا:ربنا- يقصدان كسرى- فقال: لكن ربى أمرني بإعفاء اللحية وقص الشارب. ثم أمرهما أن يأتياه غداً. وفي ذلك الوقت كانت الحروب قائمة على قدم وساق بين الفرس والروم، فهزم كسرى، ولاقت جنوده هزيمة منكرة أمام جنود قيصر، فتمرد الجيش على كسرى، وقامت ثورة كبيرة ضده في تلك الليلة من داخل بيته، فقد قتله ابنه شيرويه، واستولى على الملك. وكان ذلك في ليلة الثلاثاء لعشر ليال مضين من جمادى الأولى، سنة سبع للهجرة، ونزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك.

«رسالة شفوية إلى باذان»

فلما أتياه أخبرهما الخبر، وقال لهما:«أبلغا صاحبكما «باذان» أن ربي قتل كسرى في هذه الليلة، وأن الله سلط عليه ابنه شيرويه فقتله»

فقالا: هل تدري ما تقول؟! إنا قد نقمنا عليك ما أيسر من هذا، أفنكتب هذا عنك، ونخبر به الملك؟ قال:رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعم.. أخبرا باذان بذلك وبما هو أكثر من ذلك، أخبراه أن ديني وسلطاني سيبلغ ما بلغ كسرى، وينتهي إلى منتهى الخف والحافر، وقولا له: إن أسلمت أعطيتك ما تحت يدك، وملكتك على قومك من الأبناء».

ثم أعطاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم منطقة فيها ذهب وفضة كان أهداها له بعض الملوك، فخرجا من عنده حتى قدما على باذان بصنعاء، فأخبراه الخبر فقال والله ما هذا كلام ملك، وإني لأراه نبياً، ولننظر، فإن كان ما قال حقا، فإنه لنبي مرسل، ولن يسبقني أحد من الملوك إلى الإيمان به،وإن لم يكن،فسنرى فيه رأينا. وبعد قليل وصله كتاب شيرويه بن كسرى يقول فيه: أما بعد ، فإني قد قتلت كسرى، ولم أقتله إلا غضباً لفارس، لما كان قد استحل دم من قتل من أشرافهم ونحرهم في ثغورهم،فإن جاءك كتابي هذا، فخذ لي الطاعة ممن قبلك، وانطلق إلى هذا الرجل الذي كتب فيه أبى إليك، فلا تهجه حتى يأتيك أمرى فيه. فلما تسلم باذان رسالة شيرويه قال: إن هذا الرجل رسول.

فأسلم وأسلم معه الأبناء من فارس ومن كان منهم باليمن، وبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامه وإسلام من معه. فرضي رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم وأقرهم.

ثم جاء سابور بن أبرويز أخو شيرويه، وقد ملك نحواً من شهرين في مدة النبي صلى الله عليه وسلم، وملك أخوه شيرويه نحواً من ستة أشهر، ثم ملك بوران أختهما فملكت سنة وهلكت وتشتت أمرهم كل الشتات، ثم اجتمعوا على يزدجرد بن شهريار بن أبرويز، وهو آخر ملوك الفرس، وكان المسلمون قد غلبوا على أطراف أرضهم، ثم كانت حروب القادسية معهم إلى إن قهرهم الإسلام، واستؤصل أمرهم، فلم تبق لهم رئاسة في جميع أقطار الدنيا، وكانت مملكة فارس أسرع إلى الزوال بكثير من مملكة الروم، فمزقه الله ومزق ملكه كل ممزق بدعوة النبي صلى الله صلى الله عليه وسلم.