"تغريبة القافر" لـزهران القاسمي تفوز بالجائزة العالمية للرواية العربية "البوكر" 2023
فاز الروائي العماني زهران القاسمي بالجائزة العالمية للرواية العربية "البوكر" في نسختها السادسة عشرة عن روايته "تغريبة القافر" كأول عُماني يفوز بالجائزة، في حفل أقيم مساء أمس في العاصمة الإماراتية أبوظبي، حضره المرشحون في القائمة القصيرة التي أعلنت منذ أشهر.
وقال القاسمي بعد الإعلان عنه فائزا: "سعيد جدا بهذا الفوز، لم أكن أتوقعه لذلك لا أعرف ماذا أقول. روايات القائمة القصيرة لأصدقائي وزملائي قوية ومنافسة، وإن كنت فائزا اليوم، فأنا أشاركهم هذا الفوز. وحملت رواية "تغريبة القافر" كما يصفها كاتبها سؤال هل يتحول الماء سواء بانقطاعه أو وفرته إلى أداة قاتلة؟. وتتناول الرواية وتسلط الضوء على الإنسان الذي يعيش في المناطق الصحراوية أو الجافة التي يتغذى سكانها على المياه الجوفية عبر شق القنوات، وتناقش الرواية علاقة الإنسان بالماء، وإهدار الموارد وقت توفرها والبحث عنها وقت شحها، فماذا لو تحول هذا الماء إلى أداة قاتلة؟
و"تغريبة القافر" كما أورد عنها موقع الجائزة رواية مائية تُعيد للراوي وظيفته الأولى وهي ريّ الناس وإشباع ظمئهم. تدور أحداث الرواية في إحدى القرى العُمانية وتحكي قصة أحد مقتفي أثر الماء، تستعين به القرى في بحثها عن منابع المياه الجوفية. تكون حياة القافر منذ ولادته مرتبطة بالماء، فأمّه ماتت غرقاً، ووالده طُمر تحت قناة أحد الأفلاج حيث انهار عليه السقف، ينتهي سجيناً في قناة أحد الأفلاج ليبقى هناك يقاوم للبقاء حياً. تعمل الرواية من منطقة جديدة في السرد، هي ذاكرة الأفلاج، والأفلاج نظام فلاحي لريّ البساتين، مرتبط بالحياة القروية في عُمان ارتباطاً وثيقاً دارت حولها الحكايات والأساطير.
ووصلت إلى القائمة القصيرة للجائزة في هذه الدورة إلى جانب الرواية الفائزة، رواية "حجر السعادة" لأزهر جرجيس من العراق والتي حملت مؤشرا لظاهرة يعاني منها المجتمع العراقي بشكل خاص والعربي بشكل عام وهي التنمر حيث البطل ظاهرة وأحد الضحايا،ومن ليبيا "كونشيرتو إدواردو قورينو" لنجوى بن شتوان وهي رواية تحكي قصة فتاة ليبية ونشأتها في ليبيا، وتأثير السياسة والحرب على حياتها وأسرتها. تنتمي البطلة إلى عائلة من أصول يونانية وهم أقلية عرقية ليبية لديهم ثقافتهم الخاصة والمتميزة داخل المجتمع الليبي متعدد الأعراق. ومن الجزائر "منا قيامة شتات الصحراء" للصديق حاج أحمد وهي رواية تقدم وجبة معرفية دسمة عن الصحراء، بثيمة جفاف 1973 شمال مالي وهو حدث غير مسار الصحراء الكبرى ووجد البدو أنفسهم فيه أمام هجرة قسرية إلى دول الجوار حيث ينطلق البطل من شمال مالي إلى اللجوء في جنوب الجزائر، ومن مصر "أيام الشمس المشرقة" لميرال الطحاوي ويدور العمل حول بلدة متخيلة صغيرة وحدودية في منطقة يعبر منها المهاجرون والمتسللون والعابرون بصوت الراوي العليم، وهي رواية أقرب إلى التسجيلية وتدور حول فكرة الوجود الإنساني نفسه والنزوح ومحاولة التأقلم مع وطن جديد. ، ومن السعودية "الأفق الأعلى" لفاطمة عبد الحميد التي تروي قصة سليمان على لسان ملك الموت الذي يراقب من الأعلى ويصف الأفعال ويسخر منها .
وترشحت لدورة الجائزة لهذا العام 124 رواية من 19 بلدا اختيرت منها 16 لقائمة الطويلة و 6 روايات لقائمة القصيرة، ويحصل كل مرشح عن القائمة القصيرة على 10 آلاف دولار أمريكي فيما يحصل الفائز على 50 ألف دولار إضافية إلى جانب تمويل ترجمة الرواية الفائزة، إلا أن نتائج هذه الدورة من الجائزة لم تنج هذه المرة أيضا من تسريبات حول الرواية الفائزة.
وضمت لجنة تحكيم جائزة البوكر 2023 الشاعر المغربي محمد الأشعري رئيسا، الدكتورة ريم بسيوني روائية مصرية؛ وتيتز روك أستاذا جامعيا ومترجما سويديا؛ وعزيزة الطائي كاتبة وأكاديمية عُمانية؛ وفضيلة الفاروق روائية وباحثة وصحفية جزائرية، وياسين عدنان عضو مجلس الأمناء، وفلور مونتانارو مُنسقة الجائزة.
وأشار بيان لجنة التحكيم إلى أن البارز في الأعمال المشاركة في هذه الدورة التصاق تجاربها بآلام جغرافيتها وإنصاتها إلى أصوات التاريخي واليومي والسياسي، عبر فكر متجدد في قضايا اللغة والسرد وتقنيات الكتابة، كما عكست تعدد العالم العربي وثراءه وما يختلف فيه وما يشترك فيه ذاكرة وتاريخا وخصائص ثقافية واجتماعية عكست تطلعات هذه الجغرافيا ورسخت قيم الحرية والتقدم.
ولفت محمد الأشعري رئيس لجنة التحكيم إلى أن روايات القائمة القصيرة جسدت هذا الحضور الأدبي القوي سواء على مستوى الكتابة أو القضايا المرتبطة بها كالطبيعة والعلاقات الاجتماعية والتحولات السياسية وذاكرة الأمكنة، والتي تدل على أن الكتابة العربية اليوم مسكونة بأسئلة الحاضر وقلق المستقبل ومهتمة بخصوصيتها كإبداع أدبي.
