صحيفة «عمان» .. بدايات الصدور محطات وسنوات لا تنسى
في عمر الإنسان لحظات مفصلية، ترسم له مسار حياته وتحدد خطواته المقبلة، وبعد تعب العمر تأتي الذكريات، فتمر سريعًا وقد نال منها التعب والإنهاك، وبعد ما أخذت من العمر أجمله، ولكنها، أي الذكريات، تبقى الذخيرة وخزينة التجارب والأحداث.
وكما يشد الإنسان الحنين إلى مرابع الطفولة والصبا، بحلوها ومرها، ويعود فيها إلى سنوات النشأة والتكوين، فإن شريط العمر لا بد أن يتوقف عند مفاصل أساسية في الحياة، تؤثر فيه وفي من حوله، تشكل محيطه ومحيط غيره وبقدر تأثيرها تكون إحدى محطات العمر الأساسية، وبالنسبة لي فإن المحطة العمانية كانت محطة رئيسية أثرت على حياتي المهنية والشخصية.
وحتى أصل إلى المحطة العمانية في حياتي، مرت أحداث جسام، فكانت أحداث ستينيات القرن الماضي حافلة بأحداث عاصفة أثرت على كل الأقطار العربية، وليس المجال هنا للحديث عن تفاصيلها وتأثيرها العميق على التاريخ العربي الحديث وعلى المجتمعات العربية، خاصة تلك الأقطار القريبة من الأحداث، ولكن أردت أن أعرج إليها لكي أصل إلى العقد السابع من القرن الماضي، فهو المنطلق لما أريد الحديث عنه.
المحطة العمانية: نهضة حديثة
وكان من أهم أحداث السبعينيات، انطلاقة نهضة عمان الحديثة في الثالث والعشرين من يوليو عام 1970، عندما تولى السلطان قابوس -طيب الله ثراه-، مقاليد الحكم، وحتى يكون الكلام موضوعيًا عن هذه المحطة المهمة في حياتي، التي استمرت ثماني سنوات، لا بد من العودة إلى البدايات التي عايشتها عند وصولي إلى مسقط في أكتوبر عام 1972، فكان من الواضح أن البلاد على أبواب تغيير جذري، فما كان موجودًا من عمان البنية الأساسية بسيط ومتواضع، فلا شوارع معبدة ولا مدارس ولا مستشفيات ولا مطارًا حديثًا...، هكذا، فكان التغيير، كان يجب أن يكون شاملًا وبأسرع وقت ممكن.
بدأت الصورة بالتغيير يومًا بعد يوم، وبقيادة السلطان ورؤيته وإرادته ومتابعته الحثيثة لكل تفاصيل النهضة الشاملة، واستجابة المواطن العماني وبإصرار وبعزيمة القيادة والمواطنين حققت عُمان قفزات هائلة في التنمية الشاملة خلال سنوات قليلة، وما زلت أذكر -أنا شاهد عيان- مقولة السلطان (الراحل) الشهيرة التي أطلقها منذ بداية النهضة العمانية: (سنعلم أبناءنا حتى تحت ظل شجرة)، وهكذا كان، حتى أن زوجتي كانت تدرس الطالبات في خيمة بإحدى مدارس العاصمة.
وقد سنحت لي الفرصة أن أعود إلى سلطنة عمان في منتصف الثمانينيات في مهمة صحفية، فلم أفاجأ بحجم الإنجاز والتقدم الذي حصل، فأنا أعرف البدايات وأعرف أنها ستثمر إنجازًا عظيمًا ليس في العاصمة والمدن الكبرى بل لتشمل كل ولايات سلطنة عمان.
صحيفة عمان .. بدايات الصدور
قبل الحديث عن بدايات عملي في عمان، سأتحدث عن بدايات عملي المهني في المؤسسة الصحفية الأردنية -وكانت مؤسسة حكومية تتبع وزارة الإعلام- حين بدأ العمل بها لإصدار صحيفة يومية «الرأي» وقد واكبت في عملي بالمؤسسة الصحفية وبعد تخرجي من الجامعة كل مراحل الإعداد لصدور الصحيفة مهنيًا وفنيًا وإداريًا، وكان المرحوم بإذن الله الأستاذ أمين أبو الشعر مديرًا عامًا للمطبوعات والنشر وكلف بالإشراف على المؤسسة ثم عين مديرًا عامًا ورئيسًا لتحريرها.
لم تكن مهمة إصدار الصحف اليومية في تلك الأيام مهمة سهلة ولذلك تعثر صدور الصحيفة لعدة مرات، بسب نقص الكفاءات البشرية وضعف الإمكانات الفنية والإدارية والمتخصصة بالصحف اليومية، وبقى الحال كذلك شهورا طويلة إلى أن تولى إدارة التحرير المرحوم بإذن الله الأستاذ محمود زين العابدين وهو أستاذ أجيال من الصحفيين في لبنان والأردن والكويت وأنا وعدد من الصحفيين الأردنيين ندين له بالفضل رغم قسوته وشدته وإجبارنا على العمل ليلًا ونهارًا وحتى ساعات الفجر، دون عطلة أو إجازة حتى ليوم واحد على مدى سنتين متتاليتين، انطلاقًا من مبدأ رسخه فينا بأن مهنة الصحافة لا يمكن أن تعطيك إذا لم تعطها كل جهدك وطاقتك وبانقطاع تام للمهنة.
وإلى جانب هذا المعلم العملاق، تدربت على أيدي أساتذة كبار في وكالة الأنباء الأردنية وتعلمت منهم الكثير، وأنا ما زلت أدين لهم أو لذكراهم بالفضل.
ومنذ صدور «الرأي» حتى انتدابي إلى سلطنة عُمان، تدرجت في العمل الصحفي من مندوب صحفي إلى محرر ثم توليت مسؤولية سكرتير تحرير للشؤون المحلية في الصحيفة عندما غادرت إلى مسقط ضمن فريق من الصحفيين والفنيين لإصدار صحيفة «$» أسبوعيًا في العيد الوطني العماني الثاني عام ألف وتسعمائة واثنين وسبعين.
المهمة المستحيلة
وصل الفريق إلى مسقط في النصف الثاني من شهر أكتوبر عام 1972، وضم الفريق ثلاثة من المحررين و9 من الفنيين. كنت أنا والزميل محمد ناجي العمايرة مسؤولين عن إعداد المادة الصحفية وترتيب وتبويب الصفحات والإشراف على العمل الفني والتحريري بكامل مراحله، بينما تولى الفريق الفني إعادة تركيب ماكنات الطباعة وإعدادها للطباعة، وكانت المفاجأة أنه علينا إصدار الصحيفة في العيد الوطني الثاني لسلطنة عمان أي في الثامن عشر من نوفمبر 1972، وقد بدت هذه المهمة مستحيلة، فقطع الماكنات محفوظة في صناديق خشبية خارج المبنى، والمبنى غير مؤثث أو غير مجهز بمستلزمات العمل التحريري والفني، وحاولنا جهدنا أن نؤجل موعد الإصدار، فالمهمة بهذا التوقيت بدت مستحيلة، ولكن القرار قد اتخذ أن يوزع العدد الأول من صحيفة «عمان» في اليوم الأول من احتفالات العيد الوطني.
مفاجأة غير سارة
أما المفاجأة الثانية المحبطة، وبعد تفكيك الصناديق الخشبية ومشاهدة أجزاء الماكينات تبين لنا أنها قديمة الطراز، وأنها كانت تستخدم لطباعة الصحف الأسبوعية في الأربعينيات من القرن الماضي!!
وبالنسبة لي وللزميل العمايرة فقد كنا خاليي الذهن تمامًا عن البيئة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لسلطنة عمان، فمن الطبيعي أن تتلاءم المادة الصحفية التي ستنشر في العدد الأول مع هذه البيئة.
ورغم كل الصعاب التي ذكرت وغيرها، فقد بدأنا العمل فورًاً بروح الفريق الواحد، الأولوية كانت لتجهيز الآلات للطباعة للعمل من حيث تركيبها وتجميعها وإعدادها، ومن ثم إعداد المادة الصحفية للنشر في العدد الأول؛ لم يتبق أمامنا إلا أيام معدودات، فكان قرارنا الجماعي أن نواصل الليل بالنهار لإنجاز المهمة، فتم تحرير العدد الأول جلوسًا على الأرض، أما طعامنا فكان من المعلبات، وأما النوم كان أحيانًا في مبنى الصحيفة وأحيانًا قليلة في المنزل.
وصدر العدد الأول وتم توزيعه في الثامن عشر من نوفمبر عام 1972 ليكون ذلك بداية الانطلاقة لصحيفة «عمان»، والتي نحتفل هذه الأيام بعيدها الأربعين (كان ذلك وقت كتابة المقال في عام 2012)، وقد كان إصدار الصحيفة في ظل الظروف التي ذكرت مثار إعجاب الزملاء العمانيين حتى أن بعضهم أطلق علينا اسم «الفرقة الخاصة» !!
السياسة التحريرية
ومنذ بداية الصدور كان لا بد من تحديد العناصر الأساسية للسياسة التحريرية للصحيفة على ضوء السياسة الإعلامية لسلطنة عمان، ورغم الطابع الرسمي للصحيفة، فقد اجتهدنا في إدارة التحرير أن تأخذ بعدًا شعبيًا، لضمان توزيع أوسع وأشمل، وأن تكون الصحيفة قريبة من المواطنين وتطلعاتهم واحتياجاتهم، ويمكن تلخيص سياسة عمان منذ صدورها بما يلي:
التركيز على استراتيجية قيادة السلطان قابوس والحكومة العمانية سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وأمنيًا.
إبراز الخطوط العامة لسياسة الدولة العمانية على مختلف الأصعدة داخليًا وخارجيًا.
متابعة إنجازات النهضة العمانية الحديثة ومتابعة تفاصيلها ونشرها والتعليق عليها، وضمان مشاركة المواطن العماني في مسيرة التنمية.
تغطية النشاطات الحكومية والمحلية في كل مناطق سلطنة عمان.
كسب ثقة القارئ العماني، من خلال التعرف على احتياجاته وهمومه ومشاكله، ومحاولة سماع صوته ومطالبة للمسؤولين.
التركيز على توزيع الصحيفة وانتشارها في كل ولايات سلطنة عمان.
نشر ثقافة الانتماء والمشاركة في بناء دولة عمان الحديثة.
تخصيص مساحات واسعة من الصحيفة لإبداعات الكتاب والمثقفين والشعراء العمانيين.
العمل الميداني
كنت أفضل العمل الميداني على العمل المكتبي في الصحيفة، فخلال فترة وجيزة شكّلت شبكة علاقات واسعة مع الوزراء والمسؤولين في مختلف المواقع، إضافة إلى المقابلات الصحفية والتحقيقات والتقارير، قد ترسخت ثقة بيني وبين مصادري الإخبارية من خلال الدقة والموضوعية في النشر، وكان مما يشجعني على هذه العلاقات البناءة، أن بعض الوزراء والمسؤولين كانوا يبادرون بالاتصال وتزويدي بأخبارهم ونشاطاتهم.
معالجات محلية
بدأت بكتابة مقال أسبوعي أتناول فيه قضية محلية كالحديث عن ضرورة توفير الخدمات الأساسية للمواطنين، والإشارة إلى نقص خدمة ما في أي تجمع سكاني، وقد لاقى المقال تجاوبًا كبيرًا، إلا أن أحد الوزراء اشتكى من أنني أتهم وزارته بالتقصير، فتوقفت عن كتابة المقال، والمفارقة أنني التقيت بهذا الوزير في إحدى المناسبات فلامني على وقف مقالتي مؤكدًا أنه كان يستخدمه للضغط على مسؤولي المالية العامة لزيادة مخصصات وزارته!!
«عمان» .. مرتان في الأسبوع ومع تطور العمل في الصحيفة وتزويدها بإمكانات فنية وبشرية جديدة، تقرر إصدارها مرتين بالأسبوع، وبقي الحال كذلك حتى العيد الوطني التاسع حيث صدرت الصحيفة يوميًا، فكانت أول صحيفة يومية تصدر في سلطنة عمان.
انطلاقة جديدة
في عام 1978 قرر الزميل محمد ناجي العمايرة العودة إلى الأردن وعاد للعمل في صحيفة الرأي، وبمغادرة العمل ترك على كاهلي حملًا ثقيلًا، فقد افتقدت كفاءته العالية ومقدرته اللغوية الفذة وصداقة حميمة امتدت على مدى العمر ومن أيام الدراسة الجامعية وحتى الآن. الصدور اليومي
مع بدء الإعداد للاحتفالات بالعيد الوطني العاشر، تقرر إصدار صحيفة «عمان» يوميًا، وبدأنا على الفور التحضير لهذه النقلة الكبيرة في عمر الصحيفة، وكان من الواضح أن الجهد الذي نبذله في إصدار الصحيفة مرتين أسبوعيًا لا بد من أن يتضاعف ثلاث مرات، إضافة إلى أن الإمكانيات الفنية والإدارية والتحريرية الموجودة لا تكفي لإصدار صحيفة يومية، وكانت الخطوة الأولى شراء ماكينة طباعة حديثة بالألوان وبعدد صفحات لا يقل عن 24 صفحة، فكان القرار أن تصدر الصحيفة في العيد الوطني على أن تستكمل المتطلبات الأخرى أثناء الصدور وبعده.
وتوالت الاجتماعات في الصحيفة برئاسة الأستاذ عبد العزيز الرواس وزير الإعلام ورئيس مجلس إدارة الصحيفة (في ذلك الوقت)، وبحضور الأستاذ نجيب الزبيدي، المدير العام ورئيس التحرير، وكانت الخطوة الأولى هي تدريب الفنيين على نمط الطباعة الجديد (الأوفست) وقد طلبت من الزملاء العاملين على ماكينات الطباعة أن يواكبوا تركيب الماكينة الجديدة ومحاولة التدرب عليها بالاستعانة بالخبراء الأجانب الذين جاءوا لتركيب الماكينة، فما أن اكتمل تركيبها وبدأ التحضير لإعداد التجربة امتلك الفنيون مهارة الطباعة الحديثة استعدادًا ليوم الصدور المنشود. وما حدث في قسم الطباعة طبق في الأقسام الفنية الأخرى فلم يكن هناك حل آخر، لأن استقدام فنيين جدد من الخارج يحتاج وقتًا طويلًا، لم يكن متاحًا في تلك الفترة الحرجة.
وقبل أيام من الاحتفالات بالعيد الوطني، صدر العدد صفر (أي العدد التجريبي) وأردت أن يكون مختلفًا قليلًا عن نمط الصحيفة المعتاد، وبالابتعاد عن النمط الرسمي وطلبت أن يكون توزيع العدد محدودا على كبار المسؤولين مع إرسال ملاحظة تبين أن العدد تجريبي، وأن إدارة الصحيفة ترحب بأي أفكار أو ملاحظات يمكن تطبيقها مع العدد الفعلي. وفي فجر يوم الثامن عشر من نوفمبر عام 1980 صدر العدد الأول من الصحيفة اليومية، بعدد محدود من الزملاء الصحفيين والفنيين والإداريين، بانتظار استكمال مستلزمات الصدور بعد ذلك.
استراحة طويلة
بعد أيام من صدور «عمان» اليومية طلب مني الأستاذ عبد العزيز الرواس وزير الإعلام آنذاك أن أعمل مستشارًا في مكتبه الخاص، فقال لي: «إنك تعبت معنا كثيرًا وآن الأوان لك أن ترتاح»، وبالفعل كانت الفترة ما بين أواخر نوفمبر وبداية شهر أبريل عام 1980 حين عدت إلى عمان استراحة ممتعة، عشت خلالها حياة طبيعية دون سهر الليالي وإرهاق العمل الصحفي، وكانت أول استراحة فعلية لي منذ بدايات عملي الصحفي في الأردن وسلطنة عُمان، وحتى إنهاء عملي كرئيس لتحرير جريدة الرأي الأردنية عام 2001.
أيام لا تنسى
هي أيام وسنوات لا تنسى أمضيتها في سلطنة عمان، شكّلت بالنسبة لي تجربة ثرية على الصعيدين المهني والشخصي..
واليوم وأنا أحاول استعادة شريط الذكريات قبل أربعين عامًا فإن أكثر ما يشدني، تلك العلاقات الحميمة والصداقات والزمالة العميقة مع الإخوة العمانيين والأردنيين والمصريين، سواء من كانوا من فريق العمل في الصحيفة أو في الإعلام أو الإخوة المسؤولين، وكذلك الزملاء في الإذاعة والتلفزيون ووزارة الإعلام.
وأنا أحاول جهدي العودة بالذاكرة إلى تلك الأيام الجميلة، لا بد من الإشادة بكل محبة للمسؤولين في الإعلام ابتداء من طيب الذكر الشيخ عامر بن علي بن عمير، وأحمد بن سالم آل جمعة، ثم سمو السيد فهد بن محمود آل سعيد أول وزير إعلام لسلطنة عمان، والصديق العزيز الأستاذ عبد العزيز الرواس والأستاذ حمد الراشدي، والصديق نجيب الزبيدي والأساتذة ذياب بن صخر العامري، ومحمد المرجبي، والشيخ هلال السيابي، والشيخ بدر الخروصي، وغيرهم كثيرون، اعتذر عن قصور ذاكرتي في ذكر أسمائهم.
ولا بد أيضا من استذكار الزملاء الذين عملوا في الصحيفة فمن مصر الزملاء القصبي عبادة وسعيد منصور وكمال جانو ومن العمانيين الأساتذة حمود السيابي وسالم رشيد وفاطمة غلام، إضافة إلى العديد من الإداريين والفنيين والعاملين في الخدمات.
عمق المحطة العمانية
وبالإضافة إلى ثراء العلاقات الإنسانية في هذه المحطة، فقد أتيحت لي الفرصة لزيارة كافة ولايات سلطنة عمان في الساحل والداخل ومن أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، ومن شرقها إلى غربها، أتعرف على طبيعتها وعلى ناسها وعاداتهم وتقاليدهم وتطلعاتهم الطموحة نحو عمان حديثة وقوية بقيادتها وعزم وإخلاص أبنائها.
وبالإضافة إلى جولاتي الداخلية فقد تشرفت بتغطية العديد من جولات السلطان قابوس إلى تونس والأردن وحضوره عدد من القمم الإسلامية، وقمم دول عدم الانحياز، كما رافقت السلطان في بعض جولاته لولايات سلطنة عمان والتي كانت تستمر أيامًا حيث كان جلالته يلتقي المواطنين في مواقعهم مستمعًا إليهم ويأمر بحل الممكن من مشاكلهم وتلبية متطلباتهم.
ومن خلال هذه التجارب كنت على يقين وأنا أحاول قراءة المستقبل، أن تاريخ عمان الحضاري وعراقته، وما تمتلكه من موارد طبيعية هائلة ومن تنوع جغرافي وقيادة مصممة على التغيير والبناء أن المستقبل الزاهر هو بانتظار عمان قيادة وشعبًا.
المكافأة المجزية
أما الذي لا يستطيع أحد تجاهله أو نسيانه، هو الأصالة والعراقة العربية لأبناء عمان ودورهم الحضاري على مر التاريخ، وبالنسبة لي فإن مثار إعجابي كان ولا يزال تلك الشخصية العمانية المتسمة بالهدوء والاتزان والذكاء القطري الحاد وطيبة المعشر وطموح لا حدود له مع تصميم على تجاوز كل الصعاب.
وفي الختام وأنا أحاول الاعتذار إن أخطأت في الوقائع والأسماء، ولكن عذري-كما قلت في بداية هذا المقال، أن ذاكرة العمر المتعب تعبت أيضا، فأرجو المعذرة إن سهوت أو أخطأت. أما مكافأتي الكبرى على عملي وجهدي في سلطنة عمان، فكانت دموعًا خجلى تسربت من قبل بعض الإخوة العمانيين العاملين في الصحيفة عند وداعي لهم بعد انتهاء عملي فيها.
سليمان القضاة - صحفي أردني وأحد مؤسسي «جريدة عمان»
(كتب هذا المقال قبل عقد من اليوم، ونشر وقتها خلال احتفال «جريدة عمان» بمناسبة مرور 40 سنة على إصدارها، وتقديرًا لكاتبه ولمكانته في تاريخ الجريدة نعيد نشره وندعو لكاتبه بأن يمن الله عليه بالصحة والسلامة).
