
كتاب جديد يدرس التأثيرات المتبادلة بين المكان والعمارة
القاهرة- «العمانية»: في كتابه «المكان والعمارة» الصادر مؤخرا عن «وكالة الصحافة العربية - ناشرون» بالقاهرة، يدرس المعماري العراقي د.علي ثويني العلاقة بين الإنسان والمكان والعمران، من أجل بناء تصور عن تأثير المكان في الإنسان وتأثره به.
يبدأ الكتاب بمقدمة، تعدّ توطئة فلسفية وتعريفية للكتاب، أوضح فيها المؤلف أن مفهوم المكان من أكثر المفاهيم إشكالا في التداول المعرفي، لما يتصف به من تعقيد ومفارقة.
فهو مفهوم «يجيد لعبة الوجه والقناع والإخفاء والإبراز، يبدي الوضوح والجلاء والبساطة بل والبداهة الحدسية، ويضمر اللبس والغموض». وهو أيضا «بؤرة تقاطعات لعدد من المعارف المتماهية من فلسفة ورياضيات وعلم نفس وجغرافيا واقتصاد وأنثروبولوجيا وعلم اجتماع، دون إغفال الفن والعمارة وعلم الجمال».
ويؤكد ثويني أن التساؤلات ما زالت قائمة حول كينونة المكان، وتجلياته، وأثره، وأبعاده، وتمثلاته، وتصوراته، وإسقاطاته، ومديات استغلاله، ومرجعياته، وخلفياته، وحقيقته أو هلاميته.
وجاء الكتاب في أربعة فصول رئيسة، يحمل الفصل الأول عنوانا ملتبسا هو «الزمان المكاني»، فالزمان والمكان ظرفان متلازمان في أذهاننا، ولا يمكن الفصل بينهما، وثمة فروق ظاهرية بينهما، إلا أنهما يتفقان في القيمة ويفترقان بين الملموس والمحسوس؛ فالزمان مقياس والمكان حقل تفاعل، ومن خلال تأثيرهما المتناهي تبنى الحضارة. ويناقش المؤلف في هذا الفصل مفاهيم «المكان الاعتباري والفلسفي»، و«المكان الحضري والتراث»، و«المكان الحضري والمعماري».
أما الفصل الثاني فيحمل عنوان «المكان والروح»، ويشمل ثلاثة محاور هي: «عاطفة المكان»، و«قدسية المكان»، و«إعمار المكان في الإسلام». وفيه يوضح المؤلف أن الدعوة الصريحة لإعمار المكان من أهم ما ميّز رسالة الإسلام عن الأديان الأخرى. إذ يعَدّ الإعمار أو استعمار الأرض ثالثَ درجات المقاصد بالعقيدة الإسلامية، وذلك بعد العبادة واستخلاف الله للإنسان في الأرض، بل إن جدارة الإنسان بالاستخلاف تقاس بدرجة قدرته على إعمار الأرض وتنميتها.
أما الفصل الثالث فقد اختص بدراسة «المكان والوعي» وذلك من خلال محاور البيئة، والفضاء الثقافي، والشكل المعماري. ويؤكد المؤلف فيه أن المكان المديني هو أسمى ما توصّل إليه الإنسان في تنظيم المكان، فالمدينة معين لا ينضب في معرفة الفكر والنظام العقلي واللساني والأعراف الاجتماعية والعقائد الدينية للأمم خارج الإطار العمراني والمعماري.
ويرى المؤلف أن الأمكنة عموما سجل الأُمم وذاكرتها الملموسة، وأن بعض الأمكنة يصنَّف كمتحف مفتوح يذكّر باستمرار الحياة على هذه الأرض.
ويُختتم الكتاب بفصل عن «المكان الموروث»، يبدأه الثويني بدراسة مكان الاحتراب والخراب، مشيرا إلى عبثية المشهد الإنساني، حيث يتلذذ الإنسان بإبادة نوعه، ويهدم ما بنت يداه، حتى أمسى مكانُ التعمير مسرحا للتفجير والتدمير.
ويتحدث المؤلف عن «وارثي المكان» وعن «الارتقاء بالمكان التراثي في الزمان الحداثي»، مشيرا إلى أن الدعوة إلى تبني القيم الحضرية والمعمارية التراثية، لن تكون ذات جدوى إنْ لم تلازمها دعوة لتكريس حالة عامة أخلاقية ومطابقة عاقلة مع معطيات بيئية، كي لا تفقد مقوماتها الروحية وتصبح غريبة في محيطها.