كيف يمكن تحــويل 27 محــمية طبيعية إلى مقاصد سياحية مبتكرة ؟
تعد المحميات الطبيعية في سلطنة عمان نموذجًا بارزًا للمساهمة في تطوير وتنمية المحافظات، وتعمل المحميات على تعزيز الشراكة المجتمعية وتمكين السكان المحليين من صنع القرار والمشاركة الفعالة في إدارة الموارد الطبيعية، كما تعمل المحميات على جذب السيّاح وتعزيز السياحة البيئية وزيادة الإيرادات وتنويع مصادر الدخل، إضافة إلى الحفاظ على الثروة الطبيعية والتوازن البيئي.
ويبلغ عدد المحميات الطبيعية في سلطنة عمان 27 محمية طبيعية 26 منها تحت إدارة هيئة البيئة موزعة في مختلف محافظات سلطنة عمان، وواحدة تحت إدارة وزارة التراث والسياحة.
قالت زهرة بنت خلف الشريقية، مكلفة بأعمال رئيس قسم تنمية المحميات الطبيعية بهيئة البيئة: «تمثل المحميات الطبيعية ثروة وطنية لما تتميز به من تنوع أحيائي فريد من نوعه، بالإضافة إلى التنوع الثقافي وهو ما يجعلها رافدا للاقتصاد الوطني بمشروعات تسهم في تشجيع السياحة البيئية وتوفير عوائد مادية، فالسياحة البيئية تتميز بإتاحة الفرصة للاستثمار مع حماية البيئة والتنوع الأحيائي بطريقة مستدامة، لذا لابد من الأخذ في الاعتبار عدة عوامل لتحقيق السياحة البيئية المستدامة وأبرز هذه العوامل: الطاقة الاستيعابية لعدد الزوار، وتكون الأنشطة والفعاليات صديقة للبيئة ومنسجمة مع طبيعة المحمية، ومشاركة المجتمع المحلي في إدارة بعض الأنشطة التي تكون ذات صلة بالمحمية وغيرها من العوامل والضوابط التي يجب أخذها بعين الاعتبار لتفعيل السياحة البيئية في المحمية، وتوفير منافذ بيع لمنتجاتهم أثناء إقامة أي فعالية داخل المحميات الطبيعية، ومعظم العاملين في حماية الحياة الفطرية بالمحميات الطبيعية هم من أهل المنطقة المحيطة بها».
وأضافت الشريقية: تعد السياحة البيئية أحد أسرع العناصر نموا في سوق السياحة الدولية وجزءا مهما من المقومات السياحية المؤهلة لسلطنة عمان لأن تصبح مركز جذب سياحي بسبب احتوائها على العديد من المواقع البيئية البكر التي لم تصلها يد الإنسان، لذلك تعد المحميات الطبيعية من أبرز العناصر تأهيلا لذلك في ظل ما تمتلكه من مقومات طبيعية فريدة أهلتها أن تكون قبلة للسائحين وأماكن للبحث العلمي ومستكشفي الطبيعة والحياة».
مواقع بيئية
وأكدت أن سلطنة عمان تتميز بوجود عدد من المواقع البيئية الرائعة التي تم الإعلان عنها كمحميات طبيعية حيث بذلت الحكومة جهودا متميزة لتطويرها وتهيئة الأجواء المناسبة لنمو وتكاثر الأحياء الفطرية فيها، وتشكل المحميات الطبيعية حجر الزاوية في السياحة البيئية في سلطنة عمان بما تحويه من ثروات طبيعية فريدة وتنوع بيئي جذاب وعناية فائقة بالحياة البرية والبحرية، وتهدف سلطنة عمان من خلال تطوير السياحة البيئية في المحميات الطبيعية إلى إدارة الموارد الطبيعية والثقافية بحيث تتفق الأنشطة المراد تنفيذها في المحمية مع سلوك المجتمع المحلي وزوار المحمية من سياح وعلماء وباحثين في مرحلة الدراسات العليا، بالإضافة إلى أهمية تنمية السياحة البيئية في المحميات بحيث تعزز مشاركة أصحاب المنفعة في عملية التنمية وتطبيق السياسات الدولية والإقليمية والوطنية المعتمدة للممارسات القابلة للاستدامة وبالأخص في مجال صون وحماية التنوع الأحيائي في المحميات الطبيعية بشكل عام، كما أن مشروعات تطوير السـياحة البيئية في سلطنة عمان تركز على تشجيع النشاط السياحي الواعي للتمتع بالمناطق الطبيعية والتراث الثقافي المرتبط بها والتأكيد على أهمية المحافظة على مفردات البيئة والتنوع الحيوي، وضرورة دعم السكان المحليين، لذا فإنه من الضروري أن تتكامل أنشطة السياحة البيئية بالمحميات الطبيعية مع قطاعات الاستثمار السياحي المختلفة من حيث التنظيم والتخطيط والترويج السياحي والمسابقات بما يوفر عناصر الاستدامة داخل المحميات وخارجها.
دعم الأبحاث العلمية
وحول سؤال «عمان» عن كيفية توظيف المحميات الطبيعية لتسهم في مجال التشجيع على الابتكار، قالت الشريقية: «يتجسد ذلك من خلال دعم الأبحاث العلمية في المحميات الطبيعية بما لا يضر الكائنات الحية فيها ويضمن الحفاظ على مكوناتها، ولها دور فاعل في تعزيز الابتكار والاستثمار ضمن قطاعي الاستدامة والطاقة النظيفة لدعم الجهود الدولية في مواجهة التغير المناخي، كما تعمل المحميات من خلال المشروعات المحلية والدولية على تطوير التقنيات المستدامة ونشرها على نطاق واسع للمساهمة في دفع عجلة التنمية المستدامة مثل زيادة الغطاء النباتي وذلك من خلال مشروع استزراع الأشجار البرية وأشجار القرم التي تسهم في إعادة تأهيل الأماكن المتدهورة بفعل الجفاف والعوامل الطبيعية الأخرى التي تعد مصدرا للطاقة النظيفة وتسهم في تحقيق الحياد الصفري للكربون».
استراتيجيات وخطط
وأردفت بالقول: إنه يتم إعداد الاستراتيجيات والخطط المتعلقة بتطوير السياحة البيئية في المحميات الطبيعية، ووضع معايير الحماية والحفاظ على التنوع الحيوي والتراثي والطبيعي والموارد السياحية واستغلالها بطرق مستدامة، ووضع قواعد ومعايير خاصة بإشراك المجتمع المحلي في تنمية وتطوير المحميات الطبيعية والحفاظ على مواردها، إضافة إلى إعداد أدلة إرشادية لخصائص السياحة البيئية ومواصفات وقواعد التصميم والإنشاء والإدارة المستدامة، كل هذه أهداف رئيسة لدى هيئة البيئة للحفاظ على التنوع والإرث الطبيعي والثقافي، ولتنمية وتطوير المحميات الطبيعية بما يخدم تحقيق أهدافها البيئية واستدامتها للأجيال القادمة، مؤكدة سعي هيئة البيئة خلال عام 2023م لإعداد استراتيجية المحميات الطبيعية وذلك بإشراك معظم الجهات الحكومية ذات الصلة بالمحميات الطبيعية وتم الأخذ في الاعتبار أثناء إعدادها ما تم ذكره فيما يخص المحافظات في الاستراتيجية العمرانية وأيضا استراتيجية عمان للبيئة ورؤية «عمان 2040».
الجدير بالذكر، تتوزع المحميات في مختلف محافظات سلطنة عمان وهي: محمية المها العربية، محمية القرم الطبيعية، محمية جبل سمحان الطبيعية، محميات الأخوار التسعة بساحل ظفار، محمية خور صلالة الطبيعية، محمية خور خيرفوت الأثري، محمية الأراضي الرطبة بمحافظة الوسطى، محمية السلاحف، محمية جبل قهوان الطبيعية، حديقة السليل الطبيعية، محمية الجبل الأخضر للمناظر الطبيعية، محمية الحجر الغربي لأضواء النجوم، محمية الرستاق للحياة البرية، محمية جزر الديمانيات الطبيعية، محمية السرين الطبيعية، محمية رأس الشجر الطبيعية، محمية الخوير الطبيعية، محمية المتنزه الوطني الطبيعي بمحافظة مسندم، حديقة النباتات العمانية، بحيرات الأنصب.