الطرابلسي: لم أتفاجأ من أداء المغرب.. والكرة التونسية بحاجة للتغيير
الدوحة (د.ب.أ): حظيت المشاركة العربية بنصيب كبير من الأضواء في النسخة الحالية من كأس العالم المقامة في قطر، خاصة بعد الإنجاز التاريخي للمنتخب التونسي وكذلك الانتصار الثمين للسعودية على الأرجنتين، وفيما يلي حديث النجم التونسي السابق حاتم الطرابلسي بشأن المشاركة العربية ورؤيته بشكل عام لهذه النسخة الاستثنائية من المونديال.
وتحدث الطرابلسي في مقابلة لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) عن أسباب الخروج المبكر لمنتخبات تونس والسعودية وقطر، وكذلك العوامل التي ساعدت في نجاح المنتخب المغربي إلى جانب الأداء المبهر والمشرف للتنظيم القطري.
وقال الطرابلسي بشأن خروج المنتخب التونسي من دور المجموعات: "المنتخب التونسي حصد أربع نقاط في دور المجموعات، وهي تبدو نتيجة جديرة بالاحترام من حيث عدد النقاط، لكن الطموح كان أكثر من ذلك، وكنا ننتظر تأهل تونس للدور الثاني." واستهل المنتخب التونسي مشواره في المونديال بالتعادل السلبي مع الدنمارك ثم خسر أمام أستراليا صفر / 1 وحقق انتصارا ثمينا 1 / صفر على منتخب فرنسا حامل لقب مونديال 2018، لكنه لم يكن كافيا للتأهل من المجموعة الرابعة التي تأهل منها فرنسا وأستراليا.
وقال الطرابلسي نجم المنتخب التونسي السابق:"ربما لم يوفق المدرب (جلال القادري) في بعض الخيارات في مباراة أستراليا وقد كانت هي المباراة الأهم بالنسبة لنا، المباراة الأولى تعادلنا فيها وكانت نتيجة أكثر من إيجابية لأنها بداية مشوار الفريق في كأس العالم ولأن المنتخب الدنماركي منتخب قوي."
وأضاف: "كان من المفترض أن تمنح تلك النتيجة المنتخب التونسي انطلاقة، لكن في المباراة الثانية، لم نحسن اختيار أسماء اللاعبين أو الطريقة التكتيكية التي لعبنا بها، في الشوط الثاني أجريت بعض التغييرات وكنا أفضل من المنافس لكن لم نتمكن من التعادل والعودة في المباراة."
وتابع:"على أي حال أعتبر حصد أربع نقاط أمرا جيدا لكن من ناحية المشاعر، كان الخروج مخيبا لأمال المنتخب والجماهير التونسية لأنها كانت فرصة تاريخية في أجواء إيجابية تماما ودعم جماهيري كبير للمنتخبات العربية، فقد كنا قادرين على الوصول للدور الثاني لأول مرة في تاريخ المنتخب التونسي".
وأضاف الطرابلسي عن مستقبل المنتخب التونسي: "المنظومة الرياضية تحتاج إلى تغيير بشكل كلي في تونس".
وعن تصريح نجم المنتخب التونسي السابق راضي الجعايدي حول أن المنتخب التونسي بحاجة إلى تجديد دماء وتكوين فريق على قواعد صحيحة، قال الطرابلسي: "بالتأكيد أؤيده، لكن لا يفترض أن نتحدث عن اللاعبين فقط، فهم لا يتحملون مسؤولية القرارات، اللاعب في النهاية لا يجب أن يتحمل أكثر من قدرته، فهو يطبق توصيات المدرب ويحاول تقديم أفضل ما لديه".
وأوضح: "أظن أن المنظومة الكروية ككل تحتاج للتغيير، أعتقد أن رئيس الاتحاد التونسي (وديع الجريء) موجود منذ أكثر من عشر سنوات في منصبه، بإيجابياته وبسلبياته، أرى أنه مهما بلغ من القدرات أو الذكاء، لا بد من التغيير، فالتغيير يأتي بشخص جديد بفكر جديد قادر على التطوير ولديه أفكار جديدة ويجلب معه مسؤولين جدد وأشخاص لديهم الرغبة في العمل وتطوير الرياضة في تونس".
وأضاف: "نحن تأخرنا على جميع المستويات، المشكلة أعمق من مجرد تغيير لاعبين، المشكلة تكمن في اتخاذ القرار، لا بد أن تكون هناك تغييرات في القوانين وأن يكون هناك تواصل بين رئيس الاتحاد ورئيس الدولة وعمل جماعي مشترك."
وفي حديثه عن مشاركة المنتخبات العربية في المونديال، قال الطرابلسي بشأن المنتخب القطري:"أعتقد أن المنتخب القطري تنافس في مجموعة صعبة للغاية، كما أنه ليس لديه إمكانيات كافية لمواجهة المنتخبات الكبيرة، لأن هذا المنتخب الذي فاز بكأس آسيا، أعتقد أنه واجه بعدها ضغوطا كبيرة كما أن لاعبيه يلعبون محليا على مستوى الأندية".
وأضاف: "عندما تنافس على مثل هذا المستوى، لابد أن يكون لديك لاعبين على مستوى عالي من حيث القدرة على تحمل الضغوط، وقد يكون الفريق بحاجة أيضا إلى ضخ دماء جديدة أو مدرب جديد، وربما تصبح لدى الفريق القدرات المطلوبة لمثل هذه المواجهات في المستقبل".
كذلك تحدث الطرابلسي عن المنتخب السعودي الذي استهل مشواره بالفوز على الأرجنتين 2 / 1 ثم خسر أمام بولندا صفر / 2 وأمام المكسيك 1 / 2.
وقال الطرابلسي: "أعتبر أن الانتصار أمام الأرجنتين كان مضرا أكثر مما كان له من نفع، لأن الفرحة كانت هستيرية ومبالغ فيها، وأعتقد أن المدرب كان عليه ضبط بعض الأمور، لعبوا بشكل جيد في المباراتين التاليتين لكن لم يحققوا النتيجة المطلوبة".
وأضاف: "علينا أن نتعلم ألا نبالغ في الفرحة ولا نبالغ في الحزن عند الهزيمة، كان علينا أن نفرح بالفوز الثمين على الأرجنتين ثم نحافظ على التركيز للاستمرار، وأعتقد أن هذا سيكون درسا للمنتخب السعودي في المستقبل، المنتخب السعودي لديه مدرب كبير (هيرفي رينارد) وفريق جيد لكن كنا نتمنى أن يتأهل للدور الثاني، لم يحالفه الحظ وعليه التعلم من الأخطاء".
وحول ما إذا كان قد توقع وصول المنتخب المغربي للدور قبل النهائي، قال الطرابلسي: "لا لم أتوقع هذا، كنت أتوقع تأهله إلى دور الستة عشر وأقول لم لا يصل أيضا إلى دور الثمانية، لأنه فريق لديه إمكانيات فنية كبيرة وأسماء على مستوى عالي، يضم عناصر بارزة مثل حكيم زياش ونصير مزراوي والحارس ياسين بونو ويوسف النصيري وسفيان بوفال وسليم أملاح وسفيان أمرابط وغيرهم، كلهم يلعبون ويتدربون في مستويات عالية، وعندما يخوض لاعب كهذا منافسات كأس العالم يجد نفسه على نفس المستوى مع اختلاف الأسماء".
وأضاف: "كذلك لديهم مدرب جيد وهو وليد الركراكي، هو يطلب من الفريق الانضباط التكتيكي ويعد مدربا كبيرا له كل احترام وقد شاهدنا عمله في أداء المغرب".
وتابع: "لم أتفاجأ كثيرا من أداء منتخب المغرب، وأعتقد أنه قادر للذهاب إلى نقطة أبعد، الآن منتخب المغرب في الدور قبل النهائي، وهذا يعني أنه من الفرق المؤهلة للفوز بكأس العالم، كونك تصل لقبل النهائي، فهذا يعني أن لديك الإصرار والإمكانيات الكبيرة".
وأثنى الطرابلسي بشكل خاص على الركراكي قائلا:"ما تحقق هو انتصار للمدرب أيضا، لقد قدم مستويات عالية حتى الآن على مستوى الأندية وعلى مستوى المنتخب، المنتخب المغربي يقوده مدرب صغير في السن لكنه كبير من حيث الأداء والعطاء ويعد من بين المدربين الكبار، لقد قدم منتخب المغرب أداء أبهر به الجميع، حقا نحن الآن نفخر بأن لدينا منتخب عربي أفريقي بهذا المستوى". وتابع الطرابلسي: "ما قدمه المنتخب المغربي هو نتاج عمل جماعي، هناك دولة تعطي التوصيات والخطوط العريضة ثم يأتي الاتحاد ورئيسه (فوزي لقجع) الذي يعمل بثقة وهدوء ثم يأتي عمل المدرب".
وأوضح:"الاتحاد عندما رأى أن وحيد خليلودزيتش مدرب عنيد، رغم أنه حقق نتائج إيجابية مع المغرب، وتفاوض معه لإعادة بعض اللاعبين وقابل ذلك بشيء من العناد، اتخذ القرار... لا يمكن لأحد التقليل من خليلودزيتش، لكن المنتخب لا يستغنى عن لاعبيه الكبار من أجل مدرب يريد أن يمرر أجندة خاصة به".
وأضاف: "بالتالي تم الاستغناء عنه وتعيين مدرب محلي حقق بعض النجاحات ويحظى بالثقة، وفي أقل من شهرين، استطاع تجميع اللاعبين وإعادة بعض اللاعبين الذين كانوا مستبعدين والآن شاهدنا هذا الأداء... لا يمكن أن نقول إن ما تحقق اعتمد على الحظ، الحظ جزء من الرياضة بالفعل، لكن هناك عمل كبير قدمه وليد الركراكي خاصة في الجانب الذهني، اللاعبون كانوا جاهزين بشكل كبير من الناحية البدنية وبالتأكيد هو يضيف لذلك، لكن عمله الذهني والفني والتكتيكي كان الأبرز".
ولدى سؤاله حول ما إذا كان منتخبا الجزائر ومصر ليقدمان مشوارا جيدا في هذا المونديال في حال التأهل، قال الطرابلسي: "كل الاحترام للكرة الجزائرية والمنتخب الجزائري وكل الاحترام للكرة المصرية والمنتخب المصري، لكن لو كانا قادرين على ذلك الآن لتأهلا، لكنهما لم يتأهلا".
وأضاف: "المنتخب المصري كان قد تأهل لنهائي البطولة الأفريقية الأخيرة، لكن المنتخب الجزائري عليه أن يعيد الحسابات حيث يشهد تراجعا، فقد توج بالبطولة الأفريقية في 2019 وصنف من أفضل المنتخبات الأفريقية حينذاك ثم خرج من الدور الأول في نسخة 2021، وهو ما يؤكد أن هناك تراجع".
وتابع: "من شاركوا في المونديال من المنتخبات الأفريقية والعربين هم من يستحقون التواجد في كأس العالم، لأنهم ببساطة تأهلوا، وما وصل إليه منتخب المغرب الآن رفع سقف الطموحات وربما صعب الأمور على المنتخبات الأفريقية".
وأثنى الطرابلسي على التنظيم القطري للمونديال قائلا:"رغم حملات التشكيك والتي كانت نوعا ما مغرضة، استطاعت قطر أن تشرف كل الدول العربية والإسلامية بشكل كبير، فالتنظيم والبنية التحتية على مستوى عالي كما تميز بسلاسة تنقل الجماهير وغيره من الأمور الإيجابية."
وأضاف: "ربما تحدث الأوروبيون عن الإيجابيات أكثر من العرب، فقد تكون شهادة العرب مجروحة، لكن عندما تأتي الإشادة من الأوروبي القادم من بلد متطور فتكون شهادته أفضل، هذا النجاح يسكت كل المغرضين وأتمنى أن تخطو العديد من الدول العربية علىى نفس النهج، فأنا أحلم بأن يكون جزءا من هذا في بلدي تونس، لا نطلب بالطبع مثل هذا المستوى العالي من الملاعب لأنه قد لا يتماشى مع إمكانياتنا المادية، لكن أقل شيء أن نتقدم خطوات وعلى العديد من الدول أن تحذو حذو قطر... هنيئا لقطر هذا المستوى".
ولدى سؤاله حول ما إذا كانت هناك دولة عربية لديها المقومات لتكرار إنجاز قطر، قال الطرابلسي: "الحلم والإرادة قادران على الوصول بأي دولة، لكن يجب أن يكون لديها الإرادة لذلك والعمل أكثر من الكلام، هنا في قطر يعملون من أجل النجاح ولديهم إرادة وحلم ورغبة".
وأضاف: "هي بلد صغير من حيث المساحة الجغرافية مقارنة ببلاد أخرى، لكنها وصلت إلى أن تستضيف كأس العالم الآن، وهذا لا يعتمد على الجانب المادي فقط كما يقول البعض، وإنما هناك عمل وإرادة للوصول إلى أعلى المستويات، ونتحدث بفخر عن ما وصلت إليه قطر وعلينا أن نفخر بأي إنجاز لأي دولة عربية كما علينا أن نفخر بتضامن الشعوب".