
سوق مطرح محلاته التجارية يعود تاريخ بعضها إلى أكثر من نصف قرن ولا تزال صامدة
توقعات بزيادة الطلب على الذهب خلال الفترة المقبلة -
استطــلاع: أحمد بن علي الذهلي -
كعادته على مدار، يستقبل سوق مطرح رواده من كل صوب وحدب، و غرابة ان تكتظ جنباته بالمتسوقين الذين اعتادوا على زيارته سواء في المناسبات الدينية كالتي تعيشها هذه الأيام والتي نودع فيها الشهر الفضيل ونستقبل أيام عيد الفطر المبارك وأيضا حركة المتسوقين لا تتوقف خلال الأيام العادية وهم بذلك يسلطون الضوء على هذا الإرث التاريخي الذي يعود تاريخ بنائه الى السنوات الأولى من القرن الماضي.
حين تخطو خطواتك الأولى نحو مدخل السوق، يشد انتباهك للوهلة الأولى المحلات التجارية التي تصطف على ضفتين،يخترقهما طريق متعرج طويل يؤدي الى منافذة مختلفة ومنها الى ما يسمى قديما بسوق الظلام والذي به مجموعة من محلات منتشرة في كل الزوايا، الباعة يعرضون الكثير من السلع والمنتجات، وبأسعار منافسة.
في طريقك نحو مبتغاك، لا ريب ان تشم رائحة البخور الظفاري الذي ينبعث من بعض المحلات المنتشرة في السوق والتي تعد مقصدا مهما لكثير من السياح وأيضا مرتادي السوق، ربما الفضول ساقنا نحو احد المحلات المكتظة بالمعروضات، حدثنا البائع عن أنواع اللبان العماني ودرجاته وأنواعه، واسر لنا بان اللبان الحوجري هو افضل وأجود أنواع اللبان الذي يستخرج من الأشجار في محافظة ظفار، ويعد من أغلى الأنواع ويتم استخراجه بعناية في أوقات محددة من العام، ويتجاوز سعر الكيلو الواحد الى اكثر من 30 ريالا عمانيا وذلك حسب الجودة،ويميل الى الاخضرار قليلا ومنه نوعان، النوع الأول يستخدم للأكل كعلاج للكحة وغيرها، والنوع الثاني والذي يميل الى اللون الأبيض يستخدم فقط للبخور في المنزل، أما البخور فهناك أنواع كثيرة ويصنع محليا في منازل بعض المواطنين ومنه ما يسمى الماس والعود والعروس وغيرها من الأسماء.
وشاع كثيرا اسم سوق الظلام بين الناس، وتشير بعض المصادر الى ان السبب في التسمية ترجع إلى كثرة الأزقة والسكك التي كانت تصطف عليها المتاجر، بحيث تحجب عن هذه الأزقة أشعة الشمس خلال النهار وتتضاعف العتمة في الأيام الغائمة، فيحتاج حينهـا الزائر إلى ضوء مصباح لكي يحدد خطواته وقد بني السوق قديما من الطين وسعف النخيل ثم قامت بلدية مسقط بتجديده وتزيينه بزخارف مستوحاة من التراث العماني مستخدمة خامات من البيئة العمانية ليحافظ على طابعه الشعبي المميز والذي يجعل منه سوقا يوازي الأسواق العربية القديمة شهرة من حيث النشأة والأهمية لدى الزوار وبذلك يضاهي في شهرته بعض الأسواق العربية مثل سوق الحميدية في دمشق وخان الخليلي في القاهرة وغيرها من الأسواق التقليدية المشهورة في وطننا العربي.
عند زيارتك لسوق مطرح لابد أن تشدك الأسقف الخشبية التي تزدان بزخارف ونقوش إسلامية ملونة، بالإضافة إلى القبب الرئيسية التي تتميز بالزجاج الملون والمرسوم عليه بعض الرسومات الدالة على الثقافة العمانية كالحلي والخناجر والمباخر وغيرها من رموز محلية التي لا تزال تشتهر بها بعض المدن العمانية.
وخلال زيارتنا للسوق لاحظنا أن الباعة أكثر تعاونا مع السياح حيث يسمحون لهم بالتقاط الصور التذكارية داخل المتاجر أو الواجهات وبذلك يسجلون حضورهم في هذا السوق التراثي العريق الذي مهما تحدثت عنه تظل عاجزا عن سرد حقب زمنية وارجل شقت دهاليز أزقته لكن في نهاية رحلتك لابد لك أن تفكر في العودة إليه مجددا مثلما قال لنا أحد السياح البريطانيين الذي يحرص على زيارة السوق في كل مرة يأتي الى السلطنة مع زوجته.
ويضيف: عندما تخرج من زحام المتسوقين في سوق مطرح،سوف تتذكر ملامح الأطفال والشيوخ والنساء،وكيف ازدادت حركتهم وهم يودعون مناسبة ويستعدون لاستقبال مناسبة أخرى.
ومع تعاقب السنوات، يظل سوق مطرح من أهم المعالم المهمة في مسقط،ومن بين أشهر الأسواق التقليدية والأثرية في منطقة الخليج العربي، ومن الضروريات التي يحرص السائح او الزائر الى السلطنة الى جعلها ضمن محطات التوقف فيها، لأن السوق بهيئته يعد رمزا من رموز التاريخ وعبق يتنفس منه الماضي بصوره المختلفة.
الفضيات تجتذب الزوار
خلال زيارتنا الى سوق مطرح، توقفنا في بعض المحال التي وجدنا أنها تحمل خصوصية في شكلها الخارجي وأيضا بما تحتويه من مقتنيات ومشغولات حرفية ذات طابع تراثي جميل.
اختر بن رسول بخش البلوشي صاحب محل تحف وهدايا تحدث لنا عن المحل الذي يديره قائلا: عمر محلنا يتجاوز 75 عاما،وقد ورثناه عن آبائنا وأجدادنا وهو من أقدم المحلات في السوق، نبيع فيه الفضة والخناجر والتحف والهدايا، مشيرا إلى أن الزبائن يأتون الى المحل من ألمانيا وإيطاليا وبريطانيا وفرنسا إلى جانب الزوار العرب الذين يحرصون على شراء بعض الهدايا الى أصحابهم.
وأضاف: اعمل في هذه المهنة منذ 34 عاما، واجد متعة كبيرة في ممارسة هذا العمل موضحا بان الأسعار تزيد عاما بعد آخر مثلا دلة نزواني كانت قيمتها في السابق تتراوح ما بين 60 و70 ريالا،أما الآن فالسعر يصل من 200 او يزيد أحيانا الى 250 ريالا،ومن المقتنيات التي يفتخر البلوشي بوجودها في محله قال: يوجد بالمحل حجر يسمى كهرمان يتجاوز قيمته 40 ألف ريال، وما زلت احتفظ به علما بان هذا الحجر يدخل في صناعة المسابيح وغيرها.
وقال: في السابق كان السياح الأجانب هم الذين يأتون إلينا بهدف اقتناء الفضيات، لكن الحال الآن تغير فأصبح حتى العمانيين والمقيمين على ارض السلطنة يتبضعون من محلاتنا مشيرا الى تجارة التحف والفضيات بها هامش ربح مناسب وهذا ما جعله يتوسع في هذه التجارة فهو الآن لديه 4 محلات في سوق مطرح جميعها تستقبل الكثير من المشترين والمهتمين بالتراثيات الفضية.
بالمقابل يؤكد السياح الذين يتدفقون على السوق،ان المنتجات الحرفية العمانية تحمل العديد من الدلالات والمفردات الجمالية الجاذبة والتي تجعل الإقبال عليها كبيرا وعن قناعة تامة، حيث إنها تبرز خصائص الصناعات العمانية والتي تميزها عن المنتجات الأخرى، كما يمكن اقتناؤها كتحف وهدايا ترمز إلى السلطنة وموروثاتها العريقة.
جولة في سوق الذهب
وانتقلنا الى سوق الذهب حيث حدثنا عبدالرزاق بن عيسى المجيني عن الإقبال على الشراء خلال الفترات الماضية قائلا: اصبح الطلب على شراء الذهب يرتبط بالمناسبات خصوصا مع تهاوي أسعار النفط وارتباط الذهب به قد اثر سلبيا على الأسعار لكنها بقيت عند معدلاتها الطبيعية رغم الارتفاعات البسيطة التي حدثت خلال الفترة القليلة الماضية مؤكد بأن الأيام المتبقية من الشهر الفضيل ربما تشهد إقبالا على عمليات الشراء إضافة الى الشهور المقبلة والتي تعد موسما خصبا لشراء مستلزمات الأعراس من الذهب الأصفر.
ورد على سؤال حول زيادة عمليات الشراء عندما تنخفض الأسعار أجاب المجيني قائلا: الكثير من الزبائن غير متابعين للأسعار وتقلباتها، والطلب على الشراء مرتبط بالحاجة او بالمناسبة فقط، وهذا الأمر قد يفوت الفرص على البعض في الشراء عندما تهبط الأسعار، لكن هناك نقطة أخرى في هذا الحديث وهي ان الكثير من الزبائن يهتم بالتشكيلات الحديثة التي تقدمها بعض محلات بيع الذهب بغض النظر عن السعر أيضا اصبح هناك تنافس شديد في هذا السياق حيث يتم جلب الذهب من أماكن مختلفة من العالم ولكن هناك طلب كبير على الذهب التركي لدى شريحة كبيرة من زبائننا لجودته و أيضا لتشكيلاته الجميلة.
وعن الأسعار في الوقت الحالي قال المجيني: استطيع القول بان السعر ارتفع نوعا ما خلال الفترة الماضية وهذا ما أشرت إليه سابقا، لكن نحن نحرص على تقديم نماذج ترضي أذواق الزبائن سواء الذين يطلبون الذهب العماني أو أي نوع يروق لهم.
محمد إقبال بائع في احد محال الذهب يشاطر زميله السابق الحديث ويؤكد على ان أسعار الذهب تتغير بشكل بسيط نظرا لتغير أسعار النفط وايضا المصنعية تختلف من محل الى آخر لكنه أوضح بان الذهب يخضع الى رقابة من الجهات المختصة وجميع الأنواع التي تباع خضعت الى الدمغ أي أنها سليمة 100% من أي عملية غش او تقليد.
وحول الأسعار الحالية للذهب قال: تعتبر العلاقة بين النفط والذهب علاقة طردية، بمعنى ان انخفاض أسعار النفط يعني بالضرورة تراجع لأسعار الذهب وفي الوقت الذي تصعد فيه أسعار البترول نجد ان أسعار الذهب تتجه بنفس الاتجاه موضحا ان لائحة الأسعار تشير امس الى ان متوسط أسعار جرام الذهب بسوق المال في السلطنة بالريال العماني جاء كالتالي: سعر الذهب عيار 24 بلغ 15.50 ريال، اما أسعار الذهب عيار 22 بلغ14.21 ريال، اما سعر الذهب عيار 21 فبلغ 13.57 ريال وسعر الذهب عيار 18 فبلغ 11.63ريال.