هل الدول مستعدة لاستخدام السيارات الكهربائية؟
هل سنرى مزيدا من السيارات الكهربائية في الطرقات؟ وهل البنى التحتية في الدول مهيأة لاستخدام السيارات الكهربائية؟ وهل ستصل الدول إلى صفر انبعاثات من عوادم السيارات في ظل السعي إلى تصنيع السيارات الكهربائية، وحظر استخدام السيارات العاملة بالوقود في الأعوام المقبلة؟
الواقع يقول إن العالم يمضي في هذا الاتجاه .. حيث أعلنت ولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأمريكية مؤخرا أنها تبحث إقرار نص يحظر بحلول 2035 بيع السيارات العاملة بالوقود.
ولا تعد كاليفورنيا الوحيدة التي خطت هذه الخطوة، بل خطت دول أوروبية كبريطانيا، وسنغافورة خطاها، وقامت بحظر مبيعات السيارات الجديدة التي تعمل بالبنزين أو الديزل بحلول 2030، أما النرويج فقد قررت فرض هذا الحظر ابتداء من عام 2025، كما وافقت دول الاتحاد الأوروبي على حظر بيع السيارات الجديدة العاملة بالبنزين والديزل ابتداء من عام 2030، وذلك في إطار المساعي الرامية لبلوغ الحياد الكربوني في أوروبا بحلول 2050.
وكشفت الدراسات والأبحاث عن نمو حجم السوق العالمي للسيارات الكهربائية نموًا كبيرًا، إذ أوضحت دراسة أجرتها مؤسسة بلومبيرج، أن السيارات الكهربائية تشكل ما نسبته 3% من مبيعات السيارات حول العالم، متوقعة نموها بنسبة تصل إلى 10% في عام 2025، وارتفاع هذه النسبة إلى 28% بحلول عام 2030، وصولًا إلى 58% عام 2040.
وتسعى الصين إلى الوصول إلى ما نسبته 40% من إجمالي مبيعاتها من السيارات الكهربائية بعد أعوام قليلة، كما من المتوقع وجود أكثر من 4 ملايين سيارة كهربائية في ولاية كاليفورنيا وحدها، و15 مليون سيارة كهربائية في طرق ألمانيا بحلول 2030.
وقالت شركة «ماتياس شميت»: إن صناعة السيارات الكهربائية شهدت نموا كبيرا في السنوات الماضية، إذ إن أكثر من خُمس السيارات المباعة هذا العام عبر 18 سوقًا أوروبيًا، بما في ذلك بريطانيا، تعمل بالبطاريات، بينما شكّلت السيارات الهجينة نحو من 19% من المبيعات.
وتخطو الدول العربية خطوات جيدة لاعتماد السيارات الكهربائية، حيث لم يقتصر الأمر على استيراد السيارات الكهربائية، بل على تصنيعها أيضا، فقد قامت سلطنة عمان بالتصميم الأولي للسيارة الكهربائية مع التخطيط لطرح 100 سيارة في المرحلة الأولى في العام المقبل، إذ تقوم شركة «ميس للسيارات» بإنتاج هذه السيارة، وهي أحد استثمارات الصندوق العماني للتكنولوجيا، الأمر الذي يمهد لبناء منظومة متجانسة من الصناعات المرتبطة بقطاع السيارات من خلال استغلال المواد الخام المصنعة محليًا، وتصل سرعة سيارة ميس إلى 100 كيلومتر في 4 ثوانٍ، بحيث تتجاوز المسافة المقطوعة 500 كيلومتر من الشحنة الواحدة.
وتوقع تقرير لمؤسسة 6 دبليو ريسيرش الهندية تسجيل سوق السيارات الكهربائية في سلطنة عُمان معدل نمو سنوي مركب قدره 31.4٪ خلال الفترة من 2022 إلى 2028، وهو ما يتماشى مع «رؤية عمان 2040» التي تهدف إلى استخدام الطاقة المتجددة والتوجه نحو الاقتصاد الأخضر وتقليل الانبعاثات الضارة الأمر الذي يعزز صناعة السيارات الكهربائية. قال تقرير صادر عن مجلس صناعة الطاقة النظيفة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: إن دولة الإمارات العربية المتحدة أسست أكثر من 240 محطة بطيئة الشحن، ترتبط بشبكة الطاقة العامة اللازمة لشحن السيارات الكهربائية، أما المملكة العربية السعودية فقد قامت بتركيب محطة شحن للسيارات الكهربائية في 2018 في مجمع سكني «ديار السلام» بمدينة جدة، وقالت السعودية: إن ازدهار قطاع المعادن والألمنيوم والليثيوم وغيرها يسهم في الدفع نحو صناعة السيارات الكهربائية.
كما أن الأردن قام بإدخال 24 ألف سيارة كهربائية في السنوات العشر الماضية، كما أنشأ مرافق للبنى التحتية للشحن الكهربي، وجمعية تعاونية للسيارات الكهربائية، وبهذا يكون الأردن أسهم بخفض 14% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في عام 2030.
كما وقعت دولة الإمارات العربية المتحدة مذكرة تفاهم مع شركة هندسة الماكينات الصينية، تمهيدًا لإنتاج المركبات الكهربائية محليًا وذلك بهدف الوصول إلى الحياد الكربوني بحلول 2050، كما أنشأت مجموعة «إم جلوري» القابضة مصنعًا لتصنيع السيارات الكهربائية في مدينة دبي الصناعية بكلفة استثمارية تبلغ 1.5 مليار درهم، التي بدورها ستقوم بتصدير أكثر من 10 آلاف سيارة إلى دول مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى بعض الدول العربية.
ووفقًا لبيان نشرته «إم جلوري» سيتم استيراد بطاريات تسلا وبعض قطع جسم السيارة، ثم يتم بعد ذلك عمل أنظمة التشغيل والإطارات والأبواب وغيرها لتكون بذلك السيارة متكاملة.
أما الكويت فقد أعلنت في أغسطس 2021 عن إنشاء مدينة «أي في سيتي» لتقديم كافة الخدمات اللوجستية المناسبة لخدمة مُصنعي السيارات الكهربائية، بينما قامت مصر في يوليو من العام نفسه باستيراد سيارات كهربائية لتجربتها في الشوارع وذلك لتقوم شركة النصر لصناعة السيارات بتصنيع نفسها في مصر بنسبة 58%، بحيث تستورد المكون الأساسي لصناعة السيارة من الصين، ولكن مصر لم تتوصل إلى اتفاق لتخفيض سعر المكونات الصينية اللازمة لصناعة السيارة الكهربائية.
ويمكن القول إن الدول العربية قطعت شوطا جيدا في استخدام وتصنيع السيارات الكهربائية، ولكن ما تحتاجه الآن هو توفير البنية التحتية الكافية لاستيعاب عدد كبير من السيارات الكهربائية، إضافة إلى تعزيز ثقة المستهلك باستخدام هذا النوع من السيارات، كبديل عن السيارات القائمة على مشتقات النفط.
كيف تعمل السيارة الكهربائية؟
توجد عدة أنواع من السيارات الكهربائية منها التي تعمل بالبطارية الكهربائية فقط، وبعضها يعمل ببطارية كهربائية ومحرك احتراق بحيث يتم شحن البطارية من قابس، أما النوع الثالث فهو الهجين وهو الذي يحتوي على محرك كهربائي وبطارية ومحرك تقليدي يعمل بالبنزين أو الديزل. ويستغرق شحن السيارة الكهربائية بين 30 دقيقة و12 ساعة، ويعتمد ذلك على حجم البطارية وسرعة نقطة الشحن، وعلى سبيل المثال، يستغرق شحن السيارة الكهربائية النموذجية التي تحتوي على بطارية 6 كيلو وات في الساعة، 8 ساعات، كما أن بعض السيارات تستطيع قطع مسافة 150 ميلا بشحنة كاملة واحدة.
وتعمل السيارة الكهربائية من خلال تحويل الطاقة من البطارية إلى تيار كهربائي متردد للمحرك الكهربائي، ثم تقوم دواسة الوقود بإرسال إشارة إلى وحدة التحكم التي بدورها تقوم بضبط السرعة عن طريق تغيير تردد طاقة التيار المتردد من العاكس إلى المحرك، وفي حالة الضغط على الفرامل لجعل السيارة أكثر بطئا، يتحول المحرك إلى مولد للتيار المتردد وينتج الطاقة التي يتم إرسالها مرة أخرى إلى البطارية.
الإيجابيات والسلبيات
تعد السيارات الكهربائية صديقة للبيئة، وتسهم في الحد من التلوث الناتج عن احتراق الوقود، كما يوفر هذا النوع من السيارات المال، إذ لا تحتاج إلا لإعادة شحنها بالكهرباء الذي يكلف القليل من المال مقارنة بالوقود، إضافة إلى عدم حاجتها إلى صيانة المحركات وتغيير الزيت وغيرها من الإجراءات المختلفة التي تحتاجها السيارة العاملة بالوقود، أي في هذه الحالة لا تستدعي الحاجة الذهاب إلى مراكز الصيانة بشكل متكرر. وتتميز السيارة الكهربائية بالهدوء، إذ لا يصدر المحرك صوتا مزعجا، وهي في هذه الحالة مناسبة للمدن الصاخبة والمزدحمة، كما أنها آمنة نظرًا لاحتوائها على أكياس الهواء، وبالإمكان قطع الإمدادات الكهربائية في أي وقت لحماية الركاب. في المقابل، يعد سعر السيارة الكهربائية مرتفعا مقارنة بالسيارة العادية، كما أن البنية التحتية للمدن ليست مهيأة حتى الآن لتوفير عدد كبير من المحطات الكهربائية، إضافة إلى صعوبة صيانتها وتصليحها، فجميع أجزائها إلكترونية، التي يصعب إيجادها في كل مكان وفي كل وقت. كما أن البطارية المستخدمة في السيارة الكهربائية وزنها ثقيل جدا قد تصل إلى 3 أطنان مما يسبب حوادث كارثية في حالة التصادم مع سيارة أخرى، ولذلك تسعى الشركات المصنعة لهذا النوع من السيارات إلى تقليل وزن البطاريات المستخدمة فيها، إضافة إلى أن البطارية المستخدمة في السيارات الكهربائية أقل كفاءة وهي نفسها المستخدمة في الهواتف الذكية، التي يتطلب تغييرها بعد عدد شحنات محدد، وتحاول شركة تسلا تصنيع بطارية تزيد قدرتها على مليون ونصف مليون كيلومتر.
