اقتصاد الهيدروجين الأخضر باهظ التكلفة
للهيدروجين الأخضر جاذبية مُغوية. فهو مصدر للطاقة لا يطلق أية انبعاثات كربونية «محايد كربونيا». وإذا أحسِن استخدامه يمكنه التغلغل في كل أركان اقتصاداتنا ولعب دور مهم في محاربة التغير المناخي.
من الممكن نقل الهيدروجين لمسافات بعيدة وتخزينه لفترات طويلة. وبعض أجزاء البنية التحتية الحالية للوقود الأحفوري مثل أنابيب الغاز يمكن مواءمتها للتعامل معه. هذه الخصائص تساعد على تفسير الحماس لهذا الغاز الذي يوصف أيضا بالهيدروجين «النظيف» أو المتجدد. بعكس الهيدروجين «الرمادي» وهو الشكل المعتاد لغاز الهيدروجين ويستخلص من الغاز الطبيعي في عملية تطلق الكربون بكثافة، يعتمد الهيدروجين «الأخضر» على الطاقة المتجددة مثل أشعة الشمس أو الرياح لفصل الماء إلى هيدروجين وأكسجين. ولا يتسبب في انبعاثات كربونية أثناء عملية إنتاجه «بالتحليل الكهربائي» ويطلق فقط الماء عند حرقه. أُعلن حتى الآن عن حوالي ألف مشروع هيدروجين على صعيد العالم تتطلب استثمارا يبلغ في جملته 320 بليون دولار، حسب مجلس الهيدروجين الذي يضم شركات نفط مثل بريتيش بتروليوم وشركات صناعة سيارات مثل مجموعة بي إم دبليو. لكن المطورين المحتملين تعهدوا حتى الآن باستثمار 29 بليون دولار فقط.
20 تريليون دولار
لكن الإنفاق لا يتخلف فقط عن التصريحات بل أيضا عن المستلزمات. تقدر الفاينانشال تايمز أن نظاما للطاقة محايدا كربونيا قد يحتاج إلى 500 مليون طن من الهيدروجين سنويا. وهي كمية يتطلب توفيرها استثمار حوالي 20 تريليون دولار بحلول عام 2050. ذلك يعني أننا حققنا حوالي 0.15% منها. ما يؤخر تقدم صناعة الهيدروجين ارتفاع تكاليفها. لكن الحكومات خصوصا في الولايات المتحدة وأوروبا تتحرك الآن رويدا رويدا لدعمها وتدشين صعود الهيدروجين. يقول اللورد آدير تيرنر رئيس مركز أبحاث لجنة الانتقال إلى الطاقة المتجددة «الهيدروجين الأخضر سيكون ضروريا لبلوغ صافي صفر كربون (الحياد الكربوني). لكننا لا زلنا عند بوابة الدخول. بدون دعم قوي لسياسات تطويره لن يزداد إنتاجه بحسب الجدول الزمني المطلوب».
اقتصاد الهيدروجين
أول سؤال يسأله أي أحد يفكر في الهيدروجين كوقود هو: لماذا نحتاج له أساسا؟ نعم التغير المناخي يعني أننا بحاجة إلى وقف استخدام الوقود الأحفوري الذي يشكل 80% من استخدامات الطاقة في العالم. الحل هو كما يقول منتقدوه استخدام الكهرباء المتجددة والمنخفضة الكربون لتشغيل السيارات الكهربائية أو مضخات التدفئة مباشرة. فذلك سيكون رهانا أفضل من الدخول في تعقيدات استخدام الكهرباء المتجددة لفصل الماء وتوليد الهيدروجين «الأخضر» الذي يمكن بعد ذلك حرقه في سخانات التدفئة. ذلك في الغالب تمثيل دقيق للانتقال إلى الموارد المتجددة. فكفاءة الهيدروجين بالغة السوء. لنأخذ مثلا السيارات الكهربائية. حتى إذا وضعنا في الاعتبار فقدان 5% من الطاقة في أثناء النقل و10% في شحن وتفريغ البطاريات يمكن أن تكون كفاءة السيارات الكهربائية حوالي 80%. أما في سيارات الهيدروجين فما بين 30% إلى 40% من الكهرباء المتجددة تفقد في إنتاج الوقود و40% أخرى في خلية الوقود. يقول مارك ميلدرم المسؤول بشركة سيستميك لاستشارات المناخ «ضعف كفاءة الهيدروجين تعني أنه يكون مقنعا كأحد حلول التخلص من الكربون فقط عند عدم جدوى الكهرباء المباشرة في العمليات الصناعية التي تتطلب تفاعلا كيماويا على سبيل المثال». حسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية بحلول عام 2050 سنستخدم الكهرباء لمقابلة 50% من حاجتنا للطاقة مقارنة بحوالي 20% اليوم. وتقدر لجنة الانتقال إلى الطاقة المتجددة أننا سنستخدمها لحوالي 70% تقريبا للوفاء بالطلب على الطاقة. هذه التقديرات تترك لأنواع الوقود الأخرى ما بين 30% إلى 40% من هذا الطلب. الصناعات التي تستخدم الهيدروجين غير المتجدد في الوقت الحاضر كصناعة إنتاج المخصبات تشكل رهانات مضمونة للهيدروجين الأخضر (حوالي 50 مليون طن سنويا بحلول عام 2050)، حسب لجنة الانتقال إلى الموارد المتجددة. هنالك فرصة كبيرة أخرى للصناعات التي تستخدم الوقود الأحفوري في عملياتها الإنتاجية اليوم. فالهيدروجين مثلا يمكن إحلاله كمادة أولية في إنتاج الكيماويات. كما يمكنه الحلول محل الفحم المستخدم لتسخين أفران صناعة الصلب. وتقدر لجنة الانتقال إلى الموارد المتجددة استخدام 120 مليون طن من الهيدروجين سنويا لمثل هذه الأغراض. أيضا من المرجح استخدام الهيدروجين في النقل لمسافات بعيدة في المستقبل. ذلك لأن الطائرات والسفن والشاحنات تحتاج إلى تخزين الكثير من الطاقة على متنها للرحلات الطويلة والبطاريات ثقيلة مقارنة بكمية الطاقة التي يمكن أن تحملها. أما الهيدروجين بالمقارنة فخفيف جدا. مشكلته هي صعوبة ضغطه وسيحتاج إلى خزانات كبيرة جدا وغير عملية في الطائرات والسفن. الحل هو مزج الهيدروجين بالنيتروجين لتكوين الأمونيا الأكثر تكديسا للطاقة والتي يمكن حرقها في محركات الاحتراق الداخلي للسفن إذا كان ذلك آمنا. بالنسبة للرحلات الجوية الطويلة الفكرة هي إنتاج وقود طائرات «أخضر» بإضافة الكربون المحتجز من الهواء إلى الهيدروجين المتجدد. هذا المزيج الهيدروكربوني سيطلق ثاني أكسيد الكربون في الهواء عندما يحترق. لكن لأن الكربون مستمد أصلا من الهواء سيكون محايدا مناخيا خلال دورة حياته. أخيرا ستكون هنالك حاجة للهيدروجين الأخضر لتخزين الطاقة. أداء البطاريات جيد في هذا المجال. لكن يمكن أن تفقد الطاقة المختزنة إذا تركت دون استخدام. والتخزين لفترة طويلة أكثر صعوبة (مثلا تخزين طاقة شمس الصيف للتدفئة في الشتاء). استخدام طاقة الموارد المتجددة الفائضة لإنتاج الهيدروجين ثم استخدامه لتوليد الكهرباء أمر معقد. لكن لا توجد بدائل عديدة للتخزين الموسمي. تحقيق ذلك سيعتمد على الكيفية التي يتم بها تطوير أنظمة تخزين أخرى. إذا جمعنا كل استخدامات الهيدروجين هذه سنجد أن حجم الطلب على الهيدروجين سيكون حوالي 500 مليون طن بحلول عام 2050 أو أكثر من 10% من مزيج الطاقة. وهذا مجرد تقدير أولي بالطبع.
تكلفة الوقود الخالي من الكربون
من الواضح أن إنتاج ونقل 500 مليون طن من الهيدروجين سيحتاج إلى قدر كبير من رأس المال ومن الصعب تقدير الرقم بالضبط. فمن المتوقع أن تنخفض تكلفة التقنيات بمرور الزمن. لتكوين فكرة عن حجم هذا المشروع الرأسمالي من المفيد تقسيم إنفاق رأس المال إلى ثلاثة أجزاء هي تكلفة الكهرباء المتجددة اللازمة لإنتاج الغاز ونفقات أجهزة التحليل الكهربائي المستخدمة لفصل الماء إلى أكسجين وهيدروجين وأخيرا تكلفة البنية التحتية المطلوبة لنقل الهيدروجين إلى أماكن الحاجة إليه من خطوط أنابيب إلى سفن ومواقع تخزين. إنتاج هذه الكمية من الهيدروجين سيحتاج إلى 25000 تيراواط ساعة من الكهرباء المتجددة في العام أو 100 ضعف الطلب الحالي للكهرباء في بريطانيا. وبافتراض وضع ألواح الخلايا الضوئية وتوربينات الرياح في مناطق مشمسة وعاصفة سنحتاج إلى 10 تيراواط، بحسب تقديرات الفاينانشال تايمز. وبمتوسط تكلفة تبلغ 800 دولار للكيلوواط سيكون حجم الاستثمار المطلوب حوالي 8 تريليونات دولار. الجزء الثاني هو أجهزة التحليل الكهربائي. اليوم بسبب التضخم ارتفع سعر المحلل الكهربائي إلى 1500 دولار لكل كيلوواط. لكن من الممكن أن ينخفض حتى إلى 250 دولارا للكيلوواط بحلول عام 2050. وإذا استخدمنا متوسط سعر يساوي 750 دولارا للكيلوواط سيعني ذلك إنفاق 7 تريليونات دولار لتحقيق الهدف المرغوب. فيما يخص البنية التحتية يعتمد الإنفاق المطلوب للنقل والتخزين على نوع التقنية. أرخص خيار هو نقل الهيدروجين عبر خطوط أنابيب غاز معدَّلة واستخدام مواقع تخزين معدلة أيضا. سلاسل التوريد التي تشمل النقل البحري للهيدروجين المحول إلى أمونيا ستكون أكثر تكلفة. بشكل عام قد يتراوح الإنفاق الرأسمالي للبنية التحتية عند 5 تريليونات دولار. وفقا لهذه التقديرات إجمالي الإنفاق المطلوب سيكون حوالي 20 تريليون دولار. هذا رقم كبير خصوصا إذا اعتبرنا أن الاستثمار قد يتركز في الفترة بين العقد الرابع وأوائل العقد الخامس من هذا القرن. ولكي نضع ذلك في سياق من المتوقع أن يحتاج التحول إلى الطاقة المتجددة في مجمله إلى حوالي 100 تريليون دولار من الإنفاق الرأسمالي، بحسب لجنة الانتقال إلى الطاقة المتجددة. تشير هذه المبالغ الضخمة إلى حجم التحدي. لكن السؤال الحقيقي للمستثمرين وواضعي السياسات والمستهلكين هو: ما حجم تكلفة الهيدروجين الذي يتم إنتاجه عبر هذا الاستثمار بشكل مطلق وأيضا عند مقارنته بتكلفة الوقود الأحفوري الذي سيحل محله؟ الفرق هو المبلغ الذي يجب سداده عبر برامج الدعم المالي. الطريقة اليسيرة لحساب متوسط تكلفة الهيدروجين هي أن نقسم الإنفاق الرأسمالي على كمية الهيدروجين التي ربما تنتجها أجهزة الهيدروجين خلال 20 عاما. بهذا الحساب سيكون متوسط تكلفته حوالي 62 دولارا لكل ميجاواط ساعة. هذا حقا رقم تقريبي. كل هذه الاستثمارات وتدفقات الطاقة تمتد في المستقبل وتتجاهل القيمة الزمنية للمال (التي تتأثر بعوامل مثل معدل التضخم وسعر الفائدة- المترجم). لا يفترض هذا التقدير أية تكاليف تشغيلية. وما هو أهم أنه لا يشمل أي عائد لأولئك الذين يقدمون رأس المال. الجانب الثاني من هذا الحساب ليس أقل صعوبة بالنظر إلى أن سعر الوقود الأحفوري الذي من المقرر إحلاله بواسطة الهيدروجين سيستمر في التقلب. مثلا باستخدام أسعار الغاز الطبيعي المسال في العام الماضي سنجد أن سعر الهيدروجين أرخص من الوقود الأحفوري دون أن تكون هنالك حاجة إلى دعم مالي. لكن الاسترشاد بأسعار الغاز في أوقات الندرة قد لا يكون مفيدا. بافتراض أن الغاز الطبيعي سيستقر عند سعر أكثر معقولية يبلغ 50 دولارا لكل ميجاواط ساعة سيعني ذلك أن كل وحدة هيدروجين ستحتاج إلى دعم بحوالي 12 دولارا لكل ميجاواط ساعة في المتوسط. بضرب هذا الرقم في كامل الهيدروجين المنتج سيكون إجمالي الدعم المطلوب حوالي 4 تريليونات دولار. ليس من اللازم أن يتخذ كل هذا شكلَ دعمٍ إضافي. في أوروبا وبريطانيا يوجد سلفا تسعير للكربون. فنظام الاتحاد الأوروبي لتجارة الكربون يعني أن الشركات التي تستخدم الغاز الطبيعي تدفع 20 دولارا إضافيا لكل ميجاواط مقابل ثاني أكسيد الكربون الذي تطلقه في الهواء ومن المتوقع ارتفاع ذلك الرقم. يترتب على ذلك أن يكون الهيدروجين هناك أرخص من الغاز الطبيعي ومن تكلفة الكربون معا. هذه التقديرات التقريبية تشير إلى إمكانية الشروع في صناعة الهيدروجين دون دعم. لكن تلك ليست هي الحال. فكما يوضح تقرير صادر عن مجلس الهيدروجين المشروعات الجديدة التي يُعلن عنها لا تقترن بتعهدات تمويلية. وإذا كان الهيدروجين ضروريا وخلال الثلاثين عاما القادمة لن يكون أكثر تكلفة من الوقود الأحفوري لماذا هذا البطء؟
سعي جاد وراء الدعم
مشكلة الهيدروجين اليوم لها ثلاثة جوانب. فمشروعات البنية التحتية للطاقة المتجددة المطلوبة لا تنفذ بالمعدل المطلوب لتخليص توليد الكهرباء من انبعاثات الكربون وتكاليفها تتزايد. إلى ذلك مشروعات الهيدروجين القليلة الموجودة صغيرة ومتفرقة وتمثل أقل من1% من إجمالي إنتاج الهيدروجين خلال الأعوام الثلاثة الماضية. ذلك يجعل التكلفة المقبولة للبنية التحتية مرتفعة على أساس الوحدة عندما يكون هنالك طلب أكبر على الهيدروجين. لذلك الهيدروجين الذي ينتج اليوم لا يزال باهظ التكلفة. ففي حين تتمكن بعض المشروعات من الإنتاج بتكلفة تتراوح بين 50 دولارا إلى 100 دولار مقابل كل ميجاواط ساعة يشير تقييم «بلاتس» لأسعار الهيدروجين والذي يظهر تكلفة الهيدروجين المنتج في مختلف المناطق إلى أن أرخص هيدروجين في أوروبا اليوم يكلف أكثر من 150 دولارا لكل ميجاواط ساعة بدون النقل والتخزين. وتَقِلّ تكلفة الغاز الطبيعي الأوروبي عن 32 دولارا لكل ميجاواط ساعة. ذلك يعني أن هنالك حاجة لدعم جاد كي يصل إنتاج الهيدروجين إلى الحجم المطلوب لمعادلة موارد الطاقة الموجودة. تحاول أوروبا والولايات المتحدة كلتاهما دفع السوق إلى نقطة تحوِّله بطرائق مختلفة جذريا. لكن كلا المقاربتين ليستا كافيتين حتى الآن ليشرع في ذلك. يخصص قانون خفض التضخم الأمريكي أموالا كثيرة لمحاولة حل هذه المشكلة. إنه يقدم لمنتجي الهيدروجين الأخضر خصما ضريبيا يصل إلى 3 دولارات لكل كيلوجرام. عند هذا المستوى الوقود أغلى قليلا من الغاز الطبيعي لكنه أرخص كثيرا من الهيدروجين الرمادي. التحول لا يحتاج إلى تفكير بالنسبة للصناعات التي تستخدم الهيدروجين الرمادي. يقول ماركوس ويلثانر الشريك في شركة ماكنزي وقائد فريقها الخاص بالهيدروجين «قانون خفض التضخم دشن التحول من الهيدروجين الرمادي في أمريكا الشمالية. وتتعهد الولايات المتحدة الآن بحوالي 70% من إنتاج الهيدروجين النظيف عالميا». لكن المشكلة مع قانون خفض التضخم هي أن حوافز الإنتاج التي يقدمها تستمر لمدة 10 أعوام فقط. ذلك يجعل من الصعب على الشركات الاطمئنان إلى وضع السوق في الأجل الطويل. وهذا مهم حيثما تكون هنالك حاجة لاستثمار أوَّلي. مثلا يحتاج تخلِّي شركات صناعة الصلب عن الفحم الحجري إلى تشييد مصانع جديدة تماما لدعم الهيدروجين. كما يحتاج نظام الهيدروجين المعقول إلى مرافق إنتاج مركزية وبنية تحتية للنقل والتخزين. تتبع أوروبا مقاربة مختلفة تماما. فهي بدلا من إنفاق الكثير من المال على الإنتاج تجعل بعض استهلاك الهيدروجين إلزاميا. إنها تريد أن يكون 42% من الهيدروجين المستخدم في الصناعة متجددا (من موارد متجددة) بحلول عام 2030. تضيف الالتزامات الجديدة مليوني طن من الطلب في عام 2030. وتتوقع منظمة «هيدروجين أوروبا» 1.5 مليون طن آخر لإنتاج الصلب والتدفئة مما يرفع الطلب إلى ما يزيد قليلا عن 1.4 مليون طن. وهذه كمية كبيرة على الرغم من أنها أقل من الرقم الذي يطمح إليه الاتحاد الأوروبي وهو 20 مليون طن. المشكلة هنا هي أن الالتزامات تفرض تكاليف إضافية على الصناعة بإجبارها على التحول من الغاز الطبيعي الرخيص إلى الهيدروجين الأكثر تكلفة. إلى ذلك تبنَّي الاتحاد الأوروبي تعريفا ضيقا لما يمثل الهيدروجين المتجدد. فتوصيل جهاز التحليل الكهربائي بمقبس كهرباء الشبكة العامة لا يكفي لأنها ربما يتم توليدها بحرق الوقود الأحفوري. ولضمان أن يكون الهيدروجين «أخضر» حقا يجب إنتاجه بكهرباء من خارج الشبكة وفي الفترات المحدودة التي يتوافر أثناءها فائض من الكهرباء المتجددة. وتقليل ساعات الإنتاج يضيف المزيد إلى تكلفة الهيدروجين في بداية تطويره. هنالك أخبار مشجعة قادمة. فالتكلفة الإضافية لإنتاج الهيدروجين الأخضر تتقلص مع ارتفاع تكلفة إطلاق انبعاثات الكربون وشمولها للمزيد من الصناعات. كما يسعى الاتحاد الأوروبي إلى سد الفجوة ببرامج الدعم المالي الخاصة به. ومؤخرا تم تدشين بنك هيدروجين أوروبي جديد لتمويل مشروعات إنتاج الهيدروجين الأكثر تنافسية عن طريق المزاد. على الرغم من وجود برامج الدعم والحوافز على الورق إلا أن هذه العملية مجهدة وغير مضمونة مما يجعل من الصعب لمطوري الهيدروجين الأخضر الاقتراض على أساس وعود بالحصول على دعم مالي في المستقبل. رغم أن من اليسير التركيز على الجوانب السلبية لهذا العمل الضخم المنتظر إلا أن تقدما قد تحقق. فدور الهيدروجين في التحول إلى الطاقة المتجددة صار مقبولا على نطاق واسع بعدما كان مستبعدا جدا. هنالك الآن منظومة شركات تشكل بيئة تتعزز لخدمة صناعة الهيدروجين الأخضر. فمصنّعو أجهزة التحليل الكهربائي موجودون. والمجموعة الصناعية الألمانية «ثيسينكروب» تستعد لطرح أسهم شركتها الخاصة بها لصناعة معدات الهيدروجين «نوسيرا» والتي ذُكر أن قيمتها السوقية تبلغ 4 بلايين دولار. كما يجري تطوير سياسة لإنتاج الهيدروجين الأخضر. وإذا أوفت كل من أوروبا والولايات المتحدة بوعودها سيساعد ذلك في خفض التكاليف للآخرين. الهيدروجين قادم متأخر إلى «حفل» الموارد المنخفضة الكربون. لكن يمكنه «إشاعة البهجة» في أجواء هذا الحفل إذا حصل على الحوافز المطلوبة.
