فتاوى يجيب عنها فضيلة الشيخ الدكتور مساعد المفتي العام لسلطنة عمان
كثر في الآونة الأخيرة تحديات على برنامج تيك توك في بث مباشر بين شخصين وتكون كالتالي: فالتحدي يكون له مدة معينة بين المتحديين، وكذلك هو عبارة عن الحصول على أكثر نقاط بين المتحديين، ويكون رصيد كل منهما واضحا للجميع، يحصل المتحدي على النقاط عن طريق الدعم من الحضور، ويكون الدعم عن طريق إرسال هدايا عبارة عن رموز في البرنامج، ويجب على الداعم أن يكون له شحن من المال الحقيقي لإرسال الهدايا لأحد المتحديين، ولكل من المتحديين نقاط من الهدايا التي جمعها من الداعمين سواء كان هو الفائز أو الخاسر ويجوز له أن يحول الأموال إلى حسابه البنكي، بحيث يكون لشركة تيك توك نسبة منها؟
طالما أن هناك رهانا وفيه مبالغ تدفع، فهذا أشبه ما يكون بالمقامرة، هذا فضلا عن قبح هذه المنصة في الأساس، فإن غالبها الغثاء والسفاهة، ولذلك منعتها كثير من البلدان والدول، ولا ينبغي للمسلم أن يشتغل بها طالما أن أغلب ما يكون فيها هو مما يسخط الله تبارك وتعالى مما يتنافى مع الآداب والأخلاق، ومما يهدم الدين والأحكام الشرعية، فكيف إذا أضيف إلى ذلك المراهنة بالقمار، والله تعالى أعلم.
في قوله تعالى: «وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ۖ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّا آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ» لماذا ذكر الله تعالى هنا الوالدات صراحة بينما أشار للأب بالمولود له؟
جاء بهذا الوصف «المولود له» إشارة إلى أن الآباء هم الأحق بالأولاد، فتوطئة لما رتب على الآباء من لزوم النفقة والمعاش والسكنى فإن نفوسهم وطئت لتلقي هذا الحكم بأن الأولاد ينسبون إليهم، ويحملون أسماءهم وأنه يدعون بهم، فلإنْ كانت المرأة تحمل ثم تضع الولد فإن ذلك له إنما يحملن ثم بعد ذلك يرضعن له أي للآباء أي للوالد، فذكر بهذه العلة أنه مولود له، فهذا الإشعار بأن الولد لأبيه في هذا السياق الذي رتب عليه حكم شرعي لا ينفك عنه، كان أبلغ ما يعبر عن هذا الوصف هو وصف المولود له، فهو أكثر تعبيرا عن هذا المعنى من استعمال وصف الوالد أو الأب، والله تعالى أعلم.
هل إجراء عملية أطفال الأنابيب للحمل جائز، بمعنى إذا كان الشخص لديه مشاكل في الإنجاب، والخيار الأفضل هو تقنية أطفال الأنابيب فهل يصح ذلك؟
نعم، هذه الوسيلة كانت في ما مضى تسمى أطفال الأنابيب لكنها اليوم تسمى تسمية أدق وأكثر تعبيرا عما يحصل فهي وسائل للمساعدة على الحمل، فيفهم من ذلك أن اللجوء إليها إنما يكون في حال استحالة الحمل بالطريقة الطبيعية، لعلة في الزوجين أو في أحدهما أو لأمراض وراثية يمكن أن تنتقل إلى الذرية، فيعمد الزوجان في هذه الحالة إلى الوسائل الطبية المساعدة على الحمل، وخلاصة ما يشترط لذلك أن يكون بين زوجين حالة قيام الزوجية بينهما وفي حالة حياتهما، هذه الشروط محل اتفاق، وينبغي أن يكون ذلك في مؤسسة صحية مصرح لها، وإن كانت هنالك لقاحات فائضة، لأن المقصود أن يؤخذ ماء الرجل وماء المرأة ويحصل التلقيح في المختبر ثم تختار اللقاحات التي تتوخى أنها أصلح للذرية فتغرس في رحم الأم، فما فاض عن ذلك بحسب تعبير الفقهاء يترك ليموت، والمقصد من ذلك أن تتلف اللقاحات الفائضة حتى لا يساء استعمالها، وحتى لا تؤدي إلى اختلاط أنساب، هذا هو مختصر فقه هذه المسألة، ومنه يتبين أن الحكم الشرعي الجواز بهذه الشروط، والله تعالى أعلم.
هل يمكن صلاة ركعات قبل الظهر والعصر في حالة الجمع بينهما وهذا لمن أصيب بسلس البول؟
لا يمنع من ذلك، وإن كانت عبارة الفقهاء تدل على أن من كان مبتلى بما ينقض الطهارة كالسلس أو النزف بسبب جراحة، أو غير ذلك من الآفات التي تستمر معه، أن الأولى أن يتطهر ثم يصلي الفرض، ورخص له في الجمع تخفيفا له من مشقة التطهر لكل فريضة وأداء الصلاة في وقتها، ورفعا لهذا الحرج وتيسيرا للعباد رخص له أن يجمع بين الصلاتين، لكن لا يرقى الحال أن يمنع من أداء الصلوات والنوافل إن تاقت نفسه إلى ذلك، ليحرص قدر المستطاع إلى أن يحفظ وضوءه وطهارته، وإن احتاج إلى أن يتقرب إلى الله تبارك وتعالى بما سوى الفرائض، فلا يمنع من ذلك خصوصا إن لم تطل المدة بين أدائه للنوافل بعد تطهره وأدائه للفرائض ومعلوم أن فريضتي الظهر والعصر لا يأخذان الكثير من الوقت، فإن تطهر ثم تنفل ثم بعد ذلك صلى الفريضتين جمعا لعلة المرض كما ورد في السؤال فإن فعله ذلك صحيح إن شاء الله تعالى ولا يؤمر أن يتطهر مرة أخرى، والله تعالى أعلم.
ما حكم من يبدأ الصف الثاني في صلاة الجماعة من أقصى اليسار أو اليمين ولا يوجد أحد في وسط الصف؟
قد أخطأ في فعله ذلك، فإن صف الجماعة يجب أن يكون ابتداؤه من المنتصف، وليس له أن يصف منعزلا على الميمنة أو الميسرة، فعليه أن يبدأ الصف من منتصفه مما يلي خلف سترة الإمام، والله تعالى أعلم.
هل فعلا طلق النبي صلى الله عليه وسلم زوجته حفصة رضي الله عنها ثم راجعها؟
هذا الذي هو عليه جمهور أهل العلم فإن هناك رواية من طريق سيدنا عمر رضوان الله تعالى عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم طلق حفصة ثم راجعها، وهذه الرواية عند النسائي وابن داوود وابن ماجة، ورواها أيضا الحاكم في المستدرك، الذي يقال إن الرواية صحيحة على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وحسن الرواية أيضا ابن حجر في فتح الباري والذهبي كذلك ومن المتأخرين صححها الألباني، وهذه الرواية وردت بروايات مختلفة، فالأقرب نعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلق امرأته حفصة رضوان الله تعالى عليها ثم راجعها، ومما ذكره الحاكم في المستدرك أن الله تبارك وتعالى أمره أن يراجعها فراجعها، فكانت مراجعته لها صلى الله عليه وسلم بأمر من الله تبارك وتعالى، فقول أكثر المحدثين والفقهاء أن ذلك وقع، وإن كانوا قد اختلفوا في السبب وراء ذلك، فطائفة من شراح الحديث صنعوا صنيع المفسرين فربطوا بين هذه الرواية وبين ما ورد في شأن إفشاء السر « وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ ۖ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَٰذَا ۖ قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ» فقالوا بأن حفصة هي التي أفشت ما أسر به رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها فأفشته وكشفته لصاحبتها، لكن ليست هناك رواية صحيحة تبين سبب طلاقه عليه الصلاة والسلام لأم المؤمنين حفصة رضوان الله تعالى عليها وهل هو فعلا مرتبط بحادثة إفشاء سر أفضاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى امرأته فكشفه الله عز وجل له حينما كشفته هي لغيرها أو أن السبب غير ذلك، هذا أمر لم يرد فيه حديث صحيح، وإنما هو اجتهاد وربط للأحداث صنعه كثير من شراح الحديث جريا على ما سار عليه أيضا عدد من المفسرين، لكن الحادثة فيما يظهر وقعت، أي طلقها ثم راجعها، وكان قد طلق أيضا المرأة التي استعاذت منه، فقال «لقد استعذت بمعاذ»، وفي رواية: «لقد استعذت بعظيم الحقي بأهلك» فهذه حادثة أخرى من الأزواج التي طلقهن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كان لم يبنِ بها، فهذا الذي عليه الفقهاء، والله تعالى أعلم.
