241 خبيرا عمانيا نبغوا في «التحكيم» يشكلون دعامة الخبرة أمام المحاكم بالسلطنة
من مختلف التخصصات المهنية والفنية -
أصبح للخبرة أمام المحاكم دور كبير وجهد واضح في مساعدة العدالة في الأمور الفنية دون القانونية، حيث شكل الخبراء دوماً المكون الأساسي في نظام العدالة، ونظرا لتشعب واتساع المعارف الإنسانية وخاصة في جوانبها التقنية والعلمية والفنية وتطورها بشكل كبير أصبح يستحيل على القاضي الاستغناء عن أهل الخبرة لمساعدة القضاء بمختلف درجات التقاضي فأصبحت إلزاميته في بعض الحالات إما بأمر المشرع، وإما نتيجة تمخر فكرة المحكمة بأن الأوراق والمستندات بالدعوى لا تكفي لتكوين عقيدتها. ونظرا لأهمية الخبرة فإن قانون السلطة القضائية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 90/99 فوض وزير العدل بإصدار لائحة تنظيم أعمال الخبرة أمام المحاكم طبقاً لنص المادة (99)، وعلى ضوء ذلك صدرت اللائحة بالقرار الوزاري رقم 77/2002م وتم تعديلها بالقرار الوزاري رقم 562/2009م. وبعد صدور المرسوم السلطاني 9/2012م و10/2012م الخاص بتنظيم شؤون القضاء، بقي هذا الاختصاص أصيلاً لوزارة العدل، وقد دأبت الوزارة منذ إنشاء دائرة شؤون الخبراء الى قيد الخبراء واختيار الأفضل وفقاً للأسس التي تراها اللجنة ملائمة للقيد، بل إن الأمر تطور فمنذ عام 2015م اصبح الإعلان سنوياً ومتاحا للجميع للتقدم بالقيد بجدول الخبراء وفق الاشتراطات المبينة باللائحة والمرفقة بالإعلان، وعليه تقوم الوزارة سنوياً بتحديث وإضافة الخبرات الفنية بعد أخذ اطلاع من المحاكم بما تحتاج له من مختلف التخصصات الفنية، وتكون مدة الإعلان عن فتح باب القيد بجدول الخبراء لمدة شهرين من اجل توسيع الأجل لمن يرغب في التقدم لهذه الخدمة الوطنية لغير العاملين بالقطاع الحكومي وتقديم خبراتهم الفنية بمختلف التخصصات لمساعدة العدالة الناجزة.
من هو الخبير؟
يقول الدكتور عوض بن عبدالله الحرملي مدير دائرة شؤون الخبراء بوزارة العدل ان الخبير كما عرفته لائحة تنظيم أعمال الخبرة أمام المحاكم الصادرة بالقرار الوزاري رقم (77/2002م) في مادتها الأولى من الفصل الأول هو الشخص الذي يعهد إليه بعمل من أعمال الخبرة أمام المحاكم وصنفت اللائحة الخبراء إلى ثلاث فئات خبراء الدائرة وخبراء الجدول وخبراء الجهات الحكومية وغيرها من الجهات، وحددت اللائحة فصلا خاصا بكل فئة من هذه الفئات من الخبراء. وأضاف «لقد خصص الفصل الثاني لخبراء الدائرة حيث شرحت المادة (26) من اللائحة طبيعة هؤلاء الخبراء و نصت على «أن يعين في الوزارة خبراء في المجالات الهندسية والكيميائية وغيرها، وذلك لتقديم الخبرات التي تطلبها المحاكم في الدعاوى المعروضة عليها»، وبين الفصل الثالث من خلال المادة (39) إجراءات وتعريف خبراء الجدول إذ نصت تلك المادة على أن ( ينشأ بالوزارة جدول يقيد به الخبراء من التخصصات المختلفة الراغبون في العمل بهذه الصفة أمام المحاكم).
التقرير وملف الدعوى
وحول المراحل التي يمر بها تقرير الخبير يوضح الحرملي أن عملية أداء أعمال الخبرة تبدأ حسب نص المادة (82) من قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية الصادر بالمرسوم السلطاني السامي رقم (68/2008م) بأن تقوم المحكمة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب الخصوم أن تستعين بأهل الخبرة لتحقيق واقعة معينة في الدعوى أو إبداء رأي فيما يطرح من مسائل فنية او متخصصة دون المسائل القانونية. حيث يتم ذلك وفق المادة (83) من ذات القانون من خلال صدور حكم تمهيدي يقضي بالاستعانة بخبير يتم من خلاله بيان المهمة المكلف بها، ومبلغ الأمانة المحدد الذي يجب أن يودع لحساب مصروفات الخبير، والخصم الذي يكلف بإيداع الأمانة والأجل الذي يجب فيه الإيداع، والأجل المحدد لإيداع التقرير، وتاريخ الجلسة التي تؤجل إليها الدعوى للمرافعة في حالة إيداع الأمانة، وجلسة أخرى أقرب لنظرها في حالة عدم إيداعها.
وبعد هذه الإجراءات تقوم أمانة سر المحكمة بمخاطبة الخبير وموافاة بنسخة المحكم التمهيدي حتى يبدأ القيام بمباشرة المهمة الموكلة إليه حيث يتم مخاطبته بموجب كتاب مسجل ليطلع على الأوراق المودعة بملف الدعوى دون أن يتسلمها ما لم تأذن له المحكمة او الخصوم في ذلك الأمر الذي نصت عليه المادة(86) من ذات القانون، ومن ثم يقوم الخبير بالاتصال بالخصوم وتحديد موعد لمقابلتهم والاستماع لهم من خلال إعداد محضر الاجتماع حيث ألزمت المادة(97) الخبير القيام بذلك وحددت له محتوى المحضر، إذ يجب أن يشتمل على بيان حضور الخصوم وأقوالهم وملاحظاتهم موقعة منهم مالم يكن لديهم مانع من التوقيع حيث يبين الخبير سبب الامتناع في المحضر.
تأخر تسليم التقارير
وعن الصعوبات والمعوقات التي تواجه عمل الخبير باعتباره مساعدا للعدالة في الوصول للحقيقة يقول مدير دائرة شؤون الخبراء إن الصعوبات والمعوقات تكاد لا تذكر كما أنها لا تحول دون قيام الخبير بأعمال الخبرة وقد عالج قانون الاثبات في المعاملات المدنية والتجارية ولائحة تنظيم أعمال الخبرة أمام المحاكم أغلب ما يمكن أن يواجه الخبير من ظروف تأخر قيامه بالمهام الموكلة إليه، حيث سهل قانون الإثبات عملية تحرى وطلب البيانات من الجهات المختصة بناء على المادة (95) التي تنص على أنه ( لا يجوز لأية وزارة أو وحدة من وحدات الجهاز الإداري للدولة أو شركة أو جمعية أو مؤسسة أو أي من الأشخاص الطبيعية والمعنوية الامتناع بغير مبرر قانوني عن إطلاع أهل الخبرة الذين تستعين بهم المحكمة على ما يلزم) .
241 خبيرا مسجلا لدى وزارة العدل
يذكر هنا الدكتور عوض الحرملي أن عدد خبراء الجدول المقيدين في مختلف التخصصات يبلغ (241) خبيرا حيث تم مؤخرا قيد (11) خبيرا عمانيا بموجب القرار الإداري رقم (107/2019) وتبلغ نسبة العمانيين حالياً 62% كخبراء جدول، والعمل مستمر في دراسة الطلبات الجديدة والتحقق من مدى توافقها مع شروط القيد المنصوص عليها في لائحة تنظيم أعمال الخبرة أمام المحاكم.
وعن تدخل دائرة شؤون الخبراء بوزارة العدل في إزالة المعوقات التي تعترض أداء الخبير يقول الحرملي: إن الدائرة تقوم بالتنسيق المستمر مع الخبراء وذلك من خلال الاستماع إلى آرائهم ومقترحاتهم ودراستها لبيان مدى قابليتها للتنفيذ ومدى توافق اللائحة التي تنظم عمل الخبير.
تدريب وتأهيل الخبراء
وفي مجال تدريب وتأهيل الخبراء أوضح بالقول: إن الوزارة تحرص على تدريب جميع الخبراء بعد قبولهم وذلك بالتعاون مع المعهد العالي للقضاء من خلال دورات وبرامج تخصصية للخبراء، حيث شهد العام الماضي برنامجين لتدريب الخبراء؛ الأول برنامج (المسؤولية القانونية للمهندسين) للخبراء في مجال الهندسة والثاني (البرنامج المتكامل في الإدارة المالية والمحاسبة) للخبراء في مجال المحاسبة.
كوكبة من الخبراء العمانيين
ومما يثلج الصدر أن من بين الخبراء المقيدين في سجلات دائرة شؤون الخبراء بوزارة العدل كوكبة مشرفة من العمانيين الذين نبغوا في هذا المجال وقدموا المشورة الفنية التي أسهمت في إثراء سجلات المحاكم وكانت تقاريرهم مثار اعتزاز القضاة وثناء الخصوم بما تمتعوا به من حيادية ونزاهة. ومن بين هذه الخبرات الخبير المهندس مبارك بن مصبح الحدادي ماجستير في علوم تقنية المعلومات وموجه واستشاري في عدد من الكليات الخاصة وكذلك محكم وخبير جنائي إلكتروني من الاتحاد العربي للتحكيم، رئيس مجموعة تقنية المعلومات والاتصالات بجمعية المهندسين، وخبير معتمد في وزارة العدل وجميع المحاكم والادعاء العام في قضايا التحكيم في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
وذكر المهندس مبارك أن العمل كخبير أكسبه خبرة واسعة في عدد من المجالات والقطاعات المختلفة كاكتساب خبرات متنوعة في قضايا البنوك وشركات الاتصالات والطيران وانتهاك الخصوصيات وغيرها، إضافة إلى اكتساب المزيد من علاقات العمل التي ينبغي للخبير أن يحافظ عليها ويمكن من خلالها تحقيق الكثير من الحلول للقضايا وصقل المهارات الفنية والتوسع الأفقي نظرا لأن قطاع الاتصالات ثري.
أما عن التحديات التي يواجهها في عمله كخبير فإنه يعتبر أن قطاع تقنية المعلومات والاتصالات واحد من أهم القطاعات تسارعا في العالم وقال إنه نظرا لتزامن التحول الرقمي للمؤسسات والحكومات للثورة الصناعية الرابعة فان وجود الأدلة الرقمية يزداد صعوبة أكثر وتعقيدا حيث تتطلب الأدلة الرقمية العثور على أماكن تواجدها في السجلات الرقمية في السحابة الإلكترونية وغيرها ويكون بها نطاق مختلف عن النطاق المحلي في التشريعات، وكذلك وجود مكافح للأدلة الرقمية والذي بدوره يمسح جميع الأدلة الرقمية لكي لا يتم تعقبه أو استخدام تشفير البيانات لتكون غير واضحة.
أما جوخة بنت ناصر بن عبدالله الحسينية مهندسة في بيئة التشييد في مسح الكميات، خبيرة فنية في مسح الكميات، ومحكم خليجي في بيئة التشييد ومسح الكميات تعتبر العمل كخبيرة في وزارة العدل دعماً للشباب العماني في مختلف القطاعات لتحقيق العدالة بمسؤولية وأمانة.. مشيرة إلى أهمية البرامج التي قدمتها وزارة العدل للخبراء المتمثلة في الدورات وحلقات العمل السنوية للتعريف بحقوق وواجبات الخبير القضائي في الخبرة الفنية أمام الجهات القضائية وغيرها، وحول إجراءات صدور الحكم التمهيدي والإجراءات اللاحقة لصدور الحكم التمهيدي، ودستور الوثيقة القانونية لأعمال الخبراء والآثار المترتبة عليه، من شكاوى الخبراء وإجراءاتها التي أثرت الجانب العملي والنظري لهم وساعدتهم في تقديم الخبرة بحرفية أكبر وحيادية أكثر.
أما محمد بن علي بن خلفان الكندي خبير في مجال المحاسبة وهو مدقق مالي لأكثر من شركة وخبرة في مجال التدقيق المالي يضيف أن عمله كخبير أضاف له الكثير من المعرفة الخاصة بالعدل ودرجات التقاضي وتنظيم عمل المحاكم حيث أثبت لي شخصيا بأن مفهوم العدالة قائم وشامخ وصلب في وطننا الحبيب، وكذلك تنوع المعارف في تكوين الشركات وطبيعة عملها وطرق إدارتها وما هو مناسب لها من قرارات خاصة، والتعرف على الأخطاء المالية التي يقع فيها الأفراد ومدراء الشركاء، وأضاف العمل لي كخبير أيضاً الاطلاع على القانون وروح القانون ومصطلحاته ومفاهيمه ومقضياته من خلال الاحتكاك بالمحامين ويضيف الكندي: تقدم الوزارة تسهيلات طيبة للخبراء ولكن نطمح في المزيد منها خاصة تلك التي تتعلق بالحصول على المعلومات من الجهات الرسمية وكذلك نرجو أن يسن قانون خاص للخبراء وأن يتم تصنيفهم كخبراء من الدرجة الأولى والثانية والثالثة وذلك من أجل روح التنافس في الالتزام بالمهنية ويقترح تعيين عدد من الخبراء من باب التجربة في الوزارة من أجل النظر في القضايا الكبيرة كخبراء دائرة في كل مجال ممن يستوفون الشروط اللازمة والتعليم المستمر والخبرات المتجددة.
تعاون الجهات المختلفة مع الخبير
ويؤكد الدكتور عوض الحرملي أن تعاون الجميع ومن أهل الاختصاص مع الخبير المنتدب من الجهات القضائية يرتقي بدوره في إعداد التقرير بصفته مساعدا للقضاء وكونه شريكا أساسيا في تحقيق العدالة من الناحية الفنية ودون الخوض في المسائل القانونية، وعليه فهي مسؤولية جماعية واعية لجميع الأسرة القضائية المتعاملة مع الخبراء يترتب عليها أداء الرسالة التي تستدعي وقفة واحدة من أجل أن تكون عدالة ناجزة في الدعاوى التي ندب فيها الخبراء وخاصة الدعاوى العمالية منها والدعاوى التجارية.