1140061
1140061
تقارير

القوات العراقية محت صورة الجيش الضعيف

20 أكتوبر 2017
20 أكتوبر 2017

بغداد-(أ ف ب):استطاعت القوات العراقية بمواجهتها المقاتلين الأكراد وسيطرتها السريعة خلال الأيام الأخيرة على مناطق متنازع عليها مع إقليم كردستان، وأبرزها كركوك، وبعد طردها تنظيم «داعش» من مناطق واسعة في شمال العراق وغربه، قلب ميزان القوى بشكل جذري في البلاد، وفق ما يؤكد خبراء.

خلال 14 عاما، وفي مواجهة جيش حكومي ضعيف، سيطرت قوات البيشمركة بشكل منهجي على مناطق متنازع عليها بين بغداد وأربيل.

لكن الأوضاع انقلبت تماما خلال الأسبوع الحالي، إذ لم يستغرق الأمر سوى 48 ساعة كي تستعيد القوات المركزية العراقية السيطرة على جميع تلك المناطق من دون أي مقاومة تقريبا.

ورحب المتحدث باسم التحالف الدولي بقيادة واشنطن الكولونيل راين ديلون بهذا التطور، قائلا إن القوات العراقية حسمت معركة الموصل التي «تعد من أصعب المعارك منذ عقود، ثم سيطرت على تلعفر والحويجة». وأضاف «يقال إنهم الآن، من أوائل قوات الأمن في المنطقة». وتطلب الأمر سنوات لإعادة تشكيل القوات العراقية بمساعدة العديد من جيوش الدول الغربية. بعد الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003، أقدم الحاكم المدني الأمريكي حينها بول بريمر على حل القوات الأمنية العراقية التي اعتبرها آنذاك أداة بيد نظام صدام حسين.

وفي ذلك الوقت، كان أكثر من نصف القوات العراقية عبارة عن «جنود أشباح»، أي أسماء وهمية يتلقى أصحابها رواتب من دون أي تواجد لهم على الأرض، وفق ما يقول أحد المدققين.

«معنويات متدنية وفساد ومحاباة»

كانت القوات العراقية في أسوأ حالاتها خلال الهجوم الواسع لتنظيم داعش في يونيو 2014، عندما سيطر التنظيم المتطرف على نحو ثلث مساحة العراق.

ويقول الباحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية إميل حكيم إن معنويات القوات كانت متدنية جدا»، وكانت «تعاني من الفساد والمحاباة في القيادة». في عهد رئيس الوزراء حيدر العبادي، أقدمت الحكومة على إصلاحات في المؤسسة الأمنية، مستعينة بمدربين أجانب كانوا غادروا العراق في عام 2011.

ويؤكد التحالف الدولي أنه درب منذ عام 2015، 119 ألف عنصر من القوات الأمنية بينهم 43900 عسكري، 20700 شرطي، 14400 من قوات مكافحة الإرهاب، و22800 من البيشمركة.

ويوضح حكيم أن الإصلاحات «المهمة» التي قام بها العبادي والمصحوبة بـ«جهود أمريكية واسعة لتسليح ودعم» العراق، أثمرت «قوة أكثر انضباطا والتزاما وأفضل (مستوى) في التماسك الذي أظهر قدراتها العسكرية في ساحة المعركة». ويرى رئيس تحرير مجلة «جاينز» الأسبوعية المتخصصة بشؤون الدفاع في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بأن القوات العراقية اليوم هي ثمرة ثلاث سنوات من تدريب وتسليح من جانب التحالف.

لكنه يشير في الوقت نفسه إلى أن «العراقيين أيضا حسنوا على الأرجح أسلوبهم في مواجهة مشاكل الفساد والضعف اللوجستي وفي كيفية رفع المعنويات المتدنية» للقوات.

في المقابل، حصلت القوات الحكومية على دعم قوات الحشد الشعبي التي تضم فصائل ذات غالبية شيعية مدعومة من إيران، تعد أكثر من 60 ألف مقاتل وتشكلت في عام 2014 بعد فتوى جهادية من أكبر مرجعية في العراق لمواجهة تنظيم «داعش». وتخضع تلك الفصائل حتى الساعة لقيادة رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي.

العكس لقوات البيشمركة

في المقابل، انعكست صورة قوات البيشمركة التي كانت تتغنى بمقاتليها الأشداء، خصوصا أنها لم تكن القوات الرئيسية في الحرب ضد تنظيم داعش في العراق. ولم تشارك البيشمركة في معركة استعادة الموصل، وكانت تقف على بعد ثلاثين كيلومترا إلى شرق المدينة، ولم تخض أيضا معارك لاستعادة تلعفر أو الحويجة ولم تشارك في أي من معارك محافظة الأنبار في غرب العراق.

وعندما تقدم تنظيم «داعش» باتجاه مدينة اربيل، كان حال البيشمركة حال القوات العراقية آنذاك، ومستعدة للفرار، لولا الدعم الذي قدمته لها إيران المجاورة.

ويرى حكيم بأن تقهقر القوات الكردية في كركوك «سببه انعدام التوافق السياسي»، موضحا ان «الحرب ضد تنظيم «داعش» غطى على خلل الإدارة الكردية منذ سنوات». من جهة أخرى، لا تزال صورة مقاتل البيشمركة القديم الواقف على جبل بشاربين طويلين ووجه أسمر مجعد وكوفية تقليدية على رأسه وسروال عريض مدافعا عن أرضه في ظروف قاسية، قائمة.

ويعتبر حكيم أن الجيل الجديد من البيشمركة «ليست لديه القسوة والتماسك اللذان يمتلكهما القدامى»، لأن «الاستقرار والتطور الاقتصادي لكردستان العراق منذ عام 2003، أثرا على العقلية العسكرية للمجتمع الكردي». في المقابل، لم يعد مقاتلو البيشمركة يتسلمون إلا نصف رواتبهم منذ عام 2005، بسبب الخلافات السياسية بين بغداد وأربيل، ما ينعكس سلبا على معنويات هؤلاء المقاتلين.