907543
907543
إشراقات

الخليلي: إيجاد العالم بما احتواه وإخراج كل شيء من الغيب إلى الشهادة وتصريف هذا الكون هو بأمره تعالى وحده

19 أكتوبر 2017
19 أكتوبر 2017

لا بمشاركة أحد من خلقه -

متابعة:سيف بن سالم الفضيلي -

أكد سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخيلي المفتي العام للسلطنة في ختام الحلقة الرابعة والأخيرة من برنامج «سؤال أهل الذكر» «التفكر والتدبر» أن إيجاد العالم بما احتواه وإخراج كل شيء من الغيب إلى الشهادة وتصريف هذا الكون هو بأمره تعالى وحده، لا بمشاركة أحد من خلقه.

وحذر سماحته بقوله: «الإنسان عليه ألا يتعدى طوره وألاّ يتجاوز حدود العبودية لله سبحانه وتعالى، فإذا كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم مع علو قدره لا يملك أن يدفع ضراء أو يحقق سراء له ولغيره إلا بابتهاله وتضرعه إلى الله فكيف بغيره.

ونبّه سماحته إلى أن الناس الذين يدّعون انهم بتأملاتهم وبتفكرهم يخرجون من هذا العالم إلى العالم الآخر ويتمنون من التصريف، تصريف العالم والخفض والرفع والإيتاء والحرمان والوهب والسلب إلى غير ذلك إنما هم يدعون ما لم يكن إلا لله عز وجل، يدّعون خصائص الألوهية التي لا تليق إلا بالله سبحانه. مبيّنا سماحته أن الله وحده هو المصرّف للوجود، وربوبيته تشمل العالمين، ومعنى ذلك إنها تشمل كل ذرة من ذرات الوجود فكل ذرة من ذرات الوجود إنما هي واقعة تحت شمول ربوبيته سبحانه وتعالى فلا تخرج عن تصريف الله تعالى وتقديره وهي بحاجة لهذه العناية من الله سبحانه وتعالى ولا يمكن لأي أحد أن يغنيها عن الله عز وجل إنما الله تعالى وحده هو الذي يصرّف كل كائن من هذه الكائنات.

 

وقال سماحته مخاطبا الذين يدعون من تصريف الكون ومن الخفض والرفع ومن الإحياء والإماتة- إن كانوا صادقين فيما يزعمون- ليدفعوا عن أنفسهم الموت وليخلّدوا أنفسهم في هذه الحياة وليدفعوا عن أنفسهم الأمراض.

مؤكدا أن هؤلاء تأتيهم الأمراض ومعرّضون للغنى والفقر ومعرّضون لكل ما يتعرّض له الإنسان هؤلاء لا يملكون لأنفسهم مثقال ذرة من الخير أبدا ولا من دفع الشّر إنما هم واقعون تحت إرادة الله، فكل ما يمكنهم أن يفعلوه أن يبتهلوا إلى الله ويتضرعوا إليه ويعلنوا افتقارهم إليه ويعلنوا عبوديتهم له سبحانه. كما حذر سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة المسلمين من العقائد التي دسّها «اليهود والنصارى والمجوس» عندما تظاهروا بدخولهم في الإسلام بعد أن مكن الإسلام منهم، داعيا المسلمين إلى التمسك بالعقيدة الصحيحة التي جاء بها القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى السلام. وقال سماحته: «اليهود والنصارى والمجوس» تظاهروا بدخول الإسلام فبثوا معتقداتهم في خضّم الإسلام ولذلك تأثر الإسلام وتأثرت العقيدة، مشيرا إلى ما كان عليه المجوس قبل الإسلام وأثنائه بتأليههم كسرى. مشيرا سماحته إلى ما كان يقوله الناس في وصف كسرى: «في الآلهة إنسان غير فان، وفي الناس إله ليس له ثان، ارتفع اسمه وارتفع مجده، يطلع مع الشمس بضيائه ويضيء الليالي المظلمة بنوره».

وأكد سماحته أن الأمة في الصدر الأول وفي الرعيل الأول كانت تتلقى الإسلام نظيفا عن النبي فكانت تقف عند حدود الله ولا تتجاوزها، وبتقادم الزمن دخل أناس في الإسلام وهم يحملون أوزارا من معتقداتهم السابقة فبثوها بين الناس.. وإلى أجوبة سماحته.

هناك طرائق تجعل من هذا التفكير والتدبر قنطرة لمآرب أخرى يزعم معها هؤلاء أنهم بكثرة تدبرهم وتأملهم هذا أصبحت لديهم درجة فوق درجة البشر؟

إن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان ليكون إنسانا وسيظل إنسانا وسيموت إنسانا وسيبعث إنسانا، الإنسان لا يخرج عن طور الإنسانية حتى يشارك الله تبارك وتعالى في صفاته أو حتى يشارك الله تبارك وتعالى في سلطانه أو حتى يشارك الله تعالى في إحاطته بعلم الغيب، إنما الإنسان مهما رقى في درجات الخير هو إنسان، فالنبي صلى الله عليه وسلم هو أشرف البشر وأعلاهم قدرا وأرفعهم رتبه وأعظمهم شأنا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعرض لما يتعرض له البشر من الهموم والأحزان والأفراح والسرور ومن الأمراض والصحة والتعب والراحة، بل كان النبي صلى الله عليه وسلم مع علوّ قدره ورفعة شأنه يؤمر من قِبَلِ الله تعالى أن يعلن بأنه بشر كسائر البشر لا يعلم الغيب ولو كان يعلم الغيب لاستطاع أن يدفع عن نفسه الضراء، يقول الله تعالى: «قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ» فهو صلى الله عليه وسلم بطبيعته لا يعلم الغيب أما ما يخبر عنه من الغيوب فإنما هو وحي أوحاه الله تعالى إليه كما قال الله سبحانه وتعالى: «عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا ، إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ» والنبي صلى الله عليه وسلم ما كان بإمكانه أن يُسعد أحدا أو يشقيه، وما كان بإمكانه أن يدفع عن أحد ضراء أو يجلب له سراء، اللهم إلا بدعائه لله سبحانه وتعالى وابتهاله إليه وتضرعه فإن الدعاء لا ريب يقرب العبد من ربه ويحقق له به مراده وهو انكسار بين يدي الله سبحانه وتعالى وخضوع بأنه تعالى وحده الذي يملك ناصية كل شيء فنواصي الأمور كلها بيده ليس لأي أحد تدخل في تصريف هذا الكون وليس لأحد تدخل في دفع ضراء أو تحقيق سراء إنما كل ما يملكه الإنسان أن يدعو الله سبحانه وتعالى ويبتهل إليه وينكسر بين يديه، هذا الذي يستطيعه الإنسان. ولئن كان النبي صلى الله عليه وسلم مع علو قدره ومع ما أبان الله سبحانه وتعالى من فضله حيث قال: «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ» لا يملك أن يدفع عن أحد ضراء أو يحقق له سراء بل لا يملك أن يجلب لنفسه السراء وأن يدفع عنها الضراء إلا بابتهاله وتضرعه إلى الله ولا يعلم الغيب، فكيف بغيره صلى الله عليه وسلم، كيف بأحد من البشر أن يستطيع أن يتصرف في الوجود وأن يعطي ويمنع ويرفع ويخفض ويهب ويسلب ويحيي ويميت ويسعد ويشقي ويقول للشيء كن فيكون إنما هذه هي من خصائص الله صفات الله تعالى الذي ليس كمثله شيء، الله تعالى وحده هو الذي يصرّف في الكون «لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ» ومعنى ذلك أن إيجاد العالم بما احتواه وإخراج كل شيء من الغيب إلى الشهادة إنما هو بأمره تعالى وحده لا بمشاركة أحد من خلقه وكذلك تصريف هذا الكون وما يكون فيه من إحياء وإماتة وإغناء وإفقار ورفع وخفض وسلب المواهب كل ذلك أيضا إنما يعود الى الله سبحانه وتعالى وحده فلا يملك أحد من الناس أيا كان أن يحقق لأحد أي شيء، من ارفع قدرا من النبي صلى الله عليه وسلم ومن أعلى شأنا عنه عليه أفضل الصلاة والسلام ومع ذلك هذا حاله كما أخبر الله تبارك وتعالى به، فكيف بسائر الناس، فلا ريب أن هؤلاء الناس الذين يدّعون انهم بتأملاتهم وبتفكرهم يخرجون من هذا العالم الى العالم الآخر ويتمنون من التصريف، تصريف العالم والخفض والرفع والإيتاء والحرمان والوهب والسلب الى غير ذلك إنما هم يدعون ما لم يكن إلا لله عز وجل، يدّعون خصائص الألوهية التي لا تليق إلا بالله سبحانه، فالله وحده هو المصرّف للوجود، حسبنا ما نقرأه في كتاب الله، بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، الله سبحانه وتعالى ربوبيته تشمل العالمين، ومعنى ذلك أنها تشمل كل ذرة من ذرات الوجود فكل ذرة من ذرات الوجود إنما هي واقعة تحت شمول ربوبيته سبحانه وتعالى فلا تخرج عن تصريف الله تعالى وتقديره وهي بحاجة لهذه العناية من الله سبحانه وتعالى ولا يمكن لأي أحد أن يغنيها عن الله عز وجل إنما الله تعالى وحده هو الذي يصرّف كل كائن من هذه الكائنات، فعلى الإنسان ألا يتعدى طوره وألاّ يتجاوز حدود العبودية لله سبحانه وتعالى، أما الذين يدّعون ما يدّعونه من تصريف الكون ومن الخفض والرفع ومن الإحياء والإماتة هؤلاء إن كانوا صادقين فيما يزعمون ليدفعوا عن أنفسهم الموت وليخلّدوا انفسهم في هذه الحياة وليدفعوا عن أنفسهم الأمراض لا ريب أن أمراض تعروهم ولا ريب أن الأمراض تأتيهم ولا ريب انهم معرّضون للغنى والفقر ومعرّضون لكل ما يتعرّض له الإنسان هؤلاء لا يملكون لأنفسهم مثقال ذرة من الخير أبدا ولا من دفع الشّر إنما هم واقعون تحت إرادة الله، فكل ما يمكنهم أن يفعلوه أن يبتهلوا الى الله ويتضرعوا إليه ويعلنوا افتقارهم إليه ويعلنوا عبوديتهم له سبحانه، هذا الذي يمكن للإنسان أن يتوصل إليه، أما بزيادة على ذلك فلا ، والله تعالى المستعان.

إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم الذي بدأ حياته بالتأمل والتفكر أخبره الله تعالى في القرآن الكريم بأنه بشر وأنه لا يعلم الغيب، وكان الصحابة رضي الله عنهم يقرأون القرآن الكريم ويعيشون الإسلام في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصلوا الى هذا الأمر، من أين جاءت هذه الفكرة عند هؤلاء ليتخذوه قنطرة للمآرب الأخرى؟

من المعلوم أن هذه الأمة في الصدر الأول وفي الرعيل الأول كانت تتلقى الإسلام نظيفا عن النبي صلوات الله وسلامه عليه فكانت تقف عند حدود الله تعالى ولا تتجاوزها فلذلك لم تكن هذه اللوثات في العقائد موجودة فيها ثم بعد ذلك بتقادم الزمن دخل أناس في الإسلام وهم يحملون أوزارا من معتقداتهم السابقة، دخل اليهود وهم يحملون دسائسهم اليهودية وإنما تظاهروا بالدخول في الإسلام لقضاء مآربهم وكذلك بالنسبة إلى النصارى دخل من دخل منهم في الإسلام ولربما كثير منهم كانوا يحملون المعتقدات الكهنوتية النصرانية التي لا تتفق مع مبادئ الإسلام كذلك دخل المجوس مع ما كانوا يحملونه من معتقدات ولربما كانوا يعتقدون في بعض البشر القداسة ولا ريب انهم كانوا يعتقدون في الأكاسرة ما يعتقدونه من القداسة فالكسرى الذي كانت بعثة النبي صلى الله عليه وسلم في عهده كانوا يقولون فيه الشيء العجيب كانوا يقولون في وصفه «في الآلهة إنسان غير فان، وفي الناس إله ليس له ثان، ارتفع اسمه وارتفع مجده، يطلع مع الشمس بضيائه ويضيء الليالي المظلمة بنوره» هذا نشيد كانوا يرددونه في وصفه، فهذه معتقدات رسخت في هؤلاء من خلال هذه الدعاية ومن خلال ترديدها على الأفواه فلما جاء الإسلام كثير ممن دخلوا في الإسلام لم يدرسوه من كل جوانبه وإنما دخلوا وهم يحملون أوزارا من هذه المعتقدات السابقة، فلذلك حاولوا أن يبثوها في الأمة الإسلامية وحاولوا أن يصبوها في خضّم الإسلام ولذلك تأثر الإسلام وتأثرت العقيدة من خلال هذه المعتقدات الكثيرة الخارجة بأصحابها عن الطريق السوي.