mahmood
mahmood
أعمدة

التكنولوجيا وإسهاماتها في تطور الطب

22 سبتمبر 2017
22 سبتمبر 2017

د.محمود بن ناصر الرحبي -

استشاري أول طب الطوارئ -

منذ أن دعا أبو الطب أبقراط اتباعه في اليونان القديمة قبل 2500 سنة إلى الاستماع إلى صدر المريض لمعاينة تحول الأصوات فيه وصولا إلى سماعة الطبيب التي ابتكرها الفرنسي رنيه ليناك سنة 1816 والتي جعلت تشخيص المرض والعلاقة بين الأطباء والمرضى واسعا إذ أظهرت أصواتا خفية انتجها المرض، وما تبع ذلك من اختراع أجهزة الأشعة السينية X Ray التي منحت الأطباء قوة للرؤية داخل الجسم والمشكلات غير المتوقعة بحيث ضمر الدور التشخيصي الافتراضي للطبيب لمصلحة الآلات التي تصور وتفحص وتحلل وتختبر وتضع النتائج أمام الطبيب الذي يصف الدواء بعد أن يجيد قراءة التقارير وتحليلها بدقة وعناية.

ومذ ذلك الحين والتكنولوجيا الطبية تتوالى، فما سماعة الطبيب والكلى الاصطناعية ونقل الأعضاء والتصوير بالأمواج فوق الصوتية وجهاز التنفس الاصطناعي وسجلات الصحة على الكمبيوتر إلا غيض من فيض ذلك التطور الطبي، فبينما يبتكر الإنسان التكنولوجيا ويكافح لتطبيق قوتها تعيد هي ابتكاره ليواصل التقدم والتطور والتجديد، فقد منحت أجهزة الاتصالات والأدوات الحديثة والتطبيقات الأطباء مصدرا لمعدات جديدة ووسائل حديثة لتشخيص الأعراض وعلاج المرضى والحصول على المعلومات وتبادلها، ففي الماضي كان علم الطب يتطور بالإنجازات التي يحققها علم الأحياء، ولم يبلغ الدقة والسرعة التي بلغهما الآن إلا بفضل التكنولوجيا الرقمية والأجهزة الحديثة حتى أنها ساعدت الأطباء في زراعة أطراف صناعية لبعض المرضى.

وبالرغم من أن التطور السريع في التكنولوجيا الطبية قد أوجد ظاهرة ما تعرف بـ«فجوة الأجيال» بين الأطباء القدامى في المهنة وبين حديثي التخصص والعمل إلا أن تلكم الفجوة يمكن تلافيها بالبحث والتعلم المستمر فمجرد إضافة تطبيق ما ليس بالضرورة أن يحسن من أداء الأطباء إذا لم يقترن معه التعلم السليم بكيفية استخدام التكنولوجيا لتحقيق المهنية الفضلى والأكثر إنسانية، ومن بين تلك التطبيقات التي يستخدمها الأطباء حاليا لتسهيل أعمالهم ومضاعفة إنتاجهم ميديكيا آلة الحساب الإكلينيكية: وهي تطبيق لمعرفة الجرعات المناسبة وتفاعلات الأدوية، وأوكسي كالكيوليت لإنشاء صفحات لتوقع حالات الخطر التي يحتمل أن يتعرض لها المرضى أضف إلى ذلك تطبيق فحص النظر على الإنترنت، وليس هذا فحسب بل استطاعت التكنولوجيا تحسين الأبحاث والدراسات العلمية لجعل الرعاية الصحية أكثر كفاءة، كما وفر الإنترنت والتكنولوجيا طرق تساعد الباحثين والعلماء في توقع الفترات التي من شأنها أن تشهد انتشارا كبيرا لبعض أنواع الأمراض والتحضير لمواجهتها بوقت أبكر من أجل تقليل الخسائر قدر المستطاع.

ولاستثمار عصر التكنولوجيا الطبية على أكمل وجه توجب على الأطباء بمختلف التخصصات مواكبة الطفرة الكبيرة في مجال التقنية وضرورة متابعة ورصد كل جديد والتعلم والتدريب المستمر وعدم تفويت المشاركة في المؤتمرات الطبية العلمية وورش العمل المتخصصة والمعارض الدولية التي تستعرض التكنولوجيا الطبية الحديثة، فمع تلك المواكبة المستمرة نتسلح بالعلم والمعرفة التي تسهم في الارتقاء بالخدمات الصحية خدمة لهذا الوطن المعطاء.