أفكار وآراء

في انتخابات الغد .. هل تفوز ميركل بولاية رابعة؟

22 سبتمبر 2017
22 سبتمبر 2017

سمير عواد -

شعرت ميركل لفترة قصيرة بقلق من خسارة حزبها الانتخابات بعد وقت قصير على انتخاب الاشتراكيين، مارتن شولتس رئيسا للحزب وتكليفه بمنافسة ميركل، عندما ذكرت عمليات استقراء الرأي أن شعبيته على مستوى واحد مع شعبية ميركل.

عندما سُئلت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أخيرا في مؤتمر صحفي إذا توافق على الرأي بأن الحملة الانتخابية في ألمانيا كانت مملة، أجابت بابتسامتها المعهودة عندما يُطرح عليها سؤال سهل: لا أعتقد ذلك. وضحك الصحفيون.

فلا يختلف اثنان على أن ميركل التي تبلغ 63 عاما من العمر، سوف تحسم الانتخابات العامة التي ستجري غدا، لصالحها وتفوز بولاية رابعة في منصبها، بحيث تغدو بعد نهاية الولاية الرابعة المستشارة التي حكمت بلادها أكثر من المستشار الراحل هيلموت كول.

وبعد أن شهد العالم انتخابات حامية في الولايات المتحدة الأمريكية، انتهت بفوز دونالد ترامب الذي أثار ويثير الكثير من الجدل حول قضايا عدة ، ثم الانتخابات الفرنسية التي فاز بها إيمانويل مكرون، وكانت أوروبا خائفة من فوز منافسته اليمينية مارين لوبين، التي هددت بانسحاب بلادها من الاتحاد الأوروبي، ثم أخيرا، الانتخابات البريطانية في ضوء انسحابها من الاتحاد الأوروبي، جاء دور المستشارة الألمانية، التي قال عنها الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، أنها الضامن الوحيد للديمقراطية في العالم الغربي وأنه لو كان يحق له الانتخاب في ألمانيا لانتخبها.

وكانت ميركل المولودة بمدينة هامبورج بتاريخ 17 يوليو عام 1954، وترعرعت في بيت والديها بألمانيا الشرقية حيث كان والدها قسيسا يعمل في إحدى الكنائس، أول امرأة ألمانية تفوز بمنصب المستشارة في نهاية عام 2005، عندما حصل الاتحاد المسيحي على أصوات أكثر من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وكان تفويضا من الناخبين الألمان للمحافظين بتشكيل حكومة خلفت حكومة الائتلاف بين الحزب الاشتراكي وحزب الخضر، الذي كان يتزعمه المستشار جرهارد شرودر.

وسخر شرودر من ميركل في المناظرة التي تلت خسارته الانتخابات، وقال لها «لا تتصوري أنك ستتمكنين من تشكيل حكومة ائتلافية مع حزبي».

في هذه الأثناء مضى اثنا عشر عاما على ميركل في منصبها كمستشارة وكرئيسة للحزب المسيحي الديمقراطي الذي انتسبت إليه بعد وقت قصير على انهيار جدار برلين في نوفمبر 1989، وترأست 3 حكومات ائتلافية كانت الأولى ائتلاف مسيحي-اشتراكي، والثانية مسيحي- ليبرالي، والثالثة مسيحي- اشتراكي. وبينما يتوقع المراقبون حسبما تؤكده عمليات استقراء الرأي، أن غالبية الناخبين الألمان يفضلون ميركل على منافسها الاشتراكي، مارتن شولتس، وفوز الاتحاد المسيحي بأعلى نسبة من الأصوات، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: مع من سوف تشكل ميركل حكومتها الائتلافية القادمة.

الخيارات الموجودة على الطاولة معدودة، ولميركل الخيار. إما مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي للمرة الثالثة بعد عامي 2005 و2013، أو مع الحزب الليبرالي إذا دخل البرلمان علما أنه فشل في انتخابات عام 2013 بدخول البرلمان لأول مرة منذ تأسيسه. أو تشكيلها ائتلاف يجمع الاتحاد المسيحي مع حزبي الخضر والليبرالي.

لكن عمليات استقراء الرأي، ترشح منذ فترة، حزب «البديل من أجل ألمانيا» بدخول البرلمان، خاصة وأنه استطاع دخول عشرة برلمانات في الولايات وحصل في بعضها على عدد أكبر من الأصوات مقارنة مع حزب ميركل والحزب الاشتراكي.

ويدعو حزب «البديل من أجل ألمانيا» لمعاداة الأجانب وخاصة المسلمين، ويعتبر 45 بالمائة من الألمان في عملية استقراء للرأي تمت أخيرا، أن شعاراته متطرفة. وسيلفت دخوله البرلمان الألماني الأنظار، لأنه سوف يغير الهيكلية البرلمانية بحيث يصبح عدد الأحزاب الممثلة في البرلمان الألماني «بوندستاج» سبعة أحزاب، إلا أنه سيواجه عزلة منذ البداية رغم أن عمليات استقراء الرأي ترشحه لأن يكون ثالث أكبر حزب ألماني. فقد أعلنت كافة الأحزاب التقليدية الكبيرة رفضها التعاون معه.

وشعرت ميركل لفترة قصيرة بقلق من خسارة حزبها الانتخابات بعد وقت قصيرة على انتخاب الاشتراكيين مارتن شولتس رئيسا للحزب وتكليفه بمنافسة ميركل، عندما ذكرت عمليات استقراء الرأي أن شعبيته على مستوى واحد مع شعبية ميركل. ثم بدأت شعبية شولتس تتراجع بعد أن اتضح أن مؤيديه بالغوا في تقديره، ووجد منذ ذلك الوقت صعوبة في إقناع الناخبين بأنه رجل التغيير ويستطيع قيادة البلاد بشكل أفضل من ميركل. ويقول ياكوب أوجشتاين، المعلق الألماني المعروف، أنه من سوء حظ شولتس أن الناخبين الألمان يخافون من التغيير.

فهم يعرفون ميركل ورغم أنها ارتكبت خطأ ، يراه البعض كبيرا، عندما وافقت على فتح أبواب ألمانيا أمام نحو مليون لاجئ، الذين دخلوها بدون أوراق ثبوتية، فقد تجاوزوا عن ذلك.

لكن المعلقين يقولون إن قيام ميركل بتسهيل مجيء اللاجئين إلى ألمانيا، أنقذ حزب «بديل من أجل ألمانيا» من السقوط، لعدم تبنيه شعارات تلفت اهتمام الناخبين، إلى أن استغل أزمة اللاجئين وراح ينسج المخاوف من اللاجئين ويحمل ميركل مسؤولية الاعتداءات الإرهابية التي ارتكبها بعض الأشخاص الذين تسللوا مع اللاجئين، كما راح يزعم أن اللاجئين يحصلون على مساعدات من الدولة الألمانية تزيد عما يحصل المواطنون الألمان عليها، حتى أن الجهات الألمانية تُجبر بعض المواطنين على مغادرة بيوتهم لتسكين اللاجئين فيها.

ونتج عن ذلك انتشار موجة من الخوف من اللاجئين. وباعتقاد المراقبين إذ دخل حزب «بديل من أجل ألمانيا» الشعبوي البرلمان الألماني، فإنه سيمهد لموجة من العنف تستهدف اللاجئين والأجانب بشكل متزايد في الفترة القادمة .