yesra
yesra
أعمدة

ربما: كُلُّنا راحلون

20 سبتمبر 2017
20 سبتمبر 2017

د. يسرية آل جميل -

[email protected] -

• ما عاد الجار قبل الدار

هذا مثل جدتي في زمن الطيبين

وزمن الحب الجميل

يوم أن كان الجار أقرب قريب

أقرب حتى من الأخ والأخت

الجار اليوم أصبح مصدرا للأذى والشر

على أقل تعبير.

كنتُ متجهة إلى مهمةٍ علمية وفريق من الزملاء، أنهينا جميعا إجراءات السفر، استلمنا بطاقة صعود الطائرة، ما زلنا بانتظار رئيس الفريق، لم يحضر بعد، الوقت يمر، لم يتبقَ شيء، سيغلق الكاونتر، عقارب الساعة تتسارع، قلوبنا تلهث، فجأة حضر، أنهينا إجراءاته بسرعة، النداء الأخير للرحلة، صعدنا الطائرة، ربطنا الأحزمة، أقلعنا.

سلامات دكتور، لماذا تأخرت؟

جاري أغلق منفذ خروج سيارتي وخرجَ بسيارة أخرى، نكايةً وعناداً وإيذاء فقط، دون مراعاة لأي شيء أو ظرف طارئ قد يحدث لأحدٍ منا سكّان البيت، ومع أن تخطيط المنطقة لا يخصص موقفاً لشخص دون آخر.

كلنا جيران ويفترض أن نكون متحابين

صدورنا أوسع لبعض

نفضّل الخير ونؤثره للآخرين

لكن بكل أسف

هذا كله كلام افتراضي

تعلمناه ممن سبقونا

الواقع يقول شيئا آخر

وما يفعله جار السوء والأذى شيء آخر

الأخلاق تغيرت

الناس أصبحت أكثر شراً

أكثر رغبةً في إشعال نار الخصومة والبغضاء بينها

لا أعلمْ أين الخَلل!

لكن الذي أنا على يقين منه

أن الجار ما عاد أول الخيارات عند اختيار الدار أبدا.

• ماعاد الصديق وقت الضيق

فكم من ضيقٍ مرّ بنا

وكم من أزمةٍ تعثرنا بها

بحثنا يميناً ويساراً

فلم نجد اليد التي تمسح دمعاً

أو تربتُ على كتف.

فجأة وجدتُ صديقاً

سلامات

(وش فيه)

ما عاش من يزعلك

طرتُ فرحاً

خيبّ ظني في الأصدقاء إيجاباً

شكوته

بثثتُ حزني إليه

فعلوا.. وقالوا.. وأساؤوا

ظلموا.. هاجروا.. غابوا

و..و..و..

أخذ مني كل الحديث ورحل

وأصبحتُ من غدٍ

وكل أخباري على ألسنة الحَي

تذيعها نشرات الأخبار

وبعض النسوة

من وكالات الأنباء المختلفة

أين صديق السر الذي يموت معه كل الحَكي

ولو على (قص رقبته) لايبوح

ذهبْ ولن يعد

انتهى زمن النبلاء.

• ماعاد الأقربون أولى بالمعروف

ولا بالفضل بينهم

ولا بأي شيء آخر

ماعادت الناس تعرف بعضها البعض

لا في الخير

ولا في الشدائد

القلوب الصافية غالباً حظها قليلٌ مع الناس

تُحسن إليهم فيُسيؤون لك

تمدُ لهم يد العَون فيعضّون خيرك لهم

تُكرمهم فيتلاءمون عليك

تتودد إليهم

تشتري رضاهم

فوق السبعين عذراً تضيف سبعين أخرى

تلتمسها لهم بدون فائدة

تعتبرهم عناوين أساسية في حياتك

وهم ينظرون إليك بكل ازدراء واستعلاء

ماذا لو قابلنا الإحسان بالإحسان

المودة.. الرحمة

تركتم ذكرى طيبة بعد الفناء

هل يضيركم شيئاً؟

كُلنا راحلون

--