1107384
1107384
المنوعات

قراءة في «مغامرة النص المسرحي في عمان» مسرحيات النادي الأهلي أنموذجا للدكتورة آمنة الربيع

12 سبتمبر 2017
12 سبتمبر 2017

كتبت- خلود الفزارية -

المسرح لا يعكس واجهة فنية وحسب، وإنما يسبر غور المجتمعات بتتبع العادات والثقافات والقوانين السائدة، وردة فعل الناس حول ما يعيشون فيه بين هموم وقضايا في قوالب متعددة منها الهزلي والتراجيدي، والدرامي كيفما يؤدي الممثل دوره بإمكانياته، والدعم الذي يحظى به. وإذ نتوقف في عرضنا عند تجربة المسرح العماني في كتاب «مغامرة النص المسرحي في عمان.. مسرحيات النادي الأهلي أنموذجا» للدكتورة آمنة الربيع الذي صدر ضمن البرنامج الوطني لدعم الكتاب الذي يدعمه النادي الثقافي عن دار مسعى للنشر، الذي أهدته إلى الطليعيين في المسرح العماني.

واستخلص محتوى الكتاب من ورقة شاركت بها الكاتبة في الملتقى العلمي الثالث للجامعة العربية المفتوحة في مايو 2013م، وجاء عنوان الكتاب حول مغامرة النص المسرحي في النادي الأهلي وما أثراه في المشهد المسرحي العماني المعاصر، حيث يؤكد أن مسرح النادي الأهلي قد نجح من خلال استعمال اللهجة العامية في تقديم أعمال مستقاة من هموم الناس، ما أدى إلى تقبل الجمهور للمسرح.

واتخذ البحث مسرحيات «النادي الأهلي» أنموذجًا نظرًا؛ لأنه يجمع أغلب المسرحيين العمانيين، وتجربته أكثر شمولية، متناولا مسرحيات لجيل الرواد في المسرح العماني، والمسرحيات التي تضمنها صدرت في عام 1983م، وتناشد الكاتبة في دراستها بتفعيل الفنون الشعبية التراثية في أعمال درامية فاعلة.

وتشير الكاتبة في بداية الكتاب إلى أن المغزى من الدراسة هو توثيق النص الإبداعي المسرحي في السلطنة، حيث كانت البداية الفعلية لمسار المسرح العماني مع مسرح الشباب، إلا أنها لم تجد ما يوثق الأعمال بأي دراسة نقدية تواكب المشهد الثقافي المسرحي العماني برغم تنوع المؤسسات وعددتها كسبيل التمثيل كالآتي: النادي الثقافي، والمنتدى الأدبي، والجمعية العمانية للمسرح، والجمعية العمانية للكتاب والأدباء، وجامعة السلطان قابوس، ومركز الدراسات العمانية، ومؤسسة عمان للصحافة والنشر والإعلان، وجمعية الفنون التشكيلية، ومركز السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب.

وبدأ المسرحيون من باحثين وأكاديميين بمتابعة المسار المسرحي، فانطلقوا لتكوين أطر البحث، وإعداد المؤلفات التي تهدف إلى التوثيق والأرشفة، ومن أهمها: في عام 1977 المسرح في النادي الأهلي بسلطنة عمان عن المطبعة الحكومية، وفي عام 2006 الحركة المسرحية في عمان د. محمد سيف الحبسي عن وزارة التراث والثقافة، والمسرح في عمان من الظاهرة التقليدية إلى رؤى الحداثة للدكتور عبدالكريم بن علي جواد عن وزارة التراث والثقافة، وتوظيف الأدب الشعبي في النص المسرحي الخليجي للدكتور سعيد بن محمد السيابي عن جامعة السلطان قابوس، ورؤية في المسرح العماني لعزة القصابية عن وزارة التراث والثقافة، ومعجم المسرح العماني (نصوص وعروض) للدكتور محمد الحبسي والدكتور سعيد السيابي، وفي عام 2010 توظيف التراث والتاريخ في المسرح العماني لعزة القصابية عن التكوين، وفي عام 2013 الآخر في المسرح العماني للدكتورة كاملة الهنائية، والدكتور سعيد السيابي عن بيت الغشام.

كما أقيمت ندوتان علميتان نظمهما وأشرف عليهما المنتدى الأدبي بوزارة التراث والثقافة، جاءت الأولى بعنوان «قضايا النقد المسرحي في عمان: الأسئلة والمتغيرات» وطبعت هذه الندوة في كتاب «نقد النقد في عمان» في عام 2008، وأقيمت الندوة الثانية بعنوان «النص المسرحي العماني المعاصر» في عام 2013.

واستهلت الربيع كتابها بمناقشة النادي الأهلي ودوره الثقافي والتوعوي بالمسرح، مشيرة إلى أن النادي رسخ أصول الفعل المسرحي بصورة خاصة، والفن في السلطنة بوجه عام، حيث يظهر التأصيل عبر المساعي الحثيثة والجهود الواضحة التي بذلت من خلال إسناد مهمة الفعل المسرحي إلى مجمل ما كان يقدمه أعضاء النادي من أنشطة ثقافية كالمسابقات والاحتفالات الخاصة بالأعياد الوطنية والدينية، وقد ظل الفعل المسرحي في النادي الأهلي مفتقرًا لمكان خاص للعرض، ثم جاء تشييد مسرح ابن ثابت للنادي الأهلي بمثابة وضع حجر الأساس الذي ينهض عليه تمكين التأصيل في ساحة ترجع ملكيتها لعائلة عبداللطيف في سوق الصاغة بولاية مطرح، فكان للنادي مكتبة ومجلة تواكب عروضه، وفرقة موسيقية تشارك في مختلف المحافل بفقرات مسرحية وغنائية.

وعن تفاعل النادي مع المسرحيات العربية تشير الكاتبة إلى أن أغلب الدراسات المؤرخة لحركة النهوض المسرحي في البلاد العربية تؤكد على دور التفاعل والتثاقف، وبالرغم من أن ظروف نشأة المسرح في الأقطار العربية كانت متشابهة ولكن مجتمعات الخليج لها ظروف مختلفة، حيث كان التحول من مجتمعات قبلية وصحراوية إلى مدن حديثة جعل توجه النخبة المستنيرة والمثقفة بالخليج مختلفا قليلًا، أما الواقع الاجتماعي للسلطنة، فيلخصها كتاب «الحركة المسرحية في عمان» وتطرق فيه المؤلف إلى عدم وجود أي مؤثر ثقافي للتداخلات الأوروبية، ما يعني إصابة الحركة الاجتماعية بالجمود في سائر أنحاء عمان، بدون أي تأثير ثقافي أو أدبي.

وكانت مضامين مسرحيات النادي الأهلي تدور حول قضايا تاريخية وأخلاقية واجتماعية وسياسية عربية تتصل بهموم الإنسان العربي وبمصيره التاريخي، ومن أمثلة ذلك مسرحية «مجلس العدل» لتوفيق الحكيم، مشيرة إلى ما ورد في كتاب «الآخر في المسرح العماني» حول إحصائية بلغت اثنتي عشرة مسرحية قدمها المسرح العماني لتوفيق الحكيم. ثم انتقل اهتمام النادي الأهلي من المسرحيات التاريخية إلى تقديم المسرحيات الاجتماعية مبشرًا بصعود نخبة من المتعلمين والمجددين تزامنًا مع المتغيرات الاجتماعية والعصرية في المجتمع العماني.

وعرجت الكاتبة إلى المفهوم الاجتماعي للمسرح ورصد المتغيرات الجوهرية التي شهدتها نشأة المسرح كالحث على التعليم وتشجيعه واكتشاف النفط وتسويقه، وثم فتح الأبواب للتأثير الخارجي بعد الارتكاز على قضايا المجتمعات، ومن أهمها قضايا الأسرة كتعدد الزوجات، والزواج بالإكراه، وغلاء المهور، والعنوسة، وقضايا السحر والشعوذة، وخادمات المنازل، والشباب الباحث عن فرص العمل وغيرها، وابتعدت الموضوعات عن كل ما يمس النظام السياسي.، فكان على المسرحيين بالنادي الأهلي حمل راية المسرح، وترسيخه في السلطنة، فضلا عن قيامهم بمهمة التعريف بأركان المسرح، ولم يخل طريقهم من بعض العراقيل.

وكانت أهم التحديات: ندرة كتّاب النص المسرحي، وقلة العنصر النسائي، وعدم وجود بنية أساسية للمسرح والعروض، بالإضافة إلى غياب الثقافة المسرحية الجادة، وتشتت جهود الثقافة المسرحية، والاحتراف المسرحي.

بعدها استعرضت الدكتورة آمنة الربيع الكتابة الدرامية في كتاب «مسرحيات النادي الأهلي»، وألحقتها بدراسة تحليلية، أعقبتها بهامش للمسرحيات، وخلصت الكاتبة إلى أن كتّاب مسرح النادي الأهلي التفتوا إلى الموضوعات الاجتماعية ليعالجوا القضايا المتفشية آنذاك، مشيدة بنجاح النادي الأهلي بتقديم أعمال نابعة من هموم الناس، وبالرغم من أن كتّاب المسرح لم يكونوا على معرفة جيدة بمقتضيات الكتابة المسرحية العلمية ومتطلبات الإخراج والتمثيل، فقد بدأوا باقتباس ثلاثة أعمال بعدها انطلقوا إلى التأليف مع جهودهم المكثفة، بأساليب متنوعة.