1095294
1095294
إشراقات

الصوافي: يوم الأضحى والنحر أحد اليومين اللذين أكرم الله سبحانه وتعالى بهما هذه الأمة

31 أغسطس 2017
31 أغسطس 2017

للأضحية شروط ينبغي للمضحي معرفتها والالتزام بها -

أوضح فضيلة الشيخ حمود بن حميد الصوافي أن من هذه الأيام العشر اليوم العاشر، يوم الحجّ الأكبر، يوم الأضحى والنحر، أحد اليومين اللذين أكرم الله سبحانه وتعالى بهما هذه الأمة، وجعلهما عيدين لجميع المسلمين، يشترك في مسراتهما الصغير والكبير، والغني والفقير، والقوي والضعيف، وأبدل الله بهما هذه الأمة من يومين كانا للجاهلية في جاهليتها يلعبون فيهما، فعن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: «ما هذان اليومان؟» قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال: «إن الله أبدلكم خيرا منهما، يوم الأضحى ويوم الفطر».

وقال في خطبة له لصلاة عيد الأضحى: وفي هذين اليومين شرعت أحكام مختلفة، منها ما هو خاصّ بأحدهما، ومنها ما هو مشترك فيه بينهما، فمن الأحكام المشتركة بينهما: حرمة صيامهما، فصيام هذين اليومين حرام بإجماع المسلمين؛ لأنهما يوما ضيافة الله عز وجل، ومن الأحكام المشتركة بينهما: صلاة العيد التي يجتمع فيها المسلمون أصحاب المنطقة الواحدة في مكان واحد، وقد صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وواظب عليها، ورغب فيها، فهي سنة مؤكدة، تاركها خسيس المنزلة، ومما يؤمر به المسلم في هذين اليومين عند إرادة الخروج إلى الصلاة: أن يغتسل، ويتسوك، ويتطيب بما حضر من الطيب، ويتجمل بأحسن اللباس، ثم يغدو إلى المصلى ماشيا مكبرا، وبعد الفراغ من الصلاة يرجع في طريق غير الطريق الذي جاء فيه إلى المصلى؛ اقتداء في ذلك برسول الله صلى الله عليه وسلم.

ومن الأحكام الخاصة بعيد الأضحى: الأُضحية التي جعل الله سبحانه وتعالى فيها اقتداء لهذه الأمة بأب الأنبياء إبراهيم ـ عليه السلام ـ الذي ابتلاه الله سبحانه وتعالى في مثل يوم الأضحى ببلاء عظيم، وذلك أنه رأى في المنام أنه يذبح فلذة كبده، وثمرة فؤاده، وقرة عينه ولده إسماعيل ـ عليه السلام ـ، فأخبر ولده بذلك.. (قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى).. فلم يتردد إسماعيل ـ عليه السلام ـ في قبول أمر الله، والانقياد لحكمه، والإذعان لطاعته (قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ)، وأسرع الوالد الحنون إلى إنفاذ أمر الله، ولكنّ عناية الله وألطافه تداركتهما، ففدي إسماعيل ـ عليه السلام ـ بذبح عظيم، يقول عز من قائل : (فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ * فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ * سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ * كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ). وفي هذا ما يعلمنا الصبر، ويعرفنا بعاقبة الصبر، ويعرفنا بعاقبة الانقياد لأمر الله، والاستسلام لحكمه، والإذعان لطاعته (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا).

وأشار إلى أن الأضحية سنة مرغب فيها، وفيها فضل عظيم، وثواب جزيل، ينبغي للقادرين عليها أن يحيوها، وألا يتساهلوا فيها، فيحرموا من ثواب الله عز وجل، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أُنفقت الورق في شيء أفضل من نحيرة في يوم عيد»، وجاء عنه صلى الله عليه وسلم: «ما عمل ابن آدم يوم النحر عملا أحب إلى الله عز وجل من إراقة دم، وإنه لتأتي يوم القيامة بقرونها وأظلافها وأشعارها، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع على الأرض، فطيبوا بها نفسا»، وعن زيد بن أرقم، قالوا: يا رسول الله، ما هذه الأضاحي؟ قال: «سنة أبيكم إبراهيم»، قالوا: فمالنا فيها؟ قال: «بكلّ شعرة حسنة»، قالوا: فالصوف يا رسول الله؟ قال: «بكل شعرة من الصوف حسنة».

وقال: واعلموا أن للأضحية شروطا ينبغي للمضحي معرفتها والالتزام بها، الشرط الأول: أن تكون من النعم، وهي الإبل والبقر والغنم، الشرط الثاني: أن تكون سالمة من العيوب التي تمنع الإجزاء؛ كالمريضة البيّن مرضها، والعوراء البيّن عورها، والعرجاء البيّن ضلعها، والمهزولة التي لا مخّ لها، والشرط الثالث: أن تكون قد بلغت السن المعتبرة شرعا، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن يعسر عليكم، فتذبحوا جذعة من الضأن»، والشرط الرابع : أن تقع في الوقت المحدد للتضحية، وهو بعد الفراغ من صلاة عيد الأضحى، إلى غروب الشمس من اليوم الثالث عشر، يقول عز من قائل: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)، وعن البراء بن عازب قال: ضحّى خال لي يقال له أبو بردة قبل الصلاة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «شاتك شاة لحم»، قال : يا رسول الله، إن عندي داجنا جذعة من المعز، قال : «اذبحها، ولا تصلح لغيرك». ثم قال : «من ذبح قبل الصلاة فإنما يذبح لنفسه، ومن ذبح بعد الصلاة فقد تم نسكه، وأصاب سنة المسلمين»، وينبغي للمضحي أن يمسح على ظهر ضحيته بيده اليمنى قائلا: اللهم هذه ضحيتي، فتقبلها منّي، وعند الاستقبال بها يقول: (إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) .. (إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ)، وعند إرادة ذبحها يقول : باسم الله، الله أكبر، اللهم هذا منك ولك، ولا بدّ من ذكر الله عند إرادة الذبح، ومن لم يذكر اسم الله على ذبيحته فإنها تعتبر ميتة، ويحرم أكلها. قال تعالى: (وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ)، ويؤمر المضحي أن يأكل من ضحيته، ويتصدق منها، ويدخر إن شاء، يقول عز من قائل : (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ)، ويقول سبحانه : (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَ)، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأضاحي: «كلوا، وتصدقوا، وادخروا». وبيّن الصوافي أنه مما ينبغي التنبيه عليه والانتباه له أن صيام أيام التشريق مكروه؛ لأنها أيام أكل وشرب وذكر الله، والتكبير بعد كل صلاة مأمور به ومرغب فيه، أولها صلاة الظهر من اليوم العاشر، وآخرها صلاة العصر من اليوم الثالث عشر.