1091067
1091067
الرئيسية

هل يدخل القطاع الخاص مجال تنفيذ مشاريع البنية الأساسية في السلطنة؟

22 أغسطس 2017
22 أغسطس 2017

العائد على الاستثمار مرتفع ومشجع للمستثمرين العمانيين والأجانب -

كتب - حمد بن محمد الهاشمي -

تشجيع القطاع الخاص يتطلب فتح أبواب المشاريع له وتزويده بأفكار لمشروعات يمكنه إدارتها لسنوات معينة ثم تؤول بعد ذلك ملكيتها للدولة، العديد من دول العالم تعمل بهذا النظام حيث يكون العائد سريعا ويغطي التكلفة خلال سنوات قليلة، وفي القطاع العقاري هناك العديد من المشاريع الترفيهية والسكنية والتجارية، وحتى مشاريع البنية الأساسية، يمكن أن يتولى القطاع الخاص تنفيذها، ويتملك إدارتها لسنوات معينة ثم تعود ملكيتها للحكومة، فالدولة تمنح الأرض وتمدها بالمرافق بينما يمكن للقطاع الخاص أن يتولى الإنشاء والإدارة وإعادة استثماراته في فترة زمنية وجيزة دون أن تتكفل الحكومة بالتمويل والإنشاء والإدارة، بل تتسلم هذه المشاريع جاهزة بعد انتهاء مدة انتفاع القطاع الخاص المنفذ.

في محاولة لإلقاء الضوء على هذا النوع من المشاريع التقت “عمان الاقتصادي” بالباحث القانوني المتخصص مطر بن حمد البريكي في قسم القانون التجاري، ومؤلف كتاب “التطوير العقاري وحسم منازعات عقود وحدات التطوير العقاري تحكيميًا”، وله كتاب تحت الطبع بعنوان “صناديق الاستثمار العقارية ودورها في تنشيط السوق العقاري”، كما أن لمطر البريكي عددًا من الأبحاث المنشورة في دوريات علمية مثل “الإطار القانوني لعقود المشاركة بين القطاعين الخاص والعام والتحكيم في منازعاتها” و”التطوير العقاري والمسؤولية المدنية للمطور” عن عقود الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص، وأهمية وجود قانون خاص ينظم مشاركة القطاعين، وأهمية عقود أو مشروعات الشراكة بين القطاعين في التنمية”.

مطر البريكي يحضر حاليًا لرسالة الدكتوراه وتحدث معنا عن كيفية تشجيع القطاع الخاص الوطني والأجنبي إلى التعاقد مع السلطنة بنظام عقد المشاركة من أجل إنشاء مشروعات البنية الأساسية، وأشار أيضًا إلى الضمانات التي ينبغي توفيرها للقطاع الخاص لتشجيعه لإنشاء مشاريع البنية الأساسية للدولة.

يقول مطر البريكي: في الواقع لم يتول المشرع العماني تعريف لماهية عقود الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص، حيث إنه لا يوجد قانون ينظم مشاركة القطاعين؛ لذا سوف نسعى لاستخلاص مفهوم لهذه الشراكة وفقًا لقاموس المصطلحات القانونية الأجنبية، حيث يمكن تعريفها على أنها أشكال من التعاون يتولى من خلالها القطاع العام والقطاع الخاص معًا المخاطر والمسؤوليات، فهي إذن ليست مشاركة بالرأسمالية أو بالأرباح وإنما هي شراكة بالمخاطر، ويمكن القول إن عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص تنطلق من مفهوم التعاون المتبادل القائم أساسًا على الاتفاق؛ بحيث يتم التعاون فيما بينهم لتوظيف الإمكانيات البشرية والمالية والإدارية والتكنولوجية والمعرفية على أساس من الشراكة والالتزام بالأهداف، والمسؤولية المشتركة من أجل تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية التي تهم العدد الأكبر من أفراد المجتمع.

وحول عقود أو مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص في التنمية، وكيف يمكن للسلطنة أن تستفيد من هذه العقود؟ أوضح البريكي: تتجلى أهمية نظام المشاركة في إنشاء مشروعات مهمة للدولة من دون إجراء عملية اقتراض، ومن دون تحميل الخزانة العامة أعباء إضافية ناجمة عن التمويل الاستثماري، حيث إن القطاع الخاص هو الذي سوف يقوم بتمويل المشروع، شريطة أن يسمح له باستغلال المشروع لفترة زمنية كافية في سبيل استرداد ما أنفقه من أموال لإنشاء وتطوير البنية الأساسية، بالإضافة إلى هامش ربح مناسب لما تحمله من مخاطر، كما أن الدولة ستستفيد من خبرات القطاع الخاص في إدارة وتشغيل هذه المشاريع، حيث تبين أن القطاع الخاص أكثر حرصًا وكفاءة في إدارة المشاريع الكبرى، كما أن المشاريع المقامة بوسطة شراكة القطاع الخاص ستسهم في تطوير إمكانيات البلد الاقتصادية، وتدريب العناصر الوطنية على أحدث التقنيات المستخدمة وسيتم إدخال التكنولوجيا الحديثة في جميع المجالات الاقتصادية والإنتاجية، وتكمن أيضًا أهمية تولي القطاع الخاص إنشاء مشروعات البنية الأساسية في أنه سيساهم في الحد من وقوع الهدر بأوجهه المختلفة؛ إذ إن القطاع الخاص يقوم بتصميم وتخطيط عملية تأمين المواد اللازمة والتجهيزات الضرورية للتنفيذ والتشغيل، بما يملكه من خبرة عملية وفنية، بأقل تكلفة ممكنة تحقيقا للربح وتوفيرًا للإمكانيات، كما ستساهم عقود المشاركة بتدفق رؤوس الأموال الخارجية لاسيما عندما يكون المتعاقد مستثمرًا أجنبيًا.

وحول كيفية تشجيع القطاع الخاص الوطني والأجنبي إلى التعاقد مع السلطنة بنظام عقد المشاركة من أجل إنشاء مشروعات البنية الأساسية، يقول البريكي: في إطار تشجيع القطاع الخاص الوطني والأجنبي بما يملكه من إمكانيات فنية ومالية وخبرات تكنولوجية لعمل مشروعات البنية الأساسية وموضوع عقد الشراكة؛ فكان لابد من وضع ضمانات تعاقدية وقانونية ومالية، ولعل أهم هذه الضمانات في اعتقادي هي توفير بنية تشريعية تحكم موضوع عقد الشراكة على نحو يضمن حقوق المستثمر ويبين التزامه إزاء الدولة، ويضمن في الوقت ذاته حقوق الدولة وما عليها من التزامات تجاه القطاع الخاص، فإصدار قانون خاص بعقود شراكة القطاع العام والقطاع الخاص في السلطنة سيسهم حتما في جذب وتشجيع المستثمرين والشركات الوطنية والأجنبية الكبرى للقيام بمشروعات البنية الأساسية، وبالتالي سيعزز مكانة السلطنة على خريطة الوجهات الاستثمارية العالمية مما سينعكس ذلك إيجابًا في تحقيق التنمية الاقتصادية، وتوفير استقرار أفضل للمجتمع عن طريق زيادة فرص الاستثمار وما يتبع ذلك من نهضة تنموية، وسيرسخ هوية السلطنة المؤسسية، فبمجرد تفعيل هذه الشراكة في إطار مؤسسي سينعش الاقتصاد الوطني وسيشهد ازدهارًا وتطورًا في البنية الأساسية، الأمر الذي سيوفر معه ميزة سياسية، حيث إن الدولة التي بها مرافق متطورة يعطيها ذلك امتيازًا سياسيا في مواجهة شركات التصنيف الائتماني العالمية فضلًا على أن تطور البنية الأساسية يعد بمثابة معيار لتقدم الدول.

وحول نوعية الضمانات التي يجب توفيرها للقطاع الخاص في سبيل تشجيعه لإنشاء مشاريع البنية الأساسية للدولة، يقول البريكي: من الضمانات التي ينبغي توفيرها للقطاع الخاص في سبيل تشجيعه لإنشاء مشاريع البنية الأساسية للدولة هو تفعيل شرط التحكيم في هذه العقود؛ إذ إن التحكيم ضمانة قانونية إجرائية للحيلولة دون إهدار حقوقه والمطالبة بالتزامات الدولة المتعاقدة، مما سيبعث على الاطمئنان للإقدام على إجراء مثل هذه التعاقدات، وفي سبيل سياسة تشجيع الاستثمار نأمل من المشرع العماني إصدار قانون تنظيم مشاركة القطاع العام مع القطاع الخاص وتضمين مواده نصا يجيز التحكيم في هذه العقود. وقال: والجدير بالملاحظة أن نجاح الشراكة لا يعتمد على التشريعات والأنظمة فقط، وإنما ينبغي إيجاد روابط بينها وبين مفهوم الحوكمة، فكلاهما له أبعاد متعددة ذات جوانب إدارية واقتصادية واجتماعية تلتقي في نقاط مشتركة مستندة إلى مبادئ الشفافية والإفصاح وتحديد المسؤوليات، من أجل رفع كفاءة استخدام الموارد وتعزيز القدرة التنافسية، وجذب مصادر التمويل والتوسع في المشاريع لإيجاد فرص عمل جديدة ورفد الاستقرار الاقتصادي.