1087491
1087491
المنوعات

الآفات الدقيقة تهدد صناعة أسماك السلمون النرويجية العملاقة

18 أغسطس 2017
18 أغسطس 2017

تروندهايم (النرويج) ـ (د ب أ): كان يوما جيدا عندما تظهر النرويج أفضل جوانبها مع وصول درجة الحرارة إلى 22 درجة مئوية وغياب السحب الكثيفة عن السماء، في الوقت نفسه يشق نهر «أوركلا» طريقه قادما من التلال الخضراء التي تغطيها أشجار الصنوبر.

ويقف «فيجارد هيجيم» على شواطئ النهر مرتديا حذاء طويلا من المطاط للخدمة الشاقة في قدميه وفي يده صنارة الصيد.

ورغم أن الرجل البالغ من العمر 41 عاما يلقي بالصنارة في النهر فإنها في كل مرة تخرج فارغة لأن أسماك السلمون التي يبحث عنها لم تلتهم الطعم الموجود في طرف الصنارة.

يقول الرجل النرويجي «من الصعب للغاية صيدها، لذلك عليك الاستمتاع بالوقت الذي تمضيه في محاولة صيدها».

يذكر أن السلمون النرويجي وبخاصة السلمون المدخن يحظى بشعبية كبيرة في كل أنحاء أوروبا. لكن أصبح من النادر العثور على الأسماك البحرية من هذا النوع معروضة للبيع في المتاجر.

فأغلب السمك المعروض في الأسواق يأتي من المزارع الضخمة مثل تلك الموجودة في النرويج، حيث تسبح مئات الآلاف من أسماك السلمون داخل شباك كبيرة أمام الشاطئ.

في الوقت نفسه فإن إحدى الآفات الدقيقة غير المرغوبة وتسمى «قملة السلمون» تسبب الآن صداعا في رأس أصحاب مزارع السلمون، وتثير الصراع مع صيادي الأسماك الكبيرة في المنطقة لا يتجاوز طول هذه الحشرة الصغيرة عدة ملليمترات، لكنها تنتشر في المزارع السمكية على الساحل الغربي للنرويج وتسبب خسائر لا يمكن تجنبها.

وقد نفق خلال العام الماضي حوالي 52 مليون سمكة بسبب هذه الآفة وفقا لمجلس الأغذية البحرية النرويجي.

وقد مات بعض السمك بسبب الأدوية المستخدمة للقضاء على القمل، في حين كانت هناك أمراض أخرى وراء موت البعض الآخر.

يقود «يورجان فيلدفاير» الزوار في جولات حول إحدى مزارع الأسماك الكبرى المملوكة لشركة «ليروي» على جزيرة «هيترا» بالقرب من مدينة «تروندهايم».

وفي هذه المزرعة التي تتكون من 8 أقفاص شبكية كبرى يوجد حوالي 6240 طنا من سمك السلمون.

وتظهر الأسماك فوق الماء باستمرار.

ولكن في المصائد البحرية الطبيعية تقفز الأسماك فوق الماء لتجاوز العوائق الموجودة حولها.

وفي هذه المزرعة أصبح «قمل السلمون» أحد الأخطار القليلة التي تواجهها الأسماك.

ومن بين الحلول المطروحة لمواجهة هذه المشكلة إلقاء كميات من «أسماك التنظيف» التي تقوم بالتقاط الآفات الدقيقة من جسم الأسماك الكبيرة.

يقول «فيلدفاير» إن «الكثير من الشركات الكبرى تنتج بالفعل أسماك التنظيف الخاصة بها» لكن هذا ليس حلا نهائيا للمشكلة ومنتجو الأسماك مثل شركة «ليروي» و«مارين هارفيست» و«سالمار» تستثمر ملايين الدولارات في أبحاث وتطوير تقنيات حديثة للتعامل مع المشكلة.

ومن بين الأفكار المطروحة إقامة المزارع في مناطق أبعد عن الساحل «لكنني اعتقد أن المشكلة ستظل» بحسب «فيلدفاير».

ويشعر صيادو الأسماك مكتملة النمو مثل «هيجيم» أيضا بالقلق من ظهور الآفات.

ويدير «هيجيم» الذي كان لاعب كرة محترفا في الماضي «مصيدة سلمون» في نهر «أوركلا» على بعد 45 كيلومترا من مصب النهر.

وفي هذه المنطقة يخرج سمك السلمون الصغير إلى البحر ليعود بعد ذلك إليها وقد أصبح ناضجا لكي يضع بيضه في النهر.

يقول «هيجيم»: «عندما يخرج السمك الصغير إلى البحر، فإن هناك خطورة كبيرة عليه بسبب احتمال إصابته بعدوى القمل»، كما يشعر بالقلق من احتمال هروب السلمون من المزارع لكي يبيض مع السلمون البحري، «عندما يحدث تهجين (بين سمك المزارع وسمك البحر» فإن النتيجة ستكون عبارة عن سلمون لا يناسب تماما الحياة البحرية».

ومنذ الثمانينات وحتى الآن انخفض عدد السمك الذي يعود من البحر إلى النهر بمقدار النصف تقريبا بحسب «هيجيم» والبشر لعبوا بالتأكيد دورا في هذا التراجع.

وقد بدأ «هيجيم» مؤخرا يقدم لضيوفه الذين يأتون من إنجلترا والدنمارك ومناطق أخرى في النرويج بين شهري يونيو وأغسطس من كل عام سلمون من نوع جديد من أسماك المزارع.

هذه المزارع تظل طوال الوقت تحت سطح الماء ومحاطة بجدران من البلاستيك أو الأسمنت وليس بشباك لكي تمنع الطفيليات من التسلل إلى الأسماك.

وتختبر شركة «مارين هارفيست» هذا النوع من المزارع في منطقة «سكانفيك» التي تقع بين مدينتي «بيرجين» و«هوجسوند».

وقال متحدث باسم الشركة النرويجية إن هذه المزرعة الجديدة تشبه حوض الاستحمام بدرجة ما.

وتبقى السمكة في هذا الحوض حتى يصل وزنها إلى كيلوجرام تقريبا «ثم يتم نقلها إلى المزارع التقليدية» بحسب المتحدث باسم الشركة.

وبهذه الطريقة يمكن لمربي الأسماك تقليل فترة تعرضها لخطر القمل وغيره من مخاطر الآفات الدقيقة إلى الحد الأدنى.

كما تختبر الشركة تصميما بيضاويا والذي سيكون مغلقا بالكامل.

وتمثل الأمراض الأخرى مشكلة بالنسبة لصناعة السلمون النرويجية، لكن يتم تطعيم السمك ضدها، حيث يتم استخدام حوالي 500 كيلوجرام من المضادات الحيوية مع الأسماك سنويا، ومع ذلك مازال استخدام هذه المضادات محل انتقاد وهو ما يسبب إزعاجا بحسب فيلدفاير. ومازال الطلب العالمي على السلمون يتزايد وما زالت أسعاره مرتفعة.

ففي يونيو الماضي وصل سعر الكيلوجرام إلى 70 كرون نرويجي (8.8 دولار).

ولتلبية الطلب المتزايد على هذه السلعة يتم إِنشاء المزارع السمكية الجديدة على طول الساحل النرويجي. وبالنسبة لأغلب زبائن «هيجيم» لا يمثل السعر مشكلة.

المشكلة هي في صيد الأسماك حيث يقضون ساعات طويلة كل يوم في محاولة لاصطياد أسماك السلمون.

ويتراوح وزن أغلب الأسماك التي يتم اصطيادها بين 5 و6 كيلوجرامات ولكن بعض الصيادين المحظوظين قد يصطادون أسماكا يصل وزنها إلى 15 كيلوجراما للسمكة الواحدة.

يقول «هيجيم» إن «أغلب صيادي السلمون لا يصطادونه من أجل الأكل، إنهم يفعلون ذلك من أجل متعة تجربة الصيد وإثارتها، والأمر بالنسبة لبعضهم يشبه الإدمان».