Oman Daily K O
Oman Daily K O
كلمة عمان

ضرورة خفض التوتر في شبه الجزيرة الكورية

18 أغسطس 2017
18 أغسطس 2017

عندما تصاعدت التهديدات المتبادلة بين واشنطن وبيونج يانج، في الأسابيع الأخيرة، بشأن برنامج الصواريخ البالستية والبرنامج النووي لكوريا الشمالية، وإصرار الرئيس «كيم جونج اون» رئيس كوريا الشمالية على الاستمرار في تجارب إطلاق صواريخه البالستية، وشعور الدول المجاورة لها بالتهديد، خاصة اليابان وكوريا الجنوبية، شعر الكثيرون في العالم بمخاطر احتمال أن ينفجر الموقف في شبه الجزيرة الكورية، وما يمكن أن يترتب على ذلك من نتائج مأساوية، ليس فقط في منطقة جنوب شرق آسيا، ولكن في مناطق أخرى من العالم، بحكم الترابط الكبير في عالم اليوم. ووسط دعوات متعددة ومستمرة أيضا لجمهورية الصين الشعبية -بوجه خاص- بالتدخل وبذل جهودها مع القيادة الكورية الشمالية لتخفيف التوتر، بحكم العلاقات الطيبة معها، شعر الجميع بالارتياح بالفعل، عندما أجّل الرئيس الكوري الشمالي عملية إطلاق صواريخ في اتجاه جزيرة جوام الأمريكية في المحيط الهادي، والتي حذر منها الرئيس الأمريكي بلغة غاضبة، لوحت “بالنار والغضب” على نحو غير مسبوق. ولعل مما له دلالة بالغة ان الرئيس دونالد ترامب نفسه أشاد بقرار الرئيس كيم جونج اون، وبحكمته، كما أكد وزير الخارجية الأمريكي تيلرسون، استعداد بلاده للحوار مع كوريا الشمالية في حالة التراجع عن نيتها في إطلاق صواريخ في اتجاه جوام.

كما رحبت كل الأطراف الأخرى بقرار التأجيل. ومع الوضع في الاعتبار مجموعة الأسباب التي أدت بالرئيس الكوري الشمالي الى وقف التصعيد الخطير مع الولايات المتحدة، وهو موقف ستكون له نتائجه العملية على الأرض خلال الأيام والأسابيع القادمة، خاصة إذا تم البناء على الخطوة التي تم اتخاذها، والحد من مخاوف بيونج يانج وشكوكها تجاه الولايات المتحدة وموقفها من قيادتها، فإن دورا حيويا ينتظر جمهورية الصين الشعبية، سواء في تثبيت حالة الحد من التصعيد بين واشنطن وبيونج يانج، أو في العمل على الانتقال بالموقف والدفع به نحو خطوات يمكن ان تقود الى مزيد من خفض التوتر في شبه الجزيرة الكورية، بل وتحقيق قدر من التوافق بين الأطراف المعنية، بما يحول دون العودة الى دائرة التصعيد المتبادل، والتلويح بإطلاق مزيد من التجارب الصاروخية أو النووية. وإذا كانت جمهورية الصين الشعبية قد طرحت في الأسابيع الماضية أفكارا للحد من التوتر في شبه الجزيرة الكورية، تقوم على وقف التجارب الكورية الشمالية، مقابل تفكيك منظومة الصواريخ ثاد الأمريكية المضادة للصواريخ التي تم تشغيلها في كوريا الجنوبية ووقف المناورات المشتركة الأمريكية الجنوبية، وهو ما رفضته واشنطن في حينه، ربما تحت ضغط تفاعل الأحداث، فان ثقل الصين الشعبية وعلاقاتها المهمة مع كوريا الشمالية، وحرصها أيضا على الحفاظ على الاستقرار في محيطها يدفعها الى بذل جهودها لاحتواء الموقف والعودة الى المفاوضات، بما في ذلك الحوار الأمريكي الكوري الشمالي، وهو أمر لن يحقق فقط مصالح الكوريتين ودول جنوب شرق آسيا، ولكنه يحقق مصالح العالم الذي يتطلع إلى السلام والحد من المخاطر والمواجهات بين دوله وشعوبه.