1086565
1086565
الرئيسية

مؤتمر التحكيم التجاري يناقش أهمية إنشاء مركز دولي للتحكيم البحري بالسلطنة

17 أغسطس 2017
17 أغسطس 2017

في ختام أعماله برعاية عمان والأوبزيرفر إعلاميًا -

كتب – بخيت كيرداس الشحري -

أسدل الستار أمس على أعمال المؤتمر السنوي لمركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون الخليجي «دار القرار» بالتعاون مع وزارة العدل وبمشاركة غرفة تجارة وصناعة عمان فرع ظفار، والذي جاء هذا العام تحت عنوان «القضاء وعلاقته بالتحكيم بدول مجلس التعاون الخليجي» بفندق كراون بلازا صلالة وبرعاية عمان إعلاميًا.

وكان المؤتمر قد بدأ أعماله برعاية معالي السيد محمد بن سلطان البوسعيدي وزير الدولة ومحافظ ظفار، وقد شارك فيه عدد من المتحدثين القانونيين والمحامين والمحكمين من داخل السلطنة وخارجها حيث تناول المؤتمر 21 ورقة عمل.

وشهد اليوم الختامي جلسة أدارها ماجد بن عبدالرحمن الرشيد الرئيس التنفيذي للمركز السعودي للتحكيم التجاري وقد تضمنت الجلسة ثلاث أوراق عمل في محور حمل عنوان “مدى الحاجة لتنظيم تراخيص إشهار ورقابة مراكز التحكيم بدول مجلس التعاون الخليجي” حيث بات من الضروري صدور تشريع في دول مجلس التعاون ينظم آلية طلب إصدار ترخيص مؤسسات تسوية المنازعات خاصة مراكز التحكيم لممارسة أعمالها، بحيث ينص في التشريع الجهة المسؤولة عن إصدار التراخيص وينظم أعمالها والمراقبة عليها والشروط الواجب توافرها في إدارته وكيفية ممارستها لعملها وتحديد الرسوم المستحقة عليها.

بدأت الجلسة بورقة عمل قدمها المحامي أحمد حسين المدير التنـفيذي للعمليات القائم بأعمال المسجل العام في غرفة البحرين لتسوية المنازعات. وكانت ورقته بعنوان “تنظيم إصدار تراخيص مؤسّسات تسوية المنازعات في مملكة البحرين” تحدث فيها عن صناعة التحكيم وكذلك التحكيم بوصفه منظومة وتحدث عن البيئة المساندة أو الحاضنة لذلك وجودة التدريب والتعليم والقوانين التشريعية والتحكيمية التي يراها من مقومات الصناعة المستدامة.

وكما تحدث عن المعالجات في شؤون التحكيم مثل نشر الوعي والتشريع والمعالجات التشريعية على مستوى الأفراد والمؤسسات وأن المعالجات التشريعية للمؤسسات تكمن في قوانين التجارة والشركات، السجل التجاري وغيره من المعاملات وكذلك في قوانين المحاماة والقواعد التحكيمية لمؤسسات التحكيم وتقنياته وكما تحدث عن المعالجات التشريعية في مملكة البحرين.

التعاون الدولي في التحكيم

وكان المتحدث الثاني في الجلسة المحامي بدر بن سعود البدر عضو مجلس إدارة مركز الكويت للتحكيم التجاري، وقد تحدث عن أهمية التحكيم ودوره في حل النزاعات الدولية حيث يرى البدر أن غرف التجارة العربية والغرف الأوروبية تتعاون فيما بينهما في هذا الخصوص وأيضًا تتعاون مع غرف التجارة الأمريكية. وهذا يؤكد أهمية التحكيم لجميع الدول العربية والأجنبية وغيرها من أجل تحقيق صالحها ولما وجدته في التحكيم من إيجابيات. لذا كانت النتيجة ازدهار ظاهرة التحكيم على المستوى الوطني والعالمي والعربي.

ونتيجة للاهتمام الكبير بالتحكيم والاتجاه له في حل النزاعات الدولية... فقد اهتمت لجنة الأمم المتحدة بالقانون التجاري الدولي إذ طلب الاهتمام بذلك وتقديم الأفكار لتفعيل التعاون. لمشروع قواعد التحكيم حيث درست السلبيات والإيجابيات وتم الأخذ بأهمية توحيد القواعد – حيث وافقت لجنة قانون التجارة الدولية على قواعد التحكيم (قواعد تحكيم اليونسترال) إذ أوصت الجمعية العامة للأمم المتحدة باستعمال هذه القواعد في تسوية النزاعات ذات العلاقة الدولية التجارية. إذ استعملت في التحكيم الحر وأيضًا من خلال المؤسسات والهيئات الأخرى. وهذا ما أدى إلى الاهتمام بالتحكيم وتطويره من خلال توقيع كثير من الاتفاقيات التي تعالج سلبيات الاتفاقيات السابقة. هذا ولا يفوتنا أن نوضح بأن لجنة الأمم المتحدة الخاصة بقانون التجارة الدولية (اليونسترال) قد بُحثت في نيويورك تقرير وضعته مجموعة عمل خاصة حول مشروع القانون النمطي في التحكيم التجاري الدولي وذلك لوضع تصور لتذليل العقبات التي أثارها ممثلو الدول المختلفة حيث تبنت لجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدولي للقانون النمطي 1985م.

وبما أننا في حديث عن التطور التحكيمي والعالمية التي صادفت تطوره وتقدمه فإننا لابد وأن نوضح بأن قوانين التحكيم العربية مأخوذة أو مستندة إلى ثلاثة اتجاهات بعضها من القانون الفرنسي وبعضها الآخر من القانون النموذجي (الأونسترال) والمجموعة الأخيرة تركت للتحكيم المرونة حيث أجازته، ولم تقيده بما سبق إذ تركت له الحرية في أن يأخذ منه ودولة الكويت قد أخذت بالتحكيم الاختياري حيث أخذت بالنص على ذلك في مواد قانون المرافعات المدنية والتجارية التي احترمت إرادة الأطراف إذ جاءت نصوص القانون بنصوص صريحة على ذلك في القانون الصادر في 1980م وبعد ذلك ولأهمية التحكيم أخذت الكويت بالتحكيم الذي دعمته وساندته وزارة العدل وهو التحكيم الإلزامي الذي أخذ به بموجب القانون الصادر بتاريخ (1995) حيث من أهم اختصاصاته توافر قضاة ومحكمين يختارون من أطراف النزاع، وتعرض عليه قضايا الجهات الحكومية والوزارات والأفراد والشركات الدولية أيضًا كما أنه يتوافر بالكويت التحكيم التشريعي والذي تم إنشاؤه بموجب تشريع خاص ولظروف ولحالات معينة، وهو ما يطلق عليه أيضًا بالتحكيم الإجباري الذي يحقق ما لا تحققه المحاكم الوطنية ومثال ذلك ما يتعلق بالتحكيم المتوفر في سوق الكويت للأوراق المالية.

وفي حالة توافر حكم تحكيمي أجنبي لم يصدر بناء على اتفاقية نيويورك أو أي من الاتفاقيات الأخرى المنظمة لها فإن الطرف الذي يرغب بتنفيذه في دولة الكويت فأنه يتوجب عليه السير على ما تقرره المادتان 200/‏‏199 من قانون المرافعات التجارية والمدنية ويأخذ القضاء الكويتي بمبدأ المعاملة بالمثل مع توافر مراقبة المحاكم الكويتية لذلك على أن تخضع لحد قليل من الرقابة ولو كان الحكم الكويتي معفيا من الرقابة عند تنفيذه خارجها.

وحين ازدهرت التجارة العالمية والدولية بين الدول التي كانت لديها القوة التجارية والرغبة في تبادل البضائع والأغذية وغيرها ونخص منها فرنسا وإسبانيا وهولندا وإيطاليا وألمانيا – وكثيرًا من الدول الصناعية والتجارية في تلك الفترة... ظهرت قوانين تستند إلى الأعراف والتقاليد لتحكم مثل هذه التجارة وهي التي ليس لها أي حدود إقليمية ولا تعرفها. ولكن بعد ذلك وفي بداية القرن التاسع عشر وعندما بدأت الدول الصناعية أو من لها اهتمام بالصناعة والتجارة تتوحد من أجل مصالحها وحمايتها فقد بدأت فكرة التحكيم التجاري الدولي تظهر في توحيد ودعم عادات وأعراف التجارة، وما عملوا عليه في تنظيم أمورهم في نصوص داخلية لكل بلد حيث أخذ بفكرة قوة وسيادة البلد والوطنية.

مركز للتحكيم البحري

كانت ورقة المحامي سعيد بن سعد الشحري حول مدى حاجة الاقتصاد العماني لإنشاء مركز للتحكيم البحري آخر أوراق العمل التي تم تقديمها في المؤتمر. وقد بدأ الشحري حديثه بوصف عمان بأنها أمة بحرية، وأشار إلى أن العمانيّين أول من عبر المحيط الهندي. كما تحدث في مقدمة ورقته عن موانئ ُعمان التّاريخيّة وتاريخ الأسطول العماني، ومكانة عمان على خارطة الملاحة البحريّة الدوليّة وعن المصنّفات العمانيّة المرجعيّة في علم الملاحة.

ويرى المحامي سعيد الشحري أن إنشاء مركز للتّحكيم البحري الدولي في هذه السلطنة، أمر يليق بتاريخها البحري المجيد، وبسمعتها الإقليميّة والدوليّة المشرفة، ويتناغم مع الحركيّة التّجاريّة البحريّة المتنامية التي تشهدها موانئها.

وكما استعرض خلال ورقة عمله مقومات التّجارة البحريّة في السلطنة، وعبرها: من حيث الخصوصيّة الاستراتيجية للموقع الجغرافي والموانئ العمانيّة الرئيسيّة: (صحار– الدقم– صلالة)، وميزاتها التّنافسيّة والشركات الحكوميّة العاملة في مجال الملاحة البحريّة وموقع عمان في منظومة التعاون البحري بين الدول المطلّة على المحيط الهندي بالإضافة إلى إشارته إلى الكلّية البحريّة الدوليّة في السلطنة، وهي ثمرة تعاون مشترك بين حكومة السلطنة، ومجموعة STC الهولنديّة، وهي مؤسسة فريدة من نوعها في منطقة مجلس التّعاون الخليجي حيث تستقبل الكلّية طلبة من مختلف دول مجلس التّعاون، وهي تقدم مؤهّلات تخصصيّة، تساهم في توفير كفاءات مؤهّلة في مجال الصناعات والهندسة البحريّة، والموانئ، والنّقل، والخدمات اللّوجستيّة، وصناعات البتروكيماويّات حيث تمثّل الكلّية البحريّة الدوليّة في الرافد الأكاديمي، والعلمي المهني الذي لا غنى عنه لصناعة الملاحة البحريّة. وبإنشاء هذا الصرح الأكاديمي التخصصي، تكون سلطنة ُعمان قد استكملت كل عناصر منظومة الملاحة البحريّة. غير أن ذلك وحده – ورغم أهميته الاستثنائيّة في المنطقة – لا يكفي ليؤهّلها لاحتضان مركز تحكيم بحري، إذ لا بد من توفّر بنية تشريعيّة مواتية، ومتكاملة تطمئن لها الأطراف المحتكمة.

التشريعات ودورها في التحكيم

وفي حديثه عن التشريعات ودورها في التحكيم قال المحامي سعيد الشحري: إن بإصدار “قانون المعاملات المدنيّة” بموجب المرسوم السلطاني 2013/‏‏29 تكون السلطنة قد استكملت البنية التّشريعيّة العامة. أما فيما يتّصل بالتّشريعات ذات الصلة بالملاحة البحريّة، فإن السلطنة قد أصدرت القانون البحري منذ سنة 1981 المرسوم 1981/‏‏35، وهي تستعد لإصدار نسخته المعدلة.

وقد أشار إلى قول وزير النّقل والاتّصالات العماني أن الوزارة “تعمل على تحديث واستكمال التّشريعات المنظّمة للقطاعات التّابعة لها، من خلال الاستراتيجية الوطنيّة للقطاع اللّوجستي واستكمال مشروع تحديث القانون البحري وإجراءات إصداره، وإعداد استراتيجية الإدارة البحريّة للسلطنة، واستكمال إجراءات إصدار لائحة الإدارة الآمنة للسفن العمانيّة، ولائحة قياس الحمولة، ولائحة وثيقة هويّة البحار، ولائحة تنظيم إجراءات تأهيل وتدريب وترخيص البحارة العاملين على متن السفن غير المبحرة، بالإضافة إلى لائحة التّحقيق في الحوادث البحريّة، والإرشاد البحري، ونقل المواد الخطرة على متن السفن وفي الموانئ، ولائحة تنظيم عمل وترخيص الوحدات البحريّة السياحيّة واليُخوت وقوارب النّزهة وقوارب الرياضات المائيّة. إن هذه التّرسانة المتكاملة من التّشريعات البحريّة، تنضاف إليها استقلاليّة القضاء التي منحها النّظام الأساسي للدولة قوةً دستوريّةً، والمعاهدات الدوليّة التي صادقت عليها السلطنة في هذا المجال، وقانون التّحكيم في المنازعات المدنيّة والتّجاريّة (المرسوم 79/‏‏47) والذي نصت المادة (55) منه، على أن أحكام المحكمين “... تحوز حجية الأمر المقضي، وتكون واجبة النّفاذ...”، من شأنها أن تكون أحد العوامل الحاسمة في “أهلية” السلطنة لاحتضان مركز تحكيم بحري دولي.