1080864
1080864
مرايا

التحدي.. سلوك إنساني يقود للنجاح أو الفشل

16 أغسطس 2017
16 أغسطس 2017

كتبت- رحاب الهندي -

بعض من فترات حياتنا نعيشها في قلق أو تعب أو فشل، يتراكم الحزن متتابعا فنشعر بالضعف والفتور، نحاول أن نبتعد، نغفو، نهرب من كل شيء، لكن ما أن نواجه أنفسنا بحقيقة ما نمر به ونترك التفكير يأخذ مجراه في عقولنا، حتى نصحو ونقرر أن نبدأ من جديد، ذلك مانسميه التحدي.

والتحدي «يعتبر سلوكا غير طبيعي من الناحية الثقافية، له كثافة أو تكرار أو مدة تؤدي إلى تعريض السلامة البدنية للشخص أو للآخرين لخطر داهم، وغالبًا ما يظهر سلوك التحدي لدى الأشخاص المصابين بإعاقات النمو ولدى الأطفال، رغم أن تلك السلوكيات يمكن أن تظهر على أي شخص».

تحديت نفسي

تحدث أبو معتصم ( طالب ) عن التحدي بقوله: التحدي سلوك صعب فعلا، وقد يتحدى البعض المجتمع أو البيئة التي يعيش فيها أو أي أحد من حوله، وقد يتحدى نفسه وهذا ما حدث معي.

فالتحدي يحتاج لتفكير وجدول، وحين أشرفت على أبواب الشهادة العامة فكرت كيف أحقق حلم الدخول للجامعة ودرجاتي المدرسية كانت غالبا متوسطة، فكيف أحصل على معدل يؤهلني للدخول للجامعة، وهذا كان تحديا رائعا، وتحديت نفسي فعلا لأحصل على معدل جيد، حيث نظمت وقت دراستي واجتهدت وتعبت وكانت النتيجة مذهلة بالنسبة لي، فقد حصلت على معدل فوق الثمانين، وكان التحدي فرحة النجاح والعمر.

أنا موجود

الكاتب المميز محمد العريمي ( في روايته مذاق الصبر ) سيرة ذاتية لمعنى التحدي للمرض والإعاقة، حيث تحدث لنا كيف تحدى نفسه والمرض ليقف شامخا في عالم الأدب العماني بإصدار مجموعة من الروايات، وهو المهندس الذي يعمل في شركة نفط، والتحدي لكل شيء أعاقه عن استمرار حياته بشكل اعتيادي، فكان تحديه سر نجاحه، وهو يعلن دوما بأعماله « أنا أتحدى إذن أنا موجود»

الندم

زهرة البلوشية (مدرسة) تحدثت عن ما أوصلها التحدي وعنادها ورفضها لسماع النصيحة بالندم، وابتسمت بحزن قائلة: لفترة ما من حياتنا نعتقد أننا نسير في الطريق الصحيح خاصة إذا دق الحب باب القلب، لقد أحببت شخصا تخيلت أنه يملك مفاتيح سعادتي، وأنه الشخص الذي انتظرته طويلا، لكن كان للأهل رأي آخر، فحاولوا معي كثيرا بإقناعي برفضه وأنه ليس الرجل الذي يستحقني، لكنني بعنادي رفضت نصائحهم وقررت التحدي، نعم تحديتهم بقولي: لن أتزوج غيره، وامتنعت عن الطعام، وكنت أصر على أن يكون زوجا لي وتزوجته، وأذكر أن والدي رحمه الله في ليلة الزفاف قال لي: «أرجو أن لا تندمي على اختيارك» وبعد عام واحد رزقت بطفلة، ثم أدركت أن التحدي في هذا الأمر لم ينتج لي سوى الندم، وخرجت منه بزواج فاشل ومسؤولية طفلة.

درس للجميع

تحدث سعيد الغافري ( موظف ) بقوله: أنا أشجع أولادي ونفسي على التحدي في كثير من الأمور، وأجد أن متابعة القراءة في هذه الأيام هو نوع من التحدي وسط كل أجهزة الإلكترونيات المختلفة.

ولعل من أقوى دروس التحدي التي أدت لنجاح شخص ما قرأته عن عظيم خطباء اليونان ديموستينس، الذي كان ألثغ ضعيفا الصوت سريع التنفس، وذات يوم استمع ديموستينس إلى أحد الخطباء، فهزته قوة تأثير كلماته من الأعماق، وأعجب به إعجابًا شديدًا؛ حتى أنه صَمَّم أن يصير خطيبًا، فراح يطلب فن الخطابة على يد أبلغ خطباء زمانه، متبعًا البرامج المعتادة للخطباء في ذلك الزمان.

ولكن بعد انتهاء فترة التدريب، لم يثر حديثه في الناس سوى الضحك والرثاء، وبدلًا من أن يدير ديموستينس ظهره للأمر كله، قرر أن يتحدى نفسه وكل من ضحك عليه، فاعتزل الناس لمواصلة التدريبات الشاقة، وأمام المرآة جهد في تعلم التمثيل، وفي الهواء الطلق جد في تدريب أوتار صوته، وكثيرًا ما بقي وحيدًا يمارس التدريب لشهرين أو ثلاثة أشهر، كأن يحلق نصف رأسه، ويترك النصف الآخر، حتى يخجل من الظهور أمام الناس مهما استحكمت رغبته.ولم يكتفِ الرجل بالوحدة والمثابرة، بل عمد إلى تحويل كل لقاء وكل حديث يعرض له مع الآخرين إلى مادة للتدريب الشاق الدؤوب، فكان يهرع فور أن ينفرد بنفسه إلى مرآته، ويحاول أن يستعيد ما قاله الآخرون، وما قاله لهم، مجربًا كل ما يطرأ على باله من طرق التعبير، ودون إهمال لأية هفوة أو جزئية صغيرة.

ولم يتورع في سبيل الخطابة عن فعل كل ما بدا غريبًا شاذًّا ساعتها، فللتغلب على همس النطق وضعفه، كثيرًا ما كان يستعيد مقاطع طويلة من الشعر بصوت عالٍ، وهو يضع حصاة في فمه، ولتحسين قدرته على التنفس كان يواصل الصياح وهو يجري على المنحدرات حابسًا تنفسه؛ حتى يتم كمًّا محددًا من الكلمات، وهكذا انتصر الرجل خطوة خطوة، على ما كان يتسم به من نواقص، ونجح في التحدي.

الأسباب

ولعلنا ونحن متتبعون أقوال المشاركين في هذا الاستطلاع نكتشف أن للتحدي أسبابه، فمنها:

-عوامل بيولوجية (الألم، الأدوية، الحاجة إلى التحفيز الحسي)

- عوامل اجتماعية (الملل، والبحث عن التفاعل الاجتماعي، والحاجة إلى عنصر سيطرة.

- عوامل نفسية (الشعور بالانعزال، والوحدة، وعدم القيمة، والوصم، والنبذ، والارتقاء إلى التوقعات السلبية للناس).