abdallah-75x75
abdallah-75x75
أعمدة

هوامش...ومتون: وحشة «درب الزلق»

12 أغسطس 2017
12 أغسطس 2017

عبدالرزّاق الربيعي -

[email protected] -

برحيل نجم الكوميديا الخليجية «عبد الحسين عبد الرضا» أصبح «درب الزلق» المسلسل التلفزيوني الكويتي الذي أنتج عام 1977م وأخرجه حمدي فريد، موحشا، بعد رحيل ثالث أبطاله: علي المفيدي، وخالد النفيسي، أمدّ الله بعمر رابعهم سعد الفرج، هذا الخبر أحزن محبّي هذا الفنّان الكبير الذي عبّر عن هموم البسطاء، وناقش في أعماله العديد من القضايا التي لامست الواقع العربي، وأزماته، والخليج، وتحوّلاته، بعد الطفرة النفطيّة في السبعينات، وما أحدثته من نقلة في المجتمع الخليجي، على الأصعدة كافّة:، الاقتصاديّة، والاجتماعيّة، والسياسيّة، والثقافيّة، منتقدا كلّ ماهو طارىء على عادات المجتمع، وتقاليده، بأسلوب كوميدي، يرسم البسمة على الوجوه، وصار من المعتاد أنّه، بعد عرض كلّ عمل له، تخرج مواقفه الكوميديّة من إطارها الدرامي لتجري على ألسنة الناس، في مجالسهم، وهذا أقصى ما يطمح إليه كلّ فنّان يحمل رسالة، فلم يكن عبد الحسين عبد الرضا ممثّلا فقط، بل كاتبا، وشاعرا، ومغنّيا، ومنتجا، وفي كلّ ذلك، كان يحمل رسالة تخدم المجتمع، وتعالج قضاياه.

وهو من جيل المؤسسين للدراما في الكويت، والخليج، فقد وضع مع مجايليه: خالد النفيسي، وعلي المفيدي، وغانم الصالح، وسعد الفرج،أسسا لكوميديا خليجية تقوم على العفويّة، والصدق، ولعلّ المحطّة الأبرز في هذا المنحى الدرامي ظهوره في المسلسل التلفزيوني الكوميدي ( درب الزلق)، الذي أدّى به النجم الراحل شخصية (حسين بن عاقول) الحالم بأن يكون تاجرا، دون دراية، وفي كلّ مرّة كان يخفق، وتواجهه مفارقات موجعة، ومضحكة، لعلّ أطرفها تعرّضه لعمليّة نصب بشراء الاهرامات، وشحنها إلى الكويت، لتنشيط السياحة، التي تدرّ عليه، كما أقنعه نصّاب اعترض طريقه، أموالا طائلة!! لينتهي به الحال مع شقيقه سعد (سعد الفرج) ليصبحا عاملين بسيطين يبيعان (النعال) في محلّ خالهما (قحطة) التي أدّاها الكبير(علي المفيدي)، وكان عبدالحسين عبدالرضا في هذا المسلسل (مايسترو) فريق العمل، والشخصيّة الأكثر رسوخا في ذاكرة الجمهور إلى اليوم، رغم مرور ثلاثة عقود على إنتاجه، وهذا المقياس ينطبق على بقيّة أعماله!

ذلك، لأنّه رسم بـ(حسين بن عاقول) ملامح شخصيّة تعيش بين الجمهور، ومعه، فظلّ (حسين بن عاقول) يواصل حضوره، ويعيش بيننا، مثلما يعيش( سرحان عبدالبصير) الإنسان الساذج الذي تتوقف حدود عالمه عند شخصية (الأرنب سفروت) التي يؤديها في برنامج للأطفال، ورغم أنّ مسرحيّة(شاهد ماشافش حاجة) لهاني مطاو، قدّمت على خشبة المسرح عام 1976 إلا أنّها كانت كافية لجعل بطلها( عادل إمام) النجم الأوّل في الكوميديا العربيّة، لأنّه أدّاها بتلقائيّة فجاءت معجونة بطين الواقع، والحال ينطبق على دريد لحّام في (غوار الطوشي)، ونهاد قلعي في (حسني البرزان) أبرز شخصيتين في المسلسلين السوريين (صح النوم)، و( ملح وسكّر) لخلدون المالح، وكذلك شخصية (حجي راضي) سليم البصري، وشخصيّة (عبوسي) حمودي الحارثي في المسلسل العراقي الكوميدي( تحت موس الحلاق) لعمانوئيل رسام، وشخصيّات أخرى كثيرة قدّمتها الدراما العربيّة، وبقيت حيّة، لأنها تنتمي للإنسان البسيط، وتطرح قضاياه، وتلامس أحلامه، ولولا الكبار الذين أدّوها ببراعة، لما وصلت الجمهور، ورسخت في ذاكرته، والنجم الراحل عبدالحسين عبدالرضا ينتمي إلى سلالة هؤلاء الكبار الذين استلوا شخصيّات من الواقع، وقدّموها في قالب محبّب للعامّة قبل الخاصّة، وناقشوا قضايا الإنسان، في معتركه الحياتي اليومي، بأسلوب أقرب ما يكون للسهل الممتنع.

ليس فقط في الدراما التلفزيونيّة بل على خشبة المسرح التي شهدت له جولات وصولات لعل أشهرها في مسرحيّة (باي باي لندن) للمنصف السويسي التي عّرضت عام 1981م، ومن مفارقات القدر أن يلفظ أنفاسه الأخيرة في أحد مستشفيات ( لندن) بعد تعرّضه لأزمة قلبية، ليرحل تاركا (درب الزلق) موحشا!!