1081865
1081865
الرياضية

دوري الكبار أندية تحت حصار المال.. ما هي الحلول ؟!

12 أغسطس 2017
12 أغسطس 2017

عمان الرياضي يفتح ملف الأزمة الخطيرة -

تحـقيق: ياسر المــنا -

تعيش أندية دوري الأضواء التي وجدت نفسها بين ليلة وضحاها ملزمة بتطبيق معايير الاحتراف وأن تتطور فنيا وتنافس بقوة على الألقاب في ورطة كبيرة لا تزال تستفحل في بعض الأندية ذات الموارد الشحيحة ومصادر الدخل القليلة ومع كل موسم تظهر عوارض الأزمة في ناد أو أكثر بما يهدد مستقبله ومكاسبه ويقلص فرص نجاحه وأن يستمر مدافعا عن تاريخه وسمعته ومكانته في خارطة الرياضة العمانية ليتوالى الغياب والخروج من دائرة الأضواء وتنعدم حظوظ العودة من جديد والمحافظة على الاسم الكبير.

مرت أربعة مواسم على تطبيق دوري المحترفين الذي جاء بهدف إحداث تغييرات فنية على واقع الكرة في السلطنة وإحداث نقلة جديدة تقود للمواكبة والتواجد بفاعلية في الساحات الإقليمية والقارية والدولية.

البحث عن التغير والتطوير وتطبيق معايير المحترفين جاء دون ان يستند على خطة وخارطة واضحة تجهز القاعدة التي تمثلها الأندية لتكون جاهزة لهذه النقلة وقادرة على الوفاء بشروط ومتطلبات التجديد المنشود.

جاء الاحتراف في غياب كامل للأسس والضوابط والقدرات والإمكانات التي تجعل الأندية قادرة على ان تتفادى تبعاته وان توفر فواتيره هو ما أحدث (هزة) ظهرت مؤشراتها على أكثر من ناد خلال الفترة الماضية حيث لم تعد قادرة على مجاراة المنافسين الذين تهيأت لهم ظروف أفضل ولديها داعمون او استثمارات تعود عليها ببعض الأموال.

وبالرغم من أن الفوارق الفنية رغم تباين القدرات المالية بين الأندية لا تبدو كبيرة إلا ان هذا لا ينفي وجود عوارض واضحة تشير الى ان مستقبل معظم الأندية في خطر إذا ما استمر الوضع كما هو عليه اليوم وتصاعدت مؤشرات الديون وتعددت حالات التهرب من تحمل مسؤولية إدارة الأندية بسبب المخاوف والهواجس من الضغوط ومطالب الجماهير ونقد المعارضين.

الأوضاع في معظم الأندية الكبيرة تنذر بحدوث هزات اليوم او غدا ستؤثر سلبا على مسيرتها ومن ثم ينعكس الأمر سلبا على الرياضة بشكل عام وهو ما يفرض ضرورة البحث عن آليات جديدة تمنع التدهور وتساهم في احداث حلول وإيجاد إجابات علمية وعملية للأسئلة الصعبة الكثيرة التي تدور في أذهان الرياضيين وخاصة القابضين على الجمر في إدارات الأندية.

تجدر الإشارة الى ان الأوضاع الصعبة ذاتها التي تعيشها الأندية هنا تمر بها أندية أخرى في دول الجوار والمنطقة وفي الأمس القريب عقدت مؤتمرات وندوات في بعض الدول لبحث أوضاع الأندية وكيفية حمايتها من الأزمات التي تواجهها وصدرت قرارات بدمج أندية كبيرة لتحمل اسما واحدا وهو الأمر ذاته الذي شهدته السلطنة في وقت سابق.

وجود أكثر من ناد اليوم تحت حصار المال ومعايشة المثل القائل (العين بصيرة واليد قصيرة) بحذافيره وتحوله لعنوان بارز يزاحم لافتة النادي قادنا في (عمان الرياضي) لفتح هذا التحقيق بحثا عن إجابات للأسئلة الحائرة والوصول الى أراء صائبة يمكنها ان تشكل بقعة ضوء تفتح الأبواب أمام الحلول ومعالجات جذرية تضمن للأندية الاستقرار وتحولها الى قاعدة سليمة قادرة على الوفاء بما هو مطلوب منها لدعم الرياضة وضمان مستقبل مليء بالنجاحات والإنجازات. سنحاول عبر التحقيق رصد جميع آراء المسؤولين في وزارة الشؤون الرياضية واتحاد الكرة والأندية والمراقبين وكل ما يهمه أمر الأندية وواقعها الحالي محاولين تنقيح الآراء المفيدة التي تقود لحوار مفيد وايجابي يحقق المصلحة العليا ويضمن مسارات واقعية تفضي لمعالجات تقضي على أسباب السلبيات وتفتح الافاق نحو واقع جديد يبشر بالخير ويمثل صمام أمان في مواجهة العقبات وكل التحديات.

الرعاية «صفر» في مؤشرات التسويق وغياب كبير للشركات -

ظلت الرياضة العمانية بشكل عام والأندية بشكل خاص تعاني من غياب الرعاية والتسويق ويصل لدرجة الصفر في مؤشرات القياس وذلك نتيجة أحجام الشركات عن الدخول في شراكات كبيرة ومؤثرة مع الأندية التي تمثل شريان الرياضة في البلاد وتقوم بأدوار كبيرة في تأهيل الشباب ومنحهم الفرصة كاملة لممارسة الرياضة والتعبير عن مواهبهم وتفجير طاقاتهم وقدراتهم في مختلف الميادين.

في كثير من الدول تقوم الشركات الكبيرة والصغيرة بواجبها تجاه دعم الرياضة عبر شراكات مثمرة مع الأندية إلا ان الوضع في السلطنة يسجل غيابا واضحا ومستمرا للشركات الوطنية والتي يساهم القليل منها في دعم الرياضة عبر عقود رعاية مع الاتحادات فيما يواصل البقية التفرج على الوضع والواقع دون ان يبادر بتقديم المساهمات التي تنعش الرياضة وتدعم الأندية وتساعدها للقيام بواجبها تجاه الوطن والمجتمع.

ارتفعت الكثير من الأصوات في الأندية مطالبة الشركات بالالتفات للرياضة والأندية وذلك عبر دعم حقيقي يدعم الميزانية ويحقق الفوائد المشتركة بين الطرفين الا ان النداء لم يجد أي استجابة تذكر وهو ما يؤكد ان الموقف سيتسمر طويلا حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.

مساندة مؤثرة ودعم ثابت ومباشر وغير مباشر سنويا -

تقوم الدولة عبر وزارة الشؤون الرياضية برعاية ودعم الأندية بمقدار جيد ومنذ إشهار الأندية ظلت الدولة تتحمل المسؤولية وتقدم الدعم والعون بصورة راتبة وهو ما كان له كبير الأثر في إثراء الأنشطة الرياضية وأن تحقق بعض الأندية النجاحات وتبرز في ملاعب الرياضة المختلفة.

ظلت وزارة الشؤون الرياضية تقوم بواجبها كاملا في رعاية الأندية والأنشطة الرياضية المختلفة وتجتهد في دعم كافة البرامج التي تخلق جيل مشبع بقيم ومبادئ الانتماء للوطن عبر تعلم قواعد الرياضة المتمثلة في المنافسة القوية والكفاح والقتال بحثا عن الاجادة والإنجازات وتجاوز المصاعب والعقبات بالصبر والروح الرياضية. تقدم وزارة الشؤون الرياضية دعما ثابتا للأندية في كل عام وبصورة مباشرة وغير مباشرة وتعين الأندية في الصيانة وفاتورة الكهرباء وتقدم الحوافز للمجيدين في الأنشطة المختلفة وكذلك تساهم في دعم المشاركات الخارجية للأندية.

تقدم الوزارة حاليا 40 ألف ريال عماني لكل ناد سنويا وضعفها للأندية المندمجة ويساهم المبلغ بشكل كبير في دعم النشاط الرياضي في كل ناد ويمثل أساس الميزانية في بعض الأندية.

وجاءت الخطوة الكبيرة في الدعم الذي قدمه جلالة السلطان قابوس بن سعيد- حفظه الله ورعاه- وتخصيص مليون ريال عماني كل ناد لدعم مساعي الاستثمار وحماية الأندية من مواجهة مثل هذه الظروف التي تعاني منها اليوم.

جمعيات عمومية «ضعيفة».. ومساهمات تتحكم فيها الانتصارات -

تعاني الأندية من غياب الدور الإيجابي للجمعيات العمومية والتي يقتصر علاقة بعضها مع النادي في ليلة انعقاد الجمعية العمومية لاختيار مجلس إدارة ومن بعد ذلك تضعف العلاقة بين العضو والنادي وتصل لحد عدم المساهمة أو المشاركة في أي عمل والأحجام عن تقديم الدعم لو عبر أي مساهمة بما فيها رسوم العضوية.

تحولت الجمعيات العمومية في معظم الأندية لمقاعد المتفرجين وكأن الأمر لا يعينها من بعيد أو قريب وتترك كامل المسؤولية على عاتق مجلس الإدارة الذي يجب أن يتولى كافة المهام ويواجه العقبات والمشاكل منفردا وهو ما تسبب في اليوم في عزوف الإدارات ورفض أصحاب التجارب والخبرة تقدم الصفوف والترشح لمجالس الإدارات.

غياب أعضاء الجمعية العمومية بات يمثل واحدة من الأسباب التي تنتج الأزمات في الأندية وتعقد من مهام الإدارات وتجعل العمل في الأندية طاردا.

والمتعارف عليه ان الجمعيات العمومية تضم في صفوفها عدد من رجالات النادي الذين يتقاسمون المسؤولية مع الإدارة ويقدمون الدعم المالي متى ما ظهرت حاجة للدعم الا ان الأمر اختلف اليوم بشكل كبير وتناقص الداعمين من رجالات الأندية وهو ما تسبب في حدوث العجز المالي لتصبح ميزانية معظم الأندية غير قادرة على مواجهة بنود الصرف في وقت أصبحت فيه ميزانية أي ناد في دوري الأضواء يجب ان لا تقل عن 300 ألف ريال عماني في حين ان ميزانية الغالبية لا تتجاوز المائة ألف في الموسم الواحد.

الاســـتقالات.. الطـــريق الأقصر في غياب المساندة -

شهدت الفترة الماضية تقديم بعض مجالس إدارات الأندية لاستقالاتها لظروف لا تبعد كثيرا عن تضاعف حجم المسؤوليات وتراكم الديون وصعوبة توفير الميزانيات اللازمة لتسيير العمل والوفاء بكل ما هو مطلوب وفي ذات الوقت ترفض بعض الإدارات مواصلة العمل بعد انتهاء فترة تكلفيها وذلك لتفادي معايشة تجربة جديدة صعبة تفرض عليها تحمل هموم النادي في غياب الداعمين وعزوف الجماهير.

قد تبدو الإدارات في وضع محرج وصعب وهي تعيش نازعا صعبا بين الرغبة في تحمل المسؤولية وأداء الواجب الوطني وبين ما يجب عليها ان توفره من دعم مالي يسهل من المهمة ويعين النادي على كسب التحديات وتحقيق الطموحات.

اليوم بات تولي مسؤولية العمل في إدارة أي ناد يتطلب بعض المواصفات والشروط في مقدمتها ان تكون الإدارة قادرة على الصرف من (الجيب الخاص) وان تكمل أي نواقص في الميزانية وفي الوقت ذاته تكون لديها خبرات جيدة في التسويق وكيفية جذب الرعاية والدعم حتى لا تدخل في نفق الديون وتراكمها الذي يعد الخطر الأكبر الذي يهدد استقرار مجالس الإدارات.

ومطلوب ان يكون الرئيس مقتدر ومن رجال المال والأعمال يمكنه الصرف بسخاء على ناديه وفي الوقت ذاته يتحمل أي نقد أو معارضة لسياسته وهي معادلة لا تتوفر إلا نادرا في الواقع الراهن.

غداً :في الحلقة الثانيــــة -

تجربة واقعية لرئيس نادي العروبة المنتهية مدة مجلسه -

النجاحـــــات والإنجازات ليس صمام أمان للاستمرار -

الصعوبات كبيرة وتحمل المسؤولية مخاطرة عظيمة -

المال أكبر العقبات واستمرار الوضع يعني المزيد من الأزمات -

الحلول واضحة وتتطلب جرأة وشجاعة وتجاوبا من الشركات -