إشراقات

الدفاع عن الوطن وحمايته مسؤولية كل أبنائه

10 أغسطس 2017
10 أغسطس 2017

إعداد: نادر أبو الفتوح -

أشار الدكتور علوي أمين الأستاذ بجامعة الأزهر، إلى أن المواطنة في الإسلام هي حقوق وواجبات، فكل مواطن في المجتمع المسلم، له حقوق تساوي غيره من المواطنين، بغض النظر عن الدين أو الجنس أو اللون، أو أي انتماءات أخرى، وهذه الضوابط والتعاليم حثت عليها الشريعة الإسلامية، وأن هذه الحقوق يقابلها واجبات على كل فرد من أبناء الوطن، هذه الواجبات ينبغي أن تؤدى على أكمل وجه، لأنها ترتبط بالمجتمع ككل، وليست حقوقا فردية، وهذه الحقوق والواجبات نظمتها الشريعة الإسلامية، فهناك أمور يقدمها المجتمع لكل أبنائه، مسلمين وغير مسلمين، ويجب أن يكون هناك عدل في هذه الحقوق، ويحذر الإسلام من الظلم فيها، أو أن يكون هناك تمييز بين أبناء المجتمع الواحد، فيقول الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم في الحديث الشريف: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)، ولذلك فقد أوجبت الشريعة الإسلامية، العدل والمساواة والبر لغير المسلمين، الذين يعيشون مع المسلمين في وطن واحد، لأن هذا من شأنه أن يحقق التقدم والاستقرار لهذا المجتمع، فالمواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات، هي أهم أسس التعامل معهم .

وأوضح الدكتور علوي أن هناك الكثير من الحقوق، التي يقدمها المجتمع لكل أبنائه، مسلمين وغير مسلمين، ومن هذه الحقوق، الحق في الإقامة والتنقل والتملك، والحرية والعدل والمساواة في الحصول على الوظائف، وغيرها من الحقوق التي تُمنح لجميع المواطنين، والإسلام يحذر من عدم إعطاء هذه الحقوق لغير المسلمين، الذين يعيشون مع المسلمين في الوطن، لأن هذا التمييز من شأنه، أن يهدد كيان المجتمع، وينشر الفرقة والخلاف بين الناس، والتاريخ الإسلامي يشهد على أن المسلمين، حفظوا هذه الحقوق لغير المسلمين طوال القرون الماضية، سواء في وثيقة المدينة، التي أرست دعائم الدولة الوطنية، أو في تعامل المسلمين مع غيرهم وقت الفتوحات الإسلامية، وقد كانت هذه المعاملة الطيبة، التي تقوم على مبدأ لهم ما لنا وعليهم ما علينا، أحد الأسباب التي أدت للتعايش السلمي بين المسلمين وغيرهم عبر العصور، لأن هذا ما حثت عليه تعاليم الإسلام في منح الحقوق لأهلها، وعدم انتقاص حقوق غير المسلمين، ومن حقوق المواطنين أيضا، أن يشعر الإنسان بالأمن والأمان والطمأنينة في وطنه، وهذه المسؤولية مشتركة بين المجتمع والأفراد، وتتحقق عندما يلتزم الجميع بالضوابط والقيم والأعراف.

وتحذر الشريعة الإسلامية من التمييز بين الناس في هذه الحقوق، سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، لأن ذلك ينشر الفساد في الأرض، والحق سبحانه وتعالى يقول في كتابه العزيز: (وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ)، ولذلك يجب أن ندرك تعاليم الشريعة في عدم التمييز بين الناس، بسبب الدين أو الجنس أو اللون، لأن منهج الإسلام في هذا يهدف إلى تحقيق المواطنة بين جميع أبناء المجتمع المسلم، وذلك حتى يشعر الجميع بأن هذا الوطن ملك لهم، وأن الخلاف في العقيدة ليس سببا في سلب الحقوق.

وفي مقابل الحقوق التي يحصل عليها الإنسان في المجتمع، هناك واجبات لابد أن يؤديها الجميع على الوجه الأكمل، لأن هذه هي حقوق الوطن، والمؤكد أن أداء هذه الحقوق، يعد تجسيداً لقيم المواطنة في الإسلام، ومن هذه الحقوق، الدفاع عن الوطن، والعمل بكل جهد وإخلاص من أجل تقدم ونهضة المجتمع، واحترام اللوائح والضوابط والأعراف التي تنظم العلاقة بين أبناء المجتمع الواحد، وتدل أحداث التاريخ الإسلامي على أنه عند أداء هذه الحقوق، تتقدم الشعوب وتزدهر وتقام الحضارات، وعندما يحدث خلل في أداء هذه الواجبات، تضعف المجتمعات وتنهار من الداخل، وهذا ما يرفضه الإسلام، لأنه يريد مجتمعا قويا متماسكا، تقوم فيه العلاقات على أداء الحقوق، دون تمييز أو تخاذل، لذلك نجدنا اليوم في حاجة ماسة لتنفيذ هذه التوجيهات العظيمة، لتعود للمجتمع المسلم مكانته وقوته، فيكون قادراً على مواجهة الأزمات والمحن، من خلال وحدة النسيج المجتمعي، بغض النظر عن أي انتماءات أخرى، وحقوق الوطن يتساوى فيها كل من يعيش على أرضه، مسلمين وغير مسلمين، فلابد أن يلتزم الجميع بالقوانين والضوابط العامة، لأن تنفيذ هذه الضوابط من أسس المواطنة في الإسلام.

وشدد الدكتور علوي على ضرورة أن تقوم مؤسسات المجتمع المعنية، بغرس هذه القيم والضوابط، لدى الشباب والأطفال، وأن يقوم الأئمة والدعاة بتوعية الناس بهذه القضية، في خطبة الجمعة والدروس الدينية في المساجد، كذلك يجب أن يكون هناك خطاب إعلامي يؤدي لوحدة المجتمع، ويجمع بين أبناء الوطن، سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، وهناك ضرورة بأن يركز الإعلام على ما يجمع ويربط بين هؤلاء المواطنين جميعا، بدلا من التركيز على اختلاف العقيدة، فالوطن يوحد الجميع، وهناك من الروابط الوطنية والمجتمعية ما يجمع كل أبناء المجتمع، كذلك لابد أن تكون هناك ندوات في المدارس والجامعات لغرس هذه القيم، للحفاظ على وحدة النسيج المجتمعي.