1070106
1070106
تقارير

بريطانيا تنشط لوضع أسس لاتفاقات تجارية بعد انسحابها من الاتحاد الأوروبي

27 يوليو 2017
27 يوليو 2017

دراسة لتقييم الدور الاقتصادي للمقيمين الأوروبيين -

حجم التجارة الدولية من بريطانيا وإليها 700 مليار استرليني سنويا .. نصفها مع دول الاتحاد الأوروبي -

لندن وكالات -

تنشط بريطانيا لوضع أسس لاتفاقات تجارية بعد انسحابها من الاتحاد الأوروبي، سعيا منها لعدم إهدار الوقت، ولو أنه يتعذر على لندن المضي بعيدا في تقصي الآفاق طالما أنها لم تقطع بعد صلاتها مع بروكسل.

وتضاعف لندن المبادرات منذ أشهر سواء في الضفة الأخرى من الأطلسي أو في آسيا أو كذلك دول الكومنولث، وقامت في الأيام الأخيرة بتسريع مساعيها لتحقيق هدف رئيسة الوزراء المحافظة تيريزا ماي الطامحة إلى جعل بلادها من قادة التبادل الحر في العالم بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي.

ويزور وزير التجارة ليام فوكس المكسيك بعد قضاء يومين في الولايات المتحدة، فيما يقوم وزير الخارجية بوريس جونسون بجولة على الدول الشمالية بعدما زار اليابان الأسبوع الماضي.

وقال متحدث باسم الخارجية في مطلع الأسبوع معلقا على تنقلات جونسون إنه يعتزم “إرساء القواعد للاتفاقات التجارية في مرحلة ما بعد بريكست”.

غير أن الطريق سيكون طويلا، خصوصا وأن قواعد الاتحاد الأوروبي تمنع بريطانيا من التفاوض بشأن اتفاقات جديدة طالما أن الطلاق لم يتم، أي بعد مارس 2019 على أقرب تقدير.

وتبقى المفاوضات التجارية في الوقت الحاضر من صلاحيات المفوضية الأوروبية وحدها، المكلفة إجراء مفاوضات باسم جميع الدول الأعضاء.

غير أن التحديات جسيمة، وهو ما يجعل الخبير الاقتصادي والأستاذ في جامعة ساسكس جيم رولو يعتبر “أنه سبب وجيه للشروع في التحدث” مع الشركاء المحتملين المستقبليين “وعدم إهدار الوقت حتى ‏مارس 2019”.

غير أن مبادرات لندن تستجيب في الوقت الحاضر بنظره لأهداف سياسية، إذ تسعى الحكومة البريطانية لتثبت أنها تمسك بزمام الأمور رغم الانتقادات التي تأخذ عليها عدم امتلاكها استراتيجية للخروج من الاتحاد الأوروبي.

وقال رولو لوكالة فرانس برس “إنهم بحاجة، من أجل أسباب داخلية تتعلق بالحزب المحافظ، ليثبتوا أن بريكست يتم بالفعل رغم عدم تحقيق تقدم حتى الآن” في المفاوضات مع بروكسل.

ولقي فوكس حتى الآن تجاوبا في الولايات المتحدة حيث أعلن الرئيس دونالد ترامب عن بوادر اتفاق تجاري “مهم”.

من جهته، أعلن بوريس جونسون في ويلنغتون أن نيوزيلندا ستكون على الأرجح من الدول الأولى التي ستعقد اتفاقا تجاريا مع لندن.

وقال إن “بريكست ليس ولن يكون رديفا لمملكة متحدة تدير ظهرها للعالم”.

وتعتزم بريطانيا الاحتفاظ بمكانتها التاريخية كقوة تجارية، والحفاظ خصوصا على النشاط الاقتصادي والوظائف المتأتية عن هذه المرتبة.

ويوازي حجم التجارة الدولية من بريطانيا وإليها كل سنة 700 مليار جنيه استرليني، أي 800 مليار يورو من الصادرات والواردات ، نصفها مع دول الاتحاد الأوروبي الأخرى.

غير أن البعض يخشى أن تكون الحكومة على استعداد لتقديم تنازلات كبرى، ولاسيما على الصعيد الصحي، من أجل عقد شراكات واتفاقيات، وهو ما عكسه الجدل حول الدجاج المغسول بالكلور القادم من الولايات المتحدة والذي يشتبه بأن لندن تعتزم السماح باستيراده.

ولم ينف فوكس الأمر ردا على أسئلة، بل اعتبر أن هذا الإجراء لا يطرح “مشكلة على الصحة”، قبل أن يشرح وزير البيئة مايكل غوف عبر إذاعة “بي بي سي 4” الأربعاء أن الحكومة “لن تعيد النظر في ممارساتها المتعلقة برعاية الحيوانات والبيئة بهدف الحصول على اتفاق تجاري”.

وبمعزل عن أي تنازلات، تكمن الصعوبة الكبرى في وجه المملكة المتحدة في استحالة البحث عمليا في تفاصيل أي اتفاقات مستقبلية طالما أنها لم توضح علاقتها مع الاتحاد الأوروبي، شريكها التجاري الرئيسي.

وحذر رولو بأن الشركاء المحتملين “قد يرغبون في معرفة تفاصيل أي اتفاق تجاري بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي بدوله الـ27” وكذلك “طبيعة أي اتفاق انتقالي” قبل توقيع أي وثيقة.

كما أن بريطانيا قد تحتاج إلى وقت لتشكيل فرق المفاوضين الذين سيخوضون محادثات فنية في غاية الدقة عهدت بها إلى بروكسل منذ انضمامها إلى الاتحاد عام 1973.

وفي نفس السياق الخاص بترتيبات الخروج أعلنت وزيرة الداخلية البريطانية آمبر رود أمس إنها ستطلب من لجنة مستقلة تقييم التأثير الاقتصادي للمهاجرين الأوروبيين في المملكة المتحدة بهدف تحديد سياستها المقبلة في مجال الهجرة.

كتبت الوزيرة في مقال نشرته فايننشال تايمز إن اللجنة الاستشارية حول الهجرة وهي هيئة مستقلة عن الحكومة ستنجز “دراسة مفصلة عن المهاجرين الآتين من الاتحاد الأوروبي والفضاء الاقتصادي الأوروبي إلى اقتصادات انجلترا واسكتلندا وويلز وإيرلندا الشمالية”.

وتدافع الوزيرة التي أيدت بقاء المملكة في الاتحاد الأوروبي أثناء حملة استفتاء يونيو 2016، عن موقف معتدل في مفاوضات بريكست بخلاف عدد من نظرائها في الحكومة.

وهي تؤكد أنها “تريد طمأنة” رجال الأعمال مشيرة إلى أن الحكومة “تشاطرهم رغبتهم في الاستمرار في استقبال من يساعدون في ازدهار المملكة المتحدة ولن تكون هناك قطيعة قاسية” في سياسة الهجرة حيال الأوروبيين، ملمحة إلى فترة انتقالية.

بيد أنها تلتقي مع الخط الحكومي بشأن “الفرصة” المتمثلة في العودة الى “ضبط الهجرة” ودرجة فتح الحدود التي ستحدد “تماشيا مع مصالح البلد”.

ولا يتوقع أن تنشر دراسة اللجنة قبل سبتمبر 2018، بحسب الصحيفة وبالتالي فإن أثرها على المفاوضات بين بروكسل ولندن سيكون محدودا. وكان كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي الفرنسي ميشال بارنييه ذكّر مرارا بسعيه الى الانتهاء من المفاوضات في أكتوبر 2018 لإفساح الوقت للبرلمانين الأوروبي والبريطاني للمصادقة على اتفاق خروج المملكة من الاتحاد المقرر نهاية مارس 2019. وقال وزير الهجرة البريطاني براندون لويس إن “حرية تنقل العمال” الأوروبيين ستنتهي مع بريكست. وأكد لإذاعة بي بي سي راديو4 “نحن بمنتهى الوضوح بشأن هذه النقطة”.

وأضاف أنه سيتم عرض مشروع قانون حول الهجرة خلال عام 2018 حتى تكون القواعد الجديدة سارية في ربيع 2019 مع انسحاب المملكة من الاتحاد الأوروبي. وأعلن وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون أن بلاده تسعى للعب دور أكبر في آسيا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي بما في ذلك نشر قوات عسكرية في المنطقة إذا اقتضى الأمر.

وكان جونسون من مؤيدي حملة بريكست واعتبر أن قرار الانفصال عن الاتحاد منح بلاده فرصة “للتفكير مجددا” في دورها على الساحة الدولية مع الحفاظ على علاقات وثيقة مع شركائها الأوروبيين.

وصرح جونسون في مقابلة مع صحيفة “ذي استراليان” في سيدني “أحد أهداف رحلتي هو إيصال الرسالة بأننا سنكون الآن أكثر التزاما في منطقة آسيا المحيط الهادئ وفي استراليا”.

وتابع “ما ألاحظه في كل مكان هو أن الجميع يريد وجودا أكبر لبريطانيا وليس أقل ويريدون أن تكون أكثر التزاما وليس العكس”.

وكان جونسون زار أيضا اليابان ونيوزيلندا في سياق جولة على آسيا المحيط الهادئ وهو يشارك في المحادثات السنوية في سيندي بين وزراء الدفاع والخارجية من بريطانيا واستراليا مع التركيز على الأمن والتجارة.

وفي مقدم المواضيع على جدول الأعمال مسعى بريطاني لبناء الأسطول المقبل من السفن الحربية الأسترالية الذي تتنافس عليه إسبانيا وإيطاليا ويشمل تسع فرقاطات. وكانت أستراليا أعلنت في وقت سابق من العام عزمها بناء سفن بقيمة 89 مليار دولار أسترالي (70.4 مليار دولار أمريكي)، ما يشكل أكبر استثمار في البحرية في أوقات السلم. ويأتي القرار في وقت تقوم الصين بأعمال بناء على نطاق واسع في بحر الصين الجنوبي الذي تتنازع السيادة عليه مع عدد من دول المنطقة. وتابع جونسون أن “ما يريده الناس هو اليقين والاستقرار ونعلق أهمية كبرى على سلامة القانون في بحر الصين الجنوبي”.