aan
aan
أعمدة

كلمة 23 يوليو

22 يوليو 2017
22 يوليو 2017

آن بنت سعيد الكندي -

Twitter: @AnnAlkindi -

قد لا تحس أجيال اليوم بصعوبة الماضي، وحجم تضحيات بناءدولة من لا شيء...لكنها تدرك اليوم نعمة التفرد في زمن موت الأخلاق.

تمر بي مواقف كثيرة استذكر فيها أن ظروف البيئة التي تعيش فيها وحدها من تصقلك، هي ونوعية الشخصيات المحيطة بك. كان آخر ما استوقفني رفض ابنتي وابنة أختي الذهاب مشياً تحت هذه الشمس الحارقة لاستلام الشهادة من المدرسة التي تبعد عن البيت نصف كيلومتر مربع، هنا رجعت بي الذاكرة الى وقت درست فيه في مدارس بلا مكيف وبلا سيارة تأخذني وترجعني، وقبلي أجيال ابتعثت للدراسة في قطر وبغداد، يشهد لها اليوم بتعليمها الرصين. الماضي لا يُذكر للتمجيد بل للتعلم منه، والبناء عليه، لم يكن سهلا بناء دولة من لا شيء في وقت تهدد الحركة الشيوعية جزءا كبيرا منه، والأمان منال صعب تحقيقه. لا نلوم أجيال اليوم إن وجدت سبل العيش الكريم متوفرة، لكنها ستُلام غدا إن لم تستطع نقل عمان إلى مرحلة أخرى بدأت تتشكل ملامحها بفعل الثورة التكنولوجية الرابعة التي باتت على أعتاب تغير الكثير من المفاهيم وربما المسلمات.نحن أمهات وآباء اليوم، من نصنع أجيال الغد، كلما أبعدنا أولادنا وبناتنا عن الاعتماد على النفس وهيأنا لهم بيئة ظروفها سهلة كلما أرادوا شيئا وجدوه في متناول اليد فنحن نرسخ قاعدة من استسهل الشيء زهد فيه، كلام موجه لنفسي قبل غيري، وكلما ابتعدنا عن قيم عمانية أصيلة كالكرم، واحترام العمل، وحسن الجوار الذي لا يبرر مساعدتهم التدخل في شؤونهم واعتقدنا أن مخرجنا بوصفات معلبة من الخارج دون أن نثق بما لدينا من قدرات كلما كان بنياننا هشا، وأرضنا رخوة.إن المقومات الحقيقية للسلطنة اليوم ليست موقعها الجغرافي، وثرواتها الطبيعية، فكم هي الدول التي حباها الله بهذه النعم، إنما السياسة الخارجية والاحترام الدولي الذي بناه حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس على مدى سبعة وأربعين عاما، وبنية أساسية مستمرة التشييد. وإذ تظن أجيال اليوم أنها في برد وسلام، فذلك بفضل جهود أمنية غير مرئية فهناك حرب على حدود عمان الجنوبية، وظروف إقليمية تمنينا ألا نراها حتى في كوابيسنا. ما أشبه اليوم بالأمس فها هو الخليج العربي اليوم على مفترق طرق وما عاد توازن القوى مثلما كان عليه قبل 5 يونيو 2017. فهم العماني قبل غيره أن الاعتماد على النفس فضيلة، وأن اللحمة الوطنية بالعمل الجاد المخلص، وبالنقد البناء، وآن أوان النقاش العقلاني في ظل أزمة مالية لم يطل أمدها مثلما طال هذه المرة في تاريخ النهضة العمانية الحديثة، هي وصفة لا بد منها لعبور آمن للحاضر والمستقبل. الفرص يقتنصها الجاهزون، فلم يعد لدينا ترف الوقت، والتريث حكمة أسيء استخدامها، ومثلما نحتاج الى فكر متجدد ودماء شابة، فلا غنى عن حكمة وحنكة الأمس. الأوطان تبنى يدا بيد دون فجوة بين الأجيال ودون صراع لتهميش الآخر، ودون غلبة فريق على فريق، ودون ضعف مدني بل بتوازن القوى الأمنية والعسكرية وتحديث للجهاز المدني، ولنا فيما يسمى بالربيع العربي دروس وعبر، ولا سبيل للوقوف في وجه تيار فوضى غير خلاقة سوى تحصين البيت من الداخل بتطوير التعليم، وإيجاد بيئة استثمارية جاذبة. فكما ذكر التاريخ بجميله ومره من أسهم في بناء الوطن، سيأتي الغد ليذكر مفترق طريق اليوم، ومن قدم للوطن في أزماته حينما كان يوما يرتع في خيراته.