أفكار وآراء

أداء أسواق المال الخليجية أقل تأثرا بتراجع أسعار النفط

22 يوليو 2017
22 يوليو 2017

د. محمد رياض حمزة -

[email protected] -

أثبتت حركة التداول في معظم أسواق الأوراق المالية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية عدم دقة التحليلات والتوقعات، التي تأثرت بهبوط أسعار النفط أن البورصات الخليجية ستتراجع بالتوازي مع أسعار النفط، فخلال شهور العام 2017 سجل مؤشرات الأسواق تعاملات تقليدية بين الارتفاعات والاستقرار والهبوط متأثرة بعوامل أسواق المال الذاتية ومن خلال المتابعة لتداولات الأسواق الخليجية، وواقعها وارتباطاتها؛ فإن من غير الممكن تفسير ما تتعرض له أحيانا من تراجعات بسبب تلك الحساسية المفرطة التي ينطوي عليها سلوك المتداولين في الأسواق، سواء من صغار المستثمرين أو حتى من صنّاع الأسواق. دون أن يتبصروا وأن يدركوا أن النمو الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي كافة يتواصل بما يتراوح بين 3% إلى 5% سنويا. وأن حكومات دول المجلس كافة تواصل دعم ورعاية أسواق المال. كما أن النظم النقدية  في دول المجلس قوية وتتمتع بالاستقرار.

بل إن الاحتياطيات المالية لدول المجلس مصدر للثقة  بقدرة أسواقها على النمو . كذلك فإن البنوك المركزية الخليجية تعتبر من بين أكثر بنوك العالم ثقة بالإيفاء بالتزامات حكوماتها محليا وعالميا، كما أن الشركات الكبيرة والمؤسسات الاستثمارية سواء أكانت بنوكا تجارية أو شركات إنتاجية أو خدمية تعمل بصورة طبيعية ولم تشهد إفلاسات، كالتي حدثت في الولايات المتحدة أو في أوروبا وبعض دول آسيا. وأن حكومات دول المجلس جادة في جذب المزيد من الاستثمارات الوطنية والأجنبية وتعزيز القطاع الخاص.

وقبل ذلك وبعده أن حكومات دول المجلس كانت دائما مستعدة لإسناد أسواق الأسهم بإنشائها صناديق دعم خاصة لتقويم أدائها وقت الأزمات حفاظا على تواصل  تنمية اقتصاداتها. ويعرف معظم المتعاملين مع أسواق الأسهم الخليجية أن العدد الأكبر من الشركات المسجلة في أسواق الأوراق المالية الصغيرة منها والمتوسطة والكبيرة هي شركات محلية، وأن أسواقها في الغالب وطنية أو إقليمية، وما تتعرض له الأسواق العالمية من أزمات ليس لها علاقة شراكة بحكومات أو بشركات القطاع الخاص الخليجية، وعليه فإن التحسس الذي يبديه المستثمرون في أسواق المال الخليجية غير مبرر فلكل سوق خصوصيتها في القيمة والتداول. وفي أحدث إجراء للهيئة العامة لسوق مسقط للأوراق المالية أنها بصدد إعداد دراسة الجدوى لإنشاء سوق متخصصة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وذلك بالتعاون مع السوق التايوانية لوضع معايير تتلاءم مع طبيعة سوق المال في السلطنة واقتصادها. ويأتي إطلاق سوق خاصة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة بهدف مساعدة المشروعات ذات رؤوس الأموال الصغيرة والمتوسطة في الحصول على التمويل اللازم لدعم عملياتها وتوسعة أعمالها من خلال سوق رأس المال، بالإضافة إلى الإشراف عليها ورعايتها والإشراف عليها وتوجيهها وإعطائها الغطاء التنظيمي والرقابي الذي يضمن لها قدرا من الاعتراف ويمكنها من التعامل بثقة مع الموردين، وقطاع العمل، والممولين، والجهات الرسمية والأهلية، والحصول على الخدمات المختلفة بأسعار مناسبة تمكنها من المنافسة.. وتسعى الهيئة من خلال هذه المبادرة إلى دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتبنيها وتوفير الغطاء التنظيمي لها؛ بما يمكنها من الاستمرارية والمنافسة والنمو لتحقيق الهدف الأسمى والمتمثل في دعم وتنويع الاقتصاد الوطني وتوفير وظائف وتوطين التكنولوجيا، بالإضافة إلى تحويل عدد من تلك المؤسسات في السوق الرئيسية- بعد التأكد من وصولها إلى المستوى الذي يؤهلها لذلك- وبالتالي نقلها من مؤسسات صغيرة ومتوسطة إلى شركات كبيرة فاعلة ومؤثرة بشكل إيجابي في الاقتصاد. ومن خلال المتابعة لتداولات أسواق المال الخليجية فكانت نشطة في نقل رؤوس الأموال من الأطراف التي يتوفر لديها الفائض فيها (مدخرات) إلى الأطراف التي تعاني من عجز في الأموال.

وقد وجدت أسواق الأوراق المالية في الأساس كمصدر للشركات للتمويل الخارجي من خلال إصدار الأسهم أو السندات، ثم صارت عملية تداولها مصدرا لربح حاملي الأسهم، ونشاطا مكملا للفعاليات الاقتصادية بين الأفراد والمؤسسات والشركات. وتعمل الأسواق الخليجية على تحقيق موازنة فعالة ما بين قوى الطلب وقوى العرض وتتيح الحرية الكاملة لإجراء كافة المعاملات والمبادلات. وتزداد أهمية أسواق المال وتتبلور ضرورتها في أوقات الأزمات والضائقة المالية من خلال تفاعل الشركات المتداولة . كذلك فإن أسواق المال الخليجية أخذت أهميتها من قيمتها وحركتها التداولية ومن كونها مقصدا مفتوحا للاستثمارات المحلية والخارجية؛ فهي أحد أهم أعمدة الاقتصاد الخليجي، وتؤثر وتتأثر بأنشطته. كما تلعب دوراً بالغ الأهمية في جذب الفائض في رأس المال غير الموظف في الاقتصاد الوطني، وتحوله من مال مكتنز خامل إلى رأسمال موظف وفعال، وذلك من خلال عمليات الاستثمار التي يقوم بها الأفراد أو الشركات في الأسهم والسندات والصكوك التي يتم طرحها في السوق. بالإضافة إلى ذلك عملت أسواق المال الخليجية على توفير الموارد الحقيقية لتمويل المشروعات من خلال طرح الأسهم أو السندات أو إعادة بيع كل من هذه الأسهم والسندات المملوكة للشركات المسجلة. يضاف إلى ما تقدم أن أسواق الأوراق المالية الخليجية وفرت قنوات هيأت فرصا استثمارية للأفراد ولا سيما صغار المستثمرين. فقد عملت على  توفير الحافز لدى المستثمرين من خلال تحقيق السعر العادل للأوراق المالية المتداولة في السوق وحماية أطراف التبادل. ويسرت القدرة على توفير وإعادة تدوير كم مناسب من الأموال لتحقيق السيولة اللازمة للتداول في الأسواق، ودعم الاستثمارات ذات الآجال المختلفة. ورفعت درجة الوعي لدى صغار المستثمرين بأهمية التعامل في أسواق الأوراق المالية وتحويلهم إلى مستثمرين فاعلين في الاقتصاد الوطني. وساعدت على زيادة مستويات الإنتاج في الشركات المدرجة مما أدى إلى رفع مستويات الإنتاج وبالتالي رفع مستويات التشغيل أو التوظيف وبالتالي تحقيق مستويات أفضل للدخول سواء على المستوى الفردي أو المستوى الوطني. وعليه فإن المعنيين في التداول سواء أكانوا أفرادا أو شركات مسجلة في سوق مسقط للأوراق المالية أو أي سوق خليجية أخرى يجب أن يكون تداولهم اليومي بعيدا عن الحساسية المفرطة التي لا مبرر لها. ويتضمن تحليل حساسية السوق دراسة الدلائل النفسية علي تحديد اتجاه السوق، ويعتبر تحليل الحساسية أسلوب غير واضح تماما مثل التحليل الأساسي أو التحليل الفني، لكنه على نفس القدر من الأهمية. ويساعد هذا التحليل على فهم أين يستثمر المتداولون أموالهم في تحديد الكيفية التي التي تستثمر بها، وعندما يتم التعرف على أين يستثمر المتداولون أموالهم لابد من عكس ما يفعلون!. يستخدم محللو الحساسية عددا من الأدوات في تحديد حالة السوق، عندما ينشط السوق بشدة تشير جميع المؤشرات النفسية المتعلقة بالسوق إلي أن الناس يقبلون بنهم شديد علي الأسهم. فلقد ارتفع السوق بشدة إلي درجة أن المتداولين كانوا يعانون حالة لا عقلانية ولا منطقية من النشاط في عملية تداول الأسهم ، وعلي الرغم من ذلك أن حالة السوق كانت توحي بأنه كان مقدرا له السقوط والانهيار الشديد.مع ذلك هناك بعض المؤشرات النفسية المهمة التي يجب النظر إليها إذا أردنا أن نكون جاهزين عندما يعكس السوق اتجاهه.