ahmed-ok
ahmed-ok
أعمدة

نوافـذ :يوليو .. الأيام الماجدة

21 يوليو 2017
21 يوليو 2017

أحمد بن سالم الفلاحي -

[email protected] -

يأتي يوليو، ليس كذكرى ليوم ميلاد الأمة العمانية الحديثة، ولكن يأتي واقعا نعيش تفاصيله الدقيقة في جميع مناخات هذه الأمة التي تتموضع في هذه البقعة الجغرافية من الكرة الأرضية، تتموضع بفعل مؤثر في المجتمع الدولي، وبفعل مؤثر في الوطن العماني، تتموضع لتغرس على امتداد الأرض لبينات من الحياة في مشروع الوطن الكبير، تتموضع لتنبت فلا وياسمينا لمن يريد أن يستطيب بالإقامة فيها، ولمن يستعذب حسن المقام، وحسن التعامل، وحسن العمل، وحسن الجوار.

لم تنجز فعلها الوطني بالبهرجات المعهودة لدى الآخر، ولم تستدع مؤسسات الإعلام الضخمة لحضور نتائج أحداثها الكبار والجسام، وعندما عزفت على نغم التقارب، والتسامح، والحياد، لم تنطلق منه لأجل أن تخرج وسائل الإعلام قريبها وبعيدها بعناوين ضخمة تستعرض من خلالها فعلها الإنساني المنجز، فذلك مرهون لمن تصلهم الرسالة، إن أرادوا ذلك أو لم يريدوا، فالحال سيان، فالمهم المنجز، والمهم أن يتحقق الأمن والسلام لمن يحلم يوما أن ينام قرير العين، هانئ البال، مرتاح الضمير.

في المسافة التي تفصلنا عن الآخر، تعمل عمان بقيادتها الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه - على بناء جسور من الثقة، وجسور من الود، وجسور من الأمن والسلام، يحدث كل هذا بلا تكلف، وبلا زعيق، وبلا صراخ، يحدث كل هذا بخطوات هي أقرب إلى التؤدة «وثابت الخطوة يمشي ملكا»، ولكنها خطوات مباركة، باركها رب الجلال سبحانه، وأناخ حولها، وبنى جسوره كافة المجتمع الدولي، لأنه رأى فيها البقاء، ورأى فيها الصدق، ورأى فيها الغايات الكبار.

لا ننكر أننا كأفراد في المجتمع العماني نعيش فيه امتحان الإرادة، وامتحان الثبات، وامتحان قبول الآخر، وامتحان التضحيات، فما يسلكه جلالته، أعزه الله، بقيادته السامية الحكيمة من ترشيد في السلوك، ومن تعظيم في القيم، فذلك ينسحب بلا مواربة على كل فرد عماني يعيش على امتداد الأرض العمانية، فلا انفصام في الفعل والسلوك بين قمة الهرم وقاعدته، وإلا سجل الواقع فشلا ذريعا في سبيل تأصيل التربية الوطنية المخلصة، وهذا أمر مرفوض من الجميع، لذلك لا يستغرب أن يسجل الإنسان العماني خارج بلده، كما يسجل داخله، نجاحات كبيرة وعظيمة من العمل الخالص والصادق في مختلف مجالات الحياة، ويعيش مع الآخر الند للند، في العطاء وفي النتائج، فذلك عوده إلى حقيقة هذه النفس المتعاظمة في عطائها، وفي قوتها في تراكم منجزاتها هنا أو هناك، فالأمم العظيمة تبقى عظيمة البقاء، والعطاء، والصمود.

يستلهم الإنساني العماني فكر قائده البطل، فينجز من خلاله فعله الجميل على امتداد مساحة هذه الأرض، ولا يرى في ذلك إلا تكليفا يتسامى دائما مع الطاقات العالية في كل مواقع العمل والإنتاج، المهم فقط أن يجد له موطئ قدم للفعل الجميل والحميد، فمشروع الوطن مشروع ضخم بحجم الكون، ولن تقف الأوطان شامخة إلا بشموخ أبنائها الأوفياء، ولن تقف الأوطان معتزة، إلا بعزة أبنائها الأصفياء، ولذلك تتسع الرهانات أمام عمان الأم، وعمان الوطن في أبنائها المرابطين أبدا على تخوم النضال، والمستبسلين أبدا في الذود عن حياضها مهما كانت التضحيات غالية، ومهما كان المقابل صعب المنال.

تأتي «أيام يوليو الماجدة» ليس فقط لاستحضار الذكرى المشرقة ليوم وطني شهد الميلاد الجديد للأمة العمانية قبل (47) عاما، وإنما تأتي لتغذي أملا متجددا للبقاء والعطاء والكرم، تأتي لتدفع بوطن كبير تبني الأفعال الكريمة الماجدة التي تضيف في مشروع الإنسانية برمتها لبنات من العطاء، ومن التسامح، ومن السلام، ومن تعظيم القيمة الإنسانية التي تفتقر إليها شعوب كثيرة، يهمها كثيرا أن تعيش يوما، يعد استثنائيا، فيه السلام والأمن والرخاء، لكي تلتفت إلى بناء ذاتها ووطنها، وترميم ما تبقى من إنسانيتها المهدرة تحت عناوين كثيرة ما أنزل الله بها من سلطان.

لعمان الأم تهاني العز والمجد، ولسلطان القلوب الوفاء والرضا، وللعماني الكريم الدعاء بالوحدة والتعاضد والالتحام.