sharifa
sharifa
أعمدة

وتر: قدرنا الجميل ودورنا الصعب

19 يوليو 2017
19 يوليو 2017

شريفة بنت علي التوبية -

من أجمل الأقدار أن تكون والدًا، إنه القدر الذي تحبه وتتمناه منذ اللحظة التي تقرر الزواج فيها، وحينما تكون زوجا ستسعى لأن تكون أما أو أبا، وسيكون ذلك قدرك واختيارك، وعندها ستدرك أن القدر يضعك أمام دور صعب وأن المهمة التي ستكون عليها عظيمة جدا، فإن تكون والدا فذلك لا يشبه حينما كنت ولدا، لأن الوالدية مهمة صعبة لا يطيقها سوى القادرين عليها ولا يسعى إليها سوى الأقوياء الذين تستطيع قلوبهم أن تحتمل ذلك القدر الكبير من الحب الذي قد لا يحتمله قلب آخر، لذلك حينما يختارك القدر أن تكون والدًا عليك أن تكون مؤهلا تماما لهذا الدور الكبير، فالنجاح أو الفشل في هذه المهمة أو هذا الدور لا تتحمّله وحدك وإنما سيتحمله أبناؤك والمجتمع معهم.

قد يكون هناك من لا يدرك صعوبة الدور، فينجب لمجرد المتعة في القيام بالدور، ولأن المال والبنون زينة الحياة الدنيا، وقد تكون الفطرة ما تدفعه تجاه ذلك، وقد تجد من يهرب من هذه المهمة وذلك ليس جبنا بل إدراك لصعوبة وثقل المسؤولية، وفي ذلك شجاعة كبيرة، فما دمت غير قادر لأن تكون أبا صالحا فلا تكن، فالحياة لا تحتمل عبئا جديدا عليها ولم تعد الحياة سهلة لتكون المهمة سهلة، ولم تعد الحياة بسيطة بل أصبحت معقدة وملّغمة بالشر والخيانة والفساد، وما عادت هذه الأرض تحتمل أكثر، وما هذا الشر والفساد سوى نتيجة مباشرة لأب وأم لم يقوما بدورهما بالشكل الصحيح أو لبيئة فاسدة خرج منها ذلك الإنسان.

ليس هناك أحب من الأبناء في القلب وليس هناك محبة أصدق من محبة الآباء لأبنائهم، وليس هناك رغبة في النفس لدى البعض أكبر من أن يكون والدا، وليس هناك أجمل أن يكون هناك من يناديك أبي أو أمي، لذلك كل أب أو أم يحرصان على أن يكون أبناؤهما في الدرجة الأفضل والمكانة ألأفضل، فيمنحاهما الكثير من الحب والعناية، ولكن أمام هذا الطوفان من العولمة التي تجتاح العالم فإن الحب والخبز لا يكفيان لتربية وتنشئة إنسان بكامل عافيته الفكرية والجسدية، فإذا كان الإنجاب سهلا فإن التربية ليست سهلة، فلعمري تربية طفل واحد تربية صحيحة ليصبح إنسانا ناجحا وصالحا خير من عشرة غير صالحين، وصناعة إنسان واحد قادر على التغيير في هذا العالم خير من آخر ليس سوى عبء على حياة احتملت من الأعباء ما يكفي.