الملف السياسي

الدور الإيجابي للمرأة العمانية

17 يوليو 2017
17 يوليو 2017

عبدالله بن علي العليان -

«إن عمان قد أولت منذ بداية هذا العهد اهتمامها الكامل بمشاركة المرأة العمانية، في مسيرة النهضة المباركة فوفرت لها فرص التعليم والتدريب والتوظيف ودعمت دورها ومكانتها في المجتمع ،وأكدت على ضرورة إسهامها في شتى مجالات التنمية».

لا شك أن النهضة العمانية الحديث التي انطلقت منذ عام 1970، أعطت للمرأة العمانية دور المساهم والمشارك مع أخيها الرجل في هذه المسيرة التنموية في كل مجالاتها ومنطلقاتها في النهوض والتقدم، وقامت بدعم دورها الإيجابي الفاعل في المجتمع من خلال القوانين والنظم والتشريعات التي تكفل حقوقها وواجباتها متساوية مع أخيها الرجل لتحقيق الأهداف التي سارت عليها هذه النهضة منذ انطلاقتها، واستطاعت بكفاءتها أن تصل إلى أعلى المناصب في كافة مجالات النهضة ومعطياتها في التعليم والاقتصاد والتجارة، والإدارة والدبلوماسية والقضاء والإعلام وغيرها من المجالات التي ساهمت فيها بجدارة واستحقاق وما تزال تساهم بزخم كبير في كل المجالات، وهذا بلا شك إحدى ثمار هذه النهضة التي جعلت التنمية والتقدم منوطا بأبناء عمان رجالاً ونساء، دون تمييز أو إقصاء، وجعلت هذا الانطلاق، مناطه العلم والتعليم والجدارة والإخلاص، لهذا الوطن العزيز. وقد أكد على هذا الدور المهم جلالة السلطان قابوس المعظم حفظه الله في أحاديثه العديدة، للتأكيد على دور المرأة العمانية في التقدم والتنمية الحقة التي ترفع مكانة عُمان إلى المكانة اللائقة، وقال جلالته بمناسبة افتتاح الانعقاد السنوي لمجلس عمان 2009 «إن عمان قد أولت منذ بداية هذا العهد اهتمامنا الكامل لمشاركة المرأة العمانية، في مسيرة النهضة المباركة فوفرنا لها فرص التعليم والتدريب والتوظيف ودعمنا دورها ومكانتها في المجتمع،وأكدنا على ضرورة إسهامها في شتى مجالات التنمية، ويسرنا ذلك من خلال النظم والقوانين التي تضمن حقوقها وتبين واجباتها، وتجعلها قادرة على تحقيق الارتقاء بذاتها وخبراتها ومهاراتها من أجل بناء وطنها، وإعلاء شأنه.

وقال جلالته: نحن ماضون في هذا النهج، إن شاء الله، لقناعتنا بأن الوطن في مسيرته المباركة، يحتاج إلى كل من الرجل والمرأة فهو بلا ريب، كالطائر الذي يعتمد على جناحيه في التحليق إلى آفاق السماوات، فكيف تكون حاله إذا كان أحد هذين الجناحين مريضا منكسرا؟ هل يقوى على هذا التحليق ؟!» مضيفاً جلالته:»هنا نود أن نوجه كلمة إلى المرأة العمانية ندعوها من خلالها إلى الاستفادة من كافة الفرص التي منحت لها لإثبات جدارتها، وإظهار قدرتها في التغلب على ما يعترض طريقها من عقبات».

ولا شك أن هذا الاهتمام السامي لدور المرأة يعكس الحرص على مشاركتها في مجالات التنمية، باعتبارها شريكة أساسية في هذا الوطن وتطلعاته للنهوض على كل المستويات.إن الأمر الذي يدور الحديث عنه في بعض اللقاءات والحوارات: لماذا وصول المرأة لمجلس الشورى ضعيف جداً خلال العقود الماضية ومنذ تأسيس مجلس الشورى؟ مقارنة بدور المرأة الفاعل والبارز في قطاعات ومجالات عديد؟ والحقيقة في رأيي أن المرأة عليها المسؤولية الأكبر أن تتحرك بقوة في مجال الدخول في المنافسة البرلمانية، وهذا يتطلب أن تكون أكثر نشاطاً وفاعلية، لتقديم رؤيتها في هذه المجلس من خلال البرامج والأفكار للحصول على أصوات الناخبين خلال الانتخابات، التي تؤهلها للنجاح. صحيح أن الواقع الاجتماعي، يلعب دورا مهما في تغيير النظرة تجاه المرأة ، ودورها في المجتمع، وإذا نظرنا لرؤية الإسلام للمرأة المسلمة، فإننا نجد أن الإسلام، جعل التكليف مساويا لأخيها الرجل، مصداقا لقوله تعلى( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)، وهو نص ـ كما يقول د/‏‏ البهي الخولي ـ في كتابه[الإسلام وقضايا المرأة المعاصرة]: «يتطلب التحليل لبيان إحاطته بكافة شؤون الحياة وأوضاعها، وبعد أغواره في إلمامه بالحقائق الروحية التي يقوم بها كل من الفرد والمجتمع» وهذا تقويم لدور المرأة، وأهليتها في المجال العام، حيث أن التوجيه الإلهي، موجه للرجل والمرأة معا، باعتبارهما مكلفين، والتكليف لا يفرق بينهما في الجنس أو النوع، في الحقوق والواجبات، وتأكيدا لهذه المسؤولية، أن أهلية المرأة مستقلة عن الرجل، وما يؤكد هذه، كما أن الأهلية مستقلة كل الاستقلال بين الرجل والمرأة، لكل منهما مسؤوليته الخاصة». إذن هناك الكثير من العادات والتقاليد في بعض البلاد العربية والسلامة، لم ترتفع إلى مستوى النظرة العامة للمرأة، التي تحققت في الرؤية الإسلامية منذ العصر الأول،ولذلك نحن نحتاج إلى العودة إلى تلك المضامين التي، ليست خافية أبدا، لكنها نتيجة للكثير من الغبار الذي لحق هذه المضامين في عصور الانحطاط، وجعلها تتوارى عن المشهد العام، منذ قرون، وللأسف أن المرأة نفسها أبخست حقها بنفسها،وفقدت الثقة في دورها، الذي هو دور إيجابي في قضايا الوطن والمجتمع، والارتقاء به إلى المستوى الذي يجعله فاعلا، وقادرا على المساهمة الإيجابية في كل المجالات، ومنها دخولها إلى المؤسسات التشريعية والرقابية، كالمجالس النيابية، والمؤسسات الأخرى التي تتكامل مع مجلس الشورى التي تقوم بأدوار مهمة في الحياة العامة بما يحقق مصلحة الوطن.

والمرأة العمانية الآن في كل المؤسسات والمرافق الحيوية العامة والأهلية، وحققت نجاحاً باهراً في كل هذه المرافق والمؤسسات، بجدارة، فلماذا لا يكون لها القبول والدعم في المجالس النيابية؟ كمجلس الشورى، الذي يعد مؤسسة برلمانية تشريعية ورقابية، لتساهم في بناء الوطن العماني ونهوضه وتقدمه. لكن علينا مسؤولية جميعاً في هذا الوطن أن نعي الدور الذي يقوم به المواطن، بمشاركة الرجل والمرأة في المؤسسات التي تأتي بالانتخاب، وهذا دور تكاملي، وكل في موقعه وميدانه، لكن هذه الأدوار تتكامل وتتعاون مع بعض، لما فيه مصلحة بلادنا، وازدهارها وتقدمها، وهذا لا يتأتى إلا بالشراكة التكاملية، التي أصبحت هامة وضرورية لتحقيق الأهداف التي رسمتها القيادة الحكيمة وأكدتها التشريعات، بما فيها النظام الأساسي للدولة، وهو تقديم المصالح الوطنية على كل المصالح الخاصة، دون النظر إلى أي اعتبارات أخرى.