أفكار وآراء

«أمازون».. توسعات من أمريكا إلى أوروبا فالمنطقة العربية

15 يوليو 2017
15 يوليو 2017

د. محمد رياض حمزة -

[email protected] -

أسس “ جبف بيزوس” شركة أمازون في عام 1994 بعد أن استقال من عمله كنائب لرئيس شركة “دي.اي. شو. آند كومبني” إحدى شركات “وول ستريت ـــ البورصة” وانتقل إلى مدينة “سياتل” بولاية “واشنطن”. ثم بدأ العمل على خطة عمل نتج عنها شركة باسم “كادبرا”، “أمازون. وبعد سنة غير “: بيزوس” اسم الشركة إلى “أمازون.كوم” بدأت الشركة باعتبارها متجرًا للكتب على الإنترنت، وفي خلال شهرين، كانت أرباح الشركة قد وصلت إلى 20 ألف دولار أسبوعيًا. ومن خلال البيع إلكترونيا بدأت تتوسع في البيع الإلكتروني لتشمل مختلف أنواع البضائع. وغدت اليوم أكبر مسوق لملايين أنواع البضائع في العالم. ويوجد لأمازون مواقع منفصلة للبيع بالتجزئة في الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة(بريطانيا) وأيرلندا وفرنسا وكندا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وهولندا وأستراليا والبرازيل واليابان والصين والهند والمكسيك. كما يقدم أمازون خدمة الشحن الدولي لبعض البلدان الأخرى لبعض المنتجات

في عام 2016، تم إطلاق إصدارات للغات الهولندية والبولندية والتركية لموقع أمازون الألماني.

وفي أحدث توسع لأمازون أعلن مؤخرًا عن متجر جديد بمدينة “سياتل” الأمريكية ويعرف «بأمازون جو» وهو لا يحتوي على نقاط دفع (الكاشيرات). أي لا يحتاج المشتري للانتظار بطوابير طويلة، فقط كل ما يحتاجه لدخول المتجر من خلال حساب المستخدم على موقع أمازون وشراء ما يريد. وأعلنت شركة أمازون في 16 يونيو 2017 اعتزامها شراء شركة “هول فودز ماركت” لمتاجر البقالة الفاخرة في صفقة تبلغ قيمتها نحو 13.7 مليار دولار شاملة الديون. ومن المرجح أن تعتمد أمازون على سلسلة “هول فودز ماركت” المنتشرة في ثلاث دول هي أمريكا، وكندا، وبريطانيا، حيث تملك ما يقرب من 460 متجرًا، بمبيعات تصل إلى 16 مليار دولار.

وتعتبر سلسلة متاجر “هول فودز ماركت” واحدةً من أفضل متاجر الغذاء العضوي والصحي في الولايات المتحدة، المعروفة بالأغذية الطبيعية والعضوية، وهي إحدى الماركات العالمية في الغذاء الطازج واللحوم الطبيعية المعروفة بارتفاع أسعارها، وهو ما يتعارض مع الهدف الرئيسي لشركة أمازون، والذي يتمثل في انخفاض أسعار السلع.

وقالت الشركتان “ أمازون “ و ”هول فودز ماركت” إن شركة البقالة ستواصل تشغيل متاجرها تحت العلامة التجارية “هول فودز ماركت” وتتوقع أمازون وهول فودز استكمال الصفقة خلال النصف الثاني من 2017. وتَعِدُ أمازون زبائنها بالكثير من المميزات والخدمات كتوفير سلع مجانية، والشحن البحري وعرض السلع الغذائية الخاصة بأسعار مناسبة متاجر “هول فودز ماركت في، كما فعلت في العروض الخاصة بمتجر الكتب. أنشطة أمازون وتوسعها أمريكيا وعالميا حفزت متاجر أمريكية كبرى مثل “ وول مارت “ و “ سيرز أند روبيك” لتطوير خدماتها التجارية لمنافسة أمازون في التسويق الإلكتروني. ويقول منتقدون لتوسع أمازون وغيره من مواقع التسوق الإلكتروني، إن متاجر السوبرماركت نفسها ستختفي مقابل ميل الناس للراحة التي توفرها لهم خدمة أمازون، إذ لن يحتاج المستهلك إلى تكبد عناء الذهاب إلى السوبرماركت الذي سيأتي كله إلى البيت.

وتتخوف متاجر البقالة الكبرى من خطط أمازون في التوسع وإطلاق متاجر البقالة عبر الإنترنت. فمتاجر البقالة الكبرى “ سوبر ماركت” التي عملت على تطوير خدماتها لسنوات وأسست لها وجودا قويا في أسواق التجزئة يمكن أن تخسر الكثير جراء التجارة الإلكترونية.

وتبحث أمازون بشكل مستمر عما هو جديد، وعن الأسواق الكبيرة لدخولها في الوقت الذي تحاول فيه الشركة الحفاظ على معدل النمو، الذي بلغ ارتفاعه 220 % في أسهمها على مدى السنوات الخمس الماضية. وساهمت تجارة البقالة في الولايات المتحدة في توفير 568 مليار دولار من مبيعات التجزئة، وهو ما يشير إلى أن وقت توسيعها قد حان.

ويمكن أن يؤدي غزو امازون لمحلات البقالة في تطوير خدمات التوصيل على نطاق واسع، من خلال استخدام شاحناتها الخاصة لإيصال الطلبات إلى المنازل، وهو ما من شأنه أن يؤثر على شركات النقل الكبرى مثل “يو.بي. إس” و” فيد اكس”، وغيرهما من شركات تسليم الطرود التي تقوم الآن بشحن بضائع أمازون.

ومع ذلك، أثبتت البقالة أنها من بين القطاعات الأكثر صعوبة في تجارة التجزئة على الإنترنت. ففشلت شركة “ويب فان” وهي واحدة من الشركات الغنية والمبتدئة من عصر (عصر الإنترنت)، فشلا ذريعا حيث أن تكلفة تطوير المخازن والبنية التحتية لخدمات الإيصال كانت باهظة للغاية. واستفادت أمازون من التجارب الفاشلة في دراسة أسباب فشلها فصارت تكافح من أجل تيسير خدماتها بأساليب مبتكرة أيسر على المستهلك واقل تكلفة من قيام المستهلك بالتسوّق المباشر.

من جانبها بدأت سلسلة متاجر “ وول مارت” اختبار توصيل البقالة عبر الإنترنت في نفس اليوم أو في اليوم التالي، وأوصلت طلبات المواد الغذائية العامة في منطقة خليج “سان فرانسيسكو” غرب الولايات المتحدة، وكررت ذلك النشاط بتوصيل البقالة في بريطانيا. وأبدت استعدادها على توسيع نشاط توصيل البقالة في الولايات المتحدة كلما ازدادت متطلبات السوق. ومن التجارب الناجحة في التسويق الإلكتروني بقالة “فريش ديراكت”، وهو سوق إلكتروني للمواد الغذائية، بتوصيل الطعام إلى المنازل والمكاتب في بعض أجزاء من مدينة نيويورك، كما أن هناك محاولة لتوسيع خدماته في منطقة “ برونكس”. في مدينة نيويورك. وأعلنت شركة أمازون الأمريكية مارس 2017 أنها توصلت إلى اتفاق للاستحواذ على موقع سوق “دوت كوم الإماراتي الذي يوصف بأنه أكبر موقع للتسوق الإلكتروني في العالم العربي.

وقالت أمازون في بيان إن “انضمام سوق دوت كوم إلى عائلة أمازون سوف يمكنها من مواصلة النمو إلى جانب العمل مع أمازون لجلب المزيد من المنتجات والعروض إلى الزائن في جميع أنحاء العالم”.

ولم تعلن الشركة التفاصيل المالية للصفقة، لكن مصادر كانت قد قالت إن محادثات سابقة حول الاستحواذ ناقشت صفقة بقيمة 650 مليون

شركة “سوق دوت كوم” تقود سوق التجارة الإلكترونية في الشرق الأوسط، صانعة بذلك تجربة تسوق كبيرة لزبائنها، ونحن نتطلع إلى أن نتعلم من بعضنا وأن نقدم أفضل تجربة ممكنة للملايين من الزبائن في الشرق الأوسط”.

وقالت الشركتان إنه من المتوقع إتمام الاستحواذ خلال العام الجاري. وتعمل سوق دوت كوم -التي تتخذ من دبي مقرا لها- بنموذج الأعمال نفسه الذي يطبقه موقع أمازون، وقد أنشئت الشركة عام 2005، ويعمل بها نحو ثلاثة آلاف موظف. وقامت سوق بجولات عدة لجمع تمويل من المستثمرين، وقُدرت القيمة الإجمالية للشركة بمليار دولار في آخر جولة تمويل، ولذلك توصف سوق بأنها أثمن شركة إنترنت في العالم العربي، كما أطلق عليها البعض “أمازون الشرق الأوسط”.

وفي إطار الاستحواذ على السوق، أعلنت أمازون أيضا أنها استحوذت على منصة الدفع الإلكتروني “باي فورت” دون إعلان تفاصيل مالية. وتقول باي فورت إنها تأسست في عام 2013 لحل مشكلة الدفع في العالم العربي، “وقد ساعد فريقنا المتفاني الآلاف من التجار في العديد من الدول في المنطقة على إقامة علاقات مع شركائنا المصرفيين”.

ومع استحواذ أمازون على سوق دوت كوم، تتجه الأنظار إلى سوق التجارة الإلكترونية في الشرق الأوسط، تبرز أهمية قطاع التجارة الإلكترونية، الذي يبلغ حجمه في منطقة الخليج نحو 5 مليارات دولار.

وتتوقع دراسة لشركة AT Kearney الأمريكية أن يصل حجم التسوق الإلكتروني في المنطقة إلى 20 مليار دولار بحلول عام 2020، أي أنه سيتضاعف 4 مرات تقريبا. وتشير التوقعات إلى تصدر السعودية المركز الأول في المبيعات عبر الإنترنت بالخليج في 2020 في التجارة الإلكترونية، كما أن الفرص الاستثمارية الكبرى بهذا القطاع تبدو في السعودية، إذ أنها تحتل حالياً المركز الثاني بنسبة 33% من حجم المبيعات عبر الإنترنت، وتأتي بالمرتبة الثانية بعد الإمارات. لكن النمو السريع سيجعل السعودية في المرتبة الأولى بحلول 2020، بحصة تصل إلى 42%، وبذلك ستشكل مع الإمارات معاً 80% من سوق التجارة الإلكترونية الخليجي.

ولا تقلل نسب النمو المتوقعة من حجم العقبات التي يواجهها هذا القطاع، فمن أبرزها صعوبة الخدمات اللوجستية وضعف أنظمة الدفع الإلكتروني فضلا عن سيطرة المعاملات النقدية. وتسببت بعض العقبات اللوجستية والإلكترونية، في الحد من المبيعات عبر الإنترنت في منطقة الشرق الأوسط إلى 2% فقط من إجمالي مبيعات التجزئة، مقارنة مع 15% في الدول الغربية.