1054973
1054973
إشراقات

الخطباء: الوقت غنيمة.. ولا فراغ في حياة أمّة لها غاية وترنو إلى تحقيق أسمى الأهداف

13 يوليو 2017
13 يوليو 2017

تربية الطّفل على القرآن تجعله متفوّقا دراسيّا ومتقدّما فكريّا ومعرفيّا -

حثّت خطبة الجمعة الأسبوع الماضي الشباب وأولياء الأمور على استغلال الأوقات والطّاقات وعلى التسابق في ميادين الحضارة والتّنمية، وعلى تحدّي الصّعاب واجتياز العقبات، واغتنام الأوقات.. وأكد الخطباء أن وقت الإنسان غنيمة ومكسب كبير، لا يفرّط فيه عاقل لبيب حيث إن الأمم اليوم تسابق الزّمن في ميادين الحضارة والتّنمية، وتتحدّى الصّعاب وتجتاز العقبات، مستغلّة الأوقات والطّاقات، فالنّفس إذا لم يشغلها المرء بالحقّ شغلته بالبّاطل، وان أوّل مفاسد الفراغ تبديد الطّاقات الفتيّة ثمّ الخلود إلى العادات السّيّئة.

وأشاروا إلى أن أمّة الإسلام تمتلك من المنهج الأصيل ما يسمو بها إلى أعلى المراتب، فجدير بها أن تكون أرقى الأمم على الإطلاق، متقدمة في شتّى معارفها وثرواتها، ثقافيّا واقتصاديّا وصناعيّا وحضاريّا؛ فنبيها الكريم صلى الله عليه وسلم أخرج الله تعالى به النّاس من الظّلمات إلى النّور، واهتدت على يديه أمم في مدّة قصيرة من الزّمن، وما كان ذلك ليحدث لولا أنّه كان يعرف قيمة الزّمن، وكيفيّة استغلال أوقاته، وها هم الرّعيل الأوّل، انطلقوا يبذلون الوسع والطّاقة حتّى بنوا أعظم حضارة عرفها التّاريخ، شملت أنواع العلوم والمعارف، وحوت أعظم المبدعين والمفكّرين، ولا يزال العالم يستفيد إلى هذا اليوم بكثير من إنجازاتها وآثارها.. مشيرين إلى أن أولئك حقّا حقّقوا هدف استخلافهم في الأرض وجعلوا نصب أعينهم (هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها)، فلابد من استنهاض العزم بغية اللّحاق بالرّكب والتّقدّم، فلا فراغ في حياة أمّة لها غاية وترنو إلى تحقيق أسمى الأهداف.

وأكدوا أنّ وقت الإنسان غنيمة ومكسب كبير، لا يفرّط فيه عاقل لبيب، فالرّسول صلى الله عليه وسلم يقول: «اغتنم خمسا قبل خمس: حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك»، وقد قيل: من أمضى يومه في غير حقّ قضاه، أو فرض أدّاه، أو مجد أثّله، أو حمد حصّله، أو خير أسّسه، أو علم اقتبسه؛ فقد عقّ يومه وظلم نفسه. وها هي الإجازة الصّيفيّة قد أطلّت، والعاقل هو من يغتنمها في طاعة مولاه، وعمارة دنياه، فلا يترك وقته يمرّ، وعمره يمضي دون تقديم عمل مفيد أو فكر سديد، فليجعل المسلم الاجتهاد غنيمة لصحّته، والعلم والعمل فرصة لفراغه، فالنّفس إذا لم يشغلها المرء بالحقّ شغلته بالبّاطل، ذلك أنّ الفراغ لدى الشّباب والفتيات، وخاصّة في الإجازات، مفسد للنّفس والرّوح ومدمّر للجسد والبدن إذا أسيء استغلاله، وأوّل مفاسد الفراغ تبديد الطّاقات الفتيّة ثمّ الخلود إلى العادات السّيّئة.. (أرأيت من اتّخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا).

وأوضحت خطبة الجمعة التي حملت عنوان: «الإيجابيّة في الإجازة الصّيفيّة» إنّ في الفراغ آثارا سيّئة ونتائج خطيرة على الأفراد والمجتمعات، يبدأ من الشّعور بثقل الوقت وبطء الزّمن الّذي يصيب بعض الأفراد بالعلل النّفسيّة والأمراض العصبيّة، وربّما يدفع بعضهم إلى تناول ما يؤدّي بهم في نهاية المطاف إلى الغيبوبة الفكريّة، ومن الشّباب من يؤدّي به عدم معرفة اغتنام أوقاته إلى العبث والتّخريب، أو يعمد إلى الجلوس على الطّرقات للقضاء على وقت الفراغ، وما درى هؤلاء أنّهم في غفلة كبيرة سيعضّون على تضييع أوقاتهم أصابع النّدم، (ويوم يعضّ الظّالم على يديه يقول يا ليتني اتّخذت مع الرّسول سبيلا، يا ويلتى ليتني لم أتّخذ فلانا خليلا، لقد أضلّني عن الذّكر بعد إذ جاءني وكان الشّيطان للإنسان خذولا).

وأكدت الخطبة أنّ سبل قضاء الإجازات الصّيفيّة كثيرة، إلاّ أنّها تحـتاج إلى عناية من كلّ القطاعات التّربويّة والشّبابيّة، والاجتماعيّة والاقتصاديّة، حتّى تعود بما ينفع المسـلم في دينه ودنياه، وإنّ الشّباب بحاجة إلى اليد الحانية الرّحيمة الّتي تقدّم لهم النّصح والتّوجيه والإرشاد، وتشعرهم بدورهم في الحياة، وأثرهم في المجتمع، وأهمّيّـتهم في أمّـتهم وأوطانهم، وهنا يأتي دور أهـل الخير من أبناء المجتمع، ليقوموا بإعداد الأنشطة التّربويّة، وتوجيه الشّباب في الإجازات المدرسيّة إلى المناشط الثّقافيّة المتنوّعة، أو إلى اكتساب مهارة وإتقان حرفة، أو عمل مشروع نافع، وعلى من أوتي نصيبا من العلم والمعرفة أن يسهم في التّثقيف والتّعليم كي ينال الأجر العظيم، وعلى أهـل الأموال أن يشكروا الله فيتنافسوا في الإنفاق في هذا المجال، (فمن يعمل من الصّالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه وإنّا له كاتبون)، وقد عدّ رسول الله صلى الله عليه وسلم العلم من أعظم الصّدقات الجارية الّتي يستمرّ أجرها للمرء بعد الوفاة، فالحق سبحانه وتعالى يقول: (وتعاونوا على البرّ والتّقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتّقوا اللّه إنّ اللّه شديد العقاب)، فخذوا من يومكم لغدكم، واعرفوا غنيمة الأوقات، فوظّفوها في كلّ ما يرضي الله ويسعد حياتكم، ورتّبوا جداول أعمالكم؛ تغنموا وتفوزوا وتنجحوا، وكونوا عونا لأبنائكم على حفظ أوقاتهم، واغتنام أوقات فراغهم، وأنتم أيّها الشّباب إيّاكم وإهدار الأوقات وتبديد الطّاقات، فأنتم عماد الأمّـة وأملها المنشود.

وأشار الخطباء إلى أنّ من الوسائل المفيدة والطّرق السّديدة لاستغلال الإجازة الصّيفيّة، أن نعدّ للولد مراكز صيفيّة مع أقرانه وأصحابه، فيها مسابقات قرآنيّة تضـفي على نفسه جوّا جميلا؛ لأنّها تخرجه من جوّ الحياة العاديّ إلى جوّ التّنافس الحميد، فليحرص كلّ مرب أن يكون ابنه مشاركا في نشاطات المجتمع المتعلّقة بالقرآن؛ لأنّها معين خصب لربطه بالقرآن تلاوة وتدبّرا، تجويدا وتفسيرا، (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون)، فإنّ تربية الطّفل على القرآن تجعله متفوّقا دراسيّا، ومتقدّما فكريّا ومعرفيّا؛ فيرقى بنفسه وأسرته ومجتمعه، وهذا ما نرجوه من الأبـناء، أن يكونوا خير ذخر لوطنهم المعطاء الّذي تربّوا في أمـنه وأمانه، وشرفوا بحسن عطائه، فلا أقلّ من أن يردّوا له بعض جميله؛ ليكونوا شارة على فضـله. وكم تكون سعادة الآباء غامرة، حين يرون أبـناءهم يبرّونهم ويحسنون معاملتهم؛ لأنّهم علّموهم القرآن، فطبّـقوا ما قرأوه من فضـل الإحسان إلى الوالدين وعظيم أجر برّهما.. وليتذكّر كلّ وليّ أمر أنّ أبـناءه من رعيّـته، وأنّ الله سائله يوم القيامة عمّا استرعاه، قال تعالى في محـكم كتابه: (وقفوهم إنّهم مسؤولون)، وفي الحديث عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال: «كلّكم راع، وكلّكم مسؤول عن رعيّـته».